تُظهر بيانات وتقديرات مصلحة الأرصاد الجوية والهيئات الرسمية التي تتعامل مع الطبيعة والبيئة في إسرائيل، ارتفاعاً في مخاطر الحرائق بسبب زيادة الغطاء النباتي والكثافة السكانية وبسبب تغير المناخ. في خطة وزارة "الأمن القومي" للعامين 2023-2024 تمت الإشارة إلى هذا التهديد، مع تحديد الأهداف المتعلقة بتكييف الاستجابة والقدرات من قبل سلطة المطافئ لسيناريوهات محدّثة لاشتعال الحرائق. مع هذا، ما تزال الحكومة متخلّفة عن مواجهة حجم الخطر، من خلال تخصيص ما يكفي من ميزانيات للمركبات الأساسية في الردّ والاستعداد لواقع الأمور المقلق. هذا ما جاء في تقرير عن بحث وبحث مكمّل أجراهما معهد الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، الشهر الفائت، بعنوان "مسائل في منظومة الإطفاء" والثاني "منع الحرائق بواسطة مناطق وخطوط عازلة".
لم تبقِ أطراف الائتلاف الحكومي الإسرائيلي زاوية واحدة هادئة في حياة الإسرائيليين على ما يبدو، فقادة حكومة بنيامين نتنياهو وأعضاء الكنيست من الائتلاف يظهرون كما لو أن كل واحد منهم يسحب "بندقيته الرشاشة" ويصوّبها إلى حيثما شاء. ففي أوج الهجوم على قادة الأجهزة الأكثر حساسية: الجيش والمخابرات والشرطة والقضاة والمستشارين القانونيين، يفتح المتدينون المتزمتون ملف مشروعهم القديم الجديد: فصل الرجال عن النساء في الحيّز العام، وبشكل خاص في التجمعات السكانية التي يتواجدون فيها، إذ أن الفصل في مستوطناتهم والأحياء الخاصة بهم قائم طوال الوقت. وفي الأيام الأخيرة تفجر هذا الملف في قضيتين، كانتا كافيتين لتصعيد الاحتجاجات ضد الحكومة، ليصل الأمر إلى مداولات المحكمة العليا، وأيضا إلى جلسة خاصة في الكنيست.
أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، بتركيبة قضاتها الـ 15 جميعاً، الأسبوع الماضي (9 آب الجاري)، أمراً احترازياً تأمر فيه الكنيست والحكومة الإسرائيليتين بتقديم مبرراتهما لعدم إلغاء التعديل الذي أجراه الكنيست مؤخراً على "قانون أساس: القضاء" والذي قضى، أساساً، بنزع صلاحية المحكمة العليا للنظر في ـ وبالتالي، إلغاء ـ قرارات صدرت عن الحكومة، رئيس الحكومة أو أي من وزرائها. ويأتي هذا الأمر الاحترازي في أعقاب الالتماسات التي قُدّمت إلى هذه المحكمة ضد التعديل المذكور. وقد حرص القضاة على التوضيح أن قرارهم إصدار هذا الأمر الاحترازي "تفرضه اعتبارات نجاعة العمل/ النظر في الالتماسات وليس ثمة فيه ما يمكن أن يشي بموقف المحكمة بشأن الالتماسات أو بالنتيجة القضائية التي ستنتهي إليها المحكمة".
"ربيع الحريديم" قد يكون الوصف الأنسب لجمهور المتدينين المتزمتين الحريديم، في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، فهم يتلقون ميزانيات مباشرة وغير مباشرة، غير مسبوقة بحجمها، دون ضغوط لدفع رجالهم نحو سوق العمل، وبالذات دون ضغوط لفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على شبانهم، في حين أنهم متحمسون لقوانين تقويض جهاز القضاء الإسرائيلي، والانتقاص من صلاحيات المحكمة العليا، وبموازاة ذلك فإنهم يستعدون لسن قوانين تخدمهم، وتزيد من أنظمة الإكراه الديني، القائمة منذ عشرات السنين.
تقدم هذه المقالة تلخيصا مكثفا للفتوى القانونية التي أعدتها منظمة "يش دين" الحقوقية الإسرائيلية، حول الطبيعة القانونية للممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة منذ العام 1967، وهي فتوى قانونية تنطلق من القانون الدولي الإنساني والمكانة القانونية التي استندت اليها إسرائيل لتبرير وتسويغ وجودها (المؤقت) واحتلالها العسكري للأراضي الفلسطينية بحكم كونه "احتلالا عسكريا مؤقتا" وإدارة للأراضي المحتلة لا يفترض أن يؤثر أو يمس بطبيعته هذه مكانة الأراضي التي يحتلها، وحقوق السكان الخاضعين لسيطرتها العسكرية التي يفترض أن تنتهي بانتهاء الاحتلال.
وسط استمرار التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يندرج في إطار ما يسميه كثيرون محاولات حسم الصراع بالقوة العسكرية وليس عن طريق المفاوضات والاتفاقيات، برز موضوع "عنف المستوطنين" إلى واجهة الأحداث لعدة أسباب أبرزها تبنيه والدفاع الصريح عنه من قبل أوساط رسمية نافذة ومن قبل حركات سياسية تشارك في حكومة الائتلاف اليميني ما يؤشر إلى خيارات هذه الجماعات ورؤيتها لحسم الصراع، ثم تكرار وانتشار حوادث عنف المستوطنين على مساحة الأراضي المحتلة بحيث بات ينذر بأن يكون شكلا رئيسا للمواجهات ولم يعد ممكنا الادعاء بأنه مجرد حوادث فردية متفرقة، إلى جانب الاهتمام الدولي بهذا التصعيد إلى درجة بدت فيها المواقف الدولية جاهزة ومهيّأة لإدانة هذا الشكل من العنف دون تردّد.
الصفحة 49 من 324