المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 2636

عقدت الهيئة العامة للكنيست يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، 10 شباط، جلسة خاصة بطلب من كتل المعارضة، لبحث مسألة "حل الدولتين للشعبين" وفق عنوان الجلسة، وذلك بعد أربعة أيام على إقرار الجلسة الاستثنائية لمؤتمر حزب "العمل" المعارض، الخطة التي طرحها رئيس الحزب إسحاق هيرتسوغ للانفصال من جانب واحد.

واتضح أكثر من سلسلة الخطابات التي ألقيت، وخاصة من الشخصيات ذات التأثير في أحزابها، وجود أغلبية كبيرة وحاسمة في الكنيست تقدّر بنحو 90 نائبا ستؤيد خطة الانفصال من جانب واحد عن الضفة المحتلة، بينما الفروق التي ظهرت لا يمكن اعتبارها ذات مغزى.

وخطة الانفصال من جانب واحد مطروحة على مدى سنين في الحلبة السياسية الإسرائيلية، وكان من توقع لها أن تكون الخطوة التالية بعد اخلاء مستوطنات قطاع غزة، على أن يرسم جدار الاحتلال حدود المنطقة التي ستنفصل عنها إسرائيل في الضفة. إلا أنه في منتصف شهر كانون الثاني الماضي، ظهر تطور جديد بإعلان رئيس حزب "العمل" هيرتسوغ، عن خطة انفصال من جانب واحد، بزعم أن الأوضاع الراهنة لا تسمح بإقامة دولة فلسطينية، وفي ذات الوقت أعلن عن تمسكه بمبدأ "حل الدولتين".

وتنص خطة هيرتسوغ على استكمال جدار الاحتلال حول الكتل الاستيطانية، وأيضا في الضفة، وأن يبقى جيش الاحتلال في جميع أماكن تواجده في الضفة، مشددا على رفضه تشكيل أي جيش آخر "بين البحر والنهر"، وبتر 28 حيا مقدسيا أسماها "قرى" عن مركز المدينة، وتضم نحو 200 ألف مقدسي، "من أجل الحفاظ على غالبية يهودية كبرى في القدس، وعدم الوصول إلى وضع يكون فيه رئيس بلدية فلسطيني للقدس"، بحسب تعبيره من على منصة الكنيست في الجلسة المذكورة.

وتدعو خطة هيرتسوغ أيضا لنقل "صلاحيات مدنية" إلى الجانب الفلسطيني، بموازاة الانفصال من جانب واحد، ثم إلى عقد مؤتمر إقليمي "مع الدول المعتدلة"، فقط لبحث الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط، وليس السعي لإقامة دولة فلسطينية.

ويظهر جليا من سلسلة الخطابات التي كانت في تلك الجلسة وجود أغلبية تؤيد الخطة من حيث الجوهر، خاصة وأن هذه الخطة سبق لليمين المتشدد أن طرحها، ولكن كحل نهائي، أو حل طويل الأمد، وهي لا تبتعد كثيرا عما طرحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في شهر حزيران العام 2009، في جامعة بار إيلان، وأطلق عليه "خطاب بار إيلان".

ومن الممكن لمس هذا التأييد من خطاب رئيسة حزب "الحركة" تسيبي ليفني وشريكة هيرتسوغ في قائمة "المعسكر الصهيوني" التحالفية، ما يعكس تماسك التحالف حول الخطة. كما ظهر التأييد الضمني في خطاب رئيس المخابرات العامة "الشاباك" الأسبق، يعقوب بيري، الشخصية البارزة في حزب "يوجد مستقبل" المعارض.

أما خطاب بنيامين نتنياهو فإنه لم يُظهر أي اختلافات جوهرية، لا بل راح "يؤنب" حزب "العمل" بأنه "استفاق متأخرا على واقع الأوضاع الإقليمية".

ونعرض في ما يلي مقاطع مركزية من الخطابات التي ألقيت في تلك الجلسة، والمتعلقة بالموقف من خطة الانفصال من جانب واحد.

بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء ورئيس حزب "الليكود")

كنت قد أوضحت قبل 7 سنوات، في الكلمة التي ألقيتها في جامعة بار إيلان، ما هو المطلوب لإنهاء الصراع بيننا وبين الفلسطينيين. وقد أكدت حينها على مبدأين أساسيين لن يتحقق من دونهما السلام الحقيقي والثابت: المبدأ الأول هو الاعتراف المتبادل. إذ يطالبنا الفلسطينيون بالاعتراف بدولتهم القومية، ما يعني أنهم سيضطرون ضمن أي تسوية سلمية للاعتراف بدولتنا القومية، حيث من الطبيعي أن يقدّموا لنا ما يطلبونه لأنفسهم.

أما المبدأ الثاني فهو نزع السلاح، حيث يجب أن تكون الأراضي الفلسطينية خالية من أي قوى معادية لإسرائيل. وسيوافق الكثيرون على هذه المقولة إلا أن التجربة تعلّمنا أن الجيش الإسرائيلي وحده قادر على ضمان كون الأراضي الفلسطينية منزوعة السلاح. ولن تستطيع الأمم المتحدة أو أي قوة دولية ضمان ذلك، بل إن هذا بمقدور الجيش والدوائر الأمنية الإسرائيلية وحدها.

بالتالي فإنه لدى الحديث عن الانفصال عن الفلسطينيين سواء أكان مقترنا بالتسوية من عدمه، يجب أن ندرك أمرا بسيطا مفاده كالآتي: يستحيل تحقيق الانفصال أمنيا، حيث لا يوجد شيء كهذا على الإطلاق، بل لزام على إسرائيل أن تبقى الجهة المسؤولة عن الأمن ميدانيا، والجهة التي تفرض على أرض الواقع نزع السلاح، ولا بديل عن ذلك. وعليه أكرر القول: إن الاعتراف المتبادل ونزع السلاح يمثلان الركيزتين الأساسيتين التي لن تتحقق من دونهما أي تسوية.

وأرجو التوضيح مرة أخرى، ربما للمرة الألف، أنني لم أشترط الدخول في المفاوضات باعتماد هاتين الركيزتين، لكنني أوضحت أن إنجاز المفاوضات بالنجاح يتطلب تحقيقهما.

وقد أوضحت قبل عام، أنه كما يبدو وسط الظروف الراهنة فإن حل الدولتين للشعبين غير قابل للتطبيق، بالنظر إلى التغييرات الهائلة الجارية في منطقتنا، حيث تسيطر القوى المتشددة على أي منطقة يتم إخلاؤها سواء أكانت في العراق أم في سورية وليبيا واليمن وغيرها. وقد تتفاجأون لو علمتم أو تذكرتم أنكم انقضضتم عليّ بغضب شديد. وقد حدث حادث جديد مطلع الأسبوع الحالي، وتحديدا يوم الأحد الماضي، إذ توصل أعضاء حزب "العمل" خلال مؤتمرهم إلى قناعة بأنه يستحيل في الظرف الراهن تطبيق حل الدولتين للشعبين. هل هذا الموقف يبدو لكم جديدا؟ يا هيرتسوغ، يسرني أن تكون قد استفقت؛ ويا حزب "العمل"، صباح الخير، وأهلا وسهلا بك في الشرق الأوسط. لقد دقت الساعة المنبِّهة، ولعلكم أصبحتم في نهاية الأمر تفقهون الأوضاع في المنطقة التي نعيش فيها. ولم تستشرفوا الأحداث لدى نشوئها بل إنكم آخر من يرصد الواقع على حقيقته.

إن رؤيتي ثابتة، حيث لا أريد الدولة ثنائية القومية، ولا أرغب بتحويل أكثر من 5ر1 مليون فلسطيني إلى مواطنين إسرائيليين. غير أنني أعلم في الوقت ذاته أن أي خطة لإخلاء مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ستجعلها بمقتضى الأوضاع الحالية، قاعدة أخرى للإرهاب الفلسطيني والإسلامي، الذي يتطلع إلى القضاء على دولة إسرائيل. وعليه أواصل إصراري على هاتين الركيزتين المتمثلتين بالاعتراف الفلسطيني بإسرائيل دولة قومية لليهود ونزع السلاح في الأراضي الفلسطينية.

إسحاق هيرتسوغ (رئيس حزب "العمل" وتحالف "المعسكر الصهيوني")

إنني أؤكد أن رؤية الدولتين هي الرؤية الوحيدة التي ستحافظ على دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، والبديل لها هو الدولة اليهودية العربية، التي ستقضي على دولة إسرائيل كدولة يهودية. وأنا أعلم أنكم أنتم في اليمين المترسخ لا تتوافقون معي، فاليمين المترسخ يعتقد أن ضم المناطق الفلسطينية هو بالذات الحل.

ولكن لدينا رؤية أخرى، وبقدر ما تحاولون قتل هذه الرؤية فهذا لن يساعدكم، لأن رؤية حل الدولتين لم تمت، ولكنها لن تحدث غدا. وبالتأكيد لن تحدث طالما أن نتنياهو وأبو مازن يخافان من أن يتحركا. ولهذا أنا أحدد أن ما يمكن إنجازه هو الأمن لمواطني إسرائيل، من خلال الفصل بيننا وبين الفلسطينيين، بالأفعال وليس بالأقوال.

وهذا بالضبط كما أن زميلتي تسيبي ليفني، حينما لم يرد أحد أن يسمع عن جدار الفصل، ذهبت وأقنعت الأميركان بصدق اقامة الجدار. واليوم بعد عقد من الزمن، كلهم يعرفون أن جدار الأمن خفض العمليات الانتحارية بنسبة 100%.

إن دول العالم تؤيد فرض حل واحد على إسرائيل: حدود 1967، فهل تقبلون أنتم بهذا؟ من الواضح لا، لأن هذا يضرب المصالح الأساسية لإسرائيل.

إنني أعرض بديلا لكل المقترحات الفاشلة هذه. إنني اقترح عليكم فحص خطة الفصل التي تثير الاهتمام، وهي الأمر الواقعي الوحيد في الوضع القائم. تعالوا ننظر إلى الواقع، فهذا ما يستحقه الجمهور الإسرائيلي. من دون إعادة الأمن لبلادنا لا نستطيع التقدم نحو رؤية الدولتين. ومن دون أن نبدأ بالانفصال عن الفلسطينيين، فإن إسرائيل ستتحول إلى دولة عربية يهودية، بينما رؤية حل الدولتين ستغرق في البحر. وكما قال عمير بيرتس من قبل هنا، حاشا وكلا أن يصبح للقدس رئيس بلدية فلسطيني.

ولهذا، فإن الطريق نحو تحقيق رؤيتنا يلزمنا بإعادة الأمن لسكان إسرائيل، ووقف الزحف الخطير نحو دولة عربية يهودية، والانفصال عن أكبر قدر من الفلسطينيين. فالدولة المنفصلة للفلسطينيين هي الاحتمال الوحيد لإسرائيل لتبقى دولة يهودية وديمقراطية، على حدود قادرين على الدفاع عنها لأجيال عديدة. هذه هي المصلحة اليهودية الإسرائيلية لاستمرار الوجود. وطبعا ليست لديكم إجابة، لأنه من أجل تحقيق هذه الرؤية علينا أن نكون واقعيين.

فقط بالفصل بيننا وبينهم سنحافظ على الغالبية اليهودية في دولة إسرائيل، ونمنع وضعية نفقد فيها حتى نهاية العقد الحالي الغالبية اليهودية بين البحر والنهر. وفقط الفصل بيننا وبينهم سيمنع تسلل المخربين، وسيُعزز أمننا. وفقط الفصل بيننا وبينهم سيحافظ على أمن الكتل الاستيطانية. وفقط الفصل بيننا وبينهم سيمنع التوغل المسياني نحو الأراضي الفلسطينية، الذي يرافقه المزيد والمزيد من الكراهية. فقط الفصل بيننا وبينهم سيقطع القرى الفلسطينية عن القدس، ونحافظ على القدس يهودية.

نحن تعلمنا دروس الانفصال الذي نفذه حزب الليكود عن قطاع غزة. والجيش الإسرائيلي سيبقى في كل مكان ولن يتحرك. فقط الفصل بيننا وبينهم سيعزز السلطة الفلسطينية والتعاون الأمني، والحرب على الإرهاب. وفقط الفصل بيننا وبينهم سيسمح بنقل صلاحيات مدنية، كان يجب منذ زمن أن ننقلها (للسلطة الفلسطينية)، ولكنكم (الحكومة الإسرائيلية) لا تسمحون بنقلها، على الرغم من وعود رئيس الوزراء لكل القيادات العالمية، فهذا أمر كان من شأنه أن يحسن اقتصادهم، ومستوى معيشتهم. ومن الواضح أنه طالما لم ينته الصراع، فإن الجيش الإسرائيلي باق هناك ولن يتحرك.

وفقط الفصل بيننا وبينهم سيشجع الدول العربية المعتدلة على محادثتنا، وعلى التعاون الإقليمي، لأن استمرار الاحتكاك يعطي الإرهاب الأوكسجين. وفي المقابل، فإن مؤتمر الأمن الإقليمي الذي نقترحه، بإمكانه أن يحقق تعاونا إقليميا، وأن يعزل حركة حماس و"داعش"، ومواجهة قضية غزة. فقط الفصل بيننا وبينهم سيمنع فرض حل دولي على إسرائيل، ويمنع المقاطعة المفروضة علينا. سجل أمامك يا رئيس الوزراء، فهذه فقط مسألة وقت حتى يهبط علينا قرار كهذا، وهو الأسوأ لإسرائيل.

وليس فقط نير بركات (رئيس بلدية الاحتلال في القدس)، إنما أيضا الوزير الفلسطيني لشؤون القدس عدنان الحسيني أعلن في الأسبوع الماضي معارضته لخطة الانفصال التي عرضتها وصادق عليها حزبي، والتي من شأنها أن تفصل القرى الفلسطينية عن القدس من أجل خلق غالبية يهودية في المدينة. إلا أنكما أنتما، نتنياهو وبركات، تتفقان عمليا مع الحسيني. إن منع فصل القرى الفلسطينية عن القدس يعني منع الغالبية اليهودية في القدس، ما سيجعلنا نصل إلى غالبية عربية، ومن ثم حاشا وكلا رئيس بلدية فلسطيني لعاصمة إسرائيل القدس.

تسيبي ليفني (كتلة "المعسكر الصهيوني"، رئيسة حزب "الحركة")

أي دولة إسرائيل تريد يا نتنياهو أن تحيطها بجدار؟. أنت لا تستطيع التهرب من هذا السؤال. هل هي دولة إسرائيل من البحر إلى النهر؟. هل كل ملايين الفلسطينيين الذي يعيشون في الضفة هم جزء من دولة إسرائيل التي تريدها؟ هم ليسوا جزءا من دولة إسرائيل التي نريدها. إننا نعرض استكمال بناء الجدار وفق المخطط، على أن يشمل كل الكتل (الاستيطانية) وكل مئات آلاف الإسرائيليين الطيبين الذين يعيشون في الكتل الاستيطانية داخل الجدار، كجزء من دولة إسرائيل، وأن نبقي ملايين الفلسطينيين أولئك خلف الجدار.

كلانا نعرف (ليفني ونتنياهو) أن أفكار ليبرمان وبينيت، التي تلقى صدى قويا في الشارع، ولدى أعضاء حزب الليكود المتطرفين، لن تحقق الأمن لدولة إسرائيل، بل ستزيد من التوتر والعزلة. ولكنك أنت (نتنياهو) لأسفي، تقلّد ليبرمان وتركض وراء بينيت، وأنت فقط تعزز من قوتهم السياسية.

إن الفرق بيننا نحن "المعسكر الصهيوني" وبينكم، وأيضا بيننا وبين صديقتي زهافا غالئون (رئيسة حزب ميرتس)، هو أن رؤيتنا تهدف للحفاظ على إسرائيل يهودية وديمقراطية. إن رؤيتنا ليست اقامة دولة فلسطينية. رؤيتنا حتى أنها ليست دولتين لشعبين. رؤيتنا هي الحفاظ على إسرائيل يهودية وديمقراطية. إننا نفضل إبرام اتفاق ينهي الصراع. والاتفاق الوحيد قائم على دولتين للشعبين، لأنه هذا هو الاتفاق الوحيد الذي في حال توصلنا اليه، سيكون بإمكانه أن ينهي الصراع. ونحن نطمح للوصول إلى تلك النقطة، إننا نريد العودة إلى المفاوضات، ونحن نفضل اتفاقا، ولكن إذا كان السلام ليس وشيكا، وإذا رفض الفلسطينيون حلا وسطا نزيها، فنحن لن نتحول إلى رهينة لدى الرغبة الفلسطينية.

يعقوب بيري (كتلة "يوجد مستقبل"، ورئيس "الشاباك" الأسبق)

عنوان جلسة البحث (البرلمانية) هذه "دولتان لشعبين" تحول إلى شعار يُطلق في الهواء، ولكنه ليس شعارا فارغ المضمون. فما من شك أن الانفصال عن الفلسطينيين هو على رأس الأهداف الاستراتيجية لدولة إسرائيل. وإذا ما أردنا الدفاع والحفاظ على الطابع اليهودي لدولتنا، وأن ندافع عن إنجازات الصهيونية المثيرة، وأن نضمن تعزيزا استراتيجيا لدولة إسرائيل للأجيال القادمة، علينا السعي نحو الانفصال عن الفلسطينيين.

إن قيادة الدولة ملزمة بالنظر إلى الأمام، بنظرة استراتيجية، في كل ما يتعلق بمستقبل دولة إسرائيل. ملزمة بنظرة إلى المتغيرات الديمغرافية المتوقعة، ومن خلال نظرة استراتيجية للمصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية لدولة إسرائيل. ومن الواضح أننا لا نجيز لأنفسنا أن نسكت أمام الوضع القائم، على ضوء الطريق المسدود الحالي.

من الضروري أن أوضح، بأنني لا أدّعي بأنه من الممكن غدا حل الصراع بيننا وبين الفلسطينيين، إلا أنه علينا البدء فورا بعملية في اتجاه الانفصال عنهم، وإذا ليس من أجلنا، فليكن من أجل أبنائنا وأحفادنا. فما زال الانفصال عن الفلسطينيين مصلحة واضحة لدولة إسرائيل، ومن مثلي لمس هذا على جلده؟.

على إسرائيل أن تبادر إلى مؤتمر إقليمي كهذا بالتعاون مع الدول العربية المعتدلة. فبمبادرة كهذه، ليس فقط إسرائيل تتحمل بنفسها المسؤولية عن مستقبلها، بشكل عقلاني واستراتيجي، بل أيضا ستتغير النظرة العالمية لصورة دولة إسرائيل من ناحية التزامها بحل الصراع، ولتغيير الوضع الإقليمي القائم.

إن عملية سياسية كهذه من شأنها أن تلجم كل محاولة لممارسة الضغط الدولي على إسرائيل، وأن تجند الأسرة الدولية لتأييد الرؤية الإقليمية الواسعة الجيدة لإسرائيل من ناحية عدة مصالح متنوعة. إن الرؤية الإقليمية الجيدة لإسرائيل حيوية من أجل الحفاظ على الصهيونية، وستضمن مستقبل دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، مزدهرة وآمنة.

زهافا غالئون (رئيس حزب "ميرتس")

أنت يا رئيس الوزراء بطل محاربة الإرهاب (تقولها بتهكُم). أنت رئيس وزراء بشكل متواصل منذ العام 2009، وأنا أسألكم: أين الأمن؟ متى سنصل إلى وضعية يتوقف فيها قتل الإسرائيليين والفلسطينيين تحت ولايتكم؟.

إننا يا سيدي رئيس الوزراء ندفع ثمن سياستك الجبانة، التي تعتقد أنه بالإمكان هكذا الاستمرار في العيش كالمعتاد، حينما يكون ملايين الفلسطينيين تحت سلطاتنا دون أي حقوق. وفي حين تواصل حكومتك الإعلان عن كونها مؤيدة لحل الدولتين، لم أجد حتى وزيرا واحدا يؤيد شخصيا هذا الإعلان.

إننا لا نفقد الأمل، إننا نعرض عليكم التغيير الحقيقي، الحَذِر والواعي. إننا نعرض عليكم خطة عمل مع رؤية وهدف واضح: دولة إسرائيل ديمقراطية وتقدمية، مع حدود معترف بها، ومع تأييد إقليمي قوي، ومع شرعية دولية متجددة، ودولة فلسطينية إلى جانبنا، فهذا يا أيها النواب أمر بيدنا أن نفعله.

بتسلئيل سموتريتش (كتلة "البيت اليهودي"، مستوطن وكان رئيس حركة "رغافيم" الاستيطانية)

إنني مضطر للاعتراف من على هذه المنصة أن اليسار صادق: لا يوجد حل عسكري للإرهاب. وهذا لا يعني عدم وجود خطوات عسكرية تكتيكية بالإمكان اتخاذها، بل يوجد: اغلاق شوارع، ويجب فرض حصار، وجباية ثمن اقتصادي، ويجب توسيع الاستيطان وأن نوضح بأن الإرهاب لا يجدي.

صحيح أنه توجد مرحلة انتقالية إشكالية. مرحلة انتقالية يكون فيها المزيد من اليأس والمزيد من الإحباط، وفي الظاهر إرهاب أكثر. ولكن في وقت ما يا سيدي رئيس المعارضة (إسحاق هيرتسوغ) سنصل إلى نقطة ما، وحينما نتجاوزها سيكون يأس أكبر، وسيكون خضوع (من الفلسطينيين)، وسيكون استيعاب لحقيقة أننا هنا للأبد، من أجل أن نبقى، وأن لا تقوم دولة عربية، ولن يكون شيء (للفلسطينيين) يموتون لأجله، فخسارة على الوقت. وحينها بطبيعة الحال سينشأ أفق وأمل جديدان. فمن يرغب بالعيش هنا، حياة جيدة، تحت السلطة اليهودية الجيدة، مع كل الغنى والتقدم والتكنولوجي الذي أحضره الشعب اليهودي إلى أرض إسرائيل بعد المستنقعات والملاريا التي كانت هنا قبل أن نصل، سيتمتع بكل هذا، ومن يرغب بأن يحقق طموحاته القومية فإنه سيفعل هذا في دولة أخرى.

مداخلات نواب آخرين

تضمنت الجلسة مداخلات من نواب كتلتي المتدينين المتزمتين "يهدوت هتوراة" و"شاس"، وكتلة "كولانو (كلنا)" التي يتزعمها وزير المالية موشيه كحلون، وكتلة "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" التي يتزعمها أفيغدور ليبرمان، إلا أنهم تركزوا أكثر في الجوانب الإسرائيلية الداخلية، وخاصة الاقتصادية، باستثناء بعض العبارات العمومية، دون الدخول إلى عمق الموضوع المطروح.

أما ممثلو "القائمة المشتركة" فقد طرحوا الموقف الفلسطيني والرؤية الفلسطينية لحل الصراع.

استنتاجات وسيناريوهات

في قراءة معمقة للخطابات المذكورة نجد أن حالة التوافق حول جوهر الخطة أكثر بكثير من الاختلاف. فالخلاف الأكبر هو حول تسمية الخطة ومكانتها في المستقبل الأبعد، وأيضا في مسألة نقل "صلاحيات مدنية أوسع" للجانب الفلسطيني. بينما التوافق الأبرز هو حول "عدم امكانية التوصل إلى حل الدولتين" على المدى المنظور لسنوات وفق الظروف القائمة، وأيضا حول مكانة المستوطنات، وحول القدس، ومكانة جيش الاحتلال.

وإذا لمسنا تأييدا واضحا أو ضمنيا من الكتل الأكبر، فإن كتلا أخرى لم توضح موقفها في تلك الجلسة ستكون مؤيدة ضمنا، بناء على نهجها ودوافعها، وخاصة كتلة "كولانو" بزعامة وزير المالية موشيه كحلون، التي تؤيد كل المشاريع اليمينية، وأيضا كتلتي المتدينين المتزمتين "شاس" و"يهدوت هتوراة"، اللتين تتوافقان مع كافة المشاريع اليمينية، والمقرر في موقفيهما هو مصالح جمهورهما، ولهذا هم أيضا في عداد التأييد الضمني للخطة طالما هم داخل الحكومة.

وستتركز المعارضة الأساسية من منطلقات متناقضة بداية في تحالف المستوطنين "البيت اليهودي"، الذي يجاهر أكثر من ذي قبل بمشروعه لضم الضفة إلى ما يسمى "السيادة الإسرائيلية"، وأن يكون الفلسطينيون هناك من دون حقوق مدنية وسياسية، مثل الترشح والانتخاب، بل في خطاب بتسلئيل سموتريتش يظهر واضحا التهديد بالطرد الجماعي للفلسطينيين الذين يعارضون الضم بقوله: "إن من يصر على طموحاته القومية، سيضطر للبحث عنها في دولة أخرى".

في المقابل، ستكون معارضة طبيعية للقائمة المشتركة، وكذا أيضا بالنسبة لحركة "ميرتس"، مع احتمال أن تكون الأخيرة في وضعية ما في موقف الممتنع.

أما حزب "يسرائيل بيتينو" الذي طالما لوّح زعيمه أفيغدور ليبرمان بمشروع مشابه لما أقره حزب "العمل"، فإن موقفه من الخطة سيكون مرتبطا أولا بمكانته من الائتلاف الحاكم، إن كان داخله أم خارجه، وأيضا بحسابات الربح والخسارة الحزبية للمستقبل.

وعلى ضوء ما تقدم نكون أمام ثلاث سيناريوهات فرصها متشابهة:

أولا: أن يبقى هذا الأمر مجرد طرح في الجدل السياسي ليتراجع لاحقا، ويهب من جديد قبيل الانتخابات البرلمانية التالية، وحينها سيسعى "المعسكر الصهيوني" لتوسيع تحالفه على أساس الخطة أحادية الجانب.

ثانيا: أن يكون المشروع فاتحة لحكومة "وحدة قومية" واسعة النطاق، بحيث يخرج من الحالية "البيت اليهودي"، وينضم اليها "العمل" و"يوجد مستقبل"، بينما احتمالات ضم "يسرائيل بيتينو"، تبقى ضعيفة.

أما السيناريو الثالث، فهو أن يعلن نتنياهو عن خطة شبيهة، مع بعض التعديلات، تمهيدا لانتخابات برلمانية قد يضطر نتنياهو للإعلان عنها في غضون عام أو أكثر بقليل، في حال بقي الائتلاف الضيق قائما.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات