المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
لوغو شركة "بيغاسوس".   (أ.ف.ب)
لوغو شركة "بيغاسوس". (أ.ف.ب)
  • كلمة في البداية
  • 1203
  • أنطـوان شلحـت

لعلّ من الأسئلة الهادرة التي أثارتها قضية قيام الشرطة الإسرائيلية بالتجسّس على هواتف مواطنين ومسؤولين وصحافيين بواسطة استخدام برنامج "بيغاسوس"، والتي ما زالت تشغل إسرائيل بكبار مسؤوليها وبرأيها العام ووسائل إعلامها منذ الكشف عنها من طرف ملحق "كالكاليست" (الملحق الاقتصادي التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت") قبل عدة أسابيع، السؤال المتعلق بما يمكن اعتباره موضعة الديمقراطية الإسرائيلية لا بالنسبة إلى المواطنين العرب فيها، إنما أساساً فيما يتعلق بجوهرها وتعاملها مع المواطنين اليهود.

وفي هذا الشأن يمكن اعتبار وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييلت شاكيد ("يمينا") من آخر المسؤولين الإسرائيليين الذين تعاطوا مع هذا السؤال، حيث قالت في سياق مقابلة أجرتها معها "يديعوت أحرونوت" (9/2/2022) إن "دولة تتنصت فيها الشرطة على محتوى هواتف مديرين عامين حكوميين، وأفراد عائلة رئيس الحكومة، وقادة احتجاجات، وصحافيين، هي دولة لا تستحق أن توصف بأنها ديمقراطية... وآمل بأن يتضح أن التقارير بشأن تجسس الشرطة غير صحيحة وإلا فإن هذه نهاية الديمقراطية"!

طبعاً، مثل هذه الموضعة ترافق إسرائيل منذ إقامتها، وتزداد تواتراً عاماً بعد عام. وهو ما سنعرض له وإن بشكل عابر في هذا المقال.

بدايةً لا بُدّ من التنويه بأن المقال لا ينوي إصدار أحكام نقدية سواء إلى ناحية الرفض أو إلى ناحية القبول لما تذهب إليه الموضعات التي سنقدمها، بل إنّ ما يعنينا هنا هو تقديم وصف لها من شأنه أن يشير إلى سيرورة بعض الديناميات الإسرائيلية الداخلية التي تتعامل مع هذا الموضوع.

1- في أيلول 2008، صدر في إسرائيل تزامناً مع الذكرى السنوية الـ60 لتأسيسها، كتاب بعنوان "ديمقراطية مغلولة" من تأليف الوزيرة وعضو الكنيست السابقة شولميت ألوني. ومن بين أمور أخرى، شدّدت ألوني على ضرورة الحفاظ على طابع إسرائيل الديمقراطي أكثر من طابعها اليهودي، وأشارت إلى كونها "ديمقراطية شاذة"، يسيء فيها الكنيست إلى نشاطات المحافل المدنية العاملة من أجل حقوق الإنسان ويشوّه سمعتها ويقرّر التحقيق معها، عوضاً عن الإشادة بها ومباركتها. ولفتت إلى أنه في سائر دول العالم ناضل الديمقراطيون ونجحوا في الإطاحة بالفاشية والحكم الاستبدادي، بينما في الكنيست الإسرائيلي تتغلب في الأعوام الأخيرة غريزة تصفية الآخر، وغريزة تكريس تسيّد النظام والسيطرة والسلطة للأغلبية اليمينية لمجرّد كونها كذلك والتي تعبر عن غياب الفهم لماهية الديمقراطية، على أي منطق مغاير. ونوّهت بأن أحد أسباب ذلك يعود إلى حقيقة أن أوردة الديمقراطية الإسرائيلية حُقنت بالكثير من السمّ على أيدي حاخامين من رجالات ونساء الدين والتدين، ومستوطنين، وشتى أصناف الانتهازيين.

وفي مناسبة صدور هذا الكتاب عقدت أمسية خاصة، تكلم فيها أحد أبرز أساتذة العلوم السياسية، البروفيسور يارون إزراحي، فاختار طرح السؤال: هل إسرائيل ديمقراطية؟ وأجاب عنه كما يلي: يمكن للمجتمع - وأنا أتحدث هنا كشخصٍ منشغلٍ أيضاً في التاريخ والأبحاث حول الديمقراطية- أن يكون ديمقراطياً بنسبة 80 بالمئة على أكثر تعديل. وكي يكون كذلك ينبغي النضال 100 بالمئة من الوقت؛ لكن إسرائيل بعيدة جداً عن أن تكون ديمقراطية بنسبة 80 بالمئة. بحسب فهمي في هذا الموضوع فإنها شيء مختلط، وأستطيع قول ذلك على أساس أنها 40 بالمئة ديمقراطية، و30 بالمئة إثنوقراطية، و20 بالمئة ثيوقراطية، و10 بالمئة فوضى. وتتغيّر هذه النسب بصورة تاريخية. وبرأيه هي ديمقراطية 40 بالمئة، لأن "الأسس الديمقراطية الرسمية" متوفرة، على غرار انتخابات حرة، تداول السلطة سلمياً من دون عنف لغاية مقتل رئيس الحكومة السابق إسحاق رابين العام 1995، والذي شكل حدثاً مفصلياً، كما أن المحاكم مستقلة، وهناك صحافة حُرّة.

ولدى تعداده العوامل التي تحدّ من إمكان أن تكون إسرائيل ديمقراطية أكثر، ذكر إزراحي ما يلي:

أولاً، طالما كانت إسرائيل دولة محتلة، ترسل مواطنيها وجنودها من أجل قمع شعب بأكمله (الشعب الفلسطيني)، لا تستطيع التحوّط بالشرعية التي يوفرها مصطلح نظام ديمقراطي. وقال حرفياً: "هذا أمر في منتهى الوضوح: نحن دولة احتلال خلافاً لكل القوانين والشرعيات الإسرائيلية والدولية".

ثانياً، النظام الديمقراطي هو نظام تُقيّد فيه السياسة نفسها بواسطة دستور و/ أو ثقافة سياسية من ضبط النفس. وهذان العاملان غير متوفرين في نظام إسرائيل، فلا يوجد دستور ولا ثقافة سياسية تقوم على ضبط النفس، وهما سمتان بارزتان للديمقراطية.

ثالثاً، الأكثرية في إسرائيل إثنية وليست سياسية. وما هي الأكثرية السياسية؟ إنها أكثرية يمكن أن تتبدل بين جولات الانتخابات، لكن الأكثرية في إسرائيل إثنية بصورة دائمة وهذا غير ديمقراطي، وليس صفة نموذجية للديمقراطية. ففي الولايات المتحدة مثلاً، التي تعتبر بطبيعة الحال دولة مختلفة عن إسرائيل في كثير من المعطيات والحيثيات، تتغير الأكثرية السياسية، أما في هذه الأخيرة فتتغير الأكثرية السياسية لكن داخل الأكثرية الإثنية، وهنا تكمن المشكلة.

كي لا نقوّل إزراحي ما لم يقله بشأن دولة الاحتلال، يجب الإشارة إلى أنه يقصد بالاحتلال ذاك الذي حدث في العام 1967 فقط، بالأساس من حيث ارتباطه بمشروع الاستيطان في أراضي الضفة الغربية. ووفقاً لادعائه، لغاية هذا المشروع الذي يصفه بأنه لاشرعي، حاولت إسرائيل إيجاد وإقامة مؤسسات نموذجية لنظام ديمقراطي: فصل بين السلطات، دولة قانون، محاكم... إلخ. لكن منذ ذلك العام، نُفذّ مشروع ضخم من بناء المستوطنات بموافقة الحكومة وبتمويل تم تقديمه تحت الطاولة من جانب كل وزارات الحكومة، ما تسبّب بإيجاد ثقافة مناوئة للديمقراطية بشكل سافر، تحت غطاء من الرسمية. وهذا حُكم فيه قدر من تجاهل ما كانت عليه الحال قبل ذلك الاحتلال.

2- في صيف 2015 تطرق إلى موضوع الديمقراطية في إسرائيل الرئيس السابق للمحكمة الإسرائيلية العليا، القاضي المتقاعد أهارون باراك، في سياق مقابلة أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرونوت". ووجه باراك تحذيراً مبطناً من الأجواء التي كان يشيعها آنذاك اليمين والحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، واستذكر تجربة النظام النازي في ألمانيا، فقال إن "المحكمة العليا في ألمانيا، في بداية ثلاثينيات القرن العشرين الفائت، لم تتمكن من إلغاء قوانين. وأنا لديّ قناعة كاملة بأنه لو كانت في ألمانيا حينذاك محكمة قوية وكان ثمة انتقاد قضائي حادّ، لكان بالإمكان كبح (الزعيم النازي) أدولف هتلر. ولكن عندما أصبح في الحكم أمسى مستحيلاً المساس به".

وأكد باراك كذلك أن "النواة الديمقراطية في إسرائيل هشّة، لأن هناك ثلاثة عوامل تجعلها على هذا النحو؛ العامل الأول "أن جذورنا الديمقراطية ليست عميقة. والهجرات اليهودية المختلفة، من دول الاتحاد السوفييتي السابق ومن الدول الإسلامية، لم تأت من ثقافة حكم ديمقراطي. كذلك فإن منظومة التربية والتعليم في إسرائيل لا تعمق الجذور الديمقراطية. لذلك، فإنه بالنسبة لمعظم سكان إسرائيل، مصطلح الديمقراطية يعني حكم الأغلبية، وهذا مفهوم ضحل جداً للديمقراطية".

وأردف أن "العامل الثاني هو التوتر الأمني. فنحن نعيش في توتر أمني منذ اليوم الأول (لقيام الدولة) وهذا التوتر لا يتوقف. وعندما يكون هناك توتر أمني، ما الذي يريده الشعب؟ يريد الأمن. والأمن قد ينتهك الحقوق. وقرارات الحكم في المواضيع الأمنية تميل إلى المساس بحقوق الإنسان". وتابع أن "العامل الثالث للهشاشة هو غياب ثقافة الحكم. وفكرة ’ليس تناسبياً’ غير موجودة عندنا. وإن أعضاء كنيست ليس لديهم ثقافة حكم يطالبون دائماً بضبط النفس وكبحها من المحكمة العليا فقط... ويجب أن يكون هناك كبح وضبط للنفس من جانب الكنيست والحكومة أيضا، ولا يوجد أمر كهذا".

وأشار باراك إلى أن المحكمة العليا ألغت طوال الأعوام العشرين، التي سبقت إجراء المقابلة، 12 قانونا فقط، بينما المحكمة الدستورية في بولندا مثلاً ألغت 60 قانوناً في عام واحد، وفي كندا تلغي المحكمة ما بين ثلاثة إلى خمسة قوانين في العام. وقال إن "كل المشكلة هي أن المبنى الدستوري عندنا هو مبنى غير مستقر وفيه خلل وهو هش، وأي نزوة لعضو كنيست لديه فجأة أغلبية عفوية مؤيدة في الكنيست بإمكانها أن تقلب كل شيء"!

3- انعكست الأجواء التي لمّح إليها باراك في أداء الكنيست الإسرائيلي الـ20، الذي استمرت ولايته بين الأعوام 2015-2018، من خلال سلسلة تشريعات ناجزة ومبادرات تشريعية شهدها وعبّرت عن جهد محموم ومُمنهج بذله اليمين الإسرائيلي الحاكم بغية تكريس وتعزيز مواقعه وسلطته، في شتى المرافق والمجالات، بالأساس من خلال تضييق الحيّز الديمقراطي، كما أكدت تقارير متطابقة صادرة عن جمعيات تُعنى بحقوق الإنسان والمواطن، ومنها جمعية حقوق المواطن، التي سبق أن أشارت إلى أن دولة الاحتلال تشهد خلال الأعوام الأخيرة توجهاً نحو ضرب القيم الديمقراطية وطرح مبادرات عديدة معادية للديمقراطية، وشدّدت على أن أكثر ما يثير القلق حقيقة أن إحدى الساحات المركزية التي تشكل منطلقاً لدوس الديمقراطية وقيمها وللمساس بقواعد اللعبة الديمقراطية هي ساحة البرلمان نفسه، الذي يفترض أن يكون رمزها وحصن الدفاع عنها، ذلك أنه لما يُقال ويُنفَّذ في هذه الساحة إسقاطات بعيدة الأثر على الجمهور ومواقفه وتوجهاته الديمقراطية بقضايا حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات السياسية والاجتماعية أو الإثنية، وسلطة القانون وغيرها.

وتجسّد جانب رئيس من جهد الكنيست الـ20 في طرح مبادرات قانونية تسعى لتقليص صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية بحجة أنها تخلق واقعاً جديداً يخلّ بالتوازن الصحيح بين السلطات الثلاث ـ التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وقد تم هذا كله ضمن ما تشهده إسرائيل منذ عقد ونيّف من تبلور تيار اليمين إلى ناحية ما تسميه الأدبيات السياسية بـ"اليمين الجديد". وهي حالة تعتبر تطوراً لليمين التقليدي في إسرائيل، حيث إن هذا اليمين الجديد يتفق مع اليمين التقليدي في توجهات حافظ عليها، وطوّر توجهات جديدة لم تكن حاضرة في اليمين التقليدي، وهذا الأخير إما انقطع عنها أو طوّرها في اتجاه مسارات أخرى. ومع ذلك لا تلتفت جمعيات حقوق الإنسان بما فيه الكفاية إلى حقيقة أن ما يقوم بالدفع به قدماً اليمين الجديد، فيما يتعلق بصلاحيات السلطة القضائية مثلاً، يتقوّى بما شهدته إسرائيل إلى الآن، بما في ذلك في الفترات التي لم يكن فيها اليمين ممسكاً بعنان السلطة، أو على وجه الدقّة في مرحلة التأسيس والجدالات التي أثيرت بشأن اعتماد دستور أو عدم اعتماده.

وستسعفنا للتمثيل على ذلك استعادة أقوال لرئيس الحكومة الأول ديفيد بن غوريون، المؤسس الفعلي لدولة الاحتلال، لدى إجراء نقاش في الكنيست بشأن "مشروع قانون الخدمة الأمنية" في كانون الثاني 1950، أكد فيها أنه يجب إنشاء إسرائيل على أساس وثيقة واجبات لا وثيقة حقوق. ومما ورد في أقواله: "يبدو لي أننا عموماً نتكلم زيادة عن اللزوم حول حقوق الإنسان، كما لو أننا نعيش في القرن الـ18، عندما حطمت شعوب معينة لأول مرة قيود الاستبداد وأعلنت عن حقوق الإنسان. في أيامنا الحالية يجب أن نعلن أولاً وقبل أي شيء عن واجبات الإنسان. ودولة إسرائيل يجب بناؤها على أساس وثيقة واجبات، وأنه لا حقوق من دون واجبات"!

4- لوحظ في الآونة الأخيرة أن حملة الاحتجاجات في إسرائيل ضد استمرار حكم رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، التي وقفت وراءها حركات متعدّدة، تسببت بعدة تبعات، منها اشتعال أُوار جدلٍ ملفتٍ بشأن جوهر التغيير الذي يجب السعي إليه نُشداناً لتلافي وضعية عامة توصف بأنها مختلّة وجدت دولة الاحتلال نفسها في قبضتها، وجعلتها في أحسن الأحوال ديمقراطية ناقصة، أو عرجاء، أو مكبّلة بالأصفاد.

ولا يكلّف معظم المنخرطين في هذا الجدل أنفسهم عناء النبش في جذور قيام الدولة على أساس العقيدة الصهيونية، بل يقفزون عن تلك الجذور لمناقشة ما تلا قيامها من خطوات تأسيسية عامدة أفضت إلى ما هي عليه الآن، والأصح القول إنه ما كان من الممكن أن تفضي إلا إلى ما آلت إليه. ومن أبرز تلك الخطوات يُشار إلى مسألة عدم إعداد دستور. ومعروف أن "وثيقة استقلال إسرائيل" أقرت، يوم 14 أيار 1948، بأن يقوم المجلس التأسيسي المُنتخب بإعداد دستور للدولة حتى فترة أقصاها الأول من تشرين الأول من ذلك العام. وشكلت الانتخابات التي أجريت يوم 25 كانون الثاني 1949 في حقيقة الأمر انتخابات للمجلس التأسيسي، لكنه عقد أربع جلسات فقط. وفي يوم 16 شباط 1949 صادق المجلس التأسيسي على القانون الانتقالي والذي حول نفسه من خلاله إلى الكنيست الأول، وبما أن المجلس التأسيسي لم يقم بإعداد دستور، فالكنيست بات خليفة المجلس في هذه الوظيفة. واستمر الجدل بشأن الدستور إلى أن قرر الكنيست الأول، يوم 13 حزيران 1950، قبول ما يسمى بـ"قرار أو تسوية هراري"، وبموجب ذلك ألقيت على عاتق لجنة الدستور والقانون والقضاء البرلمانية مهمة إعداد دستور للدولة يكون مؤلفاً من فصول متتابعة يشكل كل واحد منها قانوناً أساساً ويتم عرض هذه الفصول على بساط البحث في الكنيست، وإذا ما انتهت اللجنة من عملها تتوحد جميع الفصول لتكوّن معاً دستور الدولة. وما زالت هذه المهمة مستمرة ولم تنته بعد.

فما هي أهم الاستخلاصات التي تراكمت حتى اللحظة نتيجة هذا الجدل؟
أول هذه الاستخلاصات أن هناك إنكاراً عابراً للأحزاب والحركات السياسية الإسرائيلية لماهية الدولة المدنية الحديثة النشأة. ووفقاً للقائلين بهذه الخلاصة، لا يجوز بموجب تلك الماهية رؤية الدولة كأداة تنفيذية لجماعة إثنية أو لجماعة ثقافية معينة، وبالتأكيد لا يجوز رؤيتها كأداة لديانة محددة. فمثل هذه الرؤى تتناقض بشكل مطلق مع المفهوم الذي يرى الدولة منظومة حكم سيادية لا تخضع لأي منظومة خارجها، وملتزمة أولاً وقبل أي شيء بسلامة ورفاهية سكانها/ مواطنيها بغض النظر عن انتمائهم الديني أو الجنسي أو العرقي. والدولة ينبغي أن تكون مدنية لجميع مواطنيها.

ثانياً، قبل سنّ "قانون القومية الإسرائيلي" (في العام 2018) وأكثر فأكثر بعد سنّه، لم تكن الأغلبية السياسية في إسرائيل، التي يمكن أن تتغيّر بين انتخابات وأخرى، تعمل من أجل جميع المواطنين بل فقط من أجل الأغلبية الإثنية على حساب كل الآخرين. وفي الواقع، لم تكن الدولة بحاجة إلى مثل هذا القانون للعمل من أجل هذه الأغلبية بل إن سبب حاجتها إليه يعود بالأساس إلى ممارسة القمع والتمييز حيال كل من هو غير يهودي (المواطنون العرب أو الذين جاؤوا من دول الاتحاد السوفييتي السابق وليسوا من الديانة اليهودية).

ثالثاً، أعيد تأكيد ما سبق ذكره أعلاه، وهو أن النظام الديمقراطي هو نظام تُقيّد فيه السياسة نفسها بواسطة دستور و/ أو ثقافة سياسية من ضبط النفس. وهذان العاملان هما سمتان بارزتان للديمقراطية الجوهرية، ولكنهما غير متوفرين في نظام الحكم الإسرائيلي.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات