المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المكتبة
  • 1704

رام الله: صدر في رام الله العدد الجديد (الثامن) من فصلية "قضايا اسرائيلية"، المتخصصة بالشؤون الاسرائيلية والصادرة عن "المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية"، طارحا للنقاش محورا جديدا متصلا بالأحداث الراهنة، بعنوان: "المجتمع الاسرائيلي:

حالة انسجام أم تناقضات؟".
وكتب سلمان ناطورمدير تحرير المجلة افتتاحية بعنوان "ما يدركه الاسرائيليون وما لا يدركونه، تناول فيها مفهوم الاسرائيليين للسلام، هذا الفهوم الذي يلتقي حوله اليمين واليسار الصهيونيان والقائم على عقدة الخوف التي عززتها الصهيونية في أذهان الاسرائيليين لجعلهم >الضحية الابدية< التي تحتاج الى التفوق الذاتي والحماية الخارجية، وذلك لتبرير عنصريتها وتعاملها مع الانظمة الرجعية والامبريالية. وقال: >القيادات الاسرائيلية منذ بن غوريون وحتى اريك شارون معنية بتكريس حالة الخوف في اذهان الاسرائيليين، لان التعامل مع شعب خائف ومتوتر يمنحهم كل الفرص لنشر فكر يميني رجعي لا عقلاني يخدم مصالحهم ومصالح حلفائهم.. انهم بحاجة الى حالة الحرب الدائمة والى كل ما يذكي نار العنف<.

وتناول د. ايلان بابيه، في مقال له بعنوان "السياج في قلب فلسطين"، موضوع السياج الفاصل الذي بدأت حكومة اسرائيل ببنائه على طول "الخط الاخضر"، قائلا انه مشروع غير مجدٍ، وان اسرائيل غير ملتزمة بهذه الحدود، بل في معظم المواقع تتجاوزها في قلب الضفة الغربية لحماية مستوطنيها ولتوسيع حدودها، اذا ما اعتبرت مستقبلاً هي الحدود المرسومة بين الدولة الفلسطينية العتيدة واسرائيل. وخلص الكاتب الى استنتاج.. ان السياج سيحاصر اسرائيل بالطريقة ذاتها التي يحاصر بها فلسطين... مثل هذا الجدار سوف يزيد احساس البلاد الهائل بالعزلة ويعزز عقلية الحصار التي عانى منها الاسرائيليون لسنوات طويلة والتي غذت السياسات العدائية والمتصلة لحكوماتها<.

وكتب المحامي علي حيدر عن "الكراهية والعنصرية والاقصاء تجاه المواطنين العرب في اسرائيل"، منوها الى ان اشائيل تشهد منذ احداث تشرين الاول اكتوبر 2000 تحولا حادا في >العلاقات بين المواطنين العرب في اسرائيل من جهة وبين الدولة والاغلبية اليهودية من جهة اخرى<. وقد اتخذت ظواهر مثل الكراهية والعنصرية والاقتصاء تجاه المواطنين العرب أبعاداً جديدة وخطيرة وتتمثل باشكال مختلفة وفي مجالات اجهزة الدولة والتربية ووسائل الاعلام والشارع الاسرائيلي بشكل عام.

تناولت مقالة حيدر هذه المظاهر محذرة من نتائجها وداعية الى >ايقاف هذا المسار السلبي حالاً<. وتوجه الكاتب الى المواطنين الفلسطينيين وقيادتهم في اسرائيل لوضع >تصور جماعي، وتحديد استراتيجية واضحة وآليات عمل متنوعة لمجابهة هذه الموجة الشرسة من العنصرية والكراهية<.

وكتب بروفيسور ادريانا كامب مقالة بعنوان "مهاجرو العمل والمواطنة في اسرائيل"، حول ظاهرة العمال الاجانب في اسرائيل، الذين وصل عددهم في العام المنصرم الى حوالي ثلاثمائة الف عامل من بلاد مختلفة، منها الصين والهند وتايلاند ورومانيا وبلغاريا وتركيا وبعض الدول الافريقية. يقول الكاتب ان هذه الظاهرة تخلق العديد من المشاكل التي لم يعتد عليها الاسرائيليون وعلى رأسها حقوق هؤلاء العمال وترتيبات اقامتهم واندماجهم في المجتمع الاسرائيلي، ولانهم ليسوا من اليهود فان بقاءهم يثير عدة اسئلة تمس صميم الدولة اليهودية، على ثلاثة مستويات: اولاً: حقوقهم الفردية والجماعية. ثانياً: مواطنتهم اذا اختاروا البقاء. وثالثاً: اختلاطهم بالمواطنين اليهود، وبخاصة الزواج المختلط. البروفيسور ادريانا كامب، التي نشرت العديد من المقالات حول العمال الاجانب ومكانتهم كمهاجرين، تدرس هذه الظاهرة وتستعرض الازمات التي تخلقها للمجتمع، ومحك العلاقة بينهم وبين الدولة اليهودية.

تضمن جديد "قضايا" ايضا حوارا اجراه بلال ظاهر مع عاموس كينان، الصحافي والكاتب الاسرائيلي، المعروف بجرأته في نقد الحكومات الاسرائيلية منذ سنوات الخمسين، رغم انه كان ينتمي حتى العام 1948 الى منظمة >الليحي< الارهابية. اجرى بلال ظاهر حواره مع كينان في بيته بتل ابيب، حول مسيرة حياته ومواقفه. يقول كينان في ختام الحوار معه: >ولكن يجب ان تكون هناك دولتان، وحل قضية اللاجئين يتم ضمن الدولة الفلسطينية واخلاء المستوطنات وان يسكن اللاجئون في الفيللات التي بناها المستوطنون، وان يأتي المستوطنون للسكن في السهل الساحلي، اما القدس، فيجب ان تكون مقسمة الى بلديتين، عربية ويهودية.. ولن تكون القدس عاصمة للدولتين".

"التعددية الثقافية والتربية في اسرائيل" هو عنوان مقالة الدكتور ايلان غور زئيف، المحاضر في قسم التربية في جامعة حيفا، وفيها يتناول امكانية بناء تربية اسرائيلية على التعددية الثقافية، وهو يشكك بذلك اذا استمرت الحالة الراهنة في جهاز التربية او الايديولوجية المسيطرة على المجتمع الاسرائيلي والتي ترفض البحث عن بدائل اخرى.

يقول الكاتب: >بعد قرن من الصهيونية، واكثر من نصف قرن على وجود دولة اسرائيل، بقيت قضية التعدد الثقافي مركزية بالنسبة للتربية في اسرائيل وفي نقد التركيبة التطبيقية الاسرائيلية، واليوم، فان حيوية التربية الصهيونية قد تآكلت وان العنف الداخلي والخارجي لاسرائيل قد تأسس على مجموعة من الاساطير الجديدة ما يمثل واقعاً جديداً، واهدافها مختلفة تماماً عن اهداف الآباء المؤسسين<.

ويكتب د. داني رابينوفيتش عن "الفلسطينيين في ميدان التعايش في اسرائيل"، معتمداً على دراسة ميدانية قام بها لصالح "مؤسسة فان لير" الواقعة في القدس الغربية، وفيها يستعرض بشكل نقدي وتحليلي افكار ومحاولات ومشاريع التعايش بين العرب واليهود في داخل اسرائيل، وبين الفلسطينيين والاسرائيليين . ويشير الى ان مشاريع التعايش في داخل اسرائيل انتشرت بعد صعود حركة "كاخ"، التي اسسها العنصري كهانا في مطلع الثمانينيات، وان مشاريع التعايش مع الفلسطينيين انتشرت بعد توقيع اتفاقات اوسلو. لكن هذه المشاريع لم يكتب لها النجاح لأسباب عديدة، يشرحها الكاتب في دراسته. يقول الكاتب: >المؤسسات ذات العلاقة بمشروع التعايش، متنوعة في طبيعة حجمها واساليبها، بما في ذلك تلك المرتبطة بوزارة المعارف، وقد شهدت بجلاء جمع المواطنين الاسرائيليين والفلسطينيين، كاسهام ذي مغزى في السلام والمصالحة في الشرق الاوسط بشكل عام<. وقد اجمل الكاتب استنتاجاته بالقول في مقدمة مقاله: >تعتبر سنتا انتفاضة الاقصى من اصعب السنوات في مجال التعايش<.

وكتب د. عزيز حيدر عن "ظاهرة المدارس الدينية القومية في اسرائيل"، التي يقول انها لم تقم في عهد اسرائيل، بل كانت قائمة في التجمعات اليهودية خارج فلسطين، وفي فلسطين نفسها. ومنذ العام 1920 يتمتع التعليم الديني اليهودي باستقلالية عن الحركة الصهيونية، ثم حافظ على هذه الاستقلالية بعد قيام اسرائيل ورسخها في قانون التعليم الحكومي الذي سن العام 1953.

ويشمل التعليم الحكومي الديني ثلاثة انواع من المؤسسات وهي: المدارس العادية، المدارس التوراتية واليشيفوت (حسب دراسة الدكتور حيدر)، ويتنازع هذا التعليم تيارات يهودية مختلفة وحركات سياسية وحزبية اثرت على مسار هذا التعليم في اتجاه تسخيره لاهداف ايديولوجية، ولم يكن من قبيل المصادفة، ان حركات استيطانية يهودية نبتت في هذه المؤسسات: اذ يقول الكاتب في دراسته: >زوّد المتدينون القوميون الاساس الفكري الديني لحركة ارض اسرائيل الكاملة التي بدأت كحركة علمانية، واعطوا الشرعية لحركة الاستيطان في المناطق المحتلة من جانب الجماعات الدينية<.

البروفيسور جاد كينار يتناول في مقاله مسرحية >الجريمة< كشاهد على الخطاب المحلي في تأدية المسرح الاسرائيلي. هذه المسرحية كتبها الكاتب المسرحي الاسرائيلي الراحل حانوخ ليفين وهي تعتبر من اهم وابرز المسرحيات التي قدمها المسرح الاسرائيلي، وقد اثارت وما زالت تثير العديد من ردود الفعل بسبب مباشرتها في تصوير عمق وتنوع الجرائم التي يرتكبها الاسرائيليون ضد فلسطينيين واسرائيليين.

يعتبر حانوخ ليفين اهم كاتب مسرحي ظهر في اسرائيل في السنوات الخمسين الاخيرة، وقد توفي قبل عامين اثر مرض عضال، وبدأت شهرته قبل اكثر من ثلاثين عاماً عندما قدم على المسرح مسرحيته الجريئة >ملكة الحمام< والتي منعت الرقابة عرضها في حينه. ويحلل البروفيسور كينار هذه المسرحية كنموذج ليفيني لتصوير الحالة الاسرائيلية بلغة مسرحية مميزة وخاصة.

وكتبت د. نوريث غيرتس عن السينما الاسرائيلية بين الحلم والوهم. الكاتبة باحثة في السينما الاسرائيلية، تتناول في هذا المقال الثغرات التي طرأت على مضامين السينما الاسرائيلية منذ مطلع الخمسينيات وحتى نهاية التسعينيات، مشيرة الى ان هذه السينما في بداياتها حاولت ان تصور الحلم الصهيوني والرجل العبري الجديد، مهمشة في البداية اليهودي المنفوي او الناجي من المحرقة النازية، والعربي والمرأة >لتكريس وتضخيم الهوية العبرية الرجولية<. وفيما بعد دخلت هذه المواضيع الهامشية الى مركز وقلب السينما الاسرائيلية.

وتقدم الكاتبة نموذجاً على ذلك فيلم >الحب الاخير للورا آدلر< الذي يتردد فيه صدى الكارثة من بدايته الى نهايته<. وتضيف: >هذ الفيلم سيتمحور حول عالم يهود الشتات الذين كانت الايديش لغتهم، وبذلك فان الفيلم يقلب الحلم الصهيوني القديم رأساً على عقب ويطرح على السطح ما حرصت السينما الاسرائيلية المبكرة على دفنه<.

الدكتور نزيه بريك يكتب عن "الفصل والتمييز في الفكر الصهيوني"، ويتناول الموضوع في اربعة وجوه مهمة هي: الارض، العمل، الحضارة والديمغرافية، ويبحث في مصادر التمييز الأثني في هذا الفكر، لدى آباء الحركة الصهيونية، ومنظريها وكذلك ممارسات الحركة وذراعها الاساس، دولة اسرائيل.

وهو يقسم المجتمع الاسرائيلي الى ثلاث مجموعات رئيسية اثنية وطبقية: اليهود الغربيون (الاشكناز) الذين يحتلون أعلى درجات السلّم الاجتماعي والاقتصادي. واليهود الشرقيون (السفارديم) الذين يتمركزون في اواسط درجات السلّم. أما العرب الذين لم يتمكن المشروع الصهيوني من طردهم (السكان الاصليون) فيأتي ترتيبهم في اسفل درجات السلّم<. خلاصة بحثه ان فهم الوضع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والعلاقات بين الفئات الأثنية والقومية داخل المجتمع الاسرائيلي لن يكون متكاملاً.

ويكتب بلال ظاهر "قراءة في كتاب بوعز عيفرون" >الحساب القومي< الذي وضعه هذا المفكر الإسرائيلي الذي كرّس معظم كتاباته في خلال خمسة عقود لتحليل المجتمع الاسرائيلي دون ان يخفي امتعاضه من سلبيات هذا المجتمع وجنوحه بتأثير سياسة حكامه الى الهاوية. ويعتبر كتابه >الحساب القومي< الذي صدر مؤخراً بطبعة جديدة وفريدة من اهم الكتب التي تلقي الضوء على أزمات وعقد وتركيبات المجتمع الاسرائيلي والتاريخ اليهودي والحركة الصهيونية، انه كتاب جدير بالمطالعة والدراسة ليس فقط لفهم جذور الفكر اليهودي والسياسة الاسرائيلية، بل لفهم ذهنية مفكر اسرائيلي ينظر الى الواقع بعمق وتفحص مشككاً بمسلماته وقدسياته.

في الصفحات الاخيرة من المجلة كتب محمد حمزة غنايم مراجعة لمجموعة من الكتب العبرية الصادرة مؤخرا في اسرائيل.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات