المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المكتبة
  • 1272

توجد في الواقع هنا حربان تأليف عاموس عوز دار النشر "كيتر"، 143 صفحة، القدس الغربية ‏2002 ‏
"ما الذي يمكن لانسان بسيط صنعه في مواجهة حريق هائل؟ يمكنه محاولة الهرب من النار، وترك اولئك الذين لا يستطيعون الهرب،

او لا يملكون جهة يهربون اليها، يصارعون اقدارهم. يمكنه ان يقف ويولول. وان يجلس ويوزع الاتهامات. ويمكنه ايضا ان يملأ الملعقة التي بيده مرة تلو اخرى ويسكب الماء على السنة اللهب. لكل انسان توجد ملعقة باليد. في هذه الايام يجب على كل محب للسلام ان ينشل الماء بالملعقة التي بيده على الاقل، ويسكبه على النار: ان يرفع صوته، ان يعارض مجرمي الحرب من كل جانب، وان يساعد ضحايا مجرمي الحرب من كل جانب، ان يتظاهر، ويقوم بالاقناع والكتابة والمجادلة والترويج للحل الوسط المنطقي والخروج ضد استمرار الاحتلال الاسرائيلي وضد الحملة الاسلامية – اللاسامية للقضاء على اسرائيل. الملعقة التي بيد الانسان البسيط صغيرة حقا والنار كبيرة جدا، ولكن... يجب ان نشكل الان في اسرائيل وفلسطين "جيش الملعقة" الذي يضم كل الناس المستعدين لبذل قصارى جهودهم لوقف القمع والقتل والانتقام والانتقام على الانتقام".

هكذا هو عاموس عوز، الاديب العبري المعروف، في كتابه الجديد الذي يحمل عنوان "توجد في الواقع هنا حربان مختلفتان"، الصادر هذه الايام عن دار النشر "كيتر" في القدس الغربية. الكتاب مجموعة مقالات ومقابلة واحدة مكتوبة بين السنوات 1998 و 2002 يتناول فيها صاحبها مختلف القضايا التي كانت مدرجة على الاجندة القومية العامة في تلك الفترة، وبرأسها قضية الصراع مع الشعب الفلسطيني.

عوز، في كتابه هذا، كما في كل كتاباته، ملتزم بخط اليسار الصهيوني الواضح في الحل مع الفلسطينيين، والقائم على استمرار معارضة حق العودة (يعود الى تأكيد ذلك في مقاله تحت عنوان "اللاجئون اولا" ص 25) ومعارضة تقسيم القدس والحديث عن دولة ذات اغلبية يهودية وعن "تعديلات حتمية" في خط الرابع من حزيران.. الخ. وهو لا يشذ هنا عن مجمل الخط الصهيوني الذي ترسمه كتاباته منذ الازل، وإن بدا في كثير من الاحيان انه متناقض ويخلط بين الامور.

لذلك يبدو هذا الكتاب انعكاسا لحقيقة كون الخطاب الشعبي الاسرائيلي العام يشهد منذ اندلاع انتفاضة الاقصى حيرة وارتباكا واندفاعا وتطرفا الى جانب اليأس واللامبالاة. وفي مقالاته المثبتة هنا يحاول عوز تقديم القليل من الجديد في المواقف والمصطلحات في مواجهة واضع متقلب، مفضلا العودة اليه كثيرا بنفس الادوات. وهو يبحث في الثمن الاخلاقي لمختلف الطرق المعروفة، ويسأل: "علام نتقاتل هنا حقا؟ اين هي الخطوط التي لا يجب تجاوزها، وفي أي شيء يجدر النضال، وعلى أي شيء يمكن التوصل الى حلول وسط؟". بنظرته المتميزة واسلوبه الخاص يحيط عوز بالمتغيرات في المجتمع الاسرائيلي ويجمل الوضع بالكلمات التالية: "محظور على هذه الثقافة ان ترتدي ثوب الطقوسية الدينية الجامدة والمتحجرة التي لا روح فيها، والتي اصبحت كلها شكلانية لا يوجد فيها أي وميض. مؤكد انه يجب الحذر من الصوفية القوموية التي ترى في هذا الشعب المميز والخاص خلاصة كل شيء، ولتذهب الانسانية كلها الى الجحيم الا اذا توجهت الى جبل صهيون جاثية على ركبتيها".

في اسرائيل التي يغشاها الضباب، تبدو كتابات عوز مقترحات ثقافية لتفكير عميق: "انا لست صوفيا في اشياء كثيرة يميل الاخرون لأن يكونوا فيها صوفيين"، يكتب عوز. "لكنني في قضية واحدة اراني صوفيا بالذات: الكلمة لن تضيع اذا كانت جديرة. ستتمدد مثل بذرة الحياة في الرمل المقفر عشر سنوات، او خمسين سنة، وبالتالي ستنبت".

المصطلحات المستخدمة:

اللاسامية, حق العودة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات