المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

صعدت نقابة العمال العامة في اسرائيل (الهستدروت)، الخميس (15/5)، من حدة الاجراءات التي تنفذها في المرافق الاقتصادية والخدماتية العامة في البلاد، فوسعت دائرة الاضرابات لنضم اليها، مجددا، سوق الأسهم المالية (البورصة) وجميع البنوك التجارية في البلاد، علاوة على حركة الملاحة الجوية في مطار "بن غوريون" (اللد) الدولي، حيث تم وقف هذه الحركة، كليا. ويأتي هذا التصعيد اضافة الى استمرار الاضراب في جهاز التعليم، وفي جهاز الصحة الحكومي (المستشفيات وعيادات الأم والطفل وغيرها) وصناديق المرضى وسلطة البريد ومصلحة الاستخام والتشغيل ومؤسسة "التأمين الوطني" وغيرها من المؤسسات والشركات الحكومية (شركة الكهرباء وشركة "بيزك" للاتصالات)، اضافة الى الوزارات الحكومية المختلفة وجميع السلطات المحلية البالغ عددها 265 سلطة محلية.

صعدت نقابة العمال العامة في اسرائيل (الهستدروت)، الخميس (15/5)، من حدة الاجراءات التي تنفذها في المرافق الاقتصادية والخدماتية العامة في البلاد، فوسعت دائرة الاضرابات لنضم اليها، مجددا، سوق الأسهم المالية (البورصة) وجميع البنوك التجارية في البلاد، علاوة على حركة الملاحة الجوية في مطار "بن غوريون" (اللد) الدولي، حيث تم وقف هذه الحركة، كليا. ويأتي هذا التصعيد اضافة الى استمرار الاضراب في جهاز التعليم، وفي جهاز الصحة الحكومي (المستشفيات وعيادات الأم والطفل وغيرها) وصناديق المرضى وسلطة البريد ومصلحة الاستخام والتشغيل ومؤسسة "التأمين الوطني" وغيرها من المؤسسات والشركات الحكومية (شركة الكهرباء وشركة "بيزك" للاتصالات)، اضافة الى الوزارات الحكومية المختلفة وجميع السلطات المحلية البالغ عددها 265 سلطة محلية.
وسوغت الهستدروت قرارها التصعيدي هذا بما وصفته بـ "المماطلة والتسويف في محاولة لكسب الوقت" من جانب الحكومة، في المفاوضات التي لا تزال تجرى بين الهستدروت من جهة، وبين وزارة المالية من الجهة الأخرى.

وكانت الهستدروت قد عادت الى اعلان الاضراب العام والشامل، تقريبا، في مختلف المرافق العامة، الاقتصادية والتجارية والخدماتية، بعد ان علقته لبضعة ايام، عشية وخلال ذكرى اعلان استقلال دولة اسرائيل، وذلك ردًا على اصرار الحكومة المضي قدمًا في برنامجها لاقرار الخطة الاقتصادية الحكومية الجديدة، كما كانت قد رسمته من قبل.

وقد عاد الطرفان الى مائدة المفاوضات، بعد تعليق الاضراب لبضعة ايام، لكن الجولات الماراثونية المتواصلة منها لم توصل، حتى الآن، الى تسوية متفق عليها لاجراء تعديلات جدية في الخطة وحزمة التقليصات التي تتضمنها، مقابل انهاء الاضرابات والاجراءات الاحتجاجية كافة.

وكان اللقاء الأخير بين رئيس الهستدروت، عمير بيرتس، ووزير المالية، بنيامين نتنياهو، قد انتهى ظهيرة الخميس (15 /5) وسبقته، ليلة الاربعاء - الخميس، جولة مفاوضات استمرت نحو ثماني ساعات، دون احراز تقدم جدي في القضايا الخلافية الجوهرية، الأمر الذي دفع الهستدروت الى اتخاذ قرار التصعيد.

وتمحورت المفاوضات بين بيرتس ونتنياهو، بمشاركة الوزير بلا وزارة في وزارة المالية، مئير شطريت، بشكل خاص، حول شروط التقاعد للعاملين في القطاع العام. كما لا يزال الخلاف شديدا بين الطرفين حول الأجور في القطاع العام، اذ اعلنت الهستدروت استعدادها لخفض الأجور بنسبة 4% لمدة سنة واحدة، بينما تصر وزارة المالية على ان يكون التخفيض بنسبة 6% لمدة ثلاث سنوات. اما في ما يتعلق بفصل العمال من القطاع العام، فيبدو ان ثمة اتفاقا بين الطرفين يقضي بـ "التخلص" من 3000 مستخدم، إما بواسطة استقالات طوعية وإما بواسطة الخروج الى التقاعد المبكر.

شارون: سنقر الخطة، وفق الجدول الزمني المحدد

وفي الوقت الذي كان "طاقم قيادة النضال" في الهستدروت يبحث الاجراءات الواجب اتخاذها حيال تعنت وزارة المالية في المفاوضات، اعلن رئيس الحكومة، ارئيل شارون، ان حكومته ستطرح خطتها الاقتصادية على الكنيست يوم الخميس القادم، لإقرارها بالقراءتين الثانية والثالثة. واشتم من اعلان شارون هذا تهديد مبطن للهستدروت بأنه لم يعد امامها سوى اقل من اسبوع لانهاء المفاوضات ومحاولة تخفيف ما تنطوي عليه الخطة الاقتصادية من ضربات للعاملين في القطاع العام ولفئات واسعة جدا في المجتمع الاسرائيلي.

كما اعلن شارون، في المناسبة ذاتها ايضا، دعمه تأييده التامين لوزير ماليته، بنيامين نتنياهو، في المفاوضات التي يجريها مع الهستدروت وقادتها.

ويبدو ان شارون اراد بتصريحاته هذه، وفي خطوة محسوبة، وضع الهستدروت وقادتها في الزاوية، من حيث تضييق فسحة المناورة المتاحة امامها الى الحد الأدنى واضطرارها الى التوصل الى اتفاق وتسوية مع المالية قبل ان يصبح الوقت متأخرا. ذلك ان اقرار قانون الخطة الاقتصادية، بالقراءتين الثانية والثالثة، في الكنيست (وهو امر مضمون للحكومة من حيث تتمتع بالأغلبية البرلمانية المطلوبة) ستفقد الهستدروت واللجان النقابية المختلفة جل قدرتها على التأثير والتغيير.

"الليكود" يحاول تصديع جبهة النقابات المهنية، من الداخل

ويتزامن هذا التطور، الذي قد يكون الحاسم في المفاوضات بين الهستدروت ووزارة المالية، مع علامات تصدع بدأت تظهر، جليا، في جبهة اللجان العمالية والنقابات المهنية، التي تشكل عماد الهستدروت الأساسي ومصدر قوتها الرئيسي.

وكان التعبير الأوضح لهذا التصدع النداء العلني الذي وجهته "نقابة العمال الوطنية" الى "نقابة العمال العامة" داعية اياها الى وقف الاضرابات في الموانىء البحرية وفي سلطة الجمارك. وقال مدير عام "نقابة العمال الوطنية"، يتسحاق روسو، في رسالة علنية وجهها الى بيرتس: "وافقنا، كل الوقت، على ضرورة شن نضال عمالي من اجل اجهاض محاولات وزارة المالية إماتة الاتفاقيات الجماعية الموقعة في القطاع العام، لكن الهستدروت العامة تتصرف بشكل انفرادي، دون مشاركة النقابات المهنية الاخرى".

واضاف روسو: "الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الاسرائيلي جراء شل حركة الموانىء، البحرية والجوية، ستسبب اضرارا جسيمة للقطاع الخاص، وخاصة في فرعي الصناعة والسياحة، مما سيؤدي بالطبع الى فصل مئات، بل ربما آلاف العمال، وهو ما لا يمكن ان يكون بين اهداف الاضراب وغاياته".

يذكر ان روسو هو مدير عام النقابة التي يقف على رأسها عضو الكنيست ابراهام هيرشزون (من حزب "الليكود") والذي يتولى، ايضا، رئاسة لجنة المالية في الكنيست، المسؤولة المباشرة عن الجانب الاجرائي في اقرار قانون الخطة الاقتصادية.

النمو الاقتصادي لا يزال بعيدا

في هذا الوقت بالذات، ورغم الاضراب في القطاع العام، اصدرت دائرة الاحصاء المركزية (الحكومية)، الاربعاء (14/5) تلخيصا حول الوضع الاقتصادي في اسرائيل خلال الربع الاول من العام الجاري، تبين منه ان الفترة المذكورة شهدت نموا اقتصاديا بلغت نسبته 2،5 % بالقيمة السنوية.

وتعليقا على هذه المعطيات رأى المحرر الاقتصادي في صحيفة "هآرتس"، نحميا شطرسلر، انها تشكل "اشارة واحدة ايجابية، لكن ليست دليلا على نمو اقتصادي"، لأنها (المعطيات) تتطرق الى محركين اثنين للنمو الاقتصادي: الاول، هو مجال التصدير، والثاني هو النفقات العامة (مصروفات الدولة). المحرك الأول ـ كما يقول شطرسلر ـ لا يشكل اية مفاجأة في كون وضعه وتأثيره جيدين، لأن قطاع الانتاج يلجأ الى الأسواق العالمية دائما في اوضاع الركود الاقتصادي المحلي وهبوط الطلب المحلي على المنتوجات المحلية، مما يعطي دفعة قوية لسوق التصدير. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، لأن تآكل الأجور في القطاع العام وارتفاع سعر الدولار يؤديان الى زيادة ارباح التصدير، مما يزيد حجمه في تأثير دائري. وهذا ما يفسر المعطيات التي اوردتها دائرة الاحصاء المركزية حول زيادة الصادرات في الربع الاول من العام الجاري بنسبة 5،5 %.

اما المحرك الثاني - النفقات العامة - فهي، برأي شترسلر، في حالة سيئة جدا. ذلك ان الحكومة (وزارة المالية) تلجأ الى اظهار "انخفاضها" بصورة مصطنعة، عن طريق تأجيل مدفوعات مختلفة مستحقة عليها. وهذا ما فعلته وزارة المالية بغية "تحقيق" هدفها بأن لا يتجاوز العجز في ميزانيتها، في نهاية العام 2002، نسبة 4%. ولكن مع بداية العام التالي، 2003، فتحت ابواب خزائنها ودفعت مليارات الشواقل المستحقة، بل وزادت عدد العاملين في القطاع العام عشية انتخابات الكنيست الأخيرة؛ وهكذا خلقت وزارة المالية "نموا" اقتصاديا، لأن هذا يقاس تبعا للمصروفات الحقيقية التي تنفقها الحكومة على الرواتب والمشتريات.

وأكد شطرسلر ان "هذه طريقة سهلة لتحقيق "نمو" اقتصادي، بواسطة رفع الأجور، زيادة عدد العاملين والتبذير في مجالات اخرى. لكنها طريقة سلبية ، لأنها تخنق القطاع الخاص وتعرقل نشاطه. هذه الطريقة لا ترفع مستوى الحياة، بل تشده الى الأسفل، جراء عدم نجاعة القطاع العام".

وخلص شطرسلر الى القول: "من اجل السير في طريق النمو الحقيقي والسريع، ينبغي ان يمر الاقتصاد الاسرائيلي بثورتين اثنتين ـ واحدة صغيرة والأخرى كبيرة. اما الصغيرة فهي انهاء الاضراب باتفاق وتنفيذ الخطة الاقتصادية؛ وأما الكبيرة فهي انهاء المواجهة المسلحة مع الفلسطينيين. فلا أحد يتوقع، جديا، رؤية طوابير من السياح والمستثمرين يتدفقون الى البلاد، طالما بقيت المدافع تدوي".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات