كتب برهوم جرايسي:
اضطر وزير العدل الإسرائيلي، حاييم رامون، يوم الأحد الأخير، إلى تقديم استقالته من منصبه الوزاري، ولسحب حصانته البرلمانية طوعا تمهيدا لمحاكمته بتهمة التحرش الجنسي بشابة مجندة في الخدمة الإلزامية، عملت في مكتب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة إيهود أولمرت، في نفس اليوم الذي نفذ فيه حزب الله هجومه على فرقة عسكرية إسرائيلية، وقبل ساعة من إقرار الحكومة الإسرائيلية المقلصة قرار شن الحرب على لبنان.
نفس سيارة الانعاش التي نقلت أريئيل شارون من مزرعته في النقب إلى غرفة الإنعاش في مستشفى هداسا عين كارم في القدس، نقلت السياسة الإسرائيلية إلى حقبة جديدة، حقبة ما بعد شارون. يبدو أن البيولوجيا ستفعل ما لم تفعله الأيديولوجيا، فقد حاول الكثيرون كسر احتكار السلطة وحكم الرجل الواحد ولم يفلحوا لا في إسقاط شارون ولا في ثنيه عن قراراته التي اتخذها لوحده وفرضها من طرف واحد داخلياً وخارجياً.
لم يكن أريئيل شارون "نبتة" غريبة أو طارئة في تربة السياسة الإسرائيلية. ولعلّ أول ما يتداعى إلى الذهن الآن بعد انتهاء "عصره" أنه يمكن توكيد ذلك، لناحية دحض كل المزاعم التي انشغلت، أكثر شيء، بتسويق "صورة جديدة" لهذا الزعيم، القادم إلى السياسة من بزة الجنرال، كما الكثير من الساسة الإسرائيليين.
موت سريري وأفول جنرال، اقتراب من حافة الموت ونهاية مرحلة، صراع مع الغيبوبة لاستعادة الذاكرة لجنرال ترك جنوده في متاهة الطريق دون إنذار مسبق، يتصرف في موته كمغامر عسكري لا يراهن على أحد يحمل إرثه ومشروعه السياسي، هكذا كان شارون، لا اصدقاء في السياسة كما قال مؤخرا، لا يثق إلا في حلقة صغيرة من مخلصيه، متابع وصاحب عقلية متآمرة على خصومه، وقائد عسكري يتميز بميزات الجنرالات العسكرية في جمهوريات الموز، يتصرف على أنه من بناة «الدولة اليهودية» وصاحب البلد «سابرس»، ويتعامل معها وكأنها ملكه الشخصي، هكذا استولى على أراضي «مزرعة الجميز»
الصفحة 4 من 11