* مصلحة الدولة تقتضي التوجه إلى انتخابات وتتطلب حكومة قادرة على التصدي للمشكلات الصعبة الماثلة أمامنا وبينها "تمرّد عرب إسرائيل"! *
استطلاعات الرأي التي تنبأ لحزب "الاتحاد الوطني" [هئيحود هليئومي] في الانتخابات البرلمانية المقبلة ما بين خمسة إلى ستة مقاعد، ليست مفاجئة لرئيس مجموعة "آحي"، عضو الكنيست إيفي ايتام، الرئيس السابق لحزب "المفدال"، الذي علل ذلك بقوله "هذه نتيجة القطيعة بين المنُتَخًبين وبين الجمهور".
في هذه الأيام، حيث بات الكنيست في الطريق إلى حله فيما تستعد الساحة السياسية الإسرائيلية لانتخابات جديدة، تقف الأحزاب والحركات المكونة لقائمة "الاتحاد الوطني- المفدال" (حزب المتدينين- الوطني "المفدال"، تكوما- النهضة، موليدت ومجموعة "آحي") على أعتاب اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستسير في طريق الوحدة الكاملة أم أن الانقسام سيكون حتمياً. عضو الكنيست إيفي ايتام، الذي أثار مؤخراً عاصفة في حزب "المفدال" بدعوته لجرد العضوية، حذر في مقابلة أجرتها معه صحيفة "هتسوفيه" من أنه إذا لم تقرر الأحزاب المذكورة قريباً السير في طريق الوحدة الكاملة، وإذا لم تتخذ أيضاً قراراً إستراتيجياً باتجاه الوحدة مع مجموعات أخرى، كالتحالف مع حزب الليكود مثلاً، فإن الانهيار سيكون حتمياً.
يقول إيتام: "أشعر بأننا إذا لم نتخذ الخطوة الصحيحة التي تمكن الحزب من الحصول في الاستطلاعات على خمسة إلى ستة مقاعد على الأقل، فسوف نخون رسالتنا الهادفة إلى خلق بديل سلطوي بالمفهوم القيمي والأمني والقانوني. هذه الرسالة ليست فقط من أجل الجمهور الديني- الوطني وإنما من أجل الدولة. إذا لم نفعل ذلك ستبقى الدولة عالقة تراوح مكانها، لأنه لا يوجد في الحقيقة فرق بين إيهود باراك وإيهود أولمرت".
وفيما يلي مقاطع مختارة من هذه المقابلة:
(*) سؤال: ولكن إذا حكمنا بناء على استطلاعات الرأي، فإن هذين [باراك وأولمرت] هما آخر من يحتاج إلى انتخابات الآن؟
- السؤال ليس إذا ما كنا نحن نريد انتخابات الآن أم لا. في نهاية المطاف مصلحة الدولة تقتضي التوجه إلى انتخابات وتتطلب حكومة قادرة على التصدي للمشكلات الصعبة الماثلة أمامنا. سنوات طوال من الإهمال والأوهام في مجال الأمن أدت بالدولة إلى وضع صعب للغاية. شاهدنا ما حدث في لبنان، وما يحدث في غزة، ونحن نرى ما يحدث مع تقدم البرنامج النووي الإيراني. ونحن نرى أيضاً تمرد عرب إسرائيل ضد الدولة، والذي يهدد بضرب سيادتنا الفعلية على أجزاء واسعة في النقب والجليل ويافا وعكا. لا أريد هنا التعميم، ولكن لا شك في أن مجمل المشكلات الناشئة مع عرب إسرائيل تتطلب سلطة قوية فعالة. لذا، لا مناص من الانتخابات. جاهزيتنا عامل مهم والحل ليس في إعاقة أو تأخير الانتخابات وإنما في حث استعدادنا.
(*) ولكن من أجل النجاح في ذلك لا بد من اتخاذ قرارات حاسمة. فهل وجدتم الصيغة المناسبة؟
- آن الأوان لتحديد الأهداف. فبعد سنوات طوال، بات يتعين على الصهيونية الدينية إيجاد هدف واضح يشكل بديلاً سلطوياً للبديل القائم حالياً. الجميع متفق على أن المصدر الوحيد، الذي يمكن أن تشتق منه الأفكار والقيم والزعامة وأدوات التنفيذ لهذا البديل المطلوب، هو المخزون الذي تباركت الصهيونية- الدينية.
(*) كل ما تقوله هو مجرد شعارات!
- أنا أتحدث عن عملية، سيرورة. عملية تربوية ودعائية من جهة، وعملية يجب أن تكتسب ملموسية سياسية من جهة أخرى. لا بد لنا من اقتراح برنامج يلبي الحاجة حتى لو استغرق ذلك عشر سنوات أو ثلاث حملات انتخابية أخرى. ينبغي الشروع بدفع هذه العملية قدماً. قبل سنة اقترحت على زملائي عملية تستند إلى ثلاثة مكونات، تخدم التوجه نحو بناء بديل سلطوي. المكون الأول فتح الصفوف، والذي يعني أن نضم إلينا مجموعات واسعة حتى لو كانت مثلنا. الثاني إعادة اختيار ممثلي الجمهور - أعضاء الكنيست- إلى الجمهور ذاته، والمكون الثالث الاتحاد من الداخل.
(*) لكنك لم تنجح طوال السنة الأخيرة في دفع خطتك هذه. فكيف تتوقع أن تنجح في تغيير الواقع في بضعة أشهر؟
- نحن نعمل من أجل توحيد الأحزاب. أنا مستعد للذهاب إلى انتخابات تمهيدية لاختيار رئيس الحزب وإشراك الجمهور في اختيار المرشحين للكنيست. فيما يتعلق بتوحيد الأحزاب (المكونة للاتحاد الوطني) هناك زحزحة عن اللا المطلقة وأنا أرحب بذلك. يوجد استعداد لتوحيد الأحزاب وحدة كاملة، وأنا موافق على الانضمام لأي إتحاد حزبي (يميني) أيا كان، طالما أنه يؤدي للذهاب إلى الانتخابات في إطار حزب موحد. علمت أن هناك استعدادا لانتخاب رئيس الحزب في انتخابات تمهيدية (برايمريز) وآمل أن تحصل زحزحة أيضاً في موضوع انتخاب أعضاء الكنيست لجهة إشراك الجمهور في هذه العملية لأن العودة إلى أسلوب "اللجنة المنظمة" ما هو إلا ذرا للرماد في عيون الجمهور.
(*) هل أنت مدرك للاستياء والغضب نحوك داخل "المفدال". يقولون إن مبادرة "آحي" أثارت مجدداً موضوع الانقسام والانشقاقات داخل صفوف الحزب؟
- تشكيل مجموعة آحي (وحدة إسرائيل) لا يخلق انقساما وهذا شيء ملموس على الأرض. هذه مجموعة طليعية تسير في مقدمة الصفوف، أو لنقل المحرك والدافع، وأنا لا أرى فيها هدفاً وإنما أداة أو وسيلة. موضوع الوحدة مهم جداً، وهناك دائرتان للوحدة يجب أن تعملا جنباً إلى جنب بالتوازي حتى لا تكون الوحدة مجرد عملية زائفة. وحدة الصهيونية الدينية مسألة مهمة، لكن الوحدة الداخلية بيننا ليست كافية لأنها ستعيدنا إلى الحصن المغلق للصهيونية الدينية لنحصل مجدداً على ستة أو سبعة مقاعد. لذا لا بد من الوحدة أيضاً طالما كان واضحاً للجميع أنها ليست الهدف وإنما وسيلة للاتحاد مع مجموعات أخرى بما يحقق لنا التعاظم سياسياً كي نطرح بديلاً سلطوياً.
(*) هل من المتوقع أن نشاهد في مثل هذه الوحدة شخصيات جديدة؟
- هذا شيء يفرضه الواقع. يكفي أن أذكر هنا شخصيات مثل الحائز على جائزة نوبل، البروفسور يسرائيل أومان، وقائد سلاح المدرعات سابقاً، الميجر جنرال (احتياط) أفيغدور كلاين والفنان دودو إلهرار وغيرهم من الأكاديميين و الضباط العسكريين، والذين نرغب بالتأكيد في رؤيتهم شركاء في قيادة الحزب.
(*) هل تريد إسرائيل دولة "هلخاه" [شريعة] توراتية؟
- مؤكد أنني أرغب بذلك ولكن هذا غير ممكن الآن، فالعلمانيون ليسوا مستعدين بعد لقبول ذلك. ولا بد أن نفهم أن مثلنا ومبادئنا في حاجة لهم، وأنه لا يمكن من دونهم. ذات مرة قلت لباراك ونتنياهو إن الفرق بيني وبينهما هو أنني تربيت في الكتيبة الثانية عشرة في لواء "جولاني" في حين تربى كلاهما في فرقة النخبة التابعة لهيئة الأركان العامة. في كتيبة جولاني ينبغي الوصول إلى الهدف مع كامل أفرادها الـ 555 جندياً، بعضهم بقدرة وكفاءة متدنية أو مع مشاكل عائلية، بينما في فرقة هيئة الأركان يمكن السير في أقصى سرعة ممكنة وسط عزل وإقصاء كل من لا يستطيع مجاراة الوتيرة. نحن أيضاً يجب أن نسير بالجميع من دون إقصاء أي واحد، وهذه مسؤوليتنا.
(*) وهل باستطاعة أولئك الناس هضم رئيس حكومة متدين؟
- لم أفحص ذلك لكنني أعتقد أنهم يهتمون اليوم بفحص القيم والمبادئ أكثر من الاهتمام بـ " الكيباه" (القبعة التي يعترهما المتدينون- الوطنيون بشكل خاص) واللحى.
(*) هل ترى نفسك مرشحاً محتملاً لزعامة الدولة؟
- أعتقد أن الحديث يدور عن سيرورة. إذا سرنا نحن، الجمهور الصهيوني- اليهودي- الوطني، في طريق بناء زعامة للدولة، فإنني لن أكون الوحيد. جزء من مسار حياتي كان مساراً موفقاً وجامعاً فأنا ابن كيبوتس "عين غيف"، خدمت في الجيش الإسرائيلي، وتعلمت في مدرسة "مركاز هراف" والآن أنا في معترك السياسة. ثمة شيء في مسار حياتي يتيح لي أن أكون توفيقياً جامعاً وموحداً. أبلغ الآن من العمر 55 عاماً وهذا سن صغير، من جهة أخرى يوجد حولي الكثير من الأشخاص المؤهلين. إذا ما نجحت في أن أكون المفتتح لعملية تتوج بأن يكون لدولة إسرائيل رئيس حكومة ووزير تعليم يستلهم وطنيته وحلمه وأفكاره من ينبوع التراث اليهودي، فسوف أرى في ذلك إنجازاً كبيراً.