في الوقت الذي تُسلّط فيه الأضواء على الحرب مع حزب الله في الجبهة الشماليّة، وعلى الردّ الإسرائيلي على إيران، يبدو أن إسرائيل بدأت بتنفيذ ما تخطط له في كل ما هو مرتبط بـ "اليوم التالي" للحرب بالنسبة إلى قطاع غزة. ولعل ما أثار مثل هذا الاحتمال هو قيام إسرائيل بإعادة "الفرقة العسكرية 162" إلى جباليا برفقة دعوة سكان شمال القطاع إلى إخلاء منازلهم والتوجه جنوباً عبر "محور نتساريم"، وهو ما اعتبره الكثير من المحللين بمثابة تحقيق لجزء كبير من الفكرة التي يُطلق عليها اسم "خطة الجنرالات" والتي يُعَد اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند من أبرز الممثلين لها في الإعلام، وهي تهدف إلى السيطرة على شمال قطاع غزة، وإخلائه من السكان المدنيين هناك، وفرض حصار على المنطقة، كخطوة يُفترض أن تعزّز تحقيق أهداف الحرب ضد حركة حماس (استعادة المخطوفين، وتقويض القوة العسكرية والسياسية لحماس). وفي الخطة اقتراح ينص على تجويع الناس الذين سيبقون في شمال القطاع بافتراض أنهم بصورة أساسية من عناصر حماس. وأشير في أكثر من مناسبة، كان آخرها في سياق ورقة تقدير موقف صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إلى أن المنظومة الحكومية والسياسية في إسرائيل تفاعلت مع الخطة بإيجابية، على الرغم من أنها لم تعتمدها بالكامل بعد.
مع مرور الوقت، يتم الكشف تباعاً عن الأضرار التي تسبّب بها الرد الإيراني على إسرائيل في 1 تشرين الأول الجاري، إذ أشارت القناة 13 إلى أن الخسائر المادية بلغت 150-200 مليون شيكل، وقد وصل أكثر من 2500 شكوى للتعويض عن أضرار في المنازل والمركبات. من ناحية أخرى، أكّد المحلّل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل أن قرابة 500 منزل ومبنى تضرّرت في الرد الإيراني الأخير وسط تأكيد الجيش الرسمي بنجاح عملية الاعتراض. في ضوء اعتداء إسرائيلي مُحتمل على إيران، وفي إطار التفاهمات الإسرائيلية- الأميركية، وحالة التنسيق والشراكة الكاملتين بينهما، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن يوم أمس الأحد أنه أمر بنقل بطارية منظومة الدفاع الجوي الأميركية ضد التهديدات الصاروخية من نوع THAAD لإسرائيل يتم تشغيلها من قِبَل جنود أميركيين بهدف مساعدتها على التصدّي للهجمات الصاروخية الإيرانية، بشكل يُعيد الذاكرة لنشر صواريخ الباتريوت في إسرائيل عام 1991 للتصدي للصواريخ التي أطلقت من العراق آنذاك.
أظهرت تقارير اقتصادية إسرائيلية، في الأيام الأخيرة، حجم أزمة النقل الجوي، على مستوى الأفراد، خاصة، وأيضًا الصعوبات في شحن البضائع جوًا، ما أدى إلى ارتفاع كلفة النقل بنسبة عالية، لأسباب عدة، ومن أبرزها أن شركات إسرائيلية تستغل الظروف لترفع الأسعار. وبشكل دائم، في الأسبوعين الأخيرين، هناك عشرات الآلاف من حملة الجنسية الإسرائيلية، الذين يعلقون في الخارج لأيام عدة، ومنهم من يضطر إلى تغيير المسار، عبر دولة ثالثة وحتى رابعة. وارتباطا بالأوضاع الاقتصادية، فإن بنك إسرائيل المركزي قرر الإبقاء على الفائدة البنكية، العالية نسبة للاقتصاد الإسرائيلي، وباتت تقديراته للنمو الاقتصادي الإسرائيلي في العام الجاري صفرية، بفعل استمرار الحرب واستفحالها.
"لا نريد عرباً في المدرسة"- هتاف انطلق من حناجر عشرات الطلاب وصدح في حرم مؤسسة تعليمية رسمية (حكومية) وترددت أصداؤه خارج جدرانها لتملأ فضاء المدينة كلها. وقد حدث هذا قبل نحو أسبوع، لدى عودة الطالبة العربية (13 عاماً) إلى المدرسة التي تتعلم فيها ("المدرسة الشاملة زيلبرمان") في مدينة بئر السبع، بعد أيام الإبعاد عن الدراسة التي فرضتها عليها إدارة المدرسة، عقاباً لها على رأيها الذي عبّرت عنه خلال حصة تدريسية في موضوع الجغرافيا في صفّها التعليميّ وقالت فيه إنه "في غزة أيضاً يُقتَل أناس أبرياء، بينهم أطفال... في غزة يوجد أطفالٌ يُقتَلون ويعانون من الجوع وبيوتهم قد تهدّمت"! وذلك في تعقيبها على ما شرحته المعلّمة أمام طلاب الصف، يوم 19 أيلول الماضي، عن أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. غير أن المعلّمة اعتبرت رأي الطالبة العربية "تحريضاً على الجنود الإسرائيليين" ثم غادرت الصف تاركة الطالبة إياها وحيدة بين "زملائها" الطلاب اليهود الذين بدأوا بشنّ هجوم واسع ضدّها في المدرسة وهم يرددون هتافات عنصرية، من بينها "لتحترق قريتكم" و"أنت حماس، إرهابية"، إضافة إلى الشتائم الشخصية البذيئة. ثم اتسع الهجوم العنصري الإرهابي ضد الطالبة العربية فانضم إليه عشرات آخرون من طلاب المدرسة، فاق عددهم الـ 13 طالباً.
الصفحة 8 من 860