المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بعد تفجيرات الدار البيضاء من الاسبوع الماضي، عادت قضية يهود المغرب الى العناوين الرئيسية في اسرائيل اساساً، حيث لا يزال حوالي 3،000 يهودي يعيشون هناك، غالبيتهم الساحقة في مدينة الدار البيضاء (كازابلانكا)، الشريان الاقتصادي - التجاري - المالي في الدولة. هذا العدد يعادل 1% فقط من عدد اليهود الذين كانوا يعيشون في المغرب حتى سنوات الستين. ومع ذلك، فالحديث هنا هو عن الجالية اليهودية الأقوى - من حيث ثرائها وعلاقاتها مع النظام - في العالم الاسلامي.


عندما ورث العرش عن ابيه، الحسن الثاني، في العام 1999، التقى الملك محمد السادس مع رؤساء الجالية اليهودية وطمأنهم، مبددًا مخاوفهم من حصول أي تغيير في التوجهات او السياسة. "ليس لدى اليهود ما يثير قلقهم"، قال لهم الملك الجديد. "انني عاقد العزم على مواصلة السير على طريق جدي الملك محمد الخامس، ووالدي الملك الحسن الثاني. اليهود هم مواطنون مغربيون كاملون وعليهم ان يشعروا بأنهم يعيشون في دولتهم".

وفرت الانتفاضة للمغربيين فرصة ثمينة لاظهار وابراز تأييدهم للفلسطينيين وتعاطفهم معهم. في احدى المظاهرات تلك، سار اكثر من مليون ونصف المليون مغربي في شوارع الرباط مطالبين بقطع العلاقات مع اسرائيل.

وقد ترددت فيها، للمرة الأولى، شعارات مثل "الموت لليهود"، و "ايها اليهود ارحلوا عن المغرب". واثارت تلك المظاهرات لدى اليهود مخاوف كبيرة، وتم قطع العلاقات الرسمية بين الدولتين، كما تضررت العلاقات الاقتصادية والتجارية.

خلال السنة الأخيرة، حصل تطبيع للعلاقات بين الدولتين. الدليل على ذلك هو عودة السياح الاسرائيليين الى المغرب. في السابق كان نحو 100 ألف اسرائيلي يتدفقون على المغرب سنويا، غالبيتهم من المهاجرين من المغرب الذين كانوا يستغلون تلك الزيارات لزيارة اضرحة أقربائهم الذين بقوا هناك، وزيارة أضرحة "الصديقين" اليهود المنتشرة في طول البلاد وعرضها. وحسب التقديرات التي نشرت في وسائل الاعلام، فقد زار المغرب في السنة الأخيرة نحو عشرة آلاف اسرائيلي.

"تقديراتي أن هذه العمليات الأخيرة ستؤدي الى زيادة كبيرة في عدد اليهود الذين سيرحلون عن المغرب هذه السنة"، قال لـ "هآرتس" (18/5) رجل الأعمال روبير أسرف، من رؤساء الجالية اليهودية في المغرب والمستشار السابق للملك الحسن الثاني. "الاسلاميون الأصوليون في الدولة لا يميزون، اطلاقا، بين يهودي واسرائيلي - كلهم، بالنسبة اليهم، صهيونيون. هنالك من بين رؤساء الجالية من يعلنون انهم ليسوا صهيونيين، لكن هذا لا يترك أي اثر لدى الأوساط الاسلامية".

رئيس الفدرالية العالمية لليهود المغاربة، سام بن شطريت، لا يثيره النداء الذي وجهته وزيرة الاستيعاب الاسرائيلية، تسيبي ليفني، الى رؤساء الجالية اليهودية في المغرب للعمل الحثيث من اجل تشجيع هجرة اليهود الذين لا يزالون يعيشون هناك. وهو يقول "انهم يجلسون هناك على قدر اللحم. وحتى ان كان هنالك من يريد الهجرة، فانهم يحاولون اقناعه بالعدول عن رأيه ونيته هذه والبقاء هناك".

غالبية ابناء الجالية اليهودية في المغرب يسكنون في الأحياء الغنية في المدينة، والقائمة على شاطىء البحر، ليس بعيدا عن القصر الملكي. في هذه المنطقة، المسماة "لا كورنيش"، مئات النوادي الليلية والمطاعم التي تجتذب اليها عشرات الاف السياح والمواطنين المغربيين الأثرياء.

ومع ذلك، فقد ارسل اليهود الذين بقوا في المغرب ابناءهم، منذ زمن، اما الى اسرائيل او الى فرنسا. اليوم، ليس هنالك شباب يهود يعيشون في المغرب، تقريبا. فور انهائهم مرحلة الدراسة الثانوية، ينفصل الأبناء عن والديهم لمواصلة تحصيلهم الدراسي في خارج وطنهم. عمليا، يكون السفر باتجاه واحد، من غير رجعة.

وتشير التقديرات الى ان الجالية اليهودية في المغرب قد تتلاشى في غضون عقدين ـ ثلاثة عقود.

"بوتيرة الهجرة الحالية لدى الشباب، من الشكوك فيه ان يبقى يهود في المغرب، حتى بعد عشر سنوات"، قال سيمون ليفي، مدير المتحف اليهودي في الدار البيضاء.

"يؤلمني كثيرا مجرد التفكير بأن الجالية اليهودية ستختفي من خارطة المغرب في غضون بضع سنوات، بعد آلاف السنين من العيش في هذه البلاد".

العلاقات مع اسرائيل فترت منذ 1999

مع وفاة ملك المغرب، الحسن الثاني، في العام 1999، اختتمت اسرائيل عشرات السنين من التعاون الاستخباري والدبلوماسي بين الدولتين، والذي أتاح - من جملة ما أتاحه - هجرة اليهود المغاربة الى اسرائيل. تولي ابنه، محمد السادس، مقاليد الحكم من بعده، واندلاع الانتفاضة، جسَّدا الفتور في العلاقات بين المغرب واسرائيل. في تشرين الأول / اكتوبر 2000 أعلنت المغرب، سوية مع تونس وسلطنة عمان، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل.

في القدس الغربية يدعون بأن المغربيين يعربون اليوم، في احاديث مغلقة، عن اسفهم وندمهم على قرار قطع العلاقات الرسمية مع اسرائيل. وعلى أي حال، لا تزال العلاقات الدبلوماسية غير الرسمية قائمة بين الدولتين.

وقرر الملك الشاب تركيز اهتمامه على القضايا الداخلية، مثل تحسين حقوق الانسان، وخفض مستوى المشاركة المغربية في العملية السياسية.

في ايلول 1999، رفضت المغرب استقبال رئيس الحكومة آنذاك، ايهود براك، في زيارة سياسية قصيرة.

كذلك لجنة القدس، التي تتولى المغرب رئاستها، فقدت من اهميتها خلال السنوات الأربع الأخيرة، ولم تجتمع الا مرة واحدة، وعلى مستوى موظفين ثانويين.

في السنوات الأخيرة، اعتمد الملك محمد السادس جملة من الاجراءات الرامية الى اظهار انفتاحه، اكثر من والده. فقد استبدل وزير الداخلية القوي، ادريس البصري، وسمح بعودة ابناء عائلة زعيم المعارضة السابق مهدي بن بركة (الذي اغتاله مبعوثو والده في العام 1965) الى البلاد، وقرر منح التعويضات لعائلات ضحايا النظام.

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات