قال تقرير جديد حول "صورة الأوضاع الاقتصادية- الاجتماعية في إسرائيل 2014" صدر أخيراً عن "مركز أدفا- معلومات حول المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل" إنّ معدّل الفقر في إسرائيل يبعدها جدًّا عن الغرب ويقرّبها من دول جنوب أميركا، بين تشيلي والمكسيك.
وأضاف التقرير: "يحبّ الإسرائيليّون موضعة أنفسهم كجزء من غرب أوروبا، لكن في غالبية المقاييس الاجتماعية والاقتصادية نحن مصنّفون في الهوامش الشرقية والجنوبية للقارّة. إنّ معدّل الدخل الصافي للمرافق البيتية شبيه بذلك الموجود في سلوﭬـينيا، إسبانيا، اليونان، وتشيكيا. كذلك هو، أيضًا، الناتج المحلّيّ الخام للفرد، ومعدّل الأجور في السوق. إنّ معدّل الفقر في إسرائيل يبعدها جدًّا عن الغرب ويقرّبها من دول جنوب أميركا، بين تشيلي والمكسيك".
وبحسب التقرير، في العقد الأخير (2004- 2013) شهد الاقتصاد الإسرائيليّ نموًّا تجاوز نموّ دول غرب أوروبا، لكن لا يمكن أن يكون ذلك وَحده كفيلًا بأن يقرّب إسرائيل منها. فأوّلًا، بُغية الوصول إلى مستوى المعيشة السائد هناك يجب أن تنمو إسرائيل بوتيرة أعلى من الوتيرة الحالية. وثانيًا، بُغية أن يرتفع مستوى معيشة جميع الإسرائيليين يجب أن تتوزّع ثمار النموّ الاقتصادي بشكل متساوٍ أكثر.
وقال التقرير: إنّ إسرائيل لا تبذل كل ما في وُسعها في استنفاد قدرتها الكامنة على النموّ، وذلك من بين أشياء أخرى بسبب غياب تسوية سياسية مع الفِلَسطينيين، وبسبب تواتر المواجهات العنيفة معهم. فلقد أدّت الانتفاضتان إلى إلحاق ضرر فعليّ بالاقتصاد الإسرائيليّ؛ لكن المواجهات المحدودة، أيضًا، تتكرّر جدًّا: حملة "أيام الغضب" (2004)؛ "قوس قزح" (2004)؛ "أوّل المطر" (2005)؛ "أمطار الصيف" (2006)؛ "شتاء ساخن" (2008)؛ "الرصاص المصبوب" (2008- 2009)؛ "عمود السحاب" (2012)؛ و"الجرف الصامد" (2014). إنّ الإسقاطات الاقتصادية المباشرة لكلّ واحدة من هذه المواجهات كانت محدودة أكثر - يقدّر بنك إسرائيل أنّ "الجرف الصامد" قلّصت الناتج المحليّ الخام بـ 3ر0% - لكنّ تراكمها يضرّ في المدى البعيد بمجموعات سكانية وبمناطق كثيرة، ويخلق جوًّا من عدم الاستقرار.
وأشار إلى أن الصعوبة الأخرى في الطريق إلى رفع مستوى المعيشة لمجمل الإسرائيليين هي أنّه في العقد الأخير على الأقلّ بدل أن تتغلغل ثمار النموّ في اتجاه الأسفل على حدّ ادّعاء أرباب الاقتصاد، فإنّها تتغلغل بصورة غير طبيعية في اتجاه الأعلى، بالذات. فحصّة المشغّلين من كعكة الدخل القوميّ ارتفعت في العقد الأخير، من 11% إلى 15% من الكعكة، وذلك على حساب العاملين، الذين تراجعت حصّتهم من 66% إلى 62%. والأجر الوحيد الذي ارتفع جدًّا هو أجر المديرين الكبار: ارتفعت كلفة أجرهم بين الأعوام 2000- 2010 ضعفين وأكثر. وفي العام 2013 وقف معدّل كلفة أجر المديرين العامّين للشركات الـ 100 الكبرى التي تُتداول أسهمها في بورصة تل- أبيب ("تل- أبيب 100") عند مبلغ سنويّ شامل من 158ر6 مليون شيكل، أو 513 ألف شيكل في الشهر.
وأكد التقرير أن الغنى يزداد، أيضًا، فبين الأعوام 2003- 2013 ارتفعت الأملاك المالية التي في حيازة الجمهور بـ 80% تقريبًا، من 704ر1 مليارات شيكل إلى 048ر3 مليار شيكل (بأسعار 2013). وبغياب معطيات عن توزّع هذه الأملاك بين طبقات المجتمع، يمكن فقط أن نقدّر على أساس ما هو معروف من بلدان أخرى أنّ قسمًا كبيرًا منها في حيازة العشر الأعلى، وداخله أساسًا الواحد من مئة والواحد من ألف الأعلى. في المقابل، فإن الكثير جدًّا من الإسرائيليين يتلقّون أجرًا معرَّفًا من قبل منظمة الـ OECD كمنخفض: حتى ثلثين من الأجر المتوسط. وفي العام 2012 وقفت النسبة عند 1ر22%، وقد موضعتنا قريبًا من أسفل سلّم الـ OECD - المكان الثالث من أسفل. أما الأجر الشهريّ للنساء، الذي وقف العام 2003 عند نسبة 2ر62% من الأجر الشهريّ للرجال، ارتفع العام 2013 إلى 1ر68%. والفرق الجِنْدَرِيّ في الأجر الساعاتيّ في المقابل مستقرّ جدًّا ويقف عند 5ر15%.
وانخفض أجر الأجيرين الغربيين (الأشكناز) العام 2013 من 42% فوق المعدّل إلى 32% فوق المعدّل. أمّا أجر الأجيرين الشرقيين (السفاراديم) فقد بقي على ما هو عليه، وهو يقف عند 11% فوق المعدّل. وأمّا أجر الأجيرين العرب فأقلّ بكثير من المعدّل؛ حيث يراوح منذ العام 2008 بين 68% و67% من المعدّل.
وقال التقرير إن معدّل البِطالة القطريّ منخفض- أقلّ من 6%- إلّا أنّ هذه النسبة تعكس، أساسًا، البلدات اليهودية في مركَز البلاد. وعند الابتعاد عن المركَز تزداد نسبة طالبي العمل جدًّا، وخصوصًا في البلدات العربية وفي قسم من بلدات التطوير: رهط (3ر33%)، أمّ الفحم (8ر30%)، عرّابة (8ر27%)، سخنين (8ر24%)، طمرة (9ر23%)، المغار (9ر23%)، يروحام (4ر16%)، وديمونا (4ر15%).
وأكد أن حكومة إسرائيل لا تقوم بموازنة النتائج غير المتكافئة للنموّ الاقتصادي. فالإنفاق الحكوميّ (بما في ذلك السلطات المحلية) الذي وقف العام 2013 عند 3ر41% من الناتج المحليّ الخام، وضع إسرائيل في كتلة واحدة مع دول في شرق أوروبا ودول ذات تقليد من الإنفاق الحكوميّ المنخفض، من قبيل نيوزيلندا وكندا (التي يقلّ إنفاقها على الأمن عن إنفاق إسرائيل). في حين أنّ الإنفاق الاجتماعيّ للحكومة (المخصّصات، الخدمات للأطفال، للمسنّين، للمعاقين، والامتيازات الضريبية) وقف في إسرائيل عند 8ر15% من الناتج المحليّ الخام، قريبًا من أسفل سلّم دول الـ OECD.
وأشار التقرير إلى أنه عندما دعا الوزير سيلـﭭـان شالوم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قائلًا له: "أرسل ابنك ليعمل سمكريًّا"، فإنّه عكس بذلك واقع سنوات طويلة فيها تميِّز مسارات مهْنية أو تكنولوجية، عادة، بلدات وأحياء عائلات قليلة الدخل. ويتضح من فحص أجري على أماكن وجود مدارس شبكتي التعليم المهْنيّ الكبريين في إسرائيل، "أورط" و"عَمال"، أنّه من بين 159 مدرسة لهاتين الشبكتين، 113 (71% من عددها الإجماليّ) كانت موجودة في بلدات ذات تصنيف اجتماعيّ - اقتصاديّ متدنٍّ: 35 في البلدات العربية، 43 في بلدات التطوير، و35 أخرى في بلدات أخرى مصنّفة ضمن المجموعات الاجتماعية - الاقتصادية المتدنية، 1 حتى 5. وفي غالبية البلدات المؤسسة اجتماعيًّا واقتصاديًّا، في حال كانت هناك مدارس مهْنية، فغالبًا ما يكون مقرّها في الأحياء "الجنوبية" (الفقيرة).