من شأن قراءة في البرامج الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية الرئيسة التي ستشارك في انتخابات الكنيست الـ17، يوم الثلاثاء 28 آذار الجاري، أن تجعلنا نتوصل إلى الخلاصة التي سبق أن عبّرنا عنها كما عبّر عنها آخرون أيضًا، ومؤداها أن إسرائيل تمضي إلى هذه الانتخابات وهي أكثر تمسكًا بسياسة الضمّ والتوسع والعدوان، التي لم تكفّ عنها يومًا. أما "الرؤيا" حول حلّ "دولتين للشعبين"، التي لا ينفك البعض يروّج لرسوخها في المسلكية السياسية الإسرائيلية العامة، فتبقى في هذه البرامج لا أكثر من "ضريبة كلامية" بينما هي في الممارسة مجرّد رؤيا غائمة مغلّفة بكل ما في مقدوره أن يفضي إلى المزيد من تمكين الدولة الإسرائيلية وتعزيز أمنها، في جهة وإلى استئصال كل ما من شأنه أن يجعل الدولة الفلسطينية العتيدة دولة قادرة على الحياة، وخصوصًا موردي الأرض والحيّز، في جهة أخرى موازية ومكمّلة.
فور الاستفاقة من "الصدمة" تمثّل رد الفعل الإسرائيلي الأولي على نتائج انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، التي جرت في الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير 2006 وأسفرت عن فوز حركة "حماس" بأكثرية مقاعد المجلس، في ندب حظّ المفاوضات العاثر، من جهة وفي التلويح بالعودة إلى وضعية "انعدام الشريك"، من جهة أخرى، وذلك في تجاهل تام مقصود لحقيقة أن تلك المفاوضات ما برحت في هذه الوضعية ولم تغادرها البتة، بقرار إسرائيلي محض، منذ أن جرى صكّ هذا المصطلح بعد قمة كامب ديفيد في صيف 2000، من طرف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، الذي سلّم "قيادة الدفّة" على طبق من ذهب إلى أريئيل شارون.
قبل أن يعيّن إيهود أولمرت، يوم 16 كانون الثاني/ يناير 2006، قائمًا بأعمال رئيس حزب "كديما" (إلى الأمام)، وفور أن حلّ مكان أريئيل شارون كرئيس للوزراء الإسرائيلي بالوكالة، اعتبر المرشح الرائد ليحل محلّ شارون في هذين المنصبين بعد أن تمكّن المرض من هذا الأخير. وبإجماع المراقبين فإن لدى أولمرت المؤهلات لذلك، لديه القدرة القيادية ولديه تجربة حزبية، سياسية وأمنية. لكن ليس لديه ما كان لشارون، وهو شيء كبير. فهو غير محبوب وغير مرغوب. وعندما طلب من المشاركين في مجموعات العمل، التي انعقدت خلال الأسابيع الأخيرة في "كديما"، تحديد مشاعرهم إزاء الشخصيات الرائدة في السياسة، جاءت النتيجة كالتالي: شارون، شمعون بيريس وتسيبي ليفني في مقدمة القائمة "باعتبارهم يحظون بالتقدير والود".
تنزهت قبل أسبوعين على سفوح الأكروبوليس في أثينا، وفجأة استوقفتني لافتة كتبت عليها كلمة واحدة بأحرف يونانية: سيزيفوس. كان ذلك اسم حانة يونانية.
يبدو بأن الآلهة أرادت تذكيري، بهذه الطريقة، بالمقال الذي كتبته عنها قبل 14 سنة، تحت عنوان "لعنة الآلهة". كان البطل المأساوي في هذا المقال شخص أسميته "شمعون سيزيفوس".
سيزيفوس الأصلي كان، كما هو معروف، ملك كورنثوس. كان رجلا خاطئا، واشيا وكاذبا. لقد وشى بزيوس، كبير الآلهة، الذي تحرّش، كعادته، بحسناوات من البشر.
الصفحة 5 من 11