منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، اتسمت العلاقة بين إسرائيل وحزب الله بجولات من المواجهة العسكرية، والردع التكتيكي المتبادل، وديناميكيات من القوة والدبلوماسية المرتبطة بالصراع بين إسرائيل ومحور الدول المعتدلة من جهة، وإيران ومحور الممانعة من جهة أخرى. تمثل الحرب الحالية على غزة، التي انضم إليها حزب الله مباشرة في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مرحلة حرجة أخرى في تاريخ علاقات إسرائيل- حزب الله. تقدم هذه المقالة موجزا لهذا التاريخ وتطوره وصولا إلى الوضع الراهن.
أفضت نتائج انتخابات مجلس العموم البريطاني في الرابع من تموز الأخير، إلى فوز حزب العمّال بغالبية مقاعد البرلمان، ليعود إلى السلطة بعد أربعة عشر عاماً من حكم منافسه التاريخي حزب المحافظين. تعاملت الحكومة العمّاليّة الجديدة برئاسة كير ستارمر مع عدد من القضايا المتعلقة بحرب الإبادة الإسرائيليّة في غزّة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وإن كانت الحكومة لا تسميها وتتعامل معها كحالة إبادة، فإن غزّة كانت قضيّة انتخابيّة بارزة في الانتخابات الأخيرة، ووضعت تحدّيات أمام حزب العمّال تجاه شعبيّته خصوصاً بين القواعد التاريخيّة من المسلمين واليسار، وما زالت، على الرغم من الخطوات المهمّة التي اتخذتها الحكومة الجديدة لصالح الفلسطينيين.
رغم النجاحات الكبيرة التي حقّقتها إسرائيل في مجال التطوير الرقمي والتكنولوجي على مختلف أنواعه، ولا سيّما التكنولوجيا الفائقة، بشكلٍ منحها ميزة كبيرة في هذا المجال لاقت ترجمتها في مجمل القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية الداخلية وعلاقاتها الدولية ومكانتها كـ "وادي السيلكون" رقم (2) بعد الولايات المتحدة الأميركية؛ فإن الجدل حول قدرتها على الاستمرار في التطور بمنحنيات مرتفعة ومستقرّة كما كانت عليه الحال في السنوات الأخيرة باتت موضع تشكيك بالنظر، من بين أمور أخرى، إلى الاعتبارات الديمغرافية والنمو السكاني للمجموعات المتعدّدة داخل المجتمع الإسرائيلي، وهذا ما تؤكّد عليه بعض الدراسات والأبحاث الصادرة عن مراكز ومعاهد أبحاث وجامعات ومتخصّصين في هذا المجال.
تواصل استطلاعات الرأي العام الإسرائيلية، منذ قرابة 10 أشهر، منح قوة زائدة جدا لحزب "إسرائيل بيتنا"، بزعامة أفيغدور ليبرمان، من 6 مقاعد حاليا، إلى ما بين 12 وغالبا 14 مقعدا، إلا أن هذه القفزة لهذا الحزب الجالس في صفوف المعارضة البرلمانية، لا يوجد لها ما يبررها، إذ إنه لا يطرح البديل السياسي، بل من حيث الجوهر هو مؤيد لنهج الحكومة الحالية، ويدعو إلى ما هو أشد في الحرب الدائرة، ويتجنب دخول الجدل حول "إبرام صفقة تعيد الرهائن"، إذ يبدو له أنه حقل شوك، قد يصطدم فيه مع توجهاته. وفي المقابل، وعلى الرغم مما يبدو أنه "غليان" في الشارع الإسرائيلي، فإن مجموع مقاعد الائتلاف الحاكم الحالي في ارتفاع بطيء مستمر، وبالذات في قوة الليكود. مع الإشارة مجددا إلى الخلل المستمر في استطلاعات الرأي لانتخابات قد تجري في موعدها بعد نحو عامين من الآن.
ترى أغلبية واضحة من الجمهور الإسرائيلي عامة (57,5 بالمائة) وأغلبية كبيرة من الجمهور اليهودي في إسرائيل (66,9 بالمائة) أنه يتعين على إسرائيل تصعيد وتوسيع عملياتها العسكرية على الحدود الشمالية مع لبنان، سواء من خلال المبادرة إلى شن هجوم واسع في عمق الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تدمير البنى التحتية في لبنان (39,4 بالمائة من الجمهور العام و66,2 بالمائة من الجمهور اليهودي و6 بالمائة من العرب في إسرائيل)، أو من خلال تصعيد الردود العسكرية تجاه حزب الله اللبناني، لكن مع تجنب المس بالبنى التحتية في لبنان (18,1 بالمائة من الجمهور العام و20.7 بالمائة من الجمهور اليهودي و5,4 بالمائة من العرب في إسرائيل). في المقابل، ترى أقلية واضحة أنه ينبغي على إسرائيل إمّا "مواصلة القتال مع حزب الله بالوتيرة الحالية" (8 بالمائة من الجمهور العام، 8,6 بالمائة من الجمهور اليهودي و4.9 بالمائة من الجمهور العربي) وإمّا السعي إلى التوصل إلى تسوية سياسية مع حزب الله اللبناني "رغم احتمال اندلاع مواجهة إضافية أخرى بين الطرفين في المستقبل، القريب أو البعيد" ـ 27 بالمائة من الجمهور العام في إسرائيل، 16,8 بالمائة من الجمهور اليهودي، مقابل أغلبية ساحقة (76,6 بالمائة) من العرب في إسرائيل.
نشر معهد أبحاث ومعلومات الكنيست دراسة جديدة موضوعها عنف الشرطة الإسرائيلية مع التركيز على المظاهرات والنشاطات الاحتجاجية. إذ بلغ عدد الشكاوى المقدمة إلى "ماحش" (وحدة التحقيقات مع أفراد الشرطة) في جميع الظروف العام 2023 كله 1482 شكوى، مقابل 753 شكاوى في نصف العام 2024 (حتى 10 حزيران) وبلغ عدد الشكاوى على استخدام الشرطة للقوة في المظاهرات العام 2023 كله 117 شكوى مقابل 33 شكوى في نصف العام 2024 (حتى 10 حزيران).
الصفحة 2 من 320