نشرت حركة <غوش شالوم> اعلانات كبيرة في الصحف الاسرائيلية (وبضمنها "هآرتس"، الثلاثاء 11) تحذيراً موجهاً <<الى الجنود والمواطنين والمواطنين العاملين في الجيش>> من مغبة استغلال العدوان الامريكي على العراق لتنفيذ عمليات ترجيل جماعية للفلسطينيين من وطنهم الى خارجه او الى مناطق اخرى داخل الوطن.
وقال الاعلان: <<هناك مخاوف حقيقية بأن عناصر قوية التأثير في البلاد تخطط لاستغلال الهجوم الامريكي على العراق لتنفيذ ترانسفير لاجزاء من السكان الفلسطينيين. وبموجب البند 4 من ميثاق جنيف، تعتبر الاعمال التالية جرائم حرب:
- <<طرد السكان من مناطق محتلة الى خارجها (مثلا الى لبنان والارن)
قبل أيام معدودة من الهجوم المتوقع على العراق، يتقوى جدًا تقدير المخابرات العسركرية الاسرائيلية، بأنه من غير المتوقع أن يهاجم العراقُ إسرائيلَ. ويقدّرون في الجيش الاسرائيلي الآن، أن إحتمالات الهجوم تكاد تكون معدومة (تقترب من الصفر)، أو كما قال مصدر رفيع جدًا في الجيش الاسرائيلي لصحيفة <معريف> (11 اذار): <<الإحتمال منخفض جدًا جدًا جدًا>>
ويقدّرون في إسرائيل أنه <<كان بالامكان تشخيص دلائل في غرب العراق، المنطقة التي يمكن منها إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، في حالة أن صدام يستعد لاطلاق صواريخ "سكاد" عليها.>>
<<ما نراه أن شارون هو الذي يسجل نقاطًا لصالحه، فهو لن يغيّر من خطابه السياسي، وهدفه المعلن بالوصول الى حل يقوم على دولة بحدود مؤقتة على 42 في المائة من الضفة الغربية و 75 في المائة من قطاع غزة..>>.
لم يجد المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في اسرائيل ارئيل شارون افضل من السلطة الفلسطينية، التي يشكل تدميرها هدفه المعلن، لدعمه أمام خصومه السياسيين، خصوصا في حزب "العمل" بزعامة عمرام ميتسناع، الذي يسعى جاهدًا لضمّه الى حكومته.
ارتفعت في الايام القليلة الماضية حرارة معركة الانتخابات التشريعية في اسرائيل، وبخاصة في ضوء تطورات قضية شارون. ويشير اتجاه الريح الان الى ان هذه المعركة لم تفتتح من جديد فحسب - في وضع الكتلتان فيه متساويتان تقريبا: اليمين 61-63 مقعدا واليسار 57-59 - بل ان هذه المعركة النائمة نسبيا وصلت درجة الغليان تماما بين رئيس الحكومة و "الليكود" ارئيل شارون من جهة، وبين عمرام متسناع وحزب "العمل" من الجهة الاخرى. وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال قطع البث المباشر لخطاب شارون في مؤتمره الصحفي الاخير، وهي خطوة يرى المحللون انه سوف تترك اثارها في الشارع الانتخابي بالتأكيد.
سافرت للمشاركة في الاجتماع الفلسطيني - الاسرائيلي في الأردن يراودني مزاج متشكك؛ تصورت أن يحدث ما حدث مراراً من قبل، فربما نفلح هناك في صياغة اعلان مبادىء مشترك بشأن الحاجة الى إحلال السلام ووقف الارهاب وانهاء الاحتلال والقمع والاعتراف المتبادل بالحاجة الى العيش كجيران في دولتين لشعبين. قمنا بذلك من قبل مراراً في عدة اجتماعات ولقاءات وبيانات وغيرها. منذ عشر سنوات ونحن نقف مرة تلو مرة "قيد أنملة" ومن ثم نتدهور الى هاوية العنف واليأس.
يبدو أرييل شارون وأصدقاؤه في واشنطن في حال سباق مع الزمن من أجل تحقيق أهدافهم قبل أن تعترضهم العقبات: وهم حين يكونون في عجلة من أمرهم فإنما يصبحون في منتهى الخطورة... فأنظارهم تتجه الآن نحو سورية وإيران وربما نحو السعودية بعد ذلك بل حتى نحو مصر. ويمكنهم في سبيل أغراضهم استخدام كل الوسائل من الضغط السياسي والاقتصادي إلى العقوبات المالية إلى التدخل وتغيير النظام بقوة السلاح. كل ذلك من أجل إخضاع العرب لإرادة أميركا وربيبتها إسرائيل.
الصفحة 49 من 119