المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

في العام 2003، ولأول مرة منذ 14 عامًا، سيقل عدد العمال الأجانب في إٍسرائيل، وذلك في أعقاب الخطوات التي أتخذت مؤخرًا. وبحسب معطيات وزارة المالية، فإنه سيتم طرد حوالي 20 ألف عامل أجنبي هذه السنة؛ وسيغادر البلاد طواعية حوالي 40 ألف آخرين ممن يعملون من دون تصاريح، بالإضافة إلى الآلاف من حملة التصاريح ("القانونية") الذين سينتهي سريان تصاريحهم. أي أنه من المتوقع أن يزيد عدد العمال الأجانب الذين سيغادرون البلاد، برضاهم وبغير رضاهم، عن الـ 60 ألفًا، وهو عدد التصاريح الجديدة لتشغيل عمال أجانب.

في العام 2003، ولأول مرة منذ 14 عامًا، سيقل عدد العمال الأجانب في إٍسرائيل، وذلك في أعقاب الخطوات التي أتخذت مؤخرًا. وبحسب معطيات وزارة المالية، فإنه سيتم طرد حوالي 20 ألف عامل أجنبي هذه السنة؛ وسيغادر البلاد طواعية حوالي 40 ألف آخرين ممن يعملون من دون تصاريح، بالإضافة إلى الآلاف من حملة التصاريح ("القانونية") الذين سينتهي سريان تصاريحهم. أي أنه من المتوقع أن يزيد عدد العمال الأجانب الذين سيغادرون البلاد، برضاهم وبغير رضاهم، عن الـ 60 ألفًا، وهو عدد التصاريح الجديدة لتشغيل عمال أجانب.

والهدف المضروب لسنة 2004 هو إبعاد 100 ألف عامل أجنبي عن إسرائيل –قسم منهم سيُطرد وقسم آخر سيترك طواعية- مقابل 40 ألفًا سيأتون وفقًا للقانون. وسيقل عدد العمال الأجانب إذًا بشكل ملحوظ. ومع ذلك، وخلافًا للتصريحات العلنية، فإن رئيس الحكومة الاسرائيلية، أريئيل شارون، ووزير الزراعة، يسرائيل كاتس، هما ضد جهود الحكومة من أجل الإقلال من عدد العمال الأجانب.

حل مشكلة البطالة

حتى العام 1990 لم تكن هناك مشكلة في مسألة العمال الأجانب في إسرائيل. فقد وصل عددهم في ذلك العام، بحسب دائرة الإحصاء المركزية، إلى ما يقل عن الـ 2000 عامل. في العام 1995 ارتفع عددهم إلى 92 ألفًا، منهم 57 ألفًا مع تصاريح بحسب القانون و35 ألفًا من دون تصاريح قانونية.

وقد أدت العمليات (التفجيرية) التي وقعت في إسرائيل إلى فرض الأطواق على المناطق المحتلة. وفي أعقاب ذلك، تقلص عدد الفلسطينيين الذين عملوا في إسرائيل وزاد عدد العمال الأجانب. ففي 1998 مثلا وصل عدد العمال الأجانب إلى 163 ألفًا، ما شكّل 7% من القوى العاملة في إسرائيل. وعلت أصوات محذرة في الحكومة، وخاصةً في وزارة المالية، جراء ذلك؛ ولكن قدوم العمال الأجانب إستمر. وفي السنة السابقة شكّل العمال الأجانب 10.1% من القوى العاملة، وبالأرقام: 87.5 ألفًا "قانونيين" و172.5 ألفًا غير قانونيين، ما مجموعه: 260 ألفًا.

في العام 2003، يقترب عدد العمال الأجانب إلى 300 ألف عامل، وذلك بحسب تقدير حذر من دائرة الاحصاء المركزية. ويتضح من معطيات تنظيم الدول المتطورة (OECD) أن من بين الدول الثلاثين في التنظيم، فإن سويسرا لوحدها تسبق إسرائيل في هذا المجال، مع نسبة تصل إلى 17.5%.

وتقود وزارة المالية الحملة ضد تشغيل العمال الأجانب، وليس وزارة الرفاه والأجسام الاجتماعية كما كان متوقعًا. ومن جهة وزارة المالية فإن الحديث يدور عن عملية حسابية باردة: في إسرائيل حوالي 300 ألف عاطل عن العمل، ومقابل ذلك وكما هو مذكور، هناك حوالي 300 ألف عامل أجنبي. وإبعاد كل العمال الأجانب سيحل مشكلة البطالة في المرافق الاقتصادية.

"تشغيل الأجانب مشابه لاستخدام المخدرات- من السهل الإدمان عليه ولكن من الصعب الإنفطام منه"، تقول ياعيل أندورن - فيرموس، نائبة رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية والمسؤولة عن الوزارات الاجتماعية في الحكومة في حديث لصحيفة "هآرتس" ((29/9). وبحسب أقوالها، فإن قياديي المرافق الاقتصادية يسمحون بدخول العمال الأجانب العاملين في مهن مثل التمريض والزراعة والبناء والصناعة، والتي ينافسون فيها العمال القادمين من الشرائح الضعيفة (الأعشار المنخفضة) في المجتمع الاسرائيلي. وأجورهم الشهرية، من 700 إلى 800 دولار، أقل بالمفاهيم الاسرائيلية ولكنها عالية جدًا في الدول التي يأتون منها. وقد إندمج العمال الأجانب في هذه المهن وأدوا إلى إنخفاض في الأجور فيها. وقد اضطر الاسرائيليون الذين استمروا في العمل في هذه المهن ورفضوا تخفيض أجورهم، إلى ترك أماكن عملهم. وتشدد أندورن - فيرموس على أن تطبيق قانون الحد الأدنى للأجور في المرافق تقريبًا غير موجود؛ ونتيجة لذلك، وعلى سبيل المثال، فقد أخرج العمال الأجانب 20 ألف "عربي إسرائيلي" من فرع البناء.

وقد اعتادت المرافق الاقتصادية على العمال الأجانب. وبالمقابل، تطورت سياسة "مخصصات سخية" يدفعها التأمين الوطني. وبكلمات أخرى- قام إٍسرائيليون من الأعشار الدنيوية بترك أماكن عملهم وبدأوا بالحصول على المخصصات، واستولى الأجانب على الأماكن الشاغرة.

وبالإضافة، تذكر أندورن - فيرموس أن أجسامًا إقتصادية عظيمة التأثير تقف من وراء إستيراد العمال الأجانب. وعدد منهم يتبع طرقًا مشكوك في قانونيتها. "الحديث هو عن مصلحة تجارية مربحة"، تقول.

"إهتممنا بأن يكون الطرد إنسانيًا"

قبل حوالي السنتين، وفي ضوء الارتفاع الكبير في عدد العمال الأجانب، وسوية مع توسع رقعة البطالة، اتخذت الحكومة الاسرائيلية خطوات جارفة. وبحسب أقوال كوبي هابر، نائب رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية والمسؤول عن الوزارات الأمنية في الحكومة، في حديث لصحيفة "هآرتس" (29/9) فإن المعركة اشتدت في السنة الأخيرة. وخصصت وزارة المالية لهذا الموضوع 200 مليون شيكل.

"يدل تحليلنا على أنه يجب بداية المسّ بالطلب وليس بالعرض، لأن العرض لا نهائي؛ ولذلك يجب العمل مقابل المشغلين"، يوضح هابر. وهكذا، تضخمت الغرامات المفروضة على المُشغلين، بالاضافة إلى تدعيم الجهاز القضائي.

قسم آخر في الميزانية مُوجّه إلى الدعاية، وذلك لتجنيد الجمهور الواسع ومتخذي القرارات للمعركة. وخُصصت مبالغ طائلة لبناء مراكز احتجاز للعمال الأجانب قبل طردهم. كما استأجرت الحكومة، وبهدف الطرد، قاعة كبيرة في مطار اللد (بن غوريون). "قمنا بكل ما يلزم لكي يكون الطرد إنسانيًا"، يقول هابر.وحصلت الشرطة على ميزانية محترمة. هابر: "عملت الشرطة في الساحة الخلفية الأكثر تعفنًا في المجتمع الاسرائيلي. فقد قامت شركات القوى العاملة، إن لم يكن جميعها فمعظمها، بالغش والتزييف. وقد اكتشفنا موظفين حكوميين فسدوا. لقد كنا على شفا الاتجار بالعبيد".

هابر يضيف: "وعوضًا عن أن الطرد سيُخلي أماكن عمل لعمال إسرائيليين، فإننا أدركنا أن الدولة وصلت إلى لحظة مصيرية. 12% من القوى العاملة في الدولة هي أجنبية؛ ربع سكان منطقة تل أبيب هم أغراب. لقد حان الوقت للتوقف، للتفكير ولتغيير الاتجاه، إذا كنا نود العيش في دولة يهودية".

وتدلل أندورن- فيرموس على ثلاثة مستويات يتم العمل فيها ضد العمال الأجانب في مجال تطبيق القانون: زيادة تكلفة تشغيلهم عن طريق فرض ضريبة الدخل على مشغليهم عن كل شيكل يتقاضونه؛ تشديد العقاب ضد العمال غير القانونيين ومشغليهم؛ "إغلاق السماء" أمام إستيراد العمال الأجانب.

وبحسب أقوالها، فإن المنعطف في مجال تطبيق القانون بدأ مع إقامة مديرية الهجرة، التابعة لوزارة الأمن الداخلي. وقد ركزت الوحدة، التي أقامها الضابط يعقوب غنوت ويرئسها اليوم برطي أوحيون، ركّزت نشاط تطبيق القانون على المتواجدين غير القانونيين. وخلال سنة، أبعدت الوحدة عن إسرائيل حوالي 60 ألف كهؤلاء؛ غالبيتهم غادروا طواعية، بعد ذياع صيت الوحدة الجديدة.

واليوم، تتركّز الوحدة في العمال الأجانب المُشغلين في المرافق البيتية. وبحسب القانون، فإن تشغيل عمال أجانب في المرافق البيتية ممنوع. ويعتقدون في وزارة المالية أن بوسع النساء الاسرائيليات ذوات الثقافة المنخفضة ملء مكان العمال الأجانب في هذا المجال.

لن تُرفع الضريبة في الزراعة

تعمل وزارة المالية حاليًا على تغيير طريقة إستيراد العمال الأجانب. وفي هذه الأيام، تعمل لجنة حكومية وزارية على بلورة النُظم الجديدة. وكما يبدو، وبحسب هذه النُظم الجديدة، ستضطر شركات القوى العاملة للاشتراك في عطاءات لجلب عمال أجانب إلى إسرائيل، وذلك من خلال إستيفاء النُظم التي ستمكن من سريان نشاط منظم وإنساني. وسيتوجه المشغلون إلى الشركات التي ستفوز بالعطاءات.

بالاضافة، وفي إطار ميزانية العام 2004، فإن وزارة المالية تقترح رفع الرسوم المجبية على تشغيل عمال أجانب من 8% من مجمل مدخولات العمال إلى 20% في العام 2004 وحتى 40% في العام 2008. وتقترح الوزارة أيضًا تقليص عدد التصاريح لجلب العمال من 61 ألفًا في العام 2003 إلى 41 ألفًا في العام 2004. وفي مجال التمريض (العناية بالمسنين وما شابه- المحرر) فسيتم التشديد على المعايير المضروبة على تشغيل أجانب، قريبًا.

ولكن، هناك من يقوم بخطوات ضد مجهود وزارة المالية. فجلستا الحكومة في 15 و16 أيلول الجاري خُصصتا لبحث ميزانية العام 2004. وتم الاتفاق فيهما، بوحي من رئيس الحكومة ووزير الزراعة، على عدم رفع الضريبة في فرع الزراعة إلى 20%، بل إلى 10% فقط في العام 2004، وأيضًا في السنوات التي ستليها. ومقابل ذلك، فإن الضريبة المفروضة على مجالي البناء والصناعة سترتفع بالتدريج حتى تصل إلى 40%. وخلافًا لمقترحات المالية، فإن عدد العمال الأجانب في الزراعة للعام 2004 لن يُقلّص.

هذه هي البداية فقط. ولعدد من أعضاء اللجنة المالية في الكنيست مصالح في مجال العمال الأجانب. وعندما تُطرح المقترحات للتصديق عليها، فسيحاولون هم أيضًا الإقلال من التقليصات في عدد العمال الأجانب.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات