تروي مجموعة "كشكول الأكاذيب" التي كتبها دان بن أموتس وحاييم حيفر حكاية ماردوخ، الذي خرج مع أصدقائه في نزهة تجديف ليلية في بحيرة طبريا. وفي غمرة الشعور بالنشوة والابتهاج ألحّ هؤلاء على صديقهم ماردوخ بأن يلقي الفانوس في الماء وهم يتحدونه ويستفزونه طوال الوقت بقولهم له: "ليست لديك شخصية". حاول ماردوخ المسكين بذرائع شتى إنقاذ الفانوس، لكنه لم يستطع في نهاية المطاف مقاومة استفزازاتهم فقام بإلقاء الفانوس في الماء. "ما قولكم الآن؟"- سأل ماردوخ بشعور المنتصر. "ليست لديك شخصية"- كرر أصدقاؤه باستهزاء. وأردفوا "يمكن لأي شخص أن يؤثر عليك".
المشهد الإسرائيلي: دعا كتاب إسرائيلي جديد، بعنوان " تقسيم البلاد: إسرائيليون يفكرون بالفصل"، للكاتب الصحافي آري شافيط، من "هآرتس"، إلى تقسيم البلاد على أساس إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، المحتلة في الرابع من حزيران- يونيو من العام 1967، لكن ليس قبل "معالجة الخطر الوجودي الذي يتهدّد دولة إسرائيل".
ربما شارفت الانتفاضة الثانية على نهايتها. من الممكن أن يتوسع الهدوء الفعلي في قطاع غزة ليصبح وقفا عاما متبادلا لإطلاق النار.
إن التعابير "هدوء" و"وقف إطلاق النار" لها وقع خاص على أذني. عندما كنت جنديا في حرب عام 1948 راودني الأمل مرتين بأن يسود الهدوء. في كل مرة كانت تستنزف فيها قوانا بعد معارك ضارية سقط فيها وجرح أعز أصدقائنا، كنا نأمل من صميم قلبنا بأن يسود الهدوء، ولكننا لم نجرؤ على الإيمان بذلك. ففي المرتين قبل بضع دقائق من الموعد الذي تم تحديده، بدأت الجبهة كلها تشتعل نارا – فالجميع كانوا يطلقون النار ويقصفون، وذلك لإحراز أكثر ما يمكن إحرازه في اللحظة الأخيرة وذلك كما اتضح لاحقا.
صادف قبل أيام مرور 88 عاماً على صدور وعد بلفور الذي أعد بصيغته النهائية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 1917 ونشر في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر من نفس العام.
هذه الوثيقة تشكل نموذجاً أليفاً للتعبير "في نظر المتأمل"، بمعنى أن الأمر منوط بالشخص أو الجهة التي يتم توجيه السؤال إليها. فالمشروع الصهيوني مفعم بالسرور والبهجة في حين يخيم الحزن والكدر والحداد على عزيمة الفلسطينيين.
الصفحة 728 من 859