أكثر اللحظات دراماتيكية هي لحظة خروج يوم الغفران.
جلسنا في ساحة المقاطعة، مجموعة من نشطاء السلام الإسرائيليين وأصدقاء فلسطينيين، من كبار المسئولين في السلطة. هبت نسمات باردة ومنعشة، بعد يوم حار جدا، وتحدثنا عن الوضع (وعمّ يمكن أن نتحدث؟)، وعن الأقاويل حول ما يجري مؤخرا في القيادة الفلسطينية. بين الحين والآخر، كان ينضم إلينا هذا المسئول الفلسطيني أو ذاك، قبل صعوده للتحدث مع الرئيس، أو في طريقه عائدا من هناك.
وقد ظهر فجأة خيال جبريل رجوب طويل القامة من بين أكياس الرمل التي كانت تشكل متاريس لحماية مدخل المبنى. لقد عاد لتوه من محادثة مع عرفات وانضم إلينا لعدة دقائق. "سمعت بأن المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي ينوي الانعقاد هذا المساء" قال لنا بوجه متقطب.
بقلم: أساف عنبري
إن الطريق الوحيد لتحمل ما يجري هنا في السنوات الاخيرة، هو الإمعان في الواقع الاسرائيلي على أنه آلام ولادة وليس حشرجة احتضار.
ومن يبحث عن قرائن على احتضار دولة اسرائيل، سوف يجدها بوفرة في جميع ميادين الحياة التي باتت أكثر إحباطا من يوم الى يوم. وهذا لا يتطلب أي جهد، إنه فقط يحتاج الى الكثير من الورق. ولكن حتى إن كان اليأس مبررا من ألف زاوية، فإنه ليس مبررا من الزاوية التسامحية للتاريخ. لأنه بنظرة تاريخية، فإن اسرائيل تتشكل. إنها لا تتفكك، بل تتشكل. والولادة أمر مؤلم جدا. والولادة الحقيقية هي ما تجري حاليا، وليس ما جرى عام 1948. والأسئلة الاساسية حول وجودنا في المنطقة، حول الهوية اليهودية، أو "العبرية" أو ثمة من يقولون "المدنية" للدولة التجريبية هذه، الاسئلة حول جوهر الرسمية (في ظل غياب الدستور)، الاسئلة حول مكانة ثقافتنا بين الشرق والغرب، الاسئلة حول الرابطة بين اليهودية والرفاهية، الاسئلة القبلية الطائفية المهاجرية ، الاسئلة الاساسية التي أخفيناها عقودا طويلة من الزمان، تنهض فجأة لتصفعنا بقوة في وجوهنا. ومن الأفضل أنها نهضت.
"المشهد الاسرائيلي":
اثار النقاش الذي اجرته الحكومة حول صفقة تبادل الاسرى مع "حزب الله" الكثير من المقارنات مع صفقة التبادل التي تمت مع الجبهة الشعبية (لقيادة العامة) بزعامة احمد جبريل في العام 1985. بعض الوزراء الذين صوتوا (الاحد) ضد الصفقة مع حزب الله، ذكروا بأضرار الصفقة السابقة، حيث عزوا لها عودة مئات الاسرى الفلسطينيين المحررين لمزاولة النشاط في صفوف المنظمات الفلسطينية، واندلاع الانتفاضة الاولى (اواخر العام 1987) بل حتى قيام حركة المقاومة الاسلامية "حماس". بيد ان تفحص الامر مع مسؤولين سابقين تولوا مناصب رئيسية في اجهزة الامن ابان تلك الفترة يظهر ان المعلومات الموجودة لدى الوزراء ليست وافية تماما او دقيقة.
بقلم: آري شبيط
ميرون بنبنيستي وحاييم هنغبي لم يتحاورا ولم يتبادلا الحديث. فالأول يسكن في القدس، على حدود الصحراء، يحاول تأليف كتابه الاخير. فيما يسكن الثاني (هنغبي) في ضاحية "رمات افيف" بجوار البحر المتوسط، يحاول صياغة، "مانفيستو" اخير صاعق. لكن كليهما على حد سواء، بلغا هذا الصيف نقطة تحول مثيرة في تطورهما الفكري، اذ توصل كل من بنبنيستي وهنغبي الى استنتاج مؤداه بأنه لم يعد هناك امل في انهاء الصراع (الاسرائيلي الفلسطيني) بحل يستند الى دولتين. لقد توصلا، كل على حدة، الى نتيجة بأنه آن الأوان للعمل من اجل انشاء دولة واحدة في البلاد، تمتد بين النهر والبحر، دولة ثنائية القومية.
تعصف رياح صنع التاريخ بالشرق الأوسط هذه الأيام. فالقوى الاجتماعية التي ازدادت صلابة إثر تعزيز فكرة النظام العربيّ في حقبة ما بعد السبعينات من القرن الماضي، تفككت بضربة إزميل سددتها سياسة دونالد رامسفيلد المبتكرة للتدخل العسكري المباشر، ما استهدف المنطقة في الصميم.
لمراسل "هآرتس" في لندن
في المظاهرات الحاشدة التي جرت خلال الشهرين الاخيرين في بريطانيا ضد الحرب على العراق، رفعت يافطات وشعارات تحمل ادانة لاسرائيل وممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني. ويلاحظ ان الربط بين النزاعين يستغل من قبل تنظيمين اسلاميين بارزين في بريطانيا - "المجلس الاسلامي في بريطانيا" (MCB) وهو اعلى هيئة للجالية المسلمة في بريطانيا و"الاتحاد الاسلامي في بريطانيا"(MAB) – بهدف الامعان في الاساءة لاسرائيل والطعن في شرعيتها.
الصفحة 50 من 119