المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 1353

يبدو أن التطورات الأخيرة في المنطقة، وخصوصا التهدئة في قطاع غزة التي دخلت إلى حيّز التنفيذ صباح اليوم، الخميس – 19.6.2008، وقرب تنفيذ صفقة تبادل أسرى مع حزب الله، تنفح الحياة في حكومة إيهود أولمرت. فقد صرفت هذه الأحداث والتطورات الأنظار، قليلا، عن قضية التحقيق ضد أولمرت بشبهة حصوله على رشى مالية من المليونير الأميركي اليهودي موريس تالانسكي. وبالإمكان القول إن حكومة أولمرت مستقرة حاليا، بمفهوم معين، أي لبضعة شهور قليلة، في هذه الأثناء. رغم ذلك، فإن النفوس الساعية للإطاحة بأولمرت، مثل وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ووزير الدفاع، إيهود باراك، ما زالت مستمرة في سعيها لتحقيق ذلك.

 

 

ويهدد حكومة أولمرت الآن مشروع قانون حل الكنيست، الذي يعتزم حزب الليكود المعارض طرحه للتصويت بالقراءة الأولى الأسبوع المقبل. وأشارت صحيفة هآرتس، اليوم، إلى أن توازن القوى الحالي في الكنيست لا يؤكد إقراره في الكنيست. وبحسب الصحيفة فإن 46 عضو كنيست يعارضون مشروع القانون، وهم نواب أحزاب كديما (29 نائبا) والمتقاعدين (4) وحزب "العدل للمسنين" الذي انشق عن المتقاعدين (3) والأحزاب العربية (10). وفي المقابل هناك 50 نائبا يؤيدون مشروع القانون من أحزاب المعارضة، وهي الليكود (12) و"إسرائيل بيتنا (11) و"الوحدة الوطنية- المفدال" (9) ويهدوت هتوراة (6) إضافة إلى حزب شاس الشريك في التحالف الحكومي وعدد نوابه 12. وهناك النواب المتأرجحون من حزبي العمل (19) وميرتس (5). ولا يزال نواب حزب العمل منقسمين فيما بينهم حول التصويت ضد مشروع قانون حل الكنيست أو تأييده. كذلك الوضع في حزب ميرتس.

 

ورغم أن رئيس حزب العمل، ايهود باراك، كرر في الآونة الأخيرة تهديده بتأييد حل الكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة، إلا أنه تعمد في كل مرة أطلق فيها تهديدا كهذا أن يترك إمكانية للتراجع عنه، تتمثل بأن ينفذ حزب كديما خطوات لاستبدال أولمرت في رئاسة الحكومة من خلال انتخاب خلف له في رئاسة الحزب، ليقوم بدوره بتشكيل حكومة جديدة من دون حل الكنيست. وفي هذا السياق يتوجب الإشارة إلى أمرين: الأول هو أن كديما بدأ فعلا إجراءات لانتخاب رئيس للحزب وتنظيم عملية الانتخابات التمهيدية الداخلية (وأولمرت أعلن أنه سيرشح نفسه)، والأمر الثاني هو إجماع كافة المحللين والمراقبين والسياسيين على أن باراك لا يريد، في الحقيقة، خوض انتخابات مبكرة في هذه الفترة. ولهذا فإن ثمة احتمالا كبيرا بأن يقرر حزب العمل معارضة حل الكنيست، الأسبوع المقبل، أو امتناع عدد من نوابه، خصوصا الوزراء، عن التصويت. وأشارت صحيفة معاريف (الأحد – 17.6.2008)، إلى أن ما بين ثمانية إلى عشرة نواب في العمل من أصل 19 يعارضون حل الكنيست. وتشير التوقعات إلى أن مركز الحزب هو الذي سيقرر شكل تصويت النواب، وهناك توجد أغلبية تعارض التوجه لانتخابات مبكرة، لذلك يُرجح أن يعارض العمل مشروع قانون حل الكنيست. كذلك يتوقع أن يتخذ حزب ميرتس، في نهاية المطاف، قرارا يعارض حل الكنيست.

 

من جهة أخرى، في حال صادق الكنيست على مشروع القانون بالقراءة الأولى، الأسبوع المقبل، فإنه ستتم إحالته إلى لجنة الكنيست، التي يرأسها النائب دافيد طال من حزب كديما، أو إلى لجنة القانون والدستور التي يرأسها النائب مناحيم بن ساسون وهو من حزب كديما أيضا ومقرب من أولمرت. ونقلت هآرتس، اليوم، عن طال قوله إنه "من الجائز جدا أنه إذا لم أرغب بحل الكنيست أن أبحث في مشروع القانون هذا في الدورة المقبلة"، أي ليس في الدورة الحالية وإنما بعد عطلة الكنيست الصيفية وفي الدورة الشتوية. ومن جانبه قال بن ساسون إن "مشروع القانون سيحصل عندي (في لجنة القانون والدستور) على أفضلية أولى. وإذا قرر أغلبية النواب أنهم يريدون حل الكنيست، عندها لا ينبغي وقف ذلك". لكن بعد أن اطلع على موقف طال أشار بن ساسون إلى أنه سيكون بالإمكان معرفة مدى رغبة الكنيست بأن يحل نفسه من خلال اللجنة التي سيتم توجيه مشروع القانون إليها في حال تمت المصادقة عليه بالقراءة الأولى. رغم ذلك فإنه من الجائز جدا أن يقرر حزب الليكود، أو غيره، عدم طرح مشروع قانون حل الكنيست الأسبوع المقبل. لأنه في حال سقط مشروع القانون فإنه لن يتسنى طرحه مجددا إلا بعد ستة شهور.

 

وفي غضون ذلك، ما زال التوتر يسود العلاقات بين أولمرت وباراك. وهذه المرة بسبب التهدئة، وشكل اتخاذ إسرائيل لقرار الموافقة على التهدئة في قطاع غزة. وأفادت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة يديعوت أحرونوت، سيما كدمون، اليوم، أن أولمرت وباراك يؤيدان التهدئة، لكن باراك طلب أن يتخذ القرار هو وأولمرت وليفني لا المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت). وبرر باراك مطلبه بالتحسب من وجود أغلبية في الكابينيت تعارض التهدئة. لكن أولمرت عارض ذلك وأصر أن يقرر الكابينيت في الموضوع. وفي موازاة ذلك عمل على تجنيد أغلبية بين الوزراء الأعضاء في الكابينيت لتأييد التهدئة. وقالت كدمون إن المسؤولين في مكتب أولمرت غاضبون جدا على تصرفات باراك، وخصوصا إظهار نفسه كمن كان المؤيد للتهدئة وأن أولمرت لا يؤيدها، وذلك من خلال اتصالات أجراها مع كبار الصحافيين. وأشاروا في هذا السياق إلى أنّ باراك، وبعد أن عقد مؤتمر صحافيا دعا فيه أولمرت للتنحي عن منصبه بعد إفادة تالانسكي ضده، هاتف أولمرت وحثه على الصمود وقال له "كن قويا" لمواجهة وضعه الصعب.          

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات