المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 2083

قال وزير الطاقة والبنى التحتية الإسرائيلية يوفال شتاينيتس إن الوضع الأمني المتعلق برشق الحجارة وإلقاء الزجاجات الحارقة سيتغير قريباً بعد القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية قبل نحو أسبوعين.

ووصف شتاينيتس في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في ختام اجتماع المجلس الوزاري المصغر، الإجراءات التي تقرر اتخاذها بأنها صارمة لكنه في الوقت نفسه أكد أنها مدروسة ومن شأنها أن تؤدي "إلى كبح البركان قبل أن ينفجر"ن على حدّ تعبيره.

وكان المجلس الوزاري المصغر صادق على الإجراءات التي عرضها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لمكافحة عمليات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، ومن بينها توسيع تعليمات إطلاق النار، وفرض عقوبة السجن الفعلي لأربع سنوات في الحد الأدنى على بالغين أدينوا بارتكاب إلقاء حجارة وزجاجات حارقة بالإضافة إلى فرض غرامات باهظة عليهم.

كما تقرر تشديد الإجراءات ضد القاصرين من ملقي الحجارة والزجاجات الحارقة وضد أولياء أمورهم بما في ذلك إلغاء تحويل مخصصات التأمين الوطني التي تستحقها عائلات القاصرين المعتقلين.

وتم الاتفاق خلال اجتماع المجلس الوزاري بين وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان ووزير المالية موشيه كحلون على منح رجال الشرطة الذين يخدمون في القدس الشرقية هبات مالية على غرار تلك التي يتلقاها رجال الشرطة المرابطون في منطقة الحدود الشمالية. وتأتي هذه الخطوة بهدف تشجيع رجال الشرطة على أداء الخدمة في القدس الشرقية بعد أن تقلص عدد هؤلاء في إثر الصعوبات التي يواجهونها في الخدمة.

وقال رئيس الحكومة نتنياهو في ختام اجتماع المجلس الوزاري المصغر إن الحكومة تعتزم تغيير الوضع الذي ترسخ وكأنه يمكن في دولة إسرائيل إلقاء حجارة وزجاجات حارقة من دون أن يكون هناك رد، وأن يتم القيام بعمليات وقائية.

وتطرّق نتنياهو إلى آخر الأوضاع في الحرم القدسي الشريف فزعم: "إننا نحافظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة ولسنا نحن من يخرقه وكل الأقوال التي تزعم أننا نسعى للمس بالمقدسات الإسلامية هي مزاعم كاذبة ولا أساس لها إطلاقاً. لسنا نحن من يغير الوضع القائم، وأولئك الذين يدخلون العبوات الناسفة والمتفجرات إلى المساجد هم الذين يغيرون الوضع القائم".

وأضاف: "إننا نعمل بالطبع من أجل صون القانون والنظام العام والهدوء ونقول ذلك لكل جيراننا وندعو السلطة الفلسطينية إلى الكف عن تحريضها الوحشي في هذا الصدد".

وحمل رئيس تحالف "المعسكر الصهيوني" زعيم المعارضة عضو الكنيست إسحاق هيرتسوغ على قرارات المجلس الوزاري المصغر وأكد أنها جاءت متأخرة ولا تفي بما هو مطلوب. وأضاف هيرتسوغ أن نتنياهو معني بصنع عناوين صحافية وليس بالأفعال.
وقبل هذا الاجتماع أشارت وسائل الإعلام إلى أن نتنياهو طالب المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين بالمصادقة على استخدام الرصاص الحيّ ضد راشقي الحجارة في القدس الشرقية، وذلك في أعقاب الحادث الذي أودى بحياة ألكسندر لفلوفيتش، أحد سكّان القدس، والذي تسبب في موته بحسب الاشتباه رشق الحجارة على سيارته، وذلك لتمكين قوات الشرطة في القدس التي تواجه الفلسطينيين راشقي الحجارة من إطلاق الرصاص من نوع "توتو"- والمعروف باسم "روغر"- وهي عيارات نارية بقطر 22ر0 بوصة، وتأثيرها أقلّ من تأثير الرصاص العاديّ، لكنها قد تكون قاتلة أو تسبب أضرارًا خطيرة.

ووفق تقديرات منظمة بتسيلم، التي تتأسس على تجربة السنوات الأخيرة في الضفة الغربية، فإنّ مصادقة المستشار القانوني لن تؤدي إلى النتيجة التي تسعى إليها الحكومة، أي تهدئة المنطقة، وإنّما على العكس من ذلك، سوف تجلب عواقب وخيمة وإلى توسيع دائرة العنف. علاوة على ذلك، فإن قرارًا كهذا سيخالف تقرير "لجنة أور"، التي حدّدت بأنه "ينبغي أن يكون واضحًا، وبشكل قاطع، أن إطلاق الرصاص الحيّ على يد رجال الشرطة، بما في ذلك رصاص قناصة، لا يشكّل وسيلة لتفريق الحشود. الرصاص الحيّ هو وسيلة لعلاج حالات خاصة... يجب أن تنصّ القاعدة العامة على أنّه يمكن استخدام وسائل فتاكة فقط في الحالات التي يكمن فيها خطر حقيقي وفوري على حياة البشر".

وجاء في بيان أصدرته بتسيلم هذه الأيام:
منذ بداية العام الحالي (2015) قتلت قوات الأمن الإسرائيلية ثلاثة فلسطينيين في الضفة الغربية برصاص "توتو" في حوادث رشق الحجارة لم تواجه فيها قوات الأمن خطر الموت. كما قتل أربعة فلسطينيين، بينهم قاصران، على أيدي قوات الأمن في أحداث من هذا النوع بالرصاص الحيّ العادي. وهذا من ضمن 20 فلسطينيا قتلوا على يد قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ بداية العام. وأصيب عشرات الفلسطينيين في اشتباكات من هذا النوع، وبعضهم تعرّض لإصابات خطيرة.

وأضاف البيان: إلى جانب الخطر الكامن في السماح باستخدام سلاح فتاك، يتّضح من تجارب المراقبة المتراكمة، بعد إطلاق رصاص من نوع "توتو" في الضفة الغربية، أن هناك تآكلا تدريجيًا للقيود المفروضة على إطلاق النار، الأمر الذي أدى إلى زيادة استخدام هذا السلاح اليوم. ويطلق القناصة رصاص "توتو" بانتظام على الفلسطينيين في أنحاء متعدّدة في الضفة الغربية، في ظروف أبعد ما تكون عن تلك التي تجيز فيها التعليمات استخدام الذخيرة الحية. وعلى عكس التصريحات الرسمية التي يبدو فيها وكأنّ إطلاق النار مراقب ومحدّد، يبدو أن القوات الفاعلة في الميدان تتلقى بسهولة إذنًا بفتح النار على راشقي الحجارة، حتى عندما لا يشكّلون أي خطر على القوات. بالإضافة إلى ذلك، يطلق القناصة النار على مناطق في الجسم يحظر إطلاق الرصاص عليها، وبالتالي فهم يزيدون من خطر الإصابة القاتلة.

وقال البيان: تحذّر منظمة بتسيلم منذ سنوات من استخدام الجيش لرصاص "توتو" في المنطقة، كما أن تصريحات الناطق باسم الجيش الإسرائيلي وضباط الجيش والشرطة تتناقض مع تصريحات النائب العام العسكريّ بأن تعليمات استخدام رصاص "توتو" مقيّدة. وعمليًا، فإن الرسالة التي يبثّها الجيش للجنود في الميدان هي أن الحديث لا يدور حول سلاح فتاك وخطير وإنما حول وسيلة أخرى لتفريق المظاهرات. وهذه الرسالة مخالفة للقانون وتعرّض حياة البشر للخطر.
وتابع البيان:

تشير التقارير الإعلامية أيضاً إلى أن مجلس الوزراء صادق على خطة الشرطة التي تشمل استخدام الكلاب الهجومية واتخاذ تدابير العقاب الجماعي ضد سكان القدس الشرقية، بهدف الضغط عليهم لردع المشاركين في الاشتباكات. وتشير هذه التقارير إلى أن الحكومة عازمة على مواصلة التعامل مع الوضع في القدس الشرقية من خلال استخدام القوة. لقد جرّبت إسرائيل هذا الأسلوب في أماكن أخرى في الماضي. ولا جدال حول التزام السلطات بالحفاظ على النظام العام وحماية السكان، لكن الحديث يدور حول توجّه غير قانوني وغير أخلاقي، يتجاهل من جهة واقع الحياة في القدس الشرقية والانتهاكات اليوميّة للحقوق الإنسانيّة للسكان الفلسطينيين، ومن جهة أخرى يتخذ التدابير الأكثر عدوانيةً ضد هذا الجمهور نفسه.

جمعية حقوق المواطن: أعيرة "روغر" فتّـاكة!

ووجهت جمعية حقوق المواطن رسالة إلى المستشار القانوني للحكومة عبّرت من خلالها عن قلقها الشديد إزاء قرارات الحكومة باستخدام القناصة ضد راشقي الحجارة في القدس وفي النقب وإزاء التشريعات المقترحة لمواجهة التصعيد في القدس ومن ضمنها فرض عقوبات مالية على ذوي المشتبه بهم برشق الحجارة وسحب مخصصات التأمين الوطني.

وجاء في رسالة المحاميتين نسرين عليّان وآن سوتشيو، باسم جمعية حقوق المواطن، أن استخدام الأعيرة الحية كوسيلة لتفريق المظاهرات غير قانوني إطلاقاً وأن استخدام أعيرة "روغر" في الضفة الغربية المحتلة تؤكد أنّها أعيرة فتاكة أدت إلى التسبب بالإصابات الخطيرة وحتى الموت.

كما أكدت أن تغيير أوامر إطلاق النار وإتاحة استخدام هذا السلاح تعكس خرقا تاما للمبادئ الأساس الموجهة لسلطات تطبيق القانون في علاجها للمظاهرات، وهي تتجاهل توصيات "لجنة أور" فيما يتعلق بالوسائل المتاحة للتعامل مع المظاهرات.

وشددت الرسالة على أن صورة الوضع في القدس في العام الأخير توضح جليا أن إتاحة استخدام أسلحة جديدة أدت الى التسبب بإصابات بالغة الخطورة وحتى الوفاة، وان العديد من المصابين هم من غير الضالعين في المظاهرات. وتطرقت الى الاستخدام واسع النطاق للرصاص الاسفنجي (المطاطي) الأسود، والذي تم استخدامه منذ تموز 2014 بشكل غير تناسبي وخارج عن النظم، إذ أدت الأعيرة الى فقدان البصر لاثني عشر مقدسياً، نصفهم من الأطفال، أصغرهم يبلغ من العمر ست سنوات، وأنه على الرغم من تعريف الشرطة للأعيرة السوداء بأنها "سلاح غير قاتل" يهدف الى تحديد حركة متظاهر واحد فقط، فإن استخدامه أدى الى وقوع عشرات الإصابات الخطيرة والى استشهاد الفتى محمد سنقرط.

كما أوردت الرسالة تفاصيل إصابة ثلاثة مقدسيين من الرصاص الأسود مؤخرا، وأكدت أنه في الحالات الثلاث هذه أصيب الجرحى بواسطة قناصة وجهوا السلاح صوبهم بشكل مباشر ومن دون أن تكون لهم علاقة بالمظاهرات.

وقالت الرسالة إن الإفادات التي جمعتها الجمعية في العام المنصرم حول الرصاص المطاطي الأسود، وخصوصاً عدم الانصياع المنهجي لأوامر ونظم استخدام هذا السلاح، بالإضافة الى الإصابات الخطيرة التي تسبب به لعشرات المقدسيين غير الضالعين بالمظاهرات، تؤكد أنه يجب التوقف على الفور عن استخدام هذا السلاح، وكم بالحري السماح باستخدام سلاح فتاك أكثر خطورة على حياة المواطنين سيؤدي حتماً إلى زيادة عدد القتلى والجرحى.

كما تطرقت الرسالة الى الظروف الطوبوغرافية للقدس وأحيائها، وقالت ان هناك تخوفات حقيقية من احتمال وقوع إصابات خطيرة بين غير الضالعين بالمظاهرات بأعيرة الـ"روغر" الفتاكة.

كما عبرت الرسالة عن قلق الجمعية إزاء تصريحات منتخبي الجمهور والتي تعكس استباحة دم راشقي الحجارة الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بالتشريعات المقترحة لفرض غرامات على ذوي القاصرين المشتبه بهم بإلقاء الحجارة والتهديد بسحب مخصصات التأمين الوطني، جاء أن هذه التشريعات تناقض المبادئ الأساس للقانون الجنائي والتوجه الدستوري في القانون الإسرائيلي، والذي يستند على الحفاظ على كافة حقوق الإنسان للشخص المدان، وأن إدانته لا تسلب منه أي حق عدا عن الحكم الذي اتخذ بحقه في المحكمة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات