في الثّاني عشر من نيسان الجاري أضرم جنديّ احتياط إسرائيليّ (26 عاماً) النّار في نفسه أمام قسم التأهيل التابع لوزارة الدفاع في بيتح تكفا؛ وبحسب القناة الإسرائيليّة، فالجنديُّ يُدعى إسحق صعيديان، وكان قد وصل إلى قسم التأهيل يحملُ زجاجتين تحتويان على مادّة قابلة للاشتعال ثمّ سكبها على نفسه. وكان الجنديّ قد تعرّض لصدمة نفسيّة قويّة خلال مشاركته في الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة العام 2014، بعد عمليّة للمقاومة الفلسطينيّة في حيّ الشجاعيّة. وذكر أصدقاء الجنديّ وكذلك رئيس اتّحاد ذوي الإعاقة الإسرائيليّ أنّ الجنديّ لم يكن يتلقّى حتّى اللحظة العلاج النفسيّ الذي يتناسب ووضعه الصحّيّ من قبل قسم التأهيل، إذ لم يتلقّ غير 25% من فوائد الإعاقة النّاتجة عن المشاركة في عملٍ عسكريّ.
دفعت نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة في آذار 2021 قضية الأحزاب العربية إلى مركز الجدل السياسي الحاصل داخل معسكر اليمين الصهيوني. لأول مرة يبدي حزب عربي، وهو القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، عدم تحفظه من التحالف مع اليمين الصهيوني، فيما قد يبدو أحد مخارج تشكيل حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو. وبينما أن نتنياهو قادر ببراغماتيته الفهلوية على التحول من ذلك القائد الصهيوني اليميني الذي يشيطن الناخب العربي (كما حصل في انتخابات الكنيست العام 2015) إلى "أبو يائير" الذي يرتشف القهوة بصحبة أصدقائه العرب، إلا أن هناك أصواتاً يمينية أخرى تنظر إلى الناخب العربي كتهديد استراتيجي لا يمكن التهادن معه. فقد أغلق بتسلئيل سموتريتش، رئيس قائمة الصهيونية الدينية، الباب الذي تركه نتنياهو موارباً لانضمام القائمة العربية الموحدة لحكومة يعمل على تشكيلها. وفي السادس من نيسان 2021، أعلن سموتريتش أنه "ممنوع منعاً باتاً إقامة حكومة بدعم من القائمة العربية الموحدة".
في مطلع العام 2011، أطلق رئيس "مديرية القوى البشرية" في الجيش الإسرائيلي، الجنرال آفي زمير، تحذيراً في صلبه التخوف من أن استمرار وجهة التراجع والانخفاض المتواصلين في معدلات تجنّد أبناء وبنات الشبيبة وانخراطهم في صفوف هذا الجيش سيؤدي إلى "انهيار نموذج جيش الشعب حتى العام 2020". لكنّ هذا التحذير ظلّ هائماً في الهواء، على غرار تحذيرات أخرى عديدة أُطلِقت وتُطلَق في إسرائيل في مجالات مختلفة لكن لا أحد يصغي إليها، يتوقف عندها ويأخذ بها، وانتقل التحذير من المستوى النظري إلى مستوى التحقق الفعلي على أرض الواقع.
يتقن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو استغلال الأزمات التي تواجهها إسرائيل، عبر تجييرها لصالحه في ظل التحديات السياسية والشخصية- القضائية التي يواجهها وقد تهدد مستقبله السياسي.
ومع حرصه على بقائه في منصب رئيس الحكومة، كسر نتنياهو أعرافا متبعة في إسرائيل، كان في السابق هو نفسه داعيا للالتزام بها. ففي العام 2008 دعا نتنياهو - زعيم المعارضة حينئذ- رئيس الحكومة إيهود أولمرت للاستقالة مع ظهور شبهات حول تورط الأخير في قضايا فساد. ودعا نتنياهو أولمرت إلى الاستقالة فورا قائلا "ليس بإمكان رئيس حكومة يخضع للتحقيق أن يستمر في ممارسة مهامه، وعليه أن يستقيل فورا، وأن يكافح من أجل إثبات براءته".
الصفحة 214 من 859