المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقابلات
  • 4191

توالت التقارير والتصريحات في الآونة الأخيرة حول محادثات غير مباشرة وبوساطة تركية بين إسرائيل وحركة حماس، تهدف إلى التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة.

وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، وجود اتصالات كهذه، لكنه أشار إلى أنها لم تنضج حتى الآن.

وفي المقابل، لا تزال المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية متوقفة، بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي ورئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، الذي يرفض تنفيذ خطوات تعهد بها في الماضي، مثل الإفراج عن أسرى قدامى، سجنوا قبل توقيع اتفاقيات أوسلو، وبالأساس بسبب رفضه تجميد الاستيطان، وإنما يقوم بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، ومصادرة مساحات واسعة من الأراضي في الضفة الغربية.

كذلك يخوض نتنياهو معركة مع الإدارة الأميركية، يسعى من خلالها إلى إحباط مصادقة الكونغرس الأميركي على الاتفاق النووي بين الدول الكبرى الست وإيران، في وقت تسود فيه توقعات مفادها أنه بعد الانتهاء من الملف الإيراني، بمصادقة الكونغرس على الاتفاق، سيتجه المجتمع الدولي إلى معالجة الملف الفلسطيني وممارسة ضغوط على إسرائيل من أجل استئناف المفاوضات على حل الدولتين.

حول هذه المواضيع، أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، الدكتور ألون ليئيل، الذي أشغل في الماضي أيضاً منصب السفير الإسرائيلي في تركيا.

(*) "المشهد الإسرائيلي": كيف تنظر إلى التقارير التي تتحدث عن مفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، والتي أكدها مشعل مؤخرا؟

ليئيل: "بداية أنا مقتنع أنه توجد اتصالات كهذه، حتى لو كانت غير مباشرة، وأنا مقتنع أيضا أن تركيا ضالعة في هذه الاتصالات، ولا يوجد لدي أي شك في ذلك. وأعتقد أن الاتجاه هو التوصل إلى نوع ما من اتفاقية وقف إطلاق النار طويلة أو غير طويلة، مقابل رفع الحصار عن غزة بصورة معينة، وهذا سيشمل بناء ميناء، مياهه ليست عميقة، وترسو السفن فيه على مسافة تبعد أربعة كيلومترات عن الشاطئ. وأعتقد أن نتنياهو مهتم بدفع هذه الاتصالات قدما، لأن هذا سيزيل عنه الضغوط بشأن الضفة الغربية. لكنني أعتقد، إذا كنت أقرأ صورة الوضع بشكل صحيح وإذا كانت التقارير حول ذلك صحيحة، أن الأمور عالقة حول موضوع التفتيش، أي تفتيش السفن والبضائع الداخلة والخارجة من قطاع غزة. فتركيا تقترح إجراء التفتيش لديها، في ميناء مرسين أو في شمال قبرص (القسم التركي في الجزيرة)، وهذا أمر لن توافق عليه المؤسستان الأمنية والسياسية عندنا. ولذلك أعتقد أن الأمور ليست ناضجة بعد. لكن شعوري هو أنه توجد اتصالات كهذه، لأن التقارير حول ذلك جاءت من عدة جهات، من حماس والأتراك وحتى النفي الإسرائيلي ليس حازما، كذلك فإنه ليس صدفة أن (رئيس الوزراء البريطاني الأسبق والمبعوث السابق للرباعية الدولية) توني بلير التقى مشعل لا بطريق الصدفة".

(*) تركيا وسيطة في هذه الاتصالات رغم وجود أزمة جدية في العلاقات بينها وبين إسرائيل... كيف تفسر ذلك؟

ليئيل: "إن العلاقات بين إسرائيل وتركيا في المستوى السياسي والدبلوماسي ليست جيدة. لكني أعتقد أنه في حال التوصل إلى اتفاق مع حماس، بحيث يكون بإمكان (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان القول إنه رفع الحصار عن غزة، فإن الأخير سيعيد السفير التركي إلى تل أبيب. هذا يعني باعتقادي أن العلاقات الإسرائيلية – التركية باتت مرتبطة بهذه المفاوضات مع حماس. بل أعتقد أنه من دون اتفاق بين إسرائيل وحماس لن يطرأ تحسن على العلاقات بين إسرائيل وتركيا. ومما أعلمه- وهنا أنا لا أتكهن- فقد سحب الأتراك من هنا المسؤول عن أعمال السفير وأعادوه إلى أنقرة، وبقي هنا الآن قائم بأعمال المسؤول عن السفارة، أي بمستوى سكرتير ثان للسفارة. وبرأيي هذه الخطوة هدفها ممارسة ضغط على إسرائيل للتوصل إلى صفقة مع حماس. والأتراك يقولون لإسرائيل: أبرموا صفقة مع حماس والدبلوماسي التركي الذي سيعود إلى إسرائيل سيكون بمستوى أرفع من الدبلوماسي الموجود حاليا".

(*) في مقابل ذلك، إسرائيل أدخلت المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية في حالة جمود عميق، وحتى أنه لا توجد مؤشرات على استئنافها.

ليئيل: "هذا صحيح. ليس جمودا وحسب، وإنما أيضاً لا توجد أية نية لاستئناف المفاوضات. وأعتقد أنه بسبب عدم وجود أي احتمال لاستئناف المفاوضات، فإن هذه الصفقة مع حماس مريحة بالنسبة لنتنياهو، لأنها تزيل عنه ضغطا، وكأنه فعل شيئا بالاتجاه الفلسطيني. ربما هو يعقد الأمور بالنسبة لأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، لكني أتفق معك على أنه لا توجد مؤشرات في الأفق لاستئناف المفاوضات. كذلك فإن تعيين نتنياهو سفراء جدد مثل داني دانون وداني دايان (رئيس مجلس المستوطنات السابق)، يهدف إلى إثارة غضب العالم والفلسطينيين والتلميح إلى أننا لا نسير في اتجاه الدولتين".

(*) هذا الوضع ينطوي على تناقض، لأن منظمة التحرير تريد محادثات وإسرائيل لا تجري مفاوضات معها، ومن الجهة الأخرى إسرائيل تفاوض حماس الموجودة في حالة حرب معها. هل هذا يعني أن إسرائيل، كما يقول الكثيرون، تفهم لغة القوة فقط؟

ليئيل: "أعتقد أن هذا الوضع نابع من أنه توجد في إسرائيل اليوم حكومة ضيقة جدا، وتعتمد على المستوطنين، ويتحدث المسؤولون فيها، خصوصا من حزبي الليكود والبيت اليهودي، بشكل علني وصريح عن أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية، ولذلك فإن أي اقتراح باتجاه انسحاب من الضفة أو من جزء منها يسقط في الحكومة بسرعة. من الجهة الأخرى، من الجائز أن تكون هناك ضغوط دولية على إسرائيل، ربما بعد المصادقة في الكونغرس الأميركي على الاتفاق مع إيران، مثل إعادة طرح الموضوع الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي. والآن نحن بعد سنة من الحرب (على غزة)، ومن جهة نتنياهو فإن صفقة كهذه مع حماس، مع منفذ بحري للبضائع، وهذا لا يؤثر على أمن إسرائيل، سيكون ثمنا يمكنه أن يدفعه من أجل تحسين علاقات إسرائيل مع دول في الشرق الأوسط، مثل مصر وتركيا والسعودية، ومع المجتمع الدولي".

(*) هل تعتقد أن إسرائيل وخصوصا نتنياهو سيخسر المعركة في الكونغرس الأميركي على الاتفاق النووي؟


ليئيل: "أعتقد أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سيفوز في الجولة الثانية، وعلى ما يبدو أنه سيخسر في الجولة الأولى. لكننا نتجه نحو مشكلة كبيرة للغاية في العلاقات مع الولايات المتحدة. وفي حال نجح نتنياهو في إفشال اتخاذ قرار في الكونغرس بالمصادقة على الاتفاق النووي، فإن المشكلة بين إسرائيل والولايات المتحدة ستكون كبيرة جدا جدا. والسؤال هو: كيف سيكون أوباما الذي سنلتقي به في شهري تشرين الثاني وكانون الأول المقبلين، بعد أن يصادق الكونغرس على الاتفاق مع إيران، وكيف سيكون مزاجه تجاه نتنياهو، في حال وافق الرئيس الأميركي على العودة للموضوع الفلسطيني في نهاية العام؟. وبرأيي أن الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني هو الموضوع الأهم، وإذا ما كان سيتم تنفيذ خطوات في إطار التركيبة الحالية لمجلس الأمن الدولي، وإذا كان بإمكاني أن أوجه رسالة للأصدقاء الفلسطينيين، الذين يحاربون من أجل حل الدولتين، فإني أعتقد أن على السلطة الفلسطينية أن تقود باتجاه تصويت في مجلس الأمن، في كانون الأول المقبل وقبل تغيير تركيبة المجلس، ومحاولة الحصول على تأييد تسع دول من 15. وحتى لو لم يحصل الفلسطينيون على تأييد 9 دول للاعتراف بالدولة الفلسطينية، أو ما يعرف بمشروع القرار الفرنسي، فإنه لن تحدث أية كارثة، لكن في حال أيدت تسع دول مشروع القرار فإن هذا سيتسبّب باستئناف الزخم حيال حل الدولتين في الحلبة الدولية".

المصطلحات المستخدمة:

باراك, الليكود, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات