المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1194
  • هشام نفاع

تجري في آخر أيام شهر تشرين الأول الجاري، الانتخابات العامة للسلطات المحلية في إسرائيل. وهي تشمل 253 سلطة محلية منها: 77 بلدية، 123 مجلسا محليا، و53 مجلسا إقليميا.​ ويبلغ العدد الإجمالي لأصحاب حق الاقتراع المسجّلين رسمياً نحو 7 ملايين و 150 ألف صاحب حق اقتراع.

​ وما زالت السلطات المحليّة التي أنهت فترتها، عملياً، تنتظر حصصاً من ميزانياتها الحكومية، وبعضها لم يتم تحويله بعد. في الأسبوع الماضي، اجتمعت لجنة المالية وصادقت على تحويل ميزانيات بمبلغ حوالي 816 مليون شيكل للسلطات المحلية. وأعلنت اللجنة: "تم تخصيص هذه الميزانيات، من بين أمور أخرى، لتعويض السلطات المحلية عن التخفيضات في ضريبة السكن (الأرنونا) في بلدات غلاف غزة (حوالي 36 مليون شيكل)؛ هبات تنموية وهبة أمنية خاصة لبلدية سديروت وبلدات غلاف غزة (حوالي 76 مليون شيكل)؛ توسيع الميزانيات المتوفرة حاليا لدى السلطات العربية (حوالي 200 مليون شيكل، بموجب قرار الحكومة رقم 550 لتقليص الفجوات في المجتمع العربي)، وميزانيات السلطات المحلية الدرزية (حوالي 76 مليون شيكل)؛ منحة العاصمة لمدينة القدس (حوالي 200 مليون شيكل)؛ مشاريع تنموية في  السلطات (حوالي 77 مليون شيكل)؛ تطوير السلطات المحلية في النقب الشرقي، وتطوير اقتصادي في كتسرين والجولان وجسر الزرقاء وبلدات أخرى".

ولكن حتى بعد هذا القرار أعلن ممثل وزارة المالية أنه "بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وزير المالية ووزير الداخلية، فيما يتعلق بمبلغ الـ 200 مليون شيكل للسلطات المحلية العربية، فإن هذا المبلغ سيتم تحويله من وزارة المالية فقط بعد إقرار آلية لفرض الرقابة والإشراف على الميزانيات". ومعنى هذا الموقف هو مواصلة المماطلة في تلقي المجالس العربية حقوقها وحقوق سكانها. وهذا فصل جديد في محاولات وزير المالية المستوطن بتسلئيل سموتريتش مصادرة هذه الميزانيات من المجالس العربية، بذريعة تعرّضها لتهديدات من عصابات الإجرام المنظم، هذا مع أن الحكومة التي تضم الوزير هي التي تواصل التقاعس في لجم هذا الإجرام.

29 رئيس سلطة محلية تعرضوا للتهديد 21 منهم عرب!

كُشف في جلسة رسمية عُقدت داخل الكنيست، وفقاً لوثيقة وضعها مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست مؤخراً، أن أكثر من نصف رؤساء السلطات المحلية الذين يقعون تحت طائلة تهديد جهات إجرامية في إسرائيل هم من رؤساء السلطات في المجتمع العربي. وقد بلغ عددهم العام 2023 نحو 29 رئيس سلطة محلية، فيما بلغ عدد الرؤساء الذين تعرضوا لتهديد في المجتمع العربي 21 رئيس سلطة محلية. وبموجب معطيات الشرطة فإن خلفية التهديدات تعود إلى مواضيع تخص المناقصات، وخلافات انتخابية، وسياسة الإنفاذ وكذلك تعيين موظفين وأصحاب مناصب في السلطة المحلية.

 وأظهرت معطيات الشرطة أيضاً أن 36% من رؤساء السلطات المحلية الذين تعرضوا للتهديد يقعون ضمن لواء الشمال في الشرطة، وأن 20% منهم هم من مناطق تقع تحت مسؤولية لواء الشاطئ والذي يقع أيضاً في شمال البلاد. وبحسب المعطيات فقد زاد عدد رؤساء السلطات المحلية الذين حصلوا على مساعدات مالية لتمويل خدمات الحراسة والأمن بين الأعوام 2018-2020. كما تشير المعطيات إلى أن وزارة الداخلية قد خصصت منذ العام 2020 نحو 2.5 مليون شيكل ميزانية للمساعدة في حراسة وحماية موظفي جمهور ليسوا من بين رؤساء السلطات المحلية أو منتخبي الجمهور.

هذه التفاصيل هي بمثابة "آخر الأخبار" في قطاع الحكم المحلي في إسرائيل، والذي يجرجر في الواقع حشداً من المشاكل والمصاعب. وهو ما كشف عنه تقرير مراقبة السلطات المحلية في إسرائيل للعام 2023 وتناول مجموعة من القضايا التي تقع في صميم عمل السلطات المحلية.

وفقاً للتقرير: تتولى السلطات المحلية في إسرائيل مسؤولية توفير الخدمات الحكومية والمحلية لسكانها، وتلبية احتياجاتهم اليومية. السلطات المحلية مسؤولة أيضاً عن كل من البنية التحتية الفعلية - تعبيد الطرق المحلية، وبناء وتخطيط المدن، وأنظمة الصرف الصحي، وتصريف مياه المجاري، والبنية التحتية الاجتماعية - الخدمات الاجتماعية، والخدمات التعليمية، والثقافية، والرياضية. تتمتع السلطة المحلية بقدر كبير من الاستقلالية في اتخاذ القرارات الواقعة ضمن نطاق مسؤولياتها، في كل ما يتعلق بطرق ووسائل ممارسة هذه المسؤوليات والموارد اللازمة لأجل ذلك وكذلك بتحديد أولويات الإجراءات في هذه المجالات.

ويقول المراقب: وضعت فصول التقرير على جدول الأعمال العام نتائج مراقبة هامة تمس مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك رفاهية الفرد، والخدمة للمواطن، وفعالية خطط الإنعاش، وتحصيل ضرائب البلدية، والخدمة البيطرية، والتخطيط والبناء وصيانة البنى التحتية.

"فشل مستمر على مدى أعوام طويلة لخطط الإنعاش"

تهدف خطط الإنعاش إلى التوصل إلى حل شامل لعجز السلطة المحلية، بحيث يكون من الممكن، من بين أمور أخرى، تقديم الخدمات البلدية بطريقة منصفة وفعالة لجميع سكان السلطة. بين عاميْ 2011 و 2020، عملت 71 سلطة محلية في إطار خطط إنعاش. ويتبين من عملية المراقبة لموضوع خطط الإنعاش المتبعة لدى السلطات المحلية أن السلطات المحلية الأربع التي تم فحصها وهي بستان المرج، بيت أرييه، جسر الزرقاء، وساجور - لم تستوفِ 84 من 186 من المتطلبات المحددة لها في إطار خطط الإنعاش الـ 13، ولذلك لم تحصل على قروض ومنح. ونتيجة لذلك، فشلت السلطات في الوصول إلى موازنة سنوية في الميزانية العادية، واستمرت في إدارة العجز المتراكم، على الرغم من المنح التي قدمت لها بمبلغ 62.9 مليون شيكل جديد إجمالاً وعلى الرغم من القروض الممنوحة لها بمبلغ 42.2 مليون شيكل جديد إجمالاً.

وبالتالي، يتابع التقرير، فإن الآلية التي اعتمدتها وزارة الداخلية لإنعاش تلك السلطات وتحسين أدائها ليست فعالة بما فيه الكفاية. إن الفشل المستمر على مدى أعوام طويلة لخطط الإنعاش يؤكد الحاجة إلى فحص جوهري لشكلها الحالي. يجب على السلطات المحلية زيادة معدلات التحصيل المنخفضة لضريبة البلدية (الجارية والديون المستحقة)، وخاصة المجلس المحلي جسر الزرقاء (35%) والمجلس المحلي ساجور (28%)، وإجراء مسوحات عقارية في الوقت المناسب وتحقيق جميع الأهداف المحددة لها في خطط الإنعاش. أما بالنسبة لمجلس بستان المرج الإقليمي والمجلس المحلي بيت أرييه، فيجب عليهما زيادة تحصيل بقية المدخولات الذاتية. ويوصي مكتب مراقبة السلطات المحليّة وزارة الداخلية بأن تقوم بعملية تعلم واستخلاص العبر ودراسة الخطوات والتدابير الإضافية التي ينبغي اتخاذها لمساعدة السلطات المحلية وسكانها. كما يوصي بالنظر في إمكانية تغيير شكل خطط الإنعاش للسلطات المحلية، خاصة على ضوء مسؤولية وزارة الداخلية وصلاحياتها، حتى تحقق هذه السلطات الاستقلال المالي والإداري.

قصور في نظام ضريبة البلدية بمعرفة وزارتي الداخلية والمالية

تناول التقرير أيضاً ضريبة البلدية (الأرنونا)، وهي الضريبة الرئيسة التي تقوم السلطات المحلية في إسرائيل بتحصيلها، وهي المصدر الرئيس لتمويل نفقات أداء وظائفها ولتقديم الخدمات الحكومية والمحلية لسكانها. يحمل الدخل من ضريبة البلدية تأثيراً كبيراً على قدرة السلطات المحلية على تقديم الخدمات وتعزيز استقلالها الاقتصادي وتقليل اعتمادها على الحكومة المركزية. تبين من عملية مراقبة قضية ضريبة البلدية لدى السلطات المحلية - تنظيم، فرض وتقديم خصومات، أنه في العام 2020، فرضت السلطات المحلية على مالكي العقارات الواقعة ضمن نطاق اختصاصها ضريبة بلدية بمجموع حوالي 34.6 مليار شيكل، حيث تم تحصيل من مجموع ذلك مبلغ 24.2 مليار شيكل تقريباً، وهو ما يمثل حوالي 60% من دخلها الذاتي. بلغ حجم الدين بضريبة البلدية لدى السلطات المحلية في نهاية 2020 31.7 مليار شيكل. خلال عملية المراقبة، تم الكشف عن أوجه قصور في مجالات تنظيم ضريبة البلدية، والأوامر المتعلقة بضريبة البلدية وفرضها، وطريقة قياس مناطق الأصول وفرض الرسوم عليها، وتقديم طلبات الموافقة الاستثنائية على التغييرات في ضريبة البلدية ومعالجتها، وتحصيل ضريبة البلدية والتعامل مع الديون وتوفير الخصومات. تشير نتائج عملية المراقبة إلى أن مجال ضريبة البلدية يتطلب التنظيم، من بين أمور أخرى، بسبب تعدد التصنيفات والمعدلات وطرق القياس، ويتميز بعدم التجانس وبعدم المساواة.

ويشدّد التقرير الرقابي: كانت وزارتا الداخلية والمالية على علم بأوجه القصور والتشوهات التي تميز نظام ضريبة البلدية في السلطات المحلية، حيث أنه وعلى مر الأعوام، تم تشكيل لجان مشتركة للوزارات لتصحيحها، ولكن لم يتم تنفيذ توصيات اللجان. يجب على بلديات أشدود وكفار سابا ونوف هجليل والمجالس المحلية كريات طبعون والرينة والمجلس الإقليمي عيمق يزرعيل العمل على تصحيح أوجه القصور ودراسة التوصيات الواردة في التقرير، ومن بين أمور أخرى يجب أن تعمل على زيادة معدلات تحصيل ضريبة البلدية (التي تبلغ حوالي 792 مليون شيكل في السلطات الست المذكورة) وتقديم خصومات على أساس قانوني مع ضمان الشفافية والمساواة. يجب على وزارتي الداخلية والمالية دراسة نتائج عملية المراقبة، ومناقشة توصيات اللجان والفرق الوزارية التي تم تشكيلها على مر السنين، والعمل بشكل مشترك لتنظيم مجال ضريبة البلدية في إسرائيل من جميع جوانبه.

معظم المواطنين المخضرمين خارج نطاق النشاطات المخصصة لهم

خصّص التقرير فصلاً حول معاملة السلطات المحلية للمواطنين المخضرمين الذين يسكنون في المناطق الواقعة ضمن نطاقها، مشيراً إلى أن الشيخوخة ظاهرة عالمية تطرح تحدّيات جديدة على الجهات المهنية في مجالات الخدمات الاجتماعية والرفاه والطب. ويقول: هناك زيادة في متوسط العمر المتوقع، وتلعب السلطات المحلية دوراً مركزياً في تقديم الخدمات لفئة المواطنين المخضرمين وفي تطوير حلول تناسب احتياجاتها الفريدة. يسكن في إسرائيل 1.16 مليون شخص من المواطنين المخضرمين، ونسبتهم من عامة السكان هي 12%. تمت الإشارة إلى أن مقدار الميزانية السنوية لمواطن مخضرم التي رصدتها وزارة الرفاه في العام 2021 في السلطات المحلية التي تم فحصها قد تراوح بين 141 شيكل و 772 شيكل. وتدل نتائج عملية المراقبة على أن السلطات المحلية التي شملها التدقيق لم تجرِ دراسات استقصائية للاحتياجات والرضى ولم تضع خططاً رئيسة استعداداً لشيخوخة السكان. متوسط عدد المشاركين شهريا في المراكز النهارية وأندية الإثراء في السلطات المحلية التي تم التدقيق فيها منخفض، ويتراوح من 9% إلى 30% من المواطنين المخضرمين الذين تتم معالجتهم من قبل أقسام الشؤون الاجتماعية. فيما يخص مسألة إتاحة وصول المواطنين المخضرمين إلى المعلومات وممارسة حقوقهم، تبين أن المعلومات الواردة على مواقع السلطات المحلية على شبكة الإنترنت ليست بارزة وليست متاحة بسهولة أمام فئة المواطنين المخضرمين، وأنه ليس الجميع على علم بحقوقهم.

كما وُجد أن متوسط عدد المرضى مقابل وظيفة العامل الاجتماعي في وحدات المواطنين المخضرمين في السلطات المذكورة كان 126 - 444، وأن وزارة الرفاه لم تحدد الحد الأقصى لعدد المواطنين المخضرمين الذين تتم معالجتهم من قبل العامل الاجتماعي، ولم تحدد متطلبات التجربة والتدريب الخاصة بالعمال الاجتماعيين الذين يعالجون المواطنين المخضرمين. وقد وجدت دراسة استقصائية للمواطنين المخضرمين أجراها مكتب مراقب الدولة أن 42% منهم ليسوا على دراية بالأنشطة الترفيهية التي تقدمها السلطات المحلية، وأن 64% من المواطنين المخضرمين المطلعين على الأنشطة يشاركون فيها؛ ويختار معظم المواطنين المخضرمين (63%) عدم المشاركة في الأطر المقدمة لهم بسبب قلة الاهتمام. ويوصي المراقب بأن توسع السلطات المحلية قنوات الاتصال مع المواطنين المخضرمين الذين يسكنون في المناطق الواقعة ضمن نطاق اختصاصها وتحسّن إمكانية وصولهم إلى المعلومات. كما يوصي بمسح احتياجات فئة المواطنين المخضرمين وإعداد خطط رئيسة تتضمن أهدافاً وغايات طويلة الأجل، والتي سيتم بموجبها تحديد طرق الاستجابة لاحتياجات هؤلاء السكان، الذين من المتوقع أن تستمر نسبتهم من السكان في النمو خلال السنوات المقبلة.

(يتبع قسمُ ثانٍ حول الموضوع)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات