مثلما يتجسد الأمر أيضا في مسألة تقليل عدد الطلاب في الصفوف الدراسية، اهتم الوزير نفتالي بينيت وكبار مسؤولي وزارة التعليم بالإشارة المتكررة إلى أهمية تقليص الفجوات في التعليم. فنتائج امتحان بيزا الاخيرة من نهاية العام المنصرم أشارت إلى ان الفجوات بين المجموعات القوية والضعيفة هي من الاكبر عالميا والأكبر على الإطلاق في دول منظمة الدول المتطورة. وفقا لنتائج الامتحان فالفجوة بين طلاب من خلفية قوية وطلاب من خلفية ضعيفة هي 90 نقطة لدى المتحدثين باللغة العبرية و25 نقطة لدى المتحدثين باللغة العربية. في مجال العلوم لا يتفوق على إسرائيل سوى مالطا ولبنان وفي الرياضيات مالطا والصين. فمثلا الفجوات في فرنسا اقل بـ 4% وفي ألمانيا اقل بـ 11% وفي الدانمارك أقل بـ 20%.
يشير التحقيق الصحافي في "كالكاليست" إلى بحث اجراه البروفسور دان بن دافيد من مؤسسة "شورش" حيث يشير إلى ان الطلاب الضعفاء في إسرائيل هم أيضا الاضعف في العالم المتطور. فقد نال هؤلاء علامة 291 في امتحان بيزا الأخير مقابل 315 لدى الطلاب الهنغاريين، 340 لدى الطلاب البريطانيين، و369 لدى الطلاب الضعفاء في اليابان.
كذلك فان الطلاب الأقوياء في إسرائيل هم من الثلث الأدنى في دول المنظمة. فقد نال هؤلاء علامة 643 في امتحان بيزا الاخير اقل من النمساويين بعلامة 647 والكوريين بعلامة 670. يقول الباحث إنه بما ان هناك قطاعات كثيرة في المجتمع الإسرائيلي مثل الحريديم لا يتقدمون بالمرة لامتحانات التقييم الدولية فان هذه النتائج لا تعكس الواقع بشكل كامل. بكلمات اخرى لو كانت أمامنا عينة استطلاع كافية لأدت إلى وضع أسوأ.
لمعالجة الفجوات اعتمدت الوزارة في السنوات الثلاث الأخيرة، جزئيا، طريقة توزيع نسبي بالميزانيات على خمسة أخماس اقتصادية. وفقا لمعطيات الوزارة تم عام 2015- 2016 بالمعدل استثمار 1ر19 ألف شيكل للطالب من الخمس الاضعف مقابل 9ر17 ألف شيكل في السنة التي سبقتها و2ر17 الف شيكل في السنة التي سبقتها. بالمقابل فان الطالب من الخمس الأقوى تلقى عام 2015- 2016 بالمعدل 6ر14 ألف شيكل وفي السنتين السابقتين بالتلاؤم 1ر15 ألف شيكل و6ر15 ألف شيكل.
لجنة متابعة التعليم العربي تشير في موضوع التمويل النسبي إلى وجوب وضع خطة شمولية لسد الفوارق الكبيرة بين التعليم العربي والتعليم العبري في الساعات التعليمية والسلال والبرامج ومعدل الاستثمار السنوي في الطالب، حيث تستثمر وزارة التعليم 27 ألف شيكل بالمعدل سنويا في الطالب اليهودي في التعليم الرسمي و33 ألف شيكل في التعليم الرسمي الديني وتستثمر في الطالب العربي فقط 20 ألف شيكل.
بكلمات اخرى، لخص محلل "كلكاليست"، هناك اتجاه بطيء لرفع الميزانيات بواسطة ساعات التعليم في المدارس ضمن العناقيد الاقتصادية الاجتماعية الضعيفة ولكن مقابل خفض الميزانيات ممن ينتمون لخلفية قوية، مع هذا فان العديد من الجهات في جهاز التعليم تؤكد أن الميزانيات المشار إليها غير كافية لتقليص الفجوات أيضا بسبب وجود جهاز تعليم نصف خاص او كما يسمى "غير رسمي". هنا المقصود مدارس مفتوحة، ديمقراطية، تجريبية، حريدية، ومدارس للتعليم الخاص. فهذه يمكنها توفير شروط أجور أفضل للمعلمين وبالتالي جلب معلمين أفضل من المدارس العامة.
إشكالية وخصوصية ثقافية وسياسية للعرب
الهيئات العربية المشار اليها أعلاه، والتي وضعت ملخصات الوضع التعليمي، توقفت عند قضايا عينية ومشاكل محددة لا تشغل بالقدر نفسه جهاز التعليم الرسمي العام في إسرائيل. ومنها المتعلق بالنقص في فرص عمل الخريجين في المجالات التعليمية والتربوية. وهي تسجّل أن هناك أكثر من 12 ألف خريج/ة وأكاديمي/ة عربي معطلين عن العمل. ويستوجب الأمر بناء برامج ومسارات تأهيل، من اجل استيعابهم في جهازي التربية والتعليم العربي والعبري وفي سوق العمل، وفق الاحتياجات، وتخصيص مئات الملاكات والساعات التي تنقص جهاز التربية والتعليم العربي في الاستشارة التربوية والنفسية وانتظام الدوام والمواضيع العلاجية.
ثمة قضية اخرى تتسم بقدر عال من الخصوصية ومن الخطورة معا، هي تفشي العنف في المدارس. وتوصي الهيئات الناشطة والعاملة قطرياً في مجال التعليم العربي بوجوب بناء خطط شمولية مستدامة وممولة للحد من مظاهر وسلوكيات العنف المتفاقمة في المدارس ومن اجل توفير بيئة تربوية وتعليمية آمنة وملائمة وكذلك لمعالجة ظاهرة التسرب في أوساط الطلاب العرب والتي يصل معدلها إلى 3ر22% وفي النقب لحوالي 36%.
وقد لخصت تلك الهيئات الخطوط العريضة ومسارات الحل كالتالي: لم نر بعد تغييرات جدية في الواقع فيما يخص الشراكة الفعلية. كما تحاول الوزارة تغييب الرؤية الشاملة والمطالب الجماعية للتعليم العربي. لن يُكتب النجاح لأي خطة لا تتعاطى ولا تتجاوب مع احتياجات التعليم العربي التربوية وحقوقه الجماعية، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تدرك أنه لا مفرّ من إشراك الهيئات التمثيلية- لجنة متابعة التعليم العربي واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في القرارات وفي السياسات التربوية، بعيداً عن نهج الوصاية والإقصاء.