المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

(تنويه: آثرنا ترجمة هذه المادة عن العبرية كونها تروي، وإن بلغة "المصطلح الإشكالي" بالنسبة لنا كقراء عرب وفلسطينيين، محاولات اليهودية المتواصلة للحفر تحت اسس قبة الصخرة في الحرم القدسي الشريف. في هذه المادة يطالع القارىء بعض جوانب البحث اليهودي المحموم عن "خزانة العهد" التي يزعمون انها موجودة في مكان ما تحت الحرم الشريف. سجلوا أمامكم! – "المشهد")


رجال الاطفاء الذين استقلوا سيارتَي الاطفاء اللتين كانتا مسافرتين باتجاه "حائط المبكى" (حائط البراق) في 28 تموز 1981 كانوا لا يزالون يتلهون بتكهنات حول المهمة التي القيت على عاتقهم، حين صدرت اليهم الأوامر، بغتة، بالعودة على أعقابهم. الشخص الذي استدعى خدمات الاطفاء كان الحاخام يهودا مئير غتس، حاخام "حائط المبكى"، وهو نفسه الذي سارع الى الغاء الاستدعاء.

غتس فعل ذلك حين تبين له ان جميع رجال الاطفاء القادمين الى "الحائط" هم عرب. خاف من افتضاح نيته الحفر تحت اسس بناية قبة الصخرة من اجل الوصول الى موقع "قدس الأقداس" واكتشاف المخبأ الذي خبئت فيه "ادوات المقدس". كان دور رجال الاطفاء ثانويًا في هذه المهمة: انتشال مئات الامتار المكعبة من المياه الموحلة من نفق كبير جدًا حفر في الصخرة باتجاه الشرق. غتس وموظفو وزارة الأديان اقتحموا النفق سرًا، بينما كان يجري العمل في كشف حائط المبكى، بكامل طوله.

لم يصمد سرّ الحاخام غتس سوى اسابيع معدودة فقط. فقد وقع صدام عنيف في النفق. بعض المسلمين اكتشفوا الثغرة التي فتحت فيه فتسلل العشرات منهم من خلال الفتحات الثابتة في ساحة "الجبل"، الى النفق المتاخم لساحة "حائط المبكى". غتس وطلاب المدرسة الدينية (يشيفاه) الذين تم استدعاؤهم الى المكان على عجل، هبّوا لصدّ رجال الاوقاف، بأجسادهم. في ختام يوم عاصف، احتل فيها جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف - المحرر) مركز الاهتمام العالمي، امر رئيس الحكومة آنذاك، مناحيم بيغن، ووزير الشرطة يوسف بورغ، والمفتش العام للشرطة شلومو افتسان، بإعادة سدّ الفتحة التي اختُرقت باتجاه الشرق.

كانت تلك هي المرة الوحيدة منذ العام 1967 التي حاولت فيها سلطة رسمية، او موظفو دولة، الاقتحام نحو الشرق، تحت "جبل الهيكل" (الحرم القدسي الشريف - المحرر). رسمياً، نشر آنذاك ان النفق الكبير الذي وصل الى ما تحت قبة الصخرة، تم اكتشافه صدفة خلال كوّة للخزانة المقدسة (التي حفظت فيها "لوحتا العهد" - المحرر) في "حائط المبكى". بعد سنوات فقط كشف اثنان من اعضاء اللجنة التي اقامتها الحكومة لفحص الموضوع ان قصة الكوّة والخزانة المقدسة تم اختلاقها لصرف الأنظار عن الحقيقة.

عالم الآثار مئير بن دافيد وافرايم شيلو، مُركّز اللجنة الوزارية لشؤون القدس، كشفا عن ان النفق اخترق بسبق العمد والقصد، ولكن هذا الاستنتاج المركزي تم شطبه من اسنتاجات التقرير الذي اعدته لجنتهم، وذلك لمنع الحاق ضرر اعلامي - سياسي بالدولة. بعد سنوات، اوضح الحاخام غتس ان ما دفعه الى القيام بذلك كان رغبة جامحة لاكتشاف بعض القطع القدسية، وفي مقدمتها "خزانة العهد" (الخزانة التي حفظت فيها لوحتا العهد في هيكل سليمان - المحرر).

الكتاب الذي صدر عن الحاخام غتس حديثاً يتضمن كشوفات جديدة عن القضية. تكشف المؤلفة، هيلا فولبرشطاين، انه كان هنالك شريك للحاخام غتس في خطته اختراق حائط المبكى باتجاه الشرق، الى ما تحت "جبل الهيكل" (باحة الحرم القدسي – المحرر). انه رافي ايتان، الذي اشغل منصب المستشار لشؤون الأمن والارهاب لثلاثة رؤساء حكومة في اسرائيل (مناحيم بيغن، اسحاق شمير وشمعون بيرس)، ثم علم لاحقًا انه كان مشغّل جوناثان بولارد (اليهودي الامريكي الذي كان يعمل موظفًا في الادارة الامريكية وضبط متلبساً بالتجسس لصالح اسرائيل، ثم حكم عليه بالسجن الفعلي هناك - المحرر).

ضابط ومتصوّف

الكتاب عن غتس، الحاخام الذي اشتغل كثيرًا بـ "القَبالاه" ("الحكمة الباطنية": طريقة لتفسير الكتاب المقدس حسب الصوفية اليهودية - المحرر) وشكلت زوايا "حائط المبكى" بيته الثاني، صدر بعد حوالي ثماني سنوات على وفاته. الكتاب، الذي كتب بطلب من العائلة، يصف غتس بأنه كان "رجلا متعدد الاهتمامات والنشاطات، متصدقا على البشر (بالسر، غالباً)، ذا توجهات روحانية، ضابطًا ومتصوفاً سواء في تصرفاته او في ملبسه: جُبّة سوداء، عمامة بيضاء، كتاب صلوات يومي والكتاب المقدس في جيبه، ومسدس على خاصرته". كان بين اوائل المستوطنين في "الحي اليهودي المتجدد"، أنجب 11 ابنًا وبنتاً، يسكن معظمهم في المستوطنات اليهودية في "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية - المحرر). أحد ابنائه، يئير، قتل في اوائل الثمانينات حين صدمته شاحنة كان يقودها عربي. غتس كان مقتنعاً بأن الحادث كان قتلا متعمدًا على خلفية قومية. ابن آخر من ابنائه، أفنير، قتل في المعركة على البلدة القديمة في حرب الأيام الستة.

تكشف فولبرشطاين، في الكتاب، اجزاء واسعة من دفاتر يوميات الحاخام غتس، والتي لم ينشر منها من قبل الا الجزء اليسير. وتورد شهادات عديدة، كتلك التي قدمها نفتالي كدرون، مهندس سابق في وزارة الأديان، ويقول فيها ان التزام غتس المطلق بمشروع كشف حائط المبكى انطلق من رغبته القوية في العثور على "آنية الطقوس الدينية".

غتس، الذي اشغل لسنوات عديدة منصب حاخام حائط المبكى من قبل وزارة الأديان، كان ملتزما بخططه للعثور على آنية الطقوس الدينية. لم يتخلف عن ذلك حتى عندما نصحه الحاخام من لوبافيتش (مناحيم مندل شنيئورسون) بالكفّ عن ذلك. الحاخام من لوبافيتش حذر الحاخام غتس مِن انَّ كل مَن يعثر على آنية الطقوس الدينية يتعهد بروحه، لكنه اوضح ان تحقيق ذلك سيعجّل الخلاص. الحاخام غتس، تكتب فولبرشطاين، "قرر ان يكون كفّارة بني اسرائيل، ان يبحث عن آنية الطقوس الدينية ولو من اجل المساعدة في تعجيل الخلاص، لكنه كان ينتظر اللحظة المواتية لفتح الأنفاق باتجاه الشرق".

احدى الشهادات الأكثر اثارة في الكتاب هي تلك التي قدمها ايتان. "مع التقدم في حفر الأنفاق"، يقول ايتان، "كنت التقي مع الحاخام غتس يومياً، تقريباً. درسنا، معاً، مبنى هيكل سليمان ومقاساته. توصلنا الى استنتاجات حول موقع هيكل سليمان وموقع قدس الأقداس (في "هيكل سليمان"). حين وصلنا الى المكان الذي كان يفترض ان تكون فيه - حسب قياساتنا - البوابة التي خرج منه الكهنة للغطس، اعتقدنا اننا اذا فتحنا فتحة في الحائط باتجاه الشرق، فسيكون بامكاننا التقدم في النفق حتى الوصول الى "قدس الأقداس". لكننا انتظرنا اللحظة المواتية لفتح تلك الفتحة. لم نكشف ذلك لأي انسان، لأننا كنا نعلم اننا اذا ما فتحنا الفتحة وانكشف الأمر فقد يثير ذلك عاصفة سياسية. فضّلنا ان نكتم السرّ بيننا، حتى اذا ما انفضح الأمر فلا يقع أي لوم او ذنب على الحكومة وقادتها. ولذا، فحتى مناحيم بيغن، الذي علم بأمر الحفريات على طول حائط المبكى، لم يعلم بنيتنا فتح الفتحة باتجاه الشرق".

ويكشف ايتان انه منذ البداية كان مخططًا فتح الفتحة في الطابق الذي يقع تحت مدى ارتفاع السطح الذي جرت فيه آنذاك اعمال البحث عن الحائط، "هكذا، لم يكن من المفترض انكشاف الأمر. لقد خططنا ان ندخل ونرى النفق ثم نتقدم في الاتجاه الذي قدّرنا فيه وجود الأسس التي يقوم عليها قدس ألأقداس. كنا نقدّر انه سيكون بامكاننا تفتيت جدران الأنفاق المصنوعة من الجير الطري، بدون معدّات للعمل وانما فقط بواسطة ازميل خفيف. اعتقدنا ان بامكاننا، هكذا، التقدم بهدوء وبسرية تامة، حتى اكتشاف المخابىء التي خبّأ فيها الكهنة أنية الطقوس الدينية، ومن ثم الوصول الى ما تحت قدس الأقداس، المكان المدفونة فيه خزانة العهد".

ايتان لم يكن شريك غتس الوحيد في هذا السر. كان عدد من موظفي وزارة الأديان ومن تلاميذ الحاخام غتس، ايضًا، على علم بهذه الخطة. وتمت ايضاً استشارة ابراهام حنان، الذي يصفه الكتاب بأنه "كان يتمتع بقدرات فوق طبيعية على الرؤية الداخلية". ويقول علماء آثار ان حنان أشار، قبل سنوات عديدة، على خارطة، الى مسار نفق يمتد من "قلعة سلوان" في الحائط الغربي باتجاه الشمال الغربي - حظائر سليمان ( المصلى المرواني - المحرر) - ومنه الى داخل "جبل الهيكل" (الحرم القدسي الشريف - المحرر). اكتشف الحفّارون نفقًا في المسار الذي اشار اليه حنان، لكنهم أحجموا عن الدخول الى "جبل الهيكل". وحين بدأ غتس يمارس مهام منصبه حاخاما لحائط المبكى، ووصل مشروع كشف الحائط الى مرحلة متقدمة، اشار حنان امامه الى النقطة التي كان يعتقد ان آنية الطقوس الدينية مخبّأة فيها. وكان تقدير غتس ان "خزانة العهد" مدفونة في المكان نفسه.

محفّز لقدوم المسيح

لعل الخزانة، التي لم تُرَ منذ خراب الهيكل الأول، كانت الأكثر أهمية من بين آنية الطقوس الدينية كلها، وقد تم اعتبارها الأساس في هيكل سليمان في بيت المقدس. هنالك من يعتقد بأنها لا تزال مدفونة في الأنفاق التي اقامها سليمان تحت "قدس الأقداس". جاء في فصل "الشاكلات" (الشواقل) في "المشناة": ".. ما حصل لكاهن (في زمن الهيكل الثاني) لاحظ ان الأرضية تختلف عن الأرضيات الأخرى (فأدرك ان فيها منفذًا الى ما تحت الأرض). ذهب وروى لزميله. لم يكد ينهي كلامه حتى لفظ روحه، فأدركوا بالخصوص (بوضوح) ان الخزانة مخبأة هناك". يكتب "الرمبام" (الحاخام موسى بن ميمون - المحرر) انه عندما بنى الملك سليمان "بيت المقدس" كان يدرك ان نهايته ستكون الخراب، ولذلك "بنى فيه بيتاً لإخفاء الخزانة فيه، في مخابىء عميقة والتوائية، ثم أمر الملك ياشيهو باخفائها في المكان الذي بناه سليمان".

وجاء في المصادر اليهودية انه يفترض ان يتم اكتشاف الخزانة قبل قدوم المسيح بقليل. كذلك كان الحاخام غتس يؤمن بأن العثور على الخزانة و/ أو آنية الطقوس الدينية سيشكل محفزًا لقدوم المسيح المُخلّص. في البدء كان يريد اكتشاف الموقع الذي كان يقوم فيه المذبح، قبل آلاف السنين.

قدم الحاخام غتس علامتين على مكان المذبح. الأولى - ان المذبح نصب على ارض مستوية، بينما "جبل الهيكل" مبني: كله، انفاقًا فوق انفاق. فإن تم العثور على مساحة منبسطة، تختلف عن المساحات الأخرى، يكون ذلك بمثابة برهان على وجود المذبح. الثانية - تحت موقع المذبح، الذي قدمت فيه القرابين في ايام "بيت المقدس"، كانت ثمة أرضية من مادة كلسية لطلي الفخار بطبقة زجاجية، خليط من الكلس والخارصين. "إن تم العثور ولو حتى على ذرة واحدة فقط من الخارصين"، جزم الحاخام، " فسنعرف مكان المذبح، مما سيدفعنا قدما الى الأمام كثيراً جدا".

في تموز / يوليو 1981 حُفرت، في تتمة "حائط المبكى"، مقابل موقع وجود قدس الأقداس، حسب اعتقاد الحاخام غتس، تلك الحفرة الصغيرة لخزانة العهد. فور بدء اعمال الحفر، مباشرة، انشقت الحفرة وانكشف النفق الضخم المحفور في الصخر باتجاه الشرق، الى ما تحت جبل الهيكل. المقاسات كانت مذهلة: الطول 28 مترًا، والعرض 6 أمتار. في القاع كانت هنالك كميات كبيرة من المياه والأوحال. كتب الحاخام غتس في دفتر يومياته: "توجهت الى المكان، على الفور، فتملكني التأثر والانفعال. جلست ساعة كاملة لا أقوى على الحراك، بينما انهمرت دموع ساخنة من عيني. وفي النهاية استجمعت جرأة مكنتني من الدخول، جلست على الدرجات وصلّيت، كعادتنا".

الأوائل الذين أشركهم الحاخام غتس بهذا السرّ كانوا: المدير العام لوزارة الأديان آنذاك، غداليا شرايبر، والحاخامان الرئيسيان شلومو غورن وعوفاديا يوسف. غورن كان منفعلا جداً، ليس اقل من غتس نفسه. لقد رأى في النفق الضخم وسيلة مساعدة من الدرجة الأولى للكشف عن الموقع الدقيق لقدس الأقداس، المحظور على الجميع الدخول اليه، باستثناء الكاهن الكبير في يوم الغفران. الاتفاق في هذه المسألة كان من شأنه ان يحسم، مرة والى الأبد، النقاش الدائر بين المُفتين في هذه المسألة الهامة جدًا. كما كان من شأنه ايضًا ان يحدد للجمهور العريض الحدود المسموح بها في الدخول الى "جبل الهيكل"، والغاء الحظر الجارف الذي فرضه غالبية المُفتين على الجمهور اليهودي بشأن الدخول الى المنطقة (الحرم القدسي الشريف - المحرر).

الغاء الحظر كان من شأنه ان يخلق مشكلة أخرى، وربما اكثر تعقيدًا وصعوبة على الحل، في العلاقة ما بين الدين والدولة. جميع الحكومات الاسرائيلية حظرت على اليهود اداء الصلاة في تخوم "جبل الهيكل" (خلافا للزيارات ). الغاء الحظر الشرعي على الدخول الى تخوم "جبل الهيكل" كان من شأنه ان يوسع، كثيراً، دائرة الراغبين في تأدية الصلاة هناك.

خطر على الحياة

في قعر النفق وجدت كمية كبيرة من المياه والأوحال، تم تنظيفها يدويا. اتسعت دائرة العالمين بالسرّ. كان بينهم، ايضًا، مراسل "صوت اسرائيل" ( الاذاعة العبرية الرسمية - المحرر)، موطي عيدن، الذي شارك في عملية الكشف عن النفق، كما تقول فولبرشطاين. "في الليالي، بعد عملي في الاذاعة، كنت اذهب الى النفق لأساعد في عملية التنظيف القاسية"، يقول عيدن، الذي يعمل اليوم مراسلا للتلفزيون الاسرائيلي (القناة الأولى) في شمال البلاد. بعد سبعة اسابيع من اكتشاف النفق بث "صوت اسرائيل" نبأ عن ذلك. صحفيون من بقاع الأرض تدفقوا الى المكان. وفي نهاية شهر آب، في ليلة يوم السبت، أدخل العرب انابيب مياه الى داخل النفق، من خلال احدى الفتحات في أرضية جبل الهيكل، وسلطوا على المكان ضوءا قويا جدًا. غتس، الذي خشي ان يدخل العرب الى النفق والى باحة "جبل الهيكل"، أمر بسدّ الفتحة التي تم الاقتحام منها، بالأخشاب. لكن المسلمين دخلوا إلى النفق بعد ساعات قليلة.

استُدعي غتس على عجل من منزله في الحي اليهودي. نادت زوجته على طلاب المدرسة الدينية "تورات كوهنيم" داعية اياهم الى التوجه الى النفق، ثم لحقت به هي ايضًا. رأت زوجها يقف وحيداً، تقريبًا، قبالة مجموعة من العرب يحملون ادوات العمل، والعصي والفؤوس، فعادت الى الساحة المفتوحة وأهابت بالمصلين وهي تصرخ عاليا: "النجدة، الحاخام يواجه خطرًا على حياته".

انتهت القصة عندما اصدر المستوى السياسي اوامر بسدّ الفتحة بالإسمنت المسلح. كتب الحاخام غتس في دفتر يومياته: "انني أعتزل لأخلد الى الراحة وطعم مرّ في فمي. لم أشعر، في حياتي كلها، باهانة كهذه لليهودية، كما حدث اليوم، وفي دولتنا السيادية. انني اصلي من اجل ان تكون هذه هي نهاية الشتات... وسائل الاعلام تعربد، وظاهرة كره الذات بادية بوضوح، لكن محظور عليّ كشف الأسرار، ولا حتى من خلال دفتر اليوميات هذا، ولذلك فلن أعقب ولن اردّ على الشاتمين".

في ليلة 3 أيلول 1981 أضاف غتس في دفتر يومياته: "شعرت في صلاة منتصف الليل (لذكرى خراب بيت المقدس وهيكل سليمان - المحرر) بقرب الى آبائي، حين رأوا بأمهات أعينهم السنة اللهب المتصاعدة من بيت ربّنا في لحظات الخراب. أصوات مطارق، صوت عرب في داخل النفق. انهم يسدّون تخوم الحائط بالاسمنت السميك، على ما يبدو. كل صرخة من صرخاتهم كأنها مخرز في قلبي المجروح. بكل حدّتها انطلقت من فمي الصرخة: "أتى الأغيار على حصتك وتراثك، دنّسوا هيكل أقداسك، لكن ينبغي عليّ ان أتقوّى وألاّ انكسر، لأن عليّ مواصلة المهمة، ولو بقيت وحيدًا في المعركة".

في ايلول 1995، بعد ثلاثة ايام من انجازه ترميم بناية المدرسة الدينية في "بيت ايل"، توفي الحاخام غتس. في منطقة حائط المبكى لا يزال الكنيس الذي شيّده قائمًا، قبالة المكان المفترض لقدس الأقداس. كما لا تزال تقام هناك الدروس الدينية والصلوات ايضًا.

كان غتس صديقا شخصيًا للعديد من الشخصيات الاجتماعية، مثل الجنرال (احتياط) يوسي بن حنان، وبيني كشريئيل رئيس بلدية (مستوطنة – المحرر) "معاليه أدوميم". كان يحرص على عدم الذهاب الى "جبل الهيكل"، لكن صفته غير الرسمية "حاخام الحائط وجبل الهيكل" هي الأكثر دلالة على أمنياته القلبية.

نداف شرغاي (هآرتس ـ 21/4)

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, رافي, صوت اسرائيل, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات