تقدّم هذه المقالة قراءة تشتمل على عرض وتحليل للتقارير الإسرائيلية التي يمكن جمعها تحت عنوان: "فترة ما بعد أبو مازن". وينبع انشغال إسرائيل بهذه المسألة من احتمال حصول تغييرات جدية على مستويين اثنين، بحسب ما تراه هذه التقارير: المستوى الأول يتعلق بالساحة الفلسطينية الداخلية وتداعيات إعادة تنظيم علاقات القوة بين الفلسطينيين أنفسهم. المستوى الثاني يكمن في مستقبل العلاقة الأمنية والسياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والمنتظمة حاليا وفقا لأحكام اتفاق أوسلو. وتهتم إسرائيل بشكل خاص بالسيناريوهات المستقبلية التي يمكن أن ترشح على هذين الصعيدين، وقدرتها على التحكم في مدخلات و/ أو مخرجات هذه السيناريوهات.
تمتد "البلدات العربية، بدون المدن المختلطة (الساحلية)، على ما نسبته 3 بالمئة فقط من مساحة إسرائيل بينما المجالس الإقليمية، التي يعيش في نطاقها عدد أقل بكثير جداً من السكان، تسيطر على 84 بالمئة من المساحة وفيها لجان قبول تشكل مصافي لغربلة السكان".
تخصص وسائل الإعلام الإسرائيلية خاصة باللغة العبرية مساحة واسعة جدا في تغطيتها لكل ما يتعلق بخطط الائتلاف الحكومي التي يطلق عليها مسمى "الإصلاحات القضائية" والتي تصفها المعارضة بأنها "انقلاب على القضاء". وتقدم شاشات القنوات التلفزيونية العبرية والصحف المطبوعة ومواقعها الإلكترونية والمواقع الإلكترونية الإخبارية ومنصاتها وحسابات مراسليها ومحلليها على مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها تغطية شاملة بدءا من الأخبار العاجلة مرورا بالتقارير والتحليلات والاستوديوهات التحليلية والمقابلات الخاصة المطولة والتغطية الدائمة للتظاهرات وصولا إلى التحقيقات الصحافية. كما تتميز وسائل الإعلام العبرية بالاستفادة من التسجيلات المسربة خاصة في الجلسات المغلقات سواء الرسمية (الحكومية) أو الحزبية أو الجلسات واللقاءات الخاصة في صناعة الأخبار.
دلّ تقرير إسرائيلي رسمي جديد على أنه بحسب معطيات "السلطة الوطنية للأمان على الطرق"، وعلى الرغم من أن نسبة المواطنين العرب تشكل حوالي خُمس السكان في إسرائيل، فإن نسبة المتورطين في حوادث السير المميتة كبيرة مقارنة مع نسبتهم من مجمل السكّان، سواء من حيث عدد القتلى (أكبر بضعفين تقريباً) أو المصابين بجروح خطيرة في هذه الحوادث (أكبر بحوالي مرة ونصف المرة) أو من حيث عدد السائقين المتورطين في الحوادث (أكبر بـ 1.9 مرة).
هبوط حاد في نسبة المواطنين الإسرائيليين المتفائلين، مقابل ارتفاع كبير في نسبة المتشائمين، في كل ما يتعلق بالأوضاع الأمنية التي تعيشها دولة إسرائيل في الفترة الأخيرة والتي سوف تعيشها خلال الفترة القريبة القادمة في ظل المستجدات المتسارعة وفي ضوء ما يرشح عن خطط الحكومة الإسرائيلية الحالية المستقبلية، سواء على الصعيد الإسرائيلي الداخلي أو على صعيد العلاقة مع الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة أو على صعيد العلاقات الإقليمية، وخصوصاً مع بعض دول الجوار وإيران بالتحديد. هذه هي إحدى أبرز النتائج التي حملها استطلاع "مؤشر الصوت الإسرائيلي" لشهر حزيران الأخير، إن لم تكن أبرزها على الإطلاق.
شنت طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي فجر الثالث من تموز 2023 غارات استهدفت عدة مواقع في مخيم جنين للاجئين شمالي الضفة، إيذانا بانطلاق حملة عسكرية وصفت بأنها الأوسع من نوعها منذ اجتياح الضفة في العام 2002، وذلك بهدف تدمير "البنية التحية للإرهاب" وملاحقة مطلوبين واستعادة الأمن في المخيم، وفق ما لخصته سلسلة البيانات التي وزعها الناطق باسم جيش الاحتلال في أثناء العملية التي استمرت يومين وخلفت 12 شهيدا بينهم خمسة أطفال وفق الإحصائيات التي نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية، إلى جانب أكثر من 140 إصابة جزء منها في حالة حرجة. أسفرت العملية العسكرية في الجانب الإسرائيلي عن مقتل جندي واحد وإصابة آخر بجروح، وحققت نتائج متواضعة ولم تنجح في اقتناص صورة انتصار أو الوصول إلى مطلوبين خطيرين متهمين بتنفيذ عمليات خطيرة ويتخذون من المخيم ملاذا لهم.
الصفحة 52 من 324