المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

المحامية سهاد بشارة ل"المشهد الاسرائيلي": سنستمر بالإلتماس لإلغاء القرار أعلاه كونه يميّز ضد المواطنين العرب على أساس قومي، وكونه مشروطاً بالخدمة العسكرية

أعلنت النيابة العامة في إسرائيل، الاسبوع الماضي، أن الدولة ستضم 14 بلدة عربية الى قائمة البلدات المستحقة لتخفيض 90% من سعر تأجير الأراضي للبناء. تضم هذه القائمة القرى التالية: العزير- رمانة، نين، الطيبة، المقيبلة، صندلة، شيخ دنون، عين الأسد، وادي سلامة، كمانة، الحسينية، راس العين، ضميدة، سواعد والحميرة..

لم يكن هذا الإعلان صادرًا عن حسن نوايا، لا بل جاء هذا الإعلان رداً على إلتماس تقدم به المركز القانوني للاقلية العربية في البلاد، "عدالة"، واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، للمحكمة العليا في تاريخ 19.10.2003، بواسطة المحامية سهاد بشارة من "عدالة" ضد دائرة أراضي إسرائيل ووزير المالية ووزير التجارة والصناعة مطالباً المحكمة بإبطال قرار دائرة الأراضي 952 القاضي بتوزيع أراض للسكن تستثني المواطنين والبلدات العربية، والذي ينص على منح تخفيض بقيمة 90% من سعر تأجير الأراضي للبناء لفترة طويلة للجنود الذين أدوا الخدمة العسكرية ويسكنون في مناطق أفضلية "أ" و "ب" والتي لا يتجاوز عدد وحدات السكن فيها 500 وحدة سكنية.

هذا القرار القديم المصادق عليه من مدير عام أراضي إسرائيل في شباط الماضي جاء تحت عنوان مألوف، ألا وهو "تشجيع السكن في الجليل والنقب"، لكن الإلتماس شدّد على أن القرار يميّز ضد المواطنين العرب على أساس قومي من خلال المعايير التي وضعت لتطبيقه: الخدمة العسكرية أو القومية، عدد الوحدات السكنية والتقسيم لمناطق أفضلية. إذ أنه لا توجد أية علاقة بين الهدف المعلن للقرار وبين إشتراط التخفيض بإداء الخدمة العسكرية أو القومية كما لا يوجد أي تبرير لهذا القرار الذي يوزع الأراضي بتخفيضات عالية من دون الحفاظ على مبادئ المساواة والعدل بين المجموعات المختلفة التي تسكن نفس المناطق الجغرافية. وجاء ايضا في نفس الإلتماس أن القرار لا يعتمد على كل الحقائق والمعطيات الموجودة على أرض الواقع، فلم تؤخذ بعين الإعتبار ضائقة السكن والأراضي التي يعاني منها المواطنون العرب،أسبابها وإسقاطاتها، وكل ما تردد في المحكمة العليا في هذا الصدد، حيث شمل الإلتماس سرداً واسعاً لقرارات المحكمة العليا السابقة التي تطرقت فيها لتقسيم الأراضي بالدولة، ووفقاً لهذه القرارات فإن دائرة أراضي إسرائيل تناقض المبادئ الأساسية التي وضعتها المحكمة العليا في هذا السياق وعلى رأسها التقسيم العادل.

المحامية سهاد بشارة: "نحن مستمرون بالإلتماس"

رافق رد النيابة العامة رد آخر : "ان من حق الدولة إعطاء أفضليات للجنود المسرّحين تعويضاً عن سنوات الخدمة".

استناداً إلى هذا الرد المرفق سيستمر الإلتماس لإلغاء القرار أعلاه كونه يميّز ضد المواطنين العرب على أساس قومي، وكونه مشروطاً بالخدمة العسكرية ولمناطق الأفضلية المميزة بحد ذاتها، قالت المحامية سهاد بشارة لـ "المشهد الاسرائيلي".

وأضافت: "إن الخطوات التصعيدية التي تتخذها الحكومة ليست بالجديدة أبدا، لكنها تشهد تصعيداً جديدًا في الفترة الأخيرة، فإذا مررنا على بعض مشاريع السنة الأخيرة نجد هذه الوجهة التصعيدية واضحة، فمثلاً قرار 897 لدائرة الأراضي القاضي بتخفيضات وتسهيلات للحصول على أراض سكنية في بلدات يهودية، وهناك مشروع آخر تحت اسم "من القلب الى الجليل" حيث يخطط القائمون عليه من مكتب رئيس الحكومة، وزارة الإسكان، ووزارة الإستيعاب، لتوزيع أراض في بلدات يهودية في الشمال، هذا الشمال الذي تسكنه نسبة 51% من العرب، ويبقى الهدف " تهويد الجليل"، كذلك المبادرة لإقامة 14 بلدة لليهود فقط"..

(*)"المشهد الاسرائيلي": النقب أيضاً يعاني من تصعيد في نفس الصدد، فهل تختلف الآلية التطبيقية هناك واي اسلوب تتبع دائرة الأراضي لترجمة نواياها؟

- نفس الأهداف تنسحب على النقب، فتخطيطات الحكومة تسعى الى ترجمة قرارها في الشمال وفي النقب من نفس المنظار لتخدم الهدف ذاته. وقد شهد العام الأخير الكثير من قرارات الهدم في القرى غير المعترف بها، كانت القرارات جماعية، واليوم سيتم الإعتراف بسبع قرى إضافية من أجل تجميع العرب في مكان واحد وإخلاء مساحات كبيرة، فحسب خطة شارون هناك ميزانية تقدر بــ 1,7 مليار أعدت خصيصاً لهذا الغرض، 40% من المبلغ خصص للتهجير وتقوية وحدات الشرطة ودورياتها، وما شابه من هذه الأجهزة للحفاظ على سريان القرار، كذلك تعويضات بمقدار 325 مليون شيكل تدفع للمواطنين العرب مقابل التنازل عن إدعاء ملكيتهم للإراضي، المبلغ زهيد ومثير للضحك، فميزانية المشروع الواقعة تحت عنوان التطوير لم تتطرق مثلاً الى تحسين الحالة الإنسانية والتخطيط التطويري للبلدات الجديدة. يحاولون تهويد مساحات الأرض في الجنوب، وتغيير التوازن الديمغرافي في الشمال، هذا ما تسعى له الحكومة.

**

تشترك في صياغة هذه القرارات التمييزية كل الأجهزة الإسرائيلية، من مكتب رئيس الحكومة وحتى مكتب الاستيعاب. النوايا من خلف ذلك واضحة جداً والمعطيات خطيرة بنفس المقدار. ويمكن القول إن ما يسمى ب"الخطر الديمغرافي" يتكرس بكونه العنوان الرئيسي لسياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب، ولا تزال تتعالى الأصوات "المحذرة" من هذا الخطر. ولقد قالها وزير المالية، بنيامين نتنياهو، قبل شهر واحد بالحرف الواحد "إن التهديد الأكبر متواجد بيننا ويكمن في الخطر الديمغرافي"..

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات