استغرب كثيرون من الإعلان المفاجئ لوزارة حماية البيئة الإسرائيلية عن إشهار اقتراح قانون المناخ، أواسط نيسان 2021 الماضي، خصوصاً أن منظمات وجهات مدنية وأكاديمية وبحثية تنشط وتكتب وتنشر من سنين عن الكوارث البيئية المحتملة، الناجمة عن استمرار دولة إسرائيل الرسمية اعتماد سياسات وتطبيق ممارسات ملوّثة للبيئة فيما يتعلق بأنواع الطاقة المستخدمة، وبالذات عدم تطوير بدائل للطاقة الملوّثة مؤلفة من الطاقة النظيفة أو الخضراء. ومما يتراكم ويظهر حتى الآن، فالإعلان جاء لضرورات "تكتيكية جارية" أكثر منه تعبيراً عن انقلاب مفهومي وسياسي في أروقة الحكم.
كيف يمكن إخراج المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية المباشرة، الرامية إلى إبرام اتفاقية سلام دائم بين الطرفين، من جمودها المتواصل منذ سنوات طويلة، أو منذ انهيار مبادرة الوساطة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في العام 2014، على وجه التحديد؟ بل، هل بالإمكان أصلاً إخراجها من حالة الجمود القاتل تقريباً بعد كل ما تعرضت له من انتكاسات وتدهور خطير خلال الأعوام الأخيرة تحديداً، في ظل وجرّاء ما أغدقته إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من دعم وإسناد، مادي ومعنوي، على حكم اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، وكل ما وفرته لهذا الحكم من غطاء دولي، حتى سادت قطيعة تامة بين الجانب الفلسطيني والجانبين الإسرائيلي والأميركي؟
مع بداية شهر رمضان في العام 2021، تطورت الأحداث بشكل متسارع داخل القدس، وبالتحديد في محيط باب العامود. فقد تزامن قيام الشرطة الإسرائيلية بنصب حواجز حديدية في مدرج بيت العامود، مع إعلان جماعات إسرائيلية يمينية متطرفة تسيير مظاهرات داخل أحياء القدس العربية ترفع خلالها شعار "الموت للعرب". وخلال عدة أيام، استقطبت المواجهات ما بين المقدسيين من جهة وقوات الاحتلال وجماعات المستوطنين من جهة ثانية، أنظار العالم قبل أن تتراجع الشرطة الإسرائيلية عن نصب الحواجز، الأمر الذي شكل نهاية لما سمُي بهبة الحواجز.
أبرزت الهبة الجماهيرية التي اندلعت مؤخراً في القدس المحتلة احتجاجاً على قرار الشرطة الإسرائيلية وضع حواجز عسكرية على مدخل باب العامود في المدينة المقدّسة الدور الكبير الذي تلعبه المنظمات الاستيطانية اليمينية العنصرية في التحريض ضد الفلسطينيين، وفي مساعي تهويد المدينة والقضاء على عروبتها. في هذا التقرير سنسلط الضوء على أحد أهم هذه المنظمات، منظمة "لاهافا" اليمينية المتطرفة. وهو الأمر الذي يندرج في إطار توجه الدراسات والمراكز البحثية المتخصصة لتناول ظاهرة الحركات والمنظمات الاستيطانية العنصرية والإرهابية العاملة في فلسطين التاريخية عموماً، والعاصمة المحتلة على وجه التحديد؛ ارتباطاً بما تتعرّض له المدينة المقدّسة من تهويد وقمع وإرهاب وتهديد تُمارسه الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية والشرطية، ومثلها المنظمات اليمينية المتطرفة التي تحظى بدعم وإسناد حكومي وشُرطي- مُضمر بالحدّ الأدنى- وتسعى من ضمن مساعٍ أخرى كثيرة، إلى القضاء على الوجود العربي في المدينة
الصفحة 211 من 859