رغم كل تصريحات قادة السلطة الوطنية حول الاستعدادات السياسية والإعلامية الفلسطينية لمواكبة تنفيذ عملية فك الارتباط فقد هيمنت الرواية الإسرائيلية بشأنها على تقارير وسائل الاعلام العالمية حتى الآن. في وسائل الإعلام الغربية، الالكترونية والمكتوبة على حد سواء، برزت قصة اقتلاع المستوطنين من منازلهم وهم يغرقون في بحر من الدموع والانفعالات مرتدين ثوب الضحية بنجاح.
شيعت إسرائيل يوم 26/4/2005 رئيسها السابق، أحد اكبر جنرالاتها العسكريين عيزر فايتسمان الذي غيبه الموت يوم السبت عن 81 عاما قضى ثلثيها في النشاط العسكري والسياسي، وهو الذي بدأ حياته صقرا جارحا آمن بـ«أرض إسرائيل الكاملة» وأنهاها معترفاً بأن للقوة العسكرية حدوداً وأن لا خيار آخر سوى تحقيق السلام بين الدول العربية وإسرائيل يقوم على انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية التي احتلتها في العام 1967.
لعلّ المؤرخ والصحافي الإسرائيلي توم سيغف كان الأكثر إصابة للهدف حين كتب من جملة المعلقين والمحللين الذين كتبوا، وهو يخطّ رسمًا بيانيًا لما اصطلح على تسميته بـ"تركة شارون" أو "وصيته السياسية" بعد أن أضحى غيابه عن الساحة السياسية الإسرائيلية من "الأسرار المفضوحة"، يقول: لم يرَ ابن المزارعين من كفر ملال (المقصود أريئيل شارون) في الجيوش العربية خطراً أساسياً على إسرائيل: فالخطر الأكبر كان يتبدّى له من العرب المقيمين في أرض إسرائيل. وقال ذات مرة "إنني لا أكره العرب، ولكنني على وجه اليقين أؤمن عميق الإيمان بحقوقنا التاريخية على أرض إسرائيل وهذا يفاقم بشكل طبيعي من موقفي تجاه العرب". وهو يقصد عرب البلاد. لقد كانوا العدو الأساس له، مدنيين كانوا أم عسكريين، إذ لم يعتد شارون التمييز بينهم. فقد رأى في هؤلاء وأولئك خطرًا على الهوية القومية لإسرائيل ("هآرتس"، 13/1/2006).
الصفحة 7 من 11