"لا نريد عرباً في المدرسة"- هتاف انطلق من حناجر عشرات الطلاب وصدح في حرم مؤسسة تعليمية رسمية (حكومية) وترددت أصداؤه خارج جدرانها لتملأ فضاء المدينة كلها. وقد حدث هذا قبل نحو أسبوع، لدى عودة الطالبة العربية (13 عاماً) إلى المدرسة التي تتعلم فيها ("المدرسة الشاملة زيلبرمان") في مدينة بئر السبع، بعد أيام الإبعاد عن الدراسة التي فرضتها عليها إدارة المدرسة، عقاباً لها على رأيها الذي عبّرت عنه خلال حصة تدريسية في موضوع الجغرافيا في صفّها التعليميّ وقالت فيه إنه "في غزة أيضاً يُقتَل أناس أبرياء، بينهم أطفال... في غزة يوجد أطفالٌ يُقتَلون ويعانون من الجوع وبيوتهم قد تهدّمت"! وذلك في تعقيبها على ما شرحته المعلّمة أمام طلاب الصف، يوم 19 أيلول الماضي، عن أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. غير أن المعلّمة اعتبرت رأي الطالبة العربية "تحريضاً على الجنود الإسرائيليين" ثم غادرت الصف تاركة الطالبة إياها وحيدة بين "زملائها" الطلاب اليهود الذين بدأوا بشنّ هجوم واسع ضدّها في المدرسة وهم يرددون هتافات عنصرية، من بينها "لتحترق قريتكم" و"أنت حماس، إرهابية"، إضافة إلى الشتائم الشخصية البذيئة. ثم اتسع الهجوم العنصري الإرهابي ضد الطالبة العربية فانضم إليه عشرات آخرون من طلاب المدرسة، فاق عددهم الـ 13 طالباً.
أعلن مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية ومفوض شكاوى الجمهور أواخر الشهر الفائت أنه "على خلفية القتال في الشمال وإعلان الوضع الخاص على الجبهة الداخلية، فإن الخط الساخن لمفوضية شكاوى الجمهور يستأنف نشاطه. وسيساعد الخط في الشكاوى المتعلقة بحالة الطوارئ". هذه الرسالة مفادها أن الإخفاقات متواصلة لدى هيئات ومؤسسات الحكم، التي يتهمها المراقب بالتنصل من مسؤوليتها تماماً.
تنظر إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى هذه الحرب بوصفها "حربا وجودية" وتتصرف وفقاً لهذه النظرة؛ إذ ترى أنها تخوض المواجهة على سبع جبهات: جبهة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة؛ الجبهة الشمالية مع حزب الله؛ المواجهة مع الحوثيين في اليمن؛ المواجهة مع فصائل المقاومة في العراق؛ التنظيمات الموالية لإيران في سورية والمواجهة المباشرة مع إيران التي وصلت ذروتها مؤخراً في الرد الإيراني على اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
في 28 آب 2024، أنشأ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالنت منصباً جديداً يحمل اسم "رئيس وحدة الجهود الإنسانية- المدنية في قطاع غزة". رأى بعض المسؤولين الإسرائيليين أن هذا المنصب يشبه إقامة جسم مقابلٍ للإدارة المدنية لكنه يعمل في قطاع غزة، بينما قال ضباط آخرون أيضاً في الجيش الإسرائيلي إن إنشاء هكذا منصب لا يعبر عن حاجات تكتيكية، وإنما يشير إلى "مهمات" قد تمتد إلى سنوات في المستقبل.
تستعرض هذه المقالة هذا المنصب المستحدث، الذي يضع سكان غزة، وحاجاتهم الإنسانية من طعام، وعلاج، ورعاية، وإعادة إعمار، والعلاقة بين قطاع غزة والمجتمع الدولي، تحت إدارة الجيش الإسرائيلي، وهو ما يشير إلى بداية عودة الاحتلال المباشر لقطاع غزة.
في 28 أيلول 2024، فرضت إسرائيل حصارًا عسكريًا على لبنان، شمل البر والجو والبحر، وذلك عقب اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، في خطوة تصعيدية جديدة ضمن سياق المواجهة المتزايدة بين الطرفين.
الحصار العسكري الذي تفرضه إسرائيل يحمل أبعادًا استراتيجية وأمنية تهدف إلى الضغط على حزب الله وإضعاف قدراته العسكرية، إلا أن تداعياته تتجاوز الحسابات العسكرية لتشمل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في لبنان، فضلًا عن الآثار السياسية على مستوى الداخل اللبناني وعلى المستوى الإقليمي. في هذا المقال، نستعرض معنى الحصار العسكري وطبيعته، إضافة إلى أدواته العسكرية والسياسية، وكيف يمكن أن يؤثر على معادلة المواجهة في لبنان.
انعكس عام الحرب الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني، على نسبة التكاثر السكاني، التي سجلت أدنى نسبة على الإطلاق، بحسب ما نشره مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، في الأيام الأخيرة، بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة، وبلغت النسبة 1.2%، في مقابل معدل تراوح في السنوات العشر الأخيرة بين 1.8% إلى 2%. وبحسب ما نشر، فإن هذا يعود إلى ارتفاع كبير في أعداد مغادري البلاد إلى أمد طويل مع نية الهجرة. كذلك انعكست آثار الحرب على انهيار السياح الوافدين، إلى نحو مليون شخص، وهو أدنى من عامَيّ كورونا، وغالبية الوافدين هم من اليهود، إما لزيارات عائلية أو دينية، ما أفقد الاقتصاد الإسرائيلي مداخيل تعادل 5.2 مليار دولار.
الصفحة 7 من 326