المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
سوق العمل الإسرائيلي: النساء عموما يعملن أكثر ويتقاضين أقل. (رسم تعبيري عن "دار")
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 35
  • هشام نفاع

أجرى مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست دراسة معطيات في موضوع تشغيل النساء العربيات في سوق العمل الإسرائيلية. وقال في مقدمته إنه يشكل تحديثاً لمستند سابق أُعدَّ في "المركز" في شباط 2022 حول الموضوع نفسه. ويُستدلّ من الدراسة أنه حتى نهاية العام 2024، لم يشارك أكثر من نصف النساء العربيات في سنّ العمل الأساسي (25-66 عاماً) في سوق العمل، حيث بلغت نسبة غير المشاركات 53%، بالإضافة إلى نحو 4% أخريات كنّ يبحثن عن عمل لكنهنّ بقينَ غير موظفات. رغم ذلك، شهد العقد الأخير ارتفاعاً متواصلاً في نسبة التشغيل، حيث ارتفعت من نحو 31% في العام 2014 إلى نحو 46% في العام 2024. وتقول الدراسة إنه على الرغم من كونه رقماً قريباً من الهدف الذي حددته الحكومة للعام 2026، فمع ذلك ما زالت نسبة تشغيل النساء العربيات منخفضة بشكل ملحوظ مقارنةً بمجموعات سكانية أخرى.

 وزارة الاقتصاد لم تقدّم معطيات عن برامجها برغم التوجهات

يُظهر تحليل خصائص تشغيل النساء العربيات العام 2023 فجوات كبيرة في حجم الوظيفة، القطاع الاقتصادي، ومستوى الأجور. وبين أبرز المعطيات:

- أقل من نصف النساء العربيات العاملات (47%) عملنَ بدوام كامل، مقارنةً بـ 56% من النساء اليهوديات. 

- 64% من النساء العربيات الموظفات انخرطنَ في قطاعات اقتصادية ذات أجور تقل عن 10,000 شيكل شهرياً. 

- متوسط الأجر الشهري للنساء العربيات العاملات في العام 2022 بلغ نحو 7,300 شيكل، وهو أقل بنسبة 44% من متوسط أجور النساء اليهوديات، و34% من متوسط أجور الرجال العرب. 

وينوّه مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست إلى أنه تواصل مع وزارة الاقتصاد والصناعة للحصول على معلومات وبيانات محدثة حول البرامج التي تنفذها الوزارة لتعزيز تشغيل النساء، ومع ذلك، ورغم التوجهات المتكررة، يؤكد، لم يتم تلقي أي رد. 

وفقاً لبيانات مسح القوى العاملة الصادر عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، بلغ عدد العرب في سنّ العمل الأساسي مع نهاية العام 2024 نحو 927 ألف شخص، منهم نحو 461 ألف امرأة و465 ألف رجل. نسبة العرب (رجالاً ونساءً) في سنّ العمل الأساسي (25-66 عاماً) غير المنخرطين في سوق العمل، أي الذين لم يكونوا موظفين ولم يبحثوا عن عمل بشكل نشط، هو أعلى بشكل عام من النسبة المقابلة بين اليهود. كما أن نسبة النساء العربيات غير المشاركات في سوق العمل مرتفعة بشكل خاص. 

عوائق بنيوية ترتبط بمعدلات تشغيل النساء العربيات المنخفضة

تقول الدراسة إنه خلال العقد الأخير لوحظت زيادة مستمرة في معدل تشغيل النساء العربيات، باستثناء انخفاض في العام 2020 بسبب أزمة كورونا. فقد ارتفع معدل تشغيل النساء العربيات بمقدار 15.3% - من 30.9% في العام 2014 إلى 46.2% في العام 2024، إلا أنه لا يزال منخفضاً بشكل ملحوظ مقارنة بمعدلات التشغيل لدى الفئات الأخرى.

أما بخصوص الرجال العرب، فقد لوحظ انخفاض في معدل التشغيل بين عامي 2018 و2020، وكان هذا التراجع أكثر وضوحاً في العام 2020، أيضاً بسبب تداعيات أزمة كورونا. ومع ذلك، بدأ معدل تشغيل الرجال العرب في الارتفاع والانتعاش مجدداً منذ العام 2021 واستقر عند مستوى مشابه لما كان عليه في بداية العقد. أما معدلات تشغيل اليهود (رجالاً ونساءً)، فقد ظلت مستقرة بدون تغييرات كبيرة طوال العقد.

وفقاً للدراسة فإن معدلات تشغيل النساء العربيات المنخفضة ترتبط بعدة عوائق، منها: نقص وسائل النقل العام المناسبة التي تربط أماكن سكنهنّ بمراكز العمل؛ قلة فرص العمل داخل البلدات العربية؛ نقص الحضانات ورياض الأطفال الخاضعة للرقابة في البلدات العربية بحيث يتاح للأمهات العمل أكثر؛ افتقار العديد من النساء إلى التعليم الكافي أو المهارات المهنية المطلوبة.

ويجب الإشارة هنا إلى أن هذه العوامل بنيوية أي لا تؤثر بشكل مخصوص على عمل النساء، بل إنها تحمل عواقب على مجمل المجتمع العربي في إسرائيل، فحرمان النساء من التأهيل المهني الكافي والأطفال من حضانات بلدية ضمن معايير سليمة ولائقة وآمنة، يؤثر على حياة الأسر بكاملها وبالتالي على البلدات والمجتمع كله.

معظم قرارات الحكومة لم تحقق الأهداف التي وضعتها

على مر السنين، أصدرت الحكومات الإسرائيلية عدة قرارات لتعزيز دمج العرب في سوق العمل. في تموز 2010، صدر قرار الحكومة رقم 1994، الذي حدد أهداف تشغيل للنساء العربيات حتى العام 2020: 41% للنساء بين 25-64 عاماً، و 42% للنساء بين 20-24 عاماً. لكن، كما يتضح من المعطيات المحدّثة، لم تصل نسبة تشغيل النساء العربيات في سنّ العمل الأساسي إلى الهدف المحدد في الموعد المقرر، بل تراجعت العام 2020 بسبب تداعيات جائحة كورونا. ولم يتحقق هذا الهدف إلا بعد ثلاث سنوات من الموعد المحدد، أي في العام 2023.

وكانت دراسة سابقة لمركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست أظهرت أنه بالنسبة للنساء العربيات في الفئة العمرية 20-24 عاماً لم تتحقق أيضاً أهداف التشغيل التي حددتها الحكومة.

ولقد صدرت في السنوات الأخيرة قرارات حكومية جديدة وأهداف تشغيل محدّثة. ففي آب 2021، صدر قرار الحكومة رقم 198، الذي تضمن خطة اقتصادية للعامين 2021-2022، وحدد هدفاً جديداً لمعدل تشغيل النساء العربيات في سنّ العمل الأساسي (25-66 عاماً)، وهو 53% بحلول العام 2030. لكن هذا القرار لم يشمل أي أهداف تشغيل محددة للنساء العربيات في الفئة العمرية 20-24 عاماً.

وفي قرار الحكومة رقم 550، الذي يهدف إلى تقليص الفجوات الاجتماعية في المجتمع العربي حتى العام 2026، تم تحديد هدف وسيط لمعدل تشغيل النساء العربيات في سنّ العمل الأساسي، وهو 46.3% بحلول العام 2026. تم تحقيقه تقريباً في الربع الأخير من العام 2024، حيث بلغ معدل تشغيل النساء العربيات 46.2%، أي بفارق ضئيل جداً عن الهدف المحدد.

توزيع النساء العربيات في سوق العمل وخصائص الوظائف

تشير البيانات المحدّثة إلى أن قطاعات التعليم والخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية كانت أبرز القطاعات التي تعمل فيها النساء بشكل عام في العام 2023. كانت نسبة النساء العربيات في هذه القطاعات أعلى من نظيراتهن اليهوديات: 30% من النساء العربيات كنّ يعملن في قطاع التعليم، مقارنة بـ 20% من النساء اليهوديات.

بالنسبة للرجال العرب، فقد عملوا بشكل مركّز في قطاعات المخازن، البريد، توصيل الارساليات، البناء، التجارة، وتصليح السيارات.

من حيث حجم الوظائف، 56% من النساء اليهوديات يعملن بوظائف بدوام كامل، في مقابل 47% فقط من النساء العربيات. 41% من النساء العربيات يعملن بدوام جزئي، مقارنة بنحو ثلث النساء اليهوديات. 12% من النساء العربيات كنّ في إجازة مؤقتة من عملهن، مقارنة بـ 10% من النساء اليهوديات.

هناك تغيرات في أنماط التوظيف بين 2019 و2023، فوفقاً لبيانات مكتب الإحصاء المركزي، شهدت النساء العربيات انخفاضاً ملحوظاً في نسبة العاملات بدوام كامل: تراجعت نسبة العاملات بدوام كامل من 64% في 2019 إلى 47% في 2023 (انخفاض بمقدار 17%). بالمقابل، ارتفعت نسبة العاملات بدوام جزئي من 31% إلى 41%، كما ازدادت نسبة النساء في إجازة مؤقتة من 6% إلى 12%. أما النساء اليهوديات، فلم تسجل تغييرات كبيرة لديهن خلال هذه الفترة.

معدلات الأجور والفجوات بين الشرائح العاملة المختلفة

تظهر البيانات الواردة في هذه الدراسة مثلما في دراسة سابقة أن هناك اختلافات بين العاملين الأجيرين اليهود وبين العاملين الأجيرين العرب سواء من حيث فجوات الأجور على خلفية الجندر أو في المناطق الطرفية.

في العام 2022، بلغ متوسط الأجر الشهري للعاملين في سن العمل الأساسي (25-66 عاماً) نحو 14,366 شيكلا. كان الرجال اليهود أعلى الفئات دخلاً، حيث بلغ متوسط دخلهم 20,464 شيكلا شهرياً. بالمقابل، كانت النساء العربيات أقل الفئات دخلاً، حيث بلغ متوسط دخلهن 7,319 شيكلا فقط.

بشكل عام، يتقاضى الرجال أجوراً أعلى من النساء في كل المجموعات: النساء العربيات يتقاضين رواتب أقل بنسبة 24% من الرجال العرب. النساء اليهوديات يتقاضين رواتب أقل بنسبة 36% من الرجال اليهود. مقارنة بين الفئات المختلفة: راتب النساء العربيات أقل بـ 44% من راتب النساء اليهوديات. راتب النساء العربيات أقل بـ 34% من راتب الرجال العرب.

تقول الدراسة إن مستويات الأجور المنخفضة للنساء العربيات قد تعود إلى عدة عوامل، منها: تواجدهن في قطاعات ذات رواتب منخفضة (وفقاً للبيانات، 64% من النساء العربيات يعملن في قطاعات لا يتجاوز فيها متوسط الأجر الشهري 10,000 شيكل). وانخفاض نسبة النساء العربيات العاملات بدوام كامل، حيث أن أقل من نصف النساء العربيات كنّ يعملن بوظائف بدوام كامل في العام 2023.

إن فجوة الأجور بين النساء العربيات وبين الشرائح الأخرى بارزة: 64% من النساء العربيات يعملن في قطاعات لا يتجاوز فيها متوسط الدخل الشهري 10,000 شيكل، وهذا مقابل: 45% من النساء اليهوديات و 22% فقط من الرجال العرب.

في بيانات نشرها البنك المركزي الإسرائيلي، "بنك إسرائيل"، جاء أن الفجوة في الأجور بين النساء والرجال في إسرائيل هي من الأعلى في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD. وتشير النتائج المنشورة في الأدبيات إلى أن النساء تشغلن مساحة أكبر في القطاعات التي تدفع أجوراً أقل.

أجور النساء العربيات أقل من غيرهن في القطاع العام

في العام 2022، بلغ عدد العرب العاملين في قطاع الخدمات الحكومية المركزية نحو 52 ألف موظف، ما يمثل 20% من إجمالي الموظفين في هذا القطاع. 69% من الموظفين العرب في الخدمات الحكومية المركزية كنّ نساء. متوسط الأجر العام في الخدمات الحكومية المركزية العام 2022 بلغ 14,766 شيكلا شهرياً. أما راتب النساء العربيات في الخدمات الحكومية المركزية فقد بلغ 11,975 شيكلا. صحيح أنه أعلى بكثير من متوسط راتب النساء العربيات في سوق العمل العام (7,319 شيكلا) لكنه ما زال أقل من رواتب الشرائح الأخرى في ذلك القطاع.

عموماً، أجور اليهود (رجالاً ونساءً) كانت أعلى من أجور العرب: راتب النساء العربيات أقل بنسبة 15% من راتب النساء اليهوديات. راتب الرجال العرب أقل بنسبة 6% من راتب الرجال اليهود.   الرجال يكسبون أكثر من النساء في جميع الفئات السكانية، لكن الفجوة أكبر بين العرب: راتب النساء اليهوديات أقل بنسبة 26% من راتب الرجال اليهود. وراتب النساء العربيات أقل بنسبة 31% من راتب الرجال العرب. 

وتشدد دراسة مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست على ما يلي: يبدو أن العمل في القطاع الحكومي يمنح النساء العربيات فرصة للحصول على أجور أعلى من السوق العامة، لكنه لا يلغي الفجوات الجندرية أو الفروقات بين المجموعات السكانية المتعددة.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات