يشير بحث جديد نشره معهد أبحاث الكنيست في أواسط آب الجاري، إلى أن نسبة المواطنين العرب في دولة إسرائيل من بين المصابين بالأسلحة النارية، بين الأعوام 2017-2020 تزيد عن 80%، وذلك بالاعتماد على ثلاثة مصادر مختلفة لهذه المعلومات. ويؤكد البحث في سطوره الأولى أن كثيراً من جرائم الأسلحة في إسرائيل يُرتكب في المجتمع العربي، وتشمل المسدسات والبنادق بالإضافة إلى القنابل اليدوية والمفرقعات النارية.
لم يُنجز معدو البحث عملهم بسلاسة، كما يكتبون، وذلك لأن الإجابات التي طلبوها في كانون الأول 2020 من وزارة الأمن الداخلي، وهي المصدر الرئيس للمعلومات الواردة في بحثهم، تأخرت حوالي نصف سنة، وحتى حين تلقوها كانت منقوصة. فيكتبون: تم تسلّم الإجابات فقط في 11 نيسان و 24 آب 2021، وبعضها كان ضمن "تصنيف أمني سري" أي يُحظر إشهارها. هكذا تأخر نشر الوثيقة حتى هذا الشهر، وبعد أربعة أيام على هذا النشر تلقى معهد أبحاث الكنيست "نسخة غير سرية" من رد وزارة الأمن الداخلي.
يقدّم البحث، الذي كُتب بطلب من عضو الكنيست السابقة سندس صالح، بيانات من وزارة الأمن الداخلي حول توجهات مواطنين إلى مراكز الشرطة، وبيانات عن ضحايا جرائم الأسلحة وفقاً لردود الوزارة وسجلات الجهاز الصحي (المستشفيات ومعهد الطب الشرعي). وهذا بالإضافة إلى "معلومات وبيانات أو تقديرات لكميات الأسلحة في أيدي المدنيين" بشكل قانوني وغير قانوني، ومعطيات عن تعامل السلطات مع جرائم الأسلحة، لا سيما في المجتمع العربي، وما يوصف بـ "تسرب" الأسلحة من الجيش الإسرائيلي إلى الجهات المدنية.
خلال 4 سنوات ازداد عدد الضحايا العرب بالسلاح بنحو 72 بالمئة
بين العامين 2017 و2020، ارتفع عدد المكالمات إلى خط طوارئ الشرطة (خط 100) بخصوص مخالفات إطلاق النار من 7231 توجّهاً إلى 10169 توجهاً، أي بزيادة 40% في أربع سنوات. وسُجلت أكبر زيادة في المنطقة الشمالية حيث تضاعف عدد الإحالات. في لواء القدس (يشمل القدس الشرقية المحتلة وفقاً للمعطيات الإسرائيلية الرسمية)، كانت هناك زيادة بنسبة 79% وفي لواء الجنوب بنسبة 64%، خصوصاً في العام 2020. ضمن ملخص البيانات للسنوات 2018-2020، تم تسجيل أعلى نسبة للمكالمات على خط الطوارئ "في البلدات البدوية" وفقاً للغة البحث، وذلك بمعدل 11.7 مكالمة لكل 1000 مواطن؛ وفي سائر البلدات العربية 9.8 مكالمة لكل 1000 مواطن في ثلاث سنوات. أما في البلدات اليهودية فكان المعدل أقل بكثير – 1.3 مكالمة لكل 1000 مواطن في ثلاث سنوات.
تم في الأعوام 2017-2020، تسجيل 10891 ضحية بالسلاح الناري في ملفات التحقيق الخاصة بشرطة إسرائيل، وهذا الرقم يشمل الجرحى والقتلى معاً، ولا يتم تصنيفهم "بسبب محدودية المنظومة المحوسبة الخاصة بجهاز الشرطة"، كما يقول البحث. وحوالي 84% من هؤلاء الضحايا كانوا من المواطنين العرب، وحوالي 12% من اليهود والباقون "عرب غير إسرائيليين" بلغة البحث. خلال هذه الفترة، في الأعوام 2017-2020، ازداد عدد الضحايا العرب بالسلاح في إسرائيل بنحو 72%. معدل ملفات التحقيق التي تضمنت ضحايا عرباً بالسلاح كان أكبر بـ30 مرة من التي تضمنت ضحايا يهوداً.
كان عدد المصابين الذين وصلوا إلى المستشفيات في السنوات المُشار اليها: 1405 جرحى، حوالي 89% منهم عرب (مواطنون وغير مواطنين)، 70 منهم ماتوا متأثرين بجراحهم في المستشفيات، وحوالي 81% منهم عرب. 69% من الضحايا يعيشون في بلدات عربية، 18% في بلدت مختلطة و 9% في بلدات اليهودية.
بين العامين 2017 و 2019، ارتفع عدد الضحايا العرب بنسبة 47%، أكثر من نصف هؤلاء الضحايا جاؤوا إلى مستشفيات المنطقة الشمالية. بين البالغين العرب في سن 25 وما فوق، كان معدّل الضحايا قياساً بعدد السكان بين العرب أكبر بـ 36 مرة مما هو بين اليهود. خلال هذه السنوات، تم إحضار 611 جثة لقتلى سقطوا جرّاء استخدام الأسلحة النارية إلى معهد الطب الشرعي الرسمي- 81% منهم من العرب.
حوالي 23000 ملف في جرائم استخدمت فيها أسلحة
فتحت الشرطة خلال هذه الأعوام حوالي 23000 ملف في جرائم استخدمت فيها أسلحة، قسمها البحث إلى ثلاثة أنواع من الجرائم:
• جرائم إطلاق النار.
• التجارة غير المشروعة بالأسلحة أو صنعها أو تهريبها.
• جرائم شراء الأسلحة أو حملها أو حيازتها أو نقلها.
خلال هذه الفترة، ارتفع عدد ملفات جميع جرائم الأسلحة بنحو 53% (من حوالي 4700 حالة في العام 2017 إلى ما يقرب من 7200 حالة في العام 2020). وينوّه البحث بتحفّظ: "قد تعكس هذه الزيادة (أيضاً) زيادة في إجراءات الإنفاذ من قبل الشرطة أو الشكاوى المقدمة إلى الشرطة، لكنها تتماشى مع الزيادة في عدد البلاغات المقدمة إلى خط الطوارئ 100 ومع عدد الضحايا".
من بين جميع قضايا جرائم الأسلحة، هناك ما يقرب من 13450 حالة علنية (أي حالات كانت هوية المشتبه به معروفة)؛ 78% منها المشتبه فيه مواطن/ مقيم عربي يعيش في إسرائيل، و 14% المشتبه فيه يهودي، "أي أنه يوجد تمثيل مفرط كبير للسكان العرب في إسرائيل: بين المشتبه بهم: في الأعوام 2017-2020، ارتفع عدد المشتبه بهم العرب المقيمين في إسرائيل في قضايا جرائم الأسلحة بنسبة 66%"، يشير البحث.
29% من المخالفات هي جرائم إطلاق نار؛ في 90% من المخالفات كان المشتبه به عربيا مقيما في إسرائيل وعدد هؤلاء تضاعف في السنوات الأربع الماضية. ثلثا المخالفات (66%) هي جرائم اقتناء أو حمل أو حيازة أو نقل سلاح؛ 80% منهم المشتبه بهم عرب مقيمون في إسرائيل. 5% من المخالفات تعد جرائم خطيرة نسبياً تتعلق بتصنيع أو بيع أو تهريب سلاح؛ ثلثا المشتبه بهم من العرب.
من ناحية عمر المتهمين: بين الأعوام 2017-2020، ارتفع عدد الشباب العرب (18-24) المشتبه بارتكابهم جرائم أسلحة بنسبة 83%. زاد عدد القاصرين العرب المشتبه بهم بارتكاب جرائم أسلحة خلال هذه الفترة بنسبة 69%، على الرغم من أن العدد الإجمالي كان صغيراً نسبياً. أما عدد المشتبه بهم البالغين الذين تبلغ أعمارهم 25 عاماً فأكثر فقد زاد بنسبة 64%. وخلال هذه الفترة كان هناك اتجاه مختلط (انخفاض ثم زيادة) في عدد المشتبه بهم اليهود من جميع الفئات العمرية.
تقول الشرطة إنه تم ضبط أسلحة وذخائر خلال العمليات اليومية في الأعوام 2017-2020، كالتالي: حوالي 27000 قطعة سلاح وذخيرة تم تسجيلها في 17860 ملف تحقيق - حوالي نصفها كانت ملفات مفتوحة تم فيها تسجيل مشتبه به أو مشتكى عليه. من بين الحالات المفتوحة التي عُرفت فيها هوية المشتبه به، 78% من الحالات المشتبه بهم عرب مقيمون في إسرائيل، و 15% منها يهود مشتبه بهم. تم في هذه الملفات المفتوحة تسجيل حوالي 14400 قطعة سلاح أو ذخيرة - أكثر من 2000 قطعة سلاح ناري (تمت مصادرة 1491 قطعة من مشتبه بهم عرب، و 338 من مشتبه بهم يهود).
يشير البحث الى أنه في القرار الحكومي رقم 852 الصادر في 35 آذار 2021، تقرر أن تقوم الشرطة بأنشطة لزيادة عمليات مصادرة أسلحة ومتعلقاتها، بما تؤدي إلى زيادة بنسبة 10% في مصادرة الأسلحة والذخائر المضبوطة في العام 2021. ولكن وفقاً لبيانات الشرطة، منذ العام 2019، كان معدل النمو السنوي في نطاق مصادرة الأسلحة والذخيرة أكبر من هذا بالفعل.
الشرطة تعجز عن تقديم تقدير لكمية الأسلحة غير القانونية
يقول البحث إنه في موعد إعداده، كان هناك 145656 سلاحاً نارياً مرخصاً في إسرائيل و 58539 ترخيصاً لأسلحة لمؤسسات (على سبيل المثال، سلطات محلية ووزارات حكومية وشركات أمن ومصانع). ولكن ليس لدى الشرطة، وفقاً لما ردّت على معدّي البحث، أي تقدير لكمية الأسلحة غير القانونية في إسرائيل. ولكن، في أيار الماضي، أعلن وزير الأمن الداخلي في جلسة الكنيست بكامل هيئتها أن هناك عشرات آلاف الأسلحة غير المرخصة في إسرائيل.
فيما يتعلق بسرقات أسلحة من قواعد ومستودعات الجيش الإسرائيلي، بحسب وزارة الدفاع، في الأعوام 2017-2020، سُرقت 272 قطعة سلاح ناري، وحوالي 29 ألف رصاصة وأكثر من 1200 أداة أخرى مثل متفجرات وعبوات ناسفة وقنابل يدوية. أفاد الجيش أيضاً بفقدان 232 قطعة سلاح، وهي ما توضع في خانة السرقة. يشير البحث الى تقرير سابق لمراقب الدولة العام 2018، أشار الى أن غالبية حالات السرقة لا يتم التبليغ عنها لدى الشرطة العسكرية (ذراع تابعة للجيش) على الإطلاق، وهناك قواعد في الجيش الإسرائيلي لا تملك معلومات دقيقة عن كل الأسلحة المسروقة منها. وبحسب رد الجيش الإسرائيلي على معدّي البحث، "تم تحديد مكان بعض الأسلحة المسروقة، ولكن ليس من الممكن إنتاج معطيات حول هذا".
ويتابع البحث: بحسب رد وزارة الدفاع على طلبنا، تجري التحقيقات في سرقة الأسلحة من قبل الشرطة أو الجيش، وفي بعض الحالات من قبل كليهما. وعلى الرغم من طلبنا، فإن الوزارة لم تمرر المعايير ذات الصلة بشأن تقسيم السلطة والمسؤولية عن إجراء التحقيقات. في العام 2018، تم إنشاء وحدة مشتركة للجيش الإسرائيلي والشرطة، يتمثل دورها في الانخراط في كشف وإحباط سرقة الأسلحة. وقالت الهيئتان إن هناك تعاونا جيدا بينهما في هذا الإطار. وفقاً لتقرير مراقب الدولة، في أيار 2021، لم يبدأ نشاط هذه الوحدة إلا في منتصف العام 2020، وهي تعمل عملياً بشكل جزئي بسبب "تغيير في تصورها التشغيلي".
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي عن "سلسلة من الخطوات التي اتخذها على عدة مستويات للحد من تسرب الأسلحة" من قواعده. وتشمل هذه الخطوات على المستوى التنظيمي تدابير لحماية معسكرات ومستودعات الأسلحة والذخيرة، بما في ذلك إخضاعها لمعايير صارمة، وتحديث الأنظمة والإجراءات التي تنظم حمل الأسلحة العسكرية خارج معسكرات الجيش، وتشكيل لجان تحقيق في سرقات الأسلحة من القواعد.
أخيراً، يتوقف البحث عند التحركات الحكومية، فيقول إنه في السنوات الأخيرة، كان هناك اعتراف متزايد بالحاجة إلى نظرة شاملة للتعاطي مع الجريمة في المجتمع العربي، بما في ذلك جرائم الأسلحة، بحيث لا تشمل المواجهة إجراءات الشرطة والإنفاذ فحسب، بل تشمل أيضاً رؤية واسعة للاحتياجات الاجتماعية، مثل الرفاه والتعليم والتوظيف والإسكان. وتمت التوصية بالتعامل مع الجريمة والعنف في المجتمع العربي بالتعاون مع العديد من الجهات: الوزارات الحكومية والسلطات المحلية وغيرها.
في نيسان 2021، تبنت الحكومة الحالية توصيات اللجنة التنفيذية كجزء من قرار الحكومة رقم 852، وفي مجال جرائم الأسلحة أضافت بضع خطوات تتجاوز توصيات لجنة سابقة: تعزيز عمليتين لجمع الأسلحة بشكل طوعي ممن يملكونها مرة أخرى في العام 2021؛ وتشكيل فريق للتعامل مع تسريب الأسلحة من الجيش. في 1 آب 2021، تبنت الحكومة القرار 292: خطة خمسية للمجتمع العربي، تهدف إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع العربي، ووضع ميزانية لهذا النشاط حتى العام 2026. وصودق على خطة متعددة السنوات للقضاء على الجريمة في المجتمع العربي، بميزانية قدرها 2.4 مليار شيكل. بانتظار التنفيذ على الأرض، يجدر التنويه إلى أن هذه القرارات شبيهة في مرتكزاتها وتوجهاتها بقرارات حكومات سابقة، وهي بموجب هذا البحث الجديد، لم تسهم في تغيير الحال.