تشير نتائج استطلاع للرأي اجراه مركز "مدى الكرمل" (المركز العربي للدراسات والابحاث الاجتماعية التطبيقية)، على عينة تمثيلية من السكان العرب في اسرائيل، بينحوالي ثلثي العرب في إسرائيل يعتقدون أن مكانتهم الآن أسوأ مما كانت قبل عشر سنوات
الاشهر كانون الثاني/ يناير حتى اذار/ مارس 2004 ، الى تشاؤم العرب في اسرائيل فيما يخص معظم مناحي الحياة والعلاقة مع دولة اسرائيل، اذ تبيّن النتائج أن حوالي ثلثي المجيبين (63%) يعتبرون مكانة العرب اليوم أسوأ مما كانت عليه قبل 10 سنوات. إضافة الى ذلك، يرى أكثر من ثلثي المجيبين (67%) أن مكانة العرب ستغدو بعد عشر سنوات أسوأ مما هي عليه اليوم.
وقال مركز " مدى الكرمل"، في بيان له بهذا الخصوص،ان 845 مستَجوَبًا شاركوا في الاستطلاع من 36 بلدة عربية بالاضافة الى سكان اربع مدن مختلطة وثماني قرى غير معترف بها في الشمال تمت مقابلتهم وجهًا لوجه. كما يوضح البيان ان عينة الاستطلاع لم تشمل سكان القدس الشرقية والسكان العرب في الجولان المحتل. وقد أشرف على البحث كل من البروفيسور نديم روحانا، مدير "مدى" وعميد صعابنة، مدير وحدة استطلاعات الرأي.
ويتضح بشكل خاص من نتائج الاستطلاع ان السيناريوهات الممكنة التي تشير الى تدهور مكانة العرب تلاقي توقعات عالية من قبل المشاركين: 63% يتوقعون تعاظم التمييز ضد العرب في إسرائيل، و63% يتوقعون اتساع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين العرب واليهود، و62% يتوقعون إخراج أحد الأحزاب أو الحركات العربية من اطار الشرعية (خارج القانون)، و47% يتوقعون ثبات الوضع القائم، و45% يتوقعون تحوّل إسرائيل إلى دولة أبارتهايد، و32% يتوقعون تعاظم هجرة الفلسطينيين من إسرائيل.
ولم تحظ سيناريوهات أخرى تصف مستقبلا افضل بتوقعات عالية: تحوّل إسرائيل إلى دولة لكل مواطنيها (28%)، تحسين الوضع الاجتماعي والسياسي للعرب في إسرائيل (24%)، مساواة تامة في الحقوق بين العرب واليهود (21%).
ولا يحتاج الكشف عن مصدر هذا التشاؤم الى كثير من الجهد. ففي مجال المساواة مثلا تشير النتائج الى ان أقلية من المجيبين تعتقد بأن هنالك مساواة أو وضعًا قريبًا من المساواة في العديد
من المجالات: في مجال التربية (10%)، وفي فرص العمل في المؤسسات الحكومية (7%) وفي فرص العمل في القطاع الخاص (10%)، وفي التمثيل في المناصب العليا (5%)، وفي معاملة القانون (25%)، وفي حرية التعبير (30%)، وفي معاملة مكاتب الحكومة (19%)، وفي قدرة التأثير على اتخاذ القرارات في الدولة (5%)، وفي التمثيل السياسي (8%)، وفي المواطنة – العلاقة مع الدولة (8%)، وفي توزيع الموارد (4%)، وفي معاملة الدولة للدين وللمؤسسات المقدسة التي تخص الأقلية العربية (20%)، وفي الحقوق السياسية (11%).
المجالان اللذان حصلا على أعلى تدريج لرضى المستطلَعين هما خدمات الصحة، والمعاملة في المستشفيات. فقد اعتبر 52% و47% من المستَجوَبين على التوالي المساواة في هذين المجالين كاملة أو "قريبة لمساواة كاملة".
اضافة الى التمييز الواضح الذي يراه المشاركون في المجالات التي ذكرت يسترعي الانتباه، بشكل خاص، وصف ثلث المجيبين تقريبًا معاملة الدولة للعرب كـ "معاملة أعداء" في ثلاثة مجالات هي: في المظاهرات، 40%، في المطار 31%، وفي مجال ملكية واستعمال الأراضي 29%.
وبشكل عام، يعتقد 54% أنه لا يمكن الحصول على مساواة تامة بين اليهود والعرب بدون أن تتنازل إسرائيل عن هويتها اليهودية، في حين يعتقد 46% أن هذه الإمكانية واقعية.
وتشير النتائج الى حالة من عدم الرضى تجاه مكانة العرب في اسرائيل في العديد من المجالات الرئيسة: 6% فقط راضون عن خدمات السلطات المحلية؛ 7% فقط راضون عن مستوى الحياة؛ 8% فقط راضون عن طريقة إدارة السلطات المحلية؛ 11% فقط راضون عن مستوى التعليم في المدارس العربية؛ 19% فقط راضون عن مستوى الثقافة في المجتمع العربي، و21% فقط راضون عن مكانة المرأة في المجتمع العربي.
بالاضافة الى عوامل مثل التمييز ضد العرب والفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين العرب واليهود هنالك عوامل تثير القلق لدى السكان العرب، اذ تشير النتائج الى أن استمرار الانتفاضة و"الهجرة اليهودية إلى إسرائيل" هما من اكثر المواضيع (من قائمة مواضيع عرضت عليهم) التي تثير القلق لدى المشاركين، فقد صرحت نسبة عالية من المشاركين، 84% و81% على التوالي، ان هذين الموضوعين يشكلان مصدرا للقلق. من القضايا الاخرى التي تثير القلق في اوساط المشاركين: النقاش حول تبادل الاراضي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية (75%)، إمكانية إخراج أحد الأحزاب أو الحركات العربية خارج القانون (74%)، نزاعات ذات خلفية طائفية بين المسلمين والنصارى والدروز (79%).
مقابل القضايا المثيرة للقلق، يشكّل ازدياد قوة التيّار القومي العربي مصدرًا للشعور بالارتياح لدى 60% من المستَجوَبين، كما يُعتبر ازدياد قوة الحركة الإسلامية مصدرًا للشعور بالارتياح لدى 39% من المسلمين.
تعتقد أغلبية المشاركين، أنه يجب على العرب في اسرائيل عدم التنازل عن المطالبة بعدد من القضايا الاساسية مقابل الحصول على اكبر قدر من المساواة. مثلا 86% يرفضون التنازل عن المطالبة بالحقوق الجماعية للعرب في اسرائيل، 82% يرفضون التنازل عن المطالبة بتدريس التاريخ الفلسطيني من وجهة نظر فلسطينية ، 82% يرفضون التنازل عن المطالبة بعودة اللاجئين، 79% يرفضون التنازل عن المطالبة بضرورة اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها التاريخية في قضية اللاجئين والقضية الفلسطينية، 76% يرفضون التنازل عن التشديد على الهوية الفلسطينية. ثلثا المجيبين تقريبًا (63%) يعتقدون أنه يجب عدم التنازل عن المطالبة بتغيير هوية إسرائيل اليهودية مقابل الحصول على أكبر قدر ممكن من المساواة بينهم وبين اليهود.
وقد كشفت النتائج عن ثقة ضئيلة لدى العرب في اسرائيل بالعديد من مؤسسات الدولة. من المؤسسات الثماني التي عُرضت في الإستطلاع اثنتان فقط حصلتا على ثقة السكان العرب في إسرائيل: 74% يثقون ثقة كبيرة بجهاز الصحة، و61% يثقون بمحكمة العدل العليا. اما المؤسسات التي تأتي بعدهما من حيث التدريج فهي:
المحاكم (50%)، مؤسسة التأمين الوطني
(38%)، الإعلام باللغة العبرية (28%)، الشرطة (24%)، الإعلام الإسرائيلي بالعربية (20%) ثم الكنيست التي يثق بها 19% فقط ثقة كبيرة.
بالاضافة الى الثقة الضئيلة بمؤسسات الدولة تكشف النتائج عن اجماع لدى المشاركين يختلف عن الاجماع السائد في المجتمع الاسرائيلي، في قضايا تتعلق بتعريف دولة اسرائيل. مثلا يتضح ان 33% فقط يعتقدون ان النظام في اسرائيل هو نظام ديموقراطي. 62% يعتقدون أن إسرائيل لا يمكن أن تكون دولة يهودية وديمقراطية في الوقت ذاته. بالإضافة الى ذلك، 94% من السكان يعتبرون أن الصهيونية حركة عنصرية، و87% يعتبرون قانون العودة قانونًا مميّزًا، و95% يعتقدون أنه لا يحق لـ"القادمين الجدد" القدوم إلى البلاد.
كذلك تشير النتائج، ربما بسب ادراك الجمهور العربي لطبيعة الدولة، الى تردد الكثيرين من الموافقة على مشاركة العرب في اسرائيل في مجالات تتميز بطابع امني او صهيوني. 31% فقط يعتقدون أنه من المناسب أن يخدم عربي في الحرس المدني أو في الشرطة، وكذلك الامر في مجالات اخرى مثل: خدمة عسكرية (28%)، عضوية كنيست في حزب صهيوني (28%)، المشاركة في مناسبات اسرائيلية وطنية (27%). لكن بالمقابل نجد ان 89% يعتقدون أنه من الملائم أن يلعب عربي في منتخب رياضي إسرائيلي، 85% يعتقدون أنه من الملائم أن يشترك عربي في بعثة علمية أو أكاديمية تُمثّل إسرائيل في الخارج.
تجدر الاشارة الى أن الخدمة في السلك الدبلوماسي، رغم أنها ذات أساس تمثيلي وطابع سياسي واضح، فإن 73% يعتبرونها مجالاً يمكن للعرب أن يشاركوا فيه.
اما بالنسبة للحل الأفضل لعلاقة العرب في اسرائيل بالدولة، فمن بين الإمكانيات السبع التي عُرضت على المجيبين، حصلت الإجابة "دولة لكل مواطنيها" على تأييد 64% من المستَجوَبين. 14% آخرون يفضلون الحلّ بإقامة دولة ثنائية القومية داخل حدود إسرائيل، 12% يؤيدون الحل الذي يضمن أن تعطي الدولة للعرب أقصى حد ممكن من الحقوق لكن مع المحافظة على تعريفها كدولة يهودية. بقية الحلول التي عُرضت: حكم ذاتي ثقافي، ودولة ثنائية القومية ضمن حدود فلسطين الانتدابية، وإسرائيل كما هي حاليا، لم تحصل على تأييد أكثر من 4% من المشتركين لكل واحد من الحلول.
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, التأمين الوطني, الحرس المدني, دولة اسرائيل, الكنيست