لمراسل "هآرتس" في لندن
في المظاهرات الحاشدة التي جرت خلال الشهرين الاخيرين في بريطانيا ضد الحرب على العراق، رفعت يافطات وشعارات تحمل ادانة لاسرائيل وممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني. ويلاحظ ان الربط بين النزاعين يستغل من قبل تنظيمين اسلاميين بارزين في بريطانيا - "المجلس الاسلامي في بريطانيا" (MCB) وهو اعلى هيئة للجالية المسلمة في بريطانيا و"الاتحاد الاسلامي في بريطانيا"(MAB) – بهدف الامعان في الاساءة لاسرائيل والطعن في شرعيتها.
وكما اتضح خلال الاسابيع الاخيرة فان رموز وممثلي هذين التنظيمين يحظيان ليس فقط باهتمامٍ وظهورٍ واسعين في وسائل الاعلام، بل وبآذان صاغية لدى المؤسسة الرسمية البريطانية. في 20 اذار نشر "المجلس الاسلامي" نداء قال فيه ان الحرب (على العراق) مؤامرة صهيونية – اميركية. وصرح الامين العام للمجلس، اقبال سكراني ان الحرب "جزء من خطة لاعادة رسم خريطة الشرق الاوسط بما يتلاءم مع اجندة الصهيونيين والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة".
وكان "سكراني" ضمن وفد اسلامي رفيع التقى في السادس من اذار الماضي مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وفي الوقت الذي يتبنى "المجلس الاسلامي" توجهات معتدلة تدعو للتسامح والتقارب بين التيارات والمذاهب الدينية، فان المنظمة الاخرى "الاتحاد الاسلامي" التي برزت في تنظيم المظاهرات ضد الحرب على العراق، تسعى لتحقيق جدول اعمال مختلف. وتقول المنظمة التي تاسست في العام 1997، انها تهدف الى "مَلء الفراغ القائم في بريطانيا على صعيد احلال نمط الحياة الاسلامي".
ويستدل من تفحص نشرات توزعها المنظمة بأنها (منظمة الاتحاد الاسلامي) مرتبطة بعلاقات مع حركة "الاخوان المسلمين" وانها تسعى من اجل اضفاء الشرعية على العمليات الانتحارية ضد اسرائيل. رئيس المنظمة (M A B) محمد صوالحة، رجل فلسطيني قدم الى بريطانيا عام 1990. وكانت تقارير صحافية نشرت في اميركا وبريطانيا ذكرت ان" صوالحة" متهم من قبل اجهزة المخابرات الاسرائيلية بأنه عضو بارز في الجناح العسكري لحركة "حمـاس" بالضفة الغربية، وانه كان متورطًا في التخطيط لهجمات ضد اسرائيل. وطبقا لنفس التقارير فأن صوالحة واصل نشاطاته هذه حتى بعد قدومه الى بريطانيا.
هناك ناشط بارز اخر في منظمةM A B ، وهو د. عزام التميمي، الذي كان في العام 1991 ناطقًا باسم حركة "الاخوان المسلمين" في الاردن. ويعد التميمي حاليا من انصار ومؤيدي حركة "حمـاس" حيث ظهر في برامج تلفويونية في بريطانيا والقى خطبًا مؤيدة للفلسطينيين خلال مؤتمرات عقدت هناك، معربًا عن تآييده الصريح للعمليات الانتحارية ومعارضته لعملية السلام الاسرائيلية – الفلسطينية. وقد اشارت وسائل اعلام بريطانية للدكتور التميمي بصفة من يقدم المشورة لزعامة "حمـاس" في بلورة استراتيجية العلاقات العامة للحركة. وصرح التميمي فيما يتعلق بالحرب على العراق ان الولايات المتحدة شنت هذه الحرب "لأن عددًا من معاوني بوش يرون انها حيوية وضرورية لضمان بقاء حليفة الولايات المتحدة المخلصة في المنطقة (اسرائيل) القوة الاقليمية الوحيدة التي تمتلك اسلحة دمار شامل".
صحيفة (الغارديان) البريطانية ذكرت قبل عدة اشهر ان التميمي دعي في تشرين الثاني من العام الماضي الى مأدبة طعام في منزل سفير الولايات المتحدة في لندن.
وتشمل انشطة M A B في بريطانيا، تنظيم المهرجانات والندوات واصدار الصحف والنشرات التي تتضمن تعليقات لاسامية تشكل ظاهريًا مخالفة للقانون البريطاني ضد التحريض العنصري. وتكثر المنظمة الاسلامية من تشبيه اسرائيل بألمانيا النازية كما وتنسب لزعماء اسرائيليين تصريحات اقروا فيها بتفيذ ترانسفير ضد الفلسطينيين في العام 1948.
وتقف هذه المنظة ذاتها خلف التحرك الذي طالب باعتقال وزير الدفاع، رئيس الاركان السابق، شاؤول موفاز، اثناء زيارته لبريطانيا قبل حوالي ستة اشهر، وهو ما اضطر موفاز لإختصار زيارته. وخلال السنة الماضية دعت المنظمة الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعتبر الزعيم الروحي لـ" الاخوان المسلمين"، لالقاء محاضرات في بريطانيا. وكان القرضاوي قد اصدر فتوى تحلل العمليات الانتحارية ضد اسرائيل كما دعا الى مقاطعة السلع والمنتجات "اليهودية والاميركية".
نشاطات منظمة الاتحاد الاسلامي لم تمنع محطة الاذاعة البريطانية من اجراء مقابلات مع المتحدثين باسم المنظمة الذين لم يتورع رئيس بلدية لندن كن ليفينغستون ايضاً عن استضافتهم والتقاط صورة تذكارية مشتركة معهم في 21 اذار الماضي.
وعلق متحدثون باسم ليفينغستون، الذي يعتبر من المعارضين البارزين للحرب على العراق، بأن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اجتمع ايضاً مع رؤساء المنظمة، على الرغم من ان اوساط مكتبه نفت حصول هذا اللقاء.
خلال الاسابيع الاخيرة ازدادت في بريطانيا الاصوات المنتقدة لاسرائيل بما في ذلك على لسان شخصيات تعتبر من الاصدقاء المقربين للدولة اليهودية.
محطة BBC نظمت الاسبوع الفائت ندوة حول عهد ما بعد الحرب في العراق، شارك فيها الوزير السابق وعضو البرلمان البريطاني، بيتر ماندلسون، الذي يعد من ابرز شخصيات لوبي اصدقاء اسرائيل في حزب العمال البريطاني واحد المقربين من رئيس الوزراء توني بلير. وجاء في ما صرح به ماندلسون خلال البرنامج ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات "غير جديرين" بمنصبيهما لأنهما غير جادين في التوصل الى سلام دائم ولذلك "ينبغي استبدالهما" كما قال.
وبحسب مصادر اسرائيلية فان لـ ماندلسون تأثير كبير على بلير وهو ما يمكن ان يفسر التوجه النقدي الذي ينتهجه رئيس الوزراء البريطاني تجاه اسرائيل.
(هآرتس 10/4، ترجمة: "مـدار")