أعاد قرار وزير التربية والتعليم الإسرائيلي يوآف غالانت بعدم السماح بمنح "جائزة إسرائيل للعام 2021" للبروفسور ذائع الصيت في علوم الحاسوب والرياضيات، والباحث في معهد وايزمان للعلوم، عوديد غولدرايخ، إثارة الجدل في الأوساط الأكاديمية والإعلامية حول المعايير الواجب توفرها في من يحق له تلقي الجائزة، او بالأحرى ما المعيار الحاسم الذي يمنع شخصا ما من تلقي هذه الجائزة التي تعتبر الأهم والأكثر قيمة من بين كافة الجوائز في إسرائيل، وهو نقاش يعكس في جوهره الميل المتزايد نحو اليمين ذي النزعة الفاشية الذي تغلغل في مفاصل الدولة، ويرى نفسه وقيمه على أنها التعبير الحصري والأمثل عن حالة "الإجماع" والخط السياسي السليم والوفي لقيم الصهيونية.
"اللعبة" هنا مكشوفة تماماً لا يداني حقيقتها أي شك: الوزير أرييه درعي، زعيم حركة شاس الحريدية السفارادية، لم يكن هنا سوى المنفّذ لهذه المبادرة التشريعية الجديدة التي ترمي، عينياً، إلى تغيير طريقة الانتخابات الإسرائيلية، لكنها تأتي لإنقاذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من ورطاته وإخراجه من مآزقه. لا شك في أن درعي وحركته سيكسبان نقاطاً هامة غير قليلة من وراء إخراجهما هذه المبادرة إلى حيز التنفيذ، وخصوصاً في ترجمة هذا الولاء "إلى معسكر اليمين" بقيادة نتنياهو تحديداً إلى مكسب انتخابي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي يبدو أن موعد إجرائها لن يتأخر كثيراً، حتى لو تكللت مبادرة درعي وشاس الأخيرة هذه بالنجاح الذي يرجوه أصحابها والمستفيدون منها.
يبدو أن المشهد الإسرائيلي بشأن تشكيل حكومة جديدة يزداد تعقيدا، ولم يتبق أمام الكنيست سوى 6 أسابيع لمنح الثقة لحكومة. ومن هذه الأسابيع ثلاثة أسابيع لبنيامين نتنياهو، إذا أراد التمديد لأسبوعين، وثلاثة أسابيع ستكون لمكلف آخر غير نتنياهو، إذا ما فشل الأخير. وفي المقابل، فإن التقارير الاقتصادية، والأوضاع الناشئة، تدل على أن الأزمة الاقتصادية ستنعكس قريبا على جيب الجمهور، الذي سيكون مطالبا بالمشاركة في تسديد العجز المتفاقم، وكذا الدين العام الذي بلغ تريليون شيكل، في حين أن وتيرة ارتفاع الأسعار للبضائع الاستهلاكية ليست مسبوقة منذ ثماني سنوات.
يبدو بعد انتهاء الأيام المئة الأولى من ولاية الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، كما يُمكن أن يُستشف من جل التحليلات الإسرائيلية في هذا الشأن، أن إسرائيل قلقة أكثر شيء من احتمال عودة إدارته إلى إرث الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كان بايدن نائبه، ولا سيما فيما يتعلق بالملفين الإيراني والفلسطيني. وإلى أن ينقشع الضباب عن الصورة الواضحة لتفاصيل هذه العودة، في حال حدوثها، نعيد التذكير بأن أكثر ما سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو نحوه فور تسلم الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب مهمات منصبها هو محاولة تخليصها من ذلك الإرث في أكثر من مجال على مستوى السياسة الخارجية التي انتهجتها الولايات المتحدة وكانت ذات صلة بإسرائيل.
وهذا ما كان بالوسع التأكد منه، لمساً ورؤية، عن طريق الزيارة التي قام بها نتنياهو إلى الولايات المتحدة في مستهل ولاية ترامب، في أواسط شباط 2017، وعقد خلالها اجتماعاً مع الرئيس الأميركي وقادة الكونغرس.
الصفحة 213 من 859