المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

<<..إلى داخل هذا الثالوث المشحون، يهود – عرب - محرقة، تنوي مجموعة كبيرة من العرب واليهود مواطني الدولة، الغوص، في الأسابيع القريبة. من المفروض أن يتلقوا سويةً سلسلة من المحاضرات والورشات عن قمع اليهود وإبادتهم في الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك السفر في زيارة مشتركة إلى أوشفيتس. وٌلدت هذه المبادرة غير العادية عند العرب، واستجاب اليهود بنشاط مفاجئ، خاصة في ضوء جو الياس والشك العامين..>>

بقلم: أفيف لافي

من السهل النسيان، ولكن ياسر عرفات لم يكن مقبولا في إسرائيل بشكل خاص حتى قبل اندلاع الانتفاضة الحالية. وبشكل غريب، واحدة من اللحظات التي هوجم فيها بشكل خاص كانت بالذات عندما طلب أن يبدي تماثله مع الشعب اليهودي في أكثر النقاط أيلامًا عنده - المحرقة. حدث هذا في كانون الثاني 1998، عندما دُعي عرفات، بضغط من الحكومة الأمريكية، لزيارة متحف المحرقة في واشنطن.

الهيئة العامة في الكنيست هاجت وماجت. عضو الكنيست شموئيل هلفريط من "يهدوت هتوراه" عرّف هذه الدعوة بـ <<تدنيس ذكرى القتلى في المحرقة، والدوس على الكرامة اليهودية والتنكيل بمن تبقى من الناجين>>. رحبعام زئيفي هاجم ممثلي المتاحف في "ياد مردخاي" و "لوحمي هغيطؤوت"، الذين دعوا عرفات هم أيضًا. وأطلق عليهم كنية <<اليهود الأذلاء الذين حقروا أنفسهم أمام هذا "النذل">>، واستل في حديثه مشاركته في حروب إسرائيل: " دافعت بجسدي عن ‘ياد مردخاي‘ من أجل أن يجلبوا القاتل عرفات إلى هناك؟". واستمر زئيفي في تعجبه: <<عن ماذا يبحث هذا القاتل في متحف المحرقة؟ هل يريد أن يتصوّر هناك وهو يذرف دموع التماسيح مع شفتيه المرتجفتين أمام الفظائع، وعندها علينا أن نفكر بأنه إنساني؟ هل يبحث هناك عن أعمال هتلر لكي يتعلم منه؟>>

هذه الأقوال لم تظل من دون رد. عضو الكنيست صالح سليم آنذاك، من "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، أعلن أمام زملائه من اليمين أنه <<لو كنتم على زمن المحرقة لكنتم إلى جانب النازيين>>. عزمي بشارة قال بتعجب إن <<هناك أخيرًا من يود الاعتراف بذاكرتكم الجمعيّة، وأنتم ترفضون>>. في اليوم التالي، في مقابلة لـ "هآرتس"، قال الصحفي سالم جبران: <<أنا أسأل كل هؤلاء المعارضين لزيارة عرفات لمتحف المحرقة، ماذا كان سيكون ردهم لو أن عرفات رفض زيارة المتحف؟>>. جبران إقترح دعوة عرفات لزيارة "ياد فشيم" أيضًا.

إلى داخل هذا الثالوث المشحون، يهود – عرب - محرقة، تنوي مجموعة كبيرة من العرب واليهود مواطني الدولة، الغوص، في الأسابيع القريبة. من المفروض أن يتلقوا سويةً سلسلة من المحاضرات والورشات عن قمع اليهود وإبادتهم في الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك السفر في زيارة مشتركة إلى أوشفيتس. وٌلدت هذه المبادرة غير العادية عند العرب، واستجاب اليهود بنشاط مفاجئ، خاصة في ضوء جو الياس والشك العامين. <<منذ أكتوبر 2000 وأنا مقتنع بأن الانقطاع بين اليهود والعرب في اسرائيل هو مشكلة إستراتيجية>>، يوضح ارييه عميت، قائد شرطة القدس سابقًا. <<كنت في الأسبوع الماضي في لقاء في الناصرة، وسمعت أهم الأمور، وخلال دقيقتين عرفتُ أنني في الداخل. ليس كعضو مجلس السلام والأمن، وإنما كمواطن تحمس جدًا ويريد المساعدة>>.

* الغوص في الماضي اليهودي

بعد مضي شهرين على المواجهات العنيفة في أكتوبر 2000، فهم المربي ورجل الدين إميل شوفاني، أنه أمام واقع جديد. شوفاني، من الناصرة، هو أرشمندريت في الكنيسة الاكليريكية في الجليل. قبل سنوات عديدة كان المرشح المفضل لدى حكومة نتنياهو لتعيينه مطرانًا للطائفة، لكن للفاتيكان كان رأي آخر. دعم نتنياهو لشوفاني فاجأ الكثيرين، لأنه كان معرّفًا حتى ذلك الوقت مع "الجبهة". شوفاني يدير منذ سنوات ثانوية "المطران" (سانت جوزف) في الناصرة، واحدة من افضل المدارس العربية في البلاد. ودائمًا دعا لإنشاء حوار بين اليهود والعرب، دعا ونفّذ.

في السنوات الأخيرة تجري لقاءات ثابتة بين طلاب "المطران" وبين طلاب المدرسة الثانوية على جانب الجامعة العبرية في القدس. وبعد أحداث أكتوبر 2000 أيضًا لم تتوقف اللقاءات. اللقاء التالي كان في كانون الأول، وفي اللقاء سمع شوفاني أقوالا هزّته بعنف. <<كنا في نهاية أسبوع في القدس، تحدثنا عن الأمور المؤلمة>>، يروي. <<وإذ بمعلم أعرفه منذ 15 سنة، والذي عرف نفسه دائمًا على أنه إسرائيلي يدعم الديمقراطية والمساواة، بدأ بالتحدث عن حقيقة أنه يهودي بادئ ذي بدء، وذكر المحرقة. وهو لم يكن الوحيد. شعرت بأن المحرقة تعود إلى الناس، وأن الشعور بالمطاردة والخوف الجسدي عند اليهود لم يكونا حدثًا تاريخيًا ينتمي إلى الماضي، بل حاضر جدًا في أيامنا.

<<تألمت جدًا لرؤية هذا المعلم، وكانت هناك فجوة بين القيم التي دعمها بشكل فكري، وبين ما شعر به على مستوى الأحاسيس. تلك كانت اللحظة التي فهمت فيها بأن لا مجال للحوار الحقيقي والمصالحة من دون أن نفهم حتى العمق مسألة المحرقة، أن نمس المعاناة، الذاكرة، الخطاب. ربما لا يكون هذا شرطًا كافيًا للخروج من الوحل الذي نحن عالقون فيه، لكنه ببساطة شرط لازم>>.

وحتى قبل ذلك، لم يكن موضوع المحرقة غريبًا عن شوفاني. في سنوات السبعينيات تعلم في فرنسا، وهناك أكثر من قراءة الكتب عن الرايخ الثالث وحتى أنه زار معسكر "داخاو". وعندها فهم أن المحرقة هي حدث مؤسس في الوعي اليهودي والاسرائيلي، لكنه لم يقدر كم أنها ما زالت متعلقة، على الرغم من مرور عشرات السنوات بعد إنقاذ آخر الناجين من المعسكرات. وفي أعقاب نهاية الأسبوع المذكورة في العاصمة، بدا بتطوير الأفكار. وواحد من الذين شاركهم أفكاره هو الصحفي نظير مجلي.

مجلي، من الناصرة أيضًا، هو شخصية معروفة عند الجمهور العربي في إسرائيل. صحفي منذ ثلاثين سنة، كان في السابق محرر "الاتحاد" لمدة سبع سنوات، جريدة الحزب الشيوعي الاسرائيلي، بعد أن حل مكان <<معلمي وأستاذي>>، على حد تعبيره، إميل حبيبي، الفائز بجائزة إسرائيل. في السنوات الأخيرة يعمل مجلي معلقًا على الأحداث الاسرائيلية في وسائل إعلام في العالم العربي، وهو شريك في مشروع إنترنت يترجمون فيه الصحف الاسرائيلية إلى العربية، يوميًا، ويرسلون الترجمات إلى مشتركين في العالم العربي. النجاح محدود، والأمل ايضًا في أن تفتح هذه الترجمات شقًا للتفاهم بين الشعوب، مجمد إلى إشعار آخر. وفي الماضي خطط بالترجمة من العربية إلى العبرية أيضًا، لكن في غياب التمويل فإن هذا الحلم خبا حاليًا.

قرر شوفاني ومجلي أن يكون مشروعهما ثنائي القومية. فبحثا عن شركاء يهود. في مرحلة معينة تم الاتصال بين شوفاني وبين روت بار شليف، تل أبيبية تعمل في مرافقة وتدريب تنظيمات وأشخاص يرغبون في خلق مسارات طلائعية في الواقع المعاش، أو <<إتخاذ موقف وخلق وضع جديد، في مكان يبدو أنه ذو طريق مسدود>>، كما قالت. قبل أربعة شهور طلب شوفاني من بار شليف (إبنة مردخاي غور) أن ترافق المشروع.

في الأسابيع القريبة سيشارك المنضمون في ثلاثة ورشات ستجري خلال نهاية السبوع، وسيدرسون فيها ويجرون نقاشات عن المحرقة من زوايا مختلفة. في اليوم الأول سيشارك العرب فقط، وبعد ذلك سينضم اليهود. في الورشات سيستمع المشاركون لمحاضرات تُعرض فيها الخلفية التاريخية للحرب العالمية الثانية وإبادة اليهود، وسيلتقون مع نجاة من المحرقة، وسيدرسون ظاهرة الجيل الثاني والثالث، وحتى أنهم سيخصصون الوقت لدراسة قضية شائكة بشكل خاص - العالم العربي وتعامله مع المحرقة. من المفترض أن يصل المشروع ذروته في نهاية ايار، عندما تسافر المجموعة إلى زيارة من خمسة أيام في مراكز الابادة في أوشفيتس. هنلك سيلتقي القادمون من إسرائيل وفدًا آخر، قادمًا من فرنسا وفيه حوالي (150) مشاركًا، منهم وجهاء الجاليات اليهودية والاسلامية.

تجنيد المنضمين في إسرائيل موجود في ذروته. في هذه المرحلة تشمل القائمة أكثر من (100) عربي و(80) يهوديًا؛ بار شليف مقتنعة بأن عدد المشاركين النهائي سيكون حوالي (300) مشترك. <<لقد وجهنا التفكير نحو عدد كبير>>، تقول. <<صحيح أن هذا الاطار ليس حميميًا، لكن عشرين شخصًا لن يغيروا التفكير السائد بين الجمهور الواسع. نحن نريد مجموعةً لتكتب، وتعمل، وتقود، وأن تعيش في إطار المنظومة الجديدة. هدفنا كان تجنيد أناس يقفون على رؤوس أنظمة، موجهين، مبدعين، وليس سياسيين بأي شكل>>.

تشمل قائمة المنضمين العرب المحامي أحمد مصالحة، من المحامين البارزين في الوسط العربي؛ أحمد عفيفي، صاحب شركة باصات ومكتب سياحة كبير؛ هيام طنوس، مفتشة في وزارة المعارف؛ الممثل سليم ضو؛ لاعب كرة القدم وليد بدير؛ المغنية أمل مرقس؛ الكاتب نعيم عرايدي؛ الشيخ عبدالله نمر درويش والعديد من الأكاديميين والتربويين. قائمة أولية وجزئية من اليهود: الراب الرئيسي يسرائيل لاو، المغنيون أحينوعام نيني وأيهود بناي، الشاعرة أيغي مشعول. الحديث يدور عن إنتاج مكلف، ومن أجل تجنيد النقود بشكل مرتب أقيمت جمعية تحت إسم "من الذاكرة إلى السلام". بار شليف تقول إنه وصلت تبرعات جيدة من عدة أشخاص، وأقيم موقع إنترنت يمكّن المشاركين من تبادل التجارب والآراء.

وقد صاغ المؤسسون العرب أهدافهم في وثيقة تأسيسية تحت عنوان <<نتذكر الآلام من أجل السلام>>: <<نحن، الموقعين أدناه، مجموعة من المواطنين العرب في إسرائيل، قلقون بسبب تدهور العلاقات بين اليهود والعرب في بلادنا... هذه العلاقات التي تميزت على الأغلب بخوف كبير من الآخر وبالتقوقع القومي عند كل طرف؛ ومن منطلق المسؤولية الانسانية والقومية، ومن منطلق الأيمان بأنه من الممكن تغيير الجو، فإننا نخرج بهذا المشروع الانساني. نحن نخرج لنحس بألم الطرف الثاني. لا يمكن للشعبين أن يتركوا درب سفك الدماء، إلا بعد أن يفهموا ويذوتوا كلٌ ألم الآخر، ومخاوف الآخر التي دفعت به إلى خط النار، والمواجهة والحرب. وانطلاقًا من فهمنا هذا المبدأ قررنا أن ننبش عميقًا في داخل التاريخ، قررنا أن نسبح داخل الماضي اليهودي. نحن نريد أن نتعلم ونعرف الألم، المصاعب، التعذيبات والدمار... أن نتماثل وأن نعبر عن تضامننا مع اليهود بكل قوتنا>>.

* يحق لنا أن نتماثل مع الضحية

المبادرة، وخاصة التوقيت الذي خرجت به، تثير أسئلة صعبة في العالم العربي. منذ أكتوبر 2000 يستثمر الاسرائيليون والفلسطينيون جهودًا جبارةً في التسابق على الحق في <<الضحية الحقيقية>> في النزاع. كل جانب يقوم بما يستطيع لتقزيم ألم ومعاناة العدو. وهاكم، من وراء غمائم الدخان، تطل مجموعة من السكان العرب في إسرائيل وتستسلم لليهود في المكان الوحيد الذي سيظل لهم فيه الاحتكار المطلق على الضحية- المحرقة.

لهذه الخطوة معارضون غير قلائل بين المواطنين العرب في إسرائيل، لكنهم يحذرون من الإنتقاد العلني: المحرقة، يعرفون، هي بقرة مقدسة في الخطاب الاسرائيلي. وبشكل خصوصي يشعرون بحرية أكبر للتعبير عما يريدون. نظير مجلي سمع في الأشهر الأخيرة أكثر من مرة جملة <<ماذا لديكم لتبحثوا عنه في أوشفتس، في الوقت الذي يقتل فيه الاسرائيليون الأطفال في جنين؟>>

- بماذا ترد؟

<<أنا أقول للناس بإنه ممنوع أن نكون مقيدين بأنماط تفكير قائمة، أن نكون محصنين بمفاهيم أكل الدهر عليها وشرب. صحيح، نحن نحاول أن نقلب ظهر المجن، وهذا جيد، لأن الوضع الراهن، الكراهية الموجودة، سيقضيان على الشعبين. نحن واعون لحقيقة أننا سنتلقى على رؤوسنا وقد ندفع ثمنًا شخصيًا كبيرًا، لكن الأمل في مستقبل آخر في هذه المنطقة يسوى أكثر. نحن نعيش في جهنم، ونحن نريد أن نستنشق القليل من الهواء النقي، أن نكون طاهرين أكثر. أنا آتي لتنقية نفسي وشعبي من الكراهية الموجودة اليوم>>.

مجلي ورفاقه قدروا أنه مع النشر عن المبادرة، يمكن أن يتلقوا هجمة شاملة ليس من داخل إسرائيل فقط، وأنما، وبالأخص، من العالم العربي. وعملا بمبدأ الوقاية قبل العلاج، خرج مجلي قبل عدة أسابيع إلى مصر بهدف تهيئة الوضع وخلق مناخ مريح للمبادرة: <<لقسم منا أسم معروف جدًا في العالم العربي. أردتُ أن أستوضح عما يفكر به مصممو الرأي عن المبادرة، ومنع وضع يسمعون فيه عن المبادرة من الصحف ويكون سوء فهم. التقيت مع حوالي عشرين رجل فكر، كتاب، باحثين، وعرضت عليهم خطتنا. أوضحتُ لهم أن الحديث لا يدور عن صهينة العرب في إسرائيل، أن هذه المبادرة ليست تملقًا، وأن الحديث يدور عن عمل عربي وطني من الدرجة الأولى، هدفه إبراز إنسانيتنا. الغالبية المطلقة ممن تحدثتُ إليهم باركوا الخطوة، ونجحنا في لقاء عمرو موسى، وزير الخارجية السابق، الذي قال لنا إن هذه خطوة مهمة جدًا ومن ناحية العالم العربي فإنه مفهوم ضمنًا. وقد أكد لنا على أنه سيخرج في نداء دعم للمشروع، في حالة هوجم بعد النشر عنه>>.

سالم جبران، شاعر، وكاتب وصخفي، محرر أسبوعية "الأهالي" في سخنين، يواجه منذ عدة سنوات أسئلة متمردة. في أيام أوسلو، عندما بدا للحظة أن المنطقة في طريقها لأن تكون طبيعية، قدم محاضرات عن المحرقة في معهد "غفعات حبيبه"، لفلسطينيين من الضفة، أبدو إهتمامًا بالموضوع. اليوم يقوم بتدريس ورشة موسعة في بيت "لوحمي هغيطؤوت" (مقاتلو الجيتوات) لمجموعات مختلطة من المعلمين اليهود والعرب.

<<أنا أعرف أن هناك من اليهود من خاب أملهم أو شعروا بالغرابة، لكن ليس هناك ما هو أكثر طبيعية من أن نرغب في التعلم عن المحرقة>>، يقول جبران. <<كإنسان، كإنساني، كيساري، لا أستطيع أن أبدي عدم الاكتراث تجاه أيديولوجيا الإبادة. وفي الورشات التي أديرها، الناس في البداية لا يتحررون من الانتماء القومي، لكن بعد لقائين أو ثلاثة يتضح لهم أن كونك عربيًا فقط أو يهوديًا فقط هو أمر صغير، نحن أولا وأخيرًا بنو بشر.

<<في الدرس الأول أنا أُسأَل ما إذا كان علينا الآن بالذات، في الوقت الذي يخوزقنا فيه اليهود، أن نتعلم عن ضائقاتهم، وعندها أوضح أنني عندما أفهم ألَم اليهودي ومعاناة اليهودي، فأنا أهاجم العنصرية اليهودية. ففي عدد غير قليل من المرات، سمعنا الجنود في المناطق يقولون إنهم غير مستعدين لفعل أمر ما ‘لأن هذا يذكّرني بشيء‘. أنا أود، بمساعدة صدمة المحرقة الفظيعة، أن أحاصر وأعزل العنصرية، أن أقنع بأن العنصري هو ضد اليهودية>>.

- بالتأكيد هناك من يتهمك بمسح الجوخ..

<<هناك من يسمون مجرد الصبوة للحقيق التعايش، تملقًا، فما العمل؟ واحدة من اللحظات المثيرة للانفعال هي أن الناس في نهاية الدورة يعترفون أمامي بأن التعلم عن المحرقة بالذات حولهم إلى عرب أكثر، إلى فخورين أكثر. دراسة معاناة اليهود ليست مسًا بهويتنا القومية. أن نكره شعبًا آخر يعني هوية قومية؟ خلال الدورة نحن نصل سوية إلى استنتاج حول الفرق بين القومي والشرعي، وبين القومجي والمحظور. ما الفرق بين الوطنية والشوفينية، بين أن تحب نفسك وبين أن تكره الآخر. لماذا حين أقول عنك إنك ضحية حقيقية، أنفي ذلك عن نفسي؟ ربما كان بوسعنا نحن الاثنين أن نكون ضحايا في ذات الوقت؟ في نظري، زيارة متحف "لوحميه هغيطؤوت" ليست تملقًا ولا إبتعادًا عن قوميتنا، وإنما تقطير كل ما هو إنساني وأخلاقي في الأمة العربية>>.

<<سألني الكثيرون كيف سأشارك في هكذا أمر، في الوقت الذي ترتكب فيه حكومة إسرائيل الجرائم في المناطق>>، يقول محمد علي طه، رئيس رابطة الكتاب العرب في إسرائيل. <<أنا أوضح أنه كما كان العالم المتنور ضد النازية، فإنه من المسموح لنا أن أن نكون ضدها وأن نتماثل مع الضحية. نحن لا نخدم مصلحة أحد، وبالتأكيد لا نخدم مصلحة البروبغندا الاسرائيلية. عندما أتماثل مع الضحية أخرج الانسانية التي بداخلي، وأنا لا أفعل ذلك للحصول على شيء. المحرقة أثارت إهتمامي دائمًا، وعندما كنت في الثانوية قرأت الكثير من الأدب عن المحرقة، قرأت ‘مذكرات آنا فرانك‘ وبعدها قرأت كتب ك. تسيتنيك وايضًا الأدب الروسي عن الحرب ضد النازية، لكن يمكن التعلم أكثر دائمًا>>.

* عدائية لتاريخ الآخر

معالجة المحرقة وضع أمام العالم دائمًا تحديًا مركبًا. في الوعي الاسرائيلي، توجه العرب لإبادة اليهود، يتلخص في شخصية مفتي الديار المقدسة، الحاج أمين الحسيني، الذي وجد ملجأ في ألمانيا وتعاون مع النازيين في الحرب العالمية الثانية. الواقع، طبعًا، مركب أكثر. في العالم العربي نشطت قوى متضاربة - رأت في إزدياد قوة النازيين أمرًا أيجابيًا، والتي عارضتها بكل قوة، وعلى رأس هذه القوى الحركة الشيوعية.

سالم جبران: <<توجه المفتي نحو هتلر كان من منطلق ‘عدو عدوي صديقي‘. من جهة ثانية كانت هناك سلسلة طويلة من رجال الفكر الفلسطينيين الذين وقفوا علانية وبفخر ضد النازيين. حقيقة أن المؤسسة الصهيونية اليمينية كانت معنية بتسويد الشعب الفلسطيني كله، هي تراجيديا فظيعة. فالعرب ليسوا لونًا واحدًا، واليهود كذلك. اليوم، لن تجد أي مثقف أو مفكر في قيادة الحركة القومية الفلسطينية يبرر ولو حتى بطريق الصمت، الحركة النازية. في الأيام التي سبقت أوسلو، عندما وصلت إلى تونس في زيارة، طلب مني عرفات أن أحاضر أمام جماعته عن اليهود، العرب والمحرقة. عرفات أراد أن اساعدهم في فهم نفسية اليهود، في تعلم كيفية تليين الصلابة>>.

لا يمكن إجراء النقاش عن توجه العالم العربي تجاه المحرقة، بانقطاع عن التغييرات في الوضع السياسي. الانتقاد الكبير الموجه منذ أكتوبر 2000، ضد إسرائيل وأفعالها في المناطق، يكون مرافقًا من مرة إلى أخرى بلهجة لاسامية. من مرة إلى أخرى، تُثار في الصحافة العربية نزاعات صاخبة حول محاولات إنكار المحرقة. قبل سنتين ضجّ العالم العربي قبل عقد مؤتمر لمنكري المحرقة، الذي كان عقده مقررًا في بيروت. (14) من أبرز المثقفين ورجال الفكر في العالم العربي نشروا عريضة طلبوا فيها من حكومة لبنان أن تمنع عقد المؤتمر. الشاعر محمود درويش، بروفيسور إدوارد سعيد وآخرون كتبوا <<أننا منذهلون من هذه المبادرة اللاسامية>>.

في إفتتاحية جريدة "الحياة" كُتب أن <<المؤتمر يحقر من لبنان>>، وأنه <<باسم الضحايا الفلسطينيين، فإن المؤتمر سيخرج للدفاع عن الجلاد النازي وجريمته بحق اليهود>>. عضو الكنيست أحمد طيبي بعث برسالة أيضًا إلى الرئيس اللبناني، وادعى فيها أنه <<ممنوع علينا أن نوافق على أية خطوة تهدف للتعبير عن فهم للنازية ولجرائمها مثل إبادة الشعوب الأخرى، منها الشعب اليهودي الذي عانى الكثير من جرائم الجلاد النازي>>. حكومة لبنان اقتنعت ومنعت عقد المؤتمر.

عاصفة جديدة أثيرت في الأشهر الأخيرة حول المسلسل "فارس بلا جواد"، الذي بُثّ في التلفزيون المصري، وعالج عدد من حلقاته موضوع "بروتوكولات صهيون"، كأنها وثيقة تاريخية وليس تزييفًا لاساميًا. وقد أكثرت وسائل الاعلام في إسرائيل من التبليغ عن المضامين المشكوك بها في المسلسل، ولكن أقل بكثير عن ردود الفعل التي أثارها المسلسل. في سلسلة مقالات نُشرت في جريدة "الأهرام" المصرية، وأثارت ردودًا في كل العالم العربي، كتب د. أسامة الباز، مستشار الرئيس حسني مبارك المقرب، نقدًا لاذعًا على المسلسل وعلى الموضة اللاسامية عامةً. وقد استعرض الباز تطور الفرية التاريخي، وادعى أن هناك من يستغلها اليوم أيضًا. وهاجم بشكل واضح العرب الذين تعاونوا مع النازيين في الحرب العالمية الثانية وكتب أن منكري المحرقة اليوم هم مكملو درب هؤلاء.

كما أنه من الصعب على مواطني إسرائيل العرب أيضًا، أن يتعاملوا مع ذكرى المحرقة. الجميع يتعلم عنها في الثانوية كجزء من المنهاج التعليمي في موضوع التاريخ، لكن هذا "غير كافٍ، وليس كما يجب"، يقول نظير مجلي. <<في اللحظة التي يمنعونك فيها من تعلم التاريخ الفلسطيني، في اللحظة التي تشعر فيها بأنهم لا يحترمون تاريخك، فإنك تطور عدائية لتاريخ الآخر. كطالب، لم أحب الموضوع، كما لم أحب تعلم التلمود والتوراة، لأننا كنا مقتنعين بأنهم يعلموننا عن المحرقة من أجل تبرير ما يفعله اليهود بالعرب. وأنا ترعرعت في بيت شرطي في شرطة إسرائيل، فتخيل ما شعر به الآخرون>>.

* تزويد الدعاية الاسرائيلية بالأدوات

عندما أشعل نواف مصالحة، نائب وزير الصحة، شعلة في طقس يوم المحرقة، في العام 1996، والذب أجري في معسكر "بيركناو"، لم يحب الجميع ذلك؛ وعندما تنافس عبد القادر عبد القادر، من الحركة الاسلامية، في إنتخابات بلدية اللد، وزع معارضوه بين عرب المدينة صورة قديمة له يظهر فيها وعلى رأسه "كيباه" وهو يضع باقة زهور على النصب التذكاري لضحايا المحرقة في واحد من معسكرات الابادة، وادعوا أن هذا شهادة على أنه "ينتمي لشعب إسرائيل"؛ بعد أن قال عصام مخول، عضو كنيست عن "الجبهة"، في نقاش مستعر عن المناطق، "هايل شارون"، ورفع يده بتحية نازية وصرخ على النواب من اليمين "مجرمو حرب، أنتم مجرمو حرب"، فإنه اعتذر وأوضح أنه لم يقصد المس بناجي المحرقة. في يوم المحرقة الأخير، عندما أجرى اليهود طقس الذكرى، توحد الطلاب الجامعيون العرب في كلية "دافيد يلين" في القدس مع ذكرى الفلسطينيين الذين قُتلوا في الانتفاضة.

في أيار 2000، لحظة قبل اندلاع الانتفاضة، شارك عضو الكنيست توفيق خطيب ("الموحدة") في وفد برلماني إلى معسكرات الابادة في بولندا وإلى مسيرة الحياة في أوشفيتس. "أنا أرى في مشاركتي رسالة هامة"، قال عندها. "هكذا مثّلت الجانب العربي الحقيقي. القلائل الذين انتقدوني يشوهون صورتنا الحقيقية".

عندما تحدث خطيب عن منتقديه، فإنه قصد خصوصًا تميم منصور، معلم في المدرسة الثانوية في الطيرة، ومحاضر في "بيت بيرل"، والذي نشر مقالاً هجوميًا في "فصل المقال"، جريدة "التجمع الوطني الديمقراطي". بمشاركته في الوفد، ادعى منصور، ساعد خطيب الدعاية الاسرائيلية والصهيونية العالمية، اللتين تجريان كل سنة تمثيليات من <<البكاء في المعسكرات للتغطية على جرائمهم في الماضي والحاضر تجاه الشعب الفلسطيني>>.

واليوم أيضًا يرفض منصور أن يعبر عن رضاه عن المبادرة التعليمية الجديدة: <<أنني معارض، فهذا لا يعني أبدًا أنني مع النازية. أنا خريج جامعة تل أبيب بموضوعي تاريخ أرض إسرائيل وشعب إسرائيل، لا يمكن الادعاء تجاهي بأنني لا أعرف الموضوع، لكنني أعتقد أن السفر الآن إلى أوشفيتس هو منح أدوات للدعاية الاسرائيلية. أنا لا أذكر أنني رأيت قياديًا يهوديًا، من اليسار أو من اليمين، زار صبرا وشاتيلا أو واحدة من المقابر الملأى بجثث الفلسطينيين. هناك ما يكفي من القياديين في العالم ممن يعبرون عن تماثلهم مع الشعب اليهودي في كل ما يخص المحرقة، وأنا أعتقد أن اليهود استغلوا المحرقة جيدًا ونشروها كموضوع سياسي خالص وارتكبوا الكثير من الأمور الفظيعة بإسم المحرقة. لقد بنوا هنا دولة على حساب الشعب الفلسطيني بفضل المحرقة، ولذلك فأنا غير ملزم على التماثل معهم>>.

- لو كان هناك سلام، هل كنت ستفكر بطريقة أخرى؟

<<من الواضح أن الموضوع هو موضوع توقيت أيضًا. التوقيت الآن سيء جدًا، لأن اليهود لا يعترفون بعذابات الشعب الفلسطيني، والقمع والاحتلال يشتدان يومًا بعد يوم. أنا أتعامل مع موضوع المحرقة طيلة الوقت، لأنني أدرّس موضوع التاريخ في الثانوية. لدي مشكلة، لأنه في كل يوم تقريبًا أدخل فيه إلى الصف، أجد الطلاب قد سمعوا في الأخبار عن عدة فلسطينيين آخرين قُتلوا في غزة أو في نابلس. إذا كنت سأبدأ في مثل هذا الوضع، بالتحدث عن معاناة اليهود، فإن الطلاب سيقولون لي ‘خسارة أنهم لم يقضوا عليهم جميعًا‘>>.

- ماذا تفعل إذن؟ تدريس المحرقة إلزامي..

<<أنا أدرّس بحسب الكتاب، وأحذر من إظهار التعاطف أو التماثل، لأنه في اللحظة التي يحدث فيها ذلك فإنهم يقولون لي ‘أنت تبكي على اليهود‘. وإذا تحدثت عن أن اليهود عانوا، فإنهم سيطردونني من الصف. أنا أحاول أن أمرر لهم بلطف، أن كراهية الغير غير مجدية، أننا يجب أن نكون أخلاقيين في كل حالة، وفقط عندما يقول أحد الطلاب شيئًا مثل ‘يستحقون ذلك‘، فإنني أواجهه بشكل صريح>>.

عزمي بشارة، رجل أكاديمي سابقًا، وعضو كنيست اليوم، أنجز رسالة الدكتوراة في المانيا الشرقية وراكم الكثير من "ساعات المحرقة" قبل أن يصبح سياسيًا. <<في الفترة التي كنت في ألمانيا زرتُ كل معسكر تقريبًا>>، يقول. <<كان لدي إستحواذ ضد النازية. في البداية هذا نبع من كوني شيوعيًا، وبعد ذلك انتقا ضد كل نظام دكتاتوري، وايضًا ضد الشيوعية نفسها>>.

وعلى الرغم من ذلك، فلبشارة مشاعر متضاربة حول هذا المشروع المتشك في هذه الأيام: <<عدد من الناس الضالعين فيه هم أصدقائي، وهم تشاوروا معي أيضًا. لو كانت في هذا الاهتمام رغبة حقيقية وصادقة لدراسة الذاكرة التارخية والجمعية لدى الغالبية في الدولة التي نحيا فيها، فأعتقد أن هذا جيد. كل أمر من هذا النوع هو مبارك. المشكلة في أنني أشكك قليلا. أنا أخشى، مثلا، من أن هناك محاولة لأن يكونوا ‘بسيدر‘ (جيدين - المحرر). وكأن هذا بحد ذاته سيفتح القلب وسيؤثر على الرأي العام عند اليهود، بأنهم في اللحظة التي يروننا مهتمين بهم فإنهم سيبدأون بالاهتمام بنا.

<<المشكلة هي، أنه من غير المثبت أنك لو تكلمت أكثر واهتممت أكثر بألم اليهود، فإن هذا سيرفع من حساسية اليهود تجاه شعوب أخرى. حتىاليوم، عندما اهتمت شعوب أخرى بالمحرقة، كانت النتيجة أن إسرائيل قلبت هذا التماثل إلى أداة. وقد نشأ وضع، بأنك كلما فهمت تاريخ مطاردة اليهود أكثر، فإن عليك أن تبرر وأن تفهم إسرائيل وتصرفاتها اليوم، أكثر. هذا ما يُسمى تحويل المحرقة إلى أداة. هناك جريمتان كبيرتان بخصوص المحرقة- إنكارها، وتسخيرها الغرضي. في الامرين عنصر من الانكار، لأنه في اللحظة التي توازي فيها بين المحرقة وبين كل شيء، فإنك في النهاية تقزّمها>>.

- ما السيء في أنه بعد شق أكتوبر 2000، هناك أخيرًا محاولة من جانب العرب في إسرائيل للتقرب من الجمهور اليهودي؟

<<هذا ليس سيئًا، لكنني غير متأكد من هذه هي الطريق. قد يؤدي هذا إلى عمعمة الحقيقة أن العامل المركزي في جعل العلاقة بين اليهود والعرب سيئة، هو الاحتلال، وليس عدم معرفة تاريخ الشعب اليهودي. من تجربتي، في كل مرة تبدي فيها معرفة أكبر، أو حساسية أكبر لمعاناة الشعب اليهودي، وفي ذات الوقت تستمر في التصميم على موقفك السياسي، لا يؤدي هذا إلى عدم زحزحة الطرف الثاني لفهمك فقط، بل يثير الغضب عليك: كيف تتجرأ على كسر إحتكارنا للمحرقة؟ عندما أبدي حساسيةً فإن هذا يؤدي فقط إلى أن أهاجم أكثر، لأنه لا يمكنهم وضعي في الدُرج. هم يريدون عربيًا يصغي عندما يتحدث اليهود عن المحرقة.

<<أنا أذكر المرة الوحيدة التي شاركت فيها في حلقة دان شيلون الشهيرة في القناة الثانية. جلس هناك بيني كتسوبر، وقال ‘إن ما فعلوه لنا في يميت كان محرقة صغيرة‘. وعندها رددتُ عليه. ليس كعربي، وإنما كإنسان. سألته عما تفعله مثل هذه الأقوال لذكرى المحرقة، وأي انعدام للحساسية هذا. ليس أن الحاضرين لم ينضموا إلي، وإنما بدأوا بالصراخ علي جماعةً ‘من أنت لتدافع عن ضحايا المحرقة‘، وبخلق العديد من الاتهامات الجماعية ضد ‘أنتم العرب‘، وضد كل ما فعلناه أو لم نفعله في المحرقة>>.

* مبادرة من أجل الشعب العربي

في الأيام الأخيرة تنشغل روت بار شليف في توسيع دائرة المشاركين اليهود. بحسب أقوالها، فإنها تتفاجأ في كل مرة من جديد من <<الاستجابة والاستعداد للقدوم والعمل. ليس أنهم يقولون نعم فقط، بل يتجندون فورًا للعمل ويأخذون على عواتقم وظائف>>. واحد من المتجندين، أرييه عميت، يوضح لماذا: <<نحن لا نعرف الواحد الآخر، لا نعرف الثقافة، الأحلام، الشعر والأدب. العرب يسبقوننا بالكثير في مجال المعرفة، وعلى الرغم من ذلك يأتون ويقولون ‘نحن سنكون الأوائل ممن سيتعلم، نحن سنقوم بهذه الخطوة‘>>.

- وفي المرحلة الثانية، هل ستكون مستعدًا للتعلم والتماثل مع ضحية الفلسطينيين، مع النكبة مثلا..

<<لا أعرف بالنسبة للتماثل، ولكن بالتأكيد سأتعلم. لقد قرروا أنهم المتطوعون الأوائل، ولا شك لدي في أن هذه المجموعة ستتعلم بنفس الدقة والشجاعة المسألة العربية>>.

مسألة التبادلية، كما يمكن المعرفة، تحتوي على لغم. الرعب يأتون للتعلم والتماثل، وعميت مستعد، في هذه المرحلة، للتعلم فقط. من حسن الحظ أن العرب لم يشترطوا التبادلية. بار شليف: <<في هذه اللحظة ليست هناك خطة لعملية متبادلة، ولكن ربما من خلال التحرك سنكتشف أن هناك إمكانية لذلك. العرب يذهبون بشكل أحادي الجانب إلى داخل النفس والفكر اليهوديين، وهذا عطاء من دون إدارة مفاوضات ومن دون إنتظار ما سيفعله الطرف الثاني، وفي نظري فإن هذا مؤثر جدًا. لقد فهموا أنه من أجل التقرّب لليهود فإن عليهم أن يتقرّبوا من النفس اليهودية الجمعيّة وأن يفهموا بنيتها، ومن أجل فعل ذلك، يجب الذهاب إلى داخل الألم الفظيع الكامن في المحرقة>>.

نظير مجلي: <<نحن نأتي للاعتراف بضحيتكم. هل ستعترفون أنتم أيضًا بضحيتنا فيما بعد؟ إذا قلت لك إنني لم أفكر في هذا، فلن أكون صادقًا، ولكنني أحاول الهرب من هذا التفكير. أنا آتي لأخدم شعبي، وفي نفس الوقت عليّ أن أنتظر مردودًا من اليهود؟ نحن نقوم بمبادرة من أجل الشعب العربي، وأنتم إفعلوا من أجل شعبكم. غذا نجحنا في تغيير أمر ما في العلاقات بين الشعبين، نكون قد حققنا شيئًا. وإذا لم ننجح، نكون قد قمنا بشيء من أجل أنفسنا>>.

إميل شوفاني: <<نحن نترك الخيار للشارع اليهودي، في كيفية القيام بالخطوة الموازية. ليس هنا أي إشتراط، لقد حان الوقت لوضع نهاية لديالكتيك "البينغ بونغ"، الذي لم ننجح في الخروج منه منذ سنتين. أنا لا أعرف ما ستكون إجابة اليهود على هذا، وأنا لا أنتظرها أيضًا. من يود أن يأتي مع جواب - فأهلا به>>.

(هآرتس، ملحق الجمعة 7 شباط – ترجمة: "مدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات