المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

إكتشف مواطنو دولة إسرائيل، في بداية شهر (أيلول 2003)، أنهم راضون عن حياتهم. وذلك بموجب بيان الى الصحافة عممته دائرة الاحصاء المركزية، وبه نتائج إستبيان وزعته خلال سنة 2002 على حوالي 7000 مواطن.

لكن استطلاعات اخرى قدمت نتائج مغايرة لما جاء تحت بند "الرضى العام عن الحياة" في تقرير دائرة الاحصاء، من أن "83% من مُجمل السكّان البالغين في إسرائيل راضون أو راضون جدًا عن حيواتهم".

واستقبل عدد من وسائل الاعلام هذا الاستبيان بالحب، وعدد آخر بالتشكيك. ولكن، في نهاية المطاف، يبدو أن الرضى عن الحياة لا يُعتبر بشكل عام المناخ المُميّز للحياة في إسرائيل. وقد قامت جريدة "هآرتس" ومعهد "ديالوغ"، بإشراف بروفيسور كميل فوكس، بإجراء هذا الاستطلاع ثانيةً عند مجموعة مُمثّلة للسكان اليهود في اسرائيل. وأبرزت النتائج الاستنتاج الأساسي الذي عرضته دائرة الاحصاء، حيث قال حوالي 80% من المُستَبيَنين إنهم "راضون بما فيه الكفاية" أو "راضون جدًا" عن حيواتهم.

ومع ذلك، من المهم الانتباه إلى أن عددًا من النتائج في إستطلاع "هآرتس- ديالوغ" أفسد بعضًا من مكونات الصورة الوردية. فعندما عُرضت على الناس إمكانية إختيار "راضون بما فيه الكفاية" إختار هذه الامكانية حوالي 45%، مقابل 35% إختاروا "راضين جدًا". ويعتقد 40% من المُستبيَنين أن الناس الموجودين في بيئتهم القريبة غير راضين عن الحياة، كما أن حوالي نصف سكان الدولة غير راضين عن وضعهم الاقتصادي وعن أمنهم الشخصي، وقال 85% إنهم "غير راضين بما يكفي" أو إنهم "غير راضين بالمرة" عن وضع الدولة. من هنا، فإن الصورة العامة المرتسمة هي أن سكان إسرائيل يتعاملون مع المنغّصات في الدولة على أنها مُفرحات!

السؤال الـ 85

وعودة إلى نتائج الاستطلاع الذي أجرته دائرة الاحصاء المركزية. من الهم القول إن الاستطلاع أجري على شريحة كبيرة جدًا وصل تعدادها إلى 7000 شخص، وعن طريق مقابلات شخصية، ومن الصعب جدًا مناقشة نتائجه. ويدلل الاستطلاع على أن 82% من المُستبينين راضون عن أماكن عملهم (ويمكن القول ببعض السخرية إنهم راضون عن مجرد قدرتهم على العمل)، ناهيك عن الأغلبية الساحقة من المواطنين الراضية عن حياتها. وهناك 94% راضون عن العلاقة مع أبناء العائلة و77% يعرّفون أنفسهم كذوي صحة جيدة. وقد سأل إستطلاع "الدائرة" عن الشعور بالاكتفاء بشأن الوضع الاقتصادي، وهناك اتضح أن حوالي نصف سكان اسرائيل غير راضين تمامًا.

وهناك مشاكل أخرى: فإستطلاع "الدائرة" مكون من 93 سؤالا. وبعد إنجاز القسم المنهك المخصص للتفاصيل الشخصية لكل أفراد العائلة، يُطلب من المُستَبيَنين الاجابة عن أسئلة لكل واحد منها ثلاث أو أربع إجابات محتملة. الأسئلة متنوعة وتتركز في مواضيع في مجال الرفاء الشخصي: "هل أنت راضٍ عن وضع الشقة المادي"، "هل أنت راضٍ عن ترتيبات المواصلات العامة في مكان سكنك"، "هل تستطيع تناول الطعام بمفردك ومن دون مساعدة"، "هل أنت راضٍ عن علاقاتك مع أصدقائك"، "في الإثني عشر شهرًا الأخيرة، هل مُسّ بك جسديًا، أي هل ضُربتَ مثلا أو جُرحت"، وما شابه. السؤال الـ 85 هو الذي أثار الضجة: "بشكل عام، هل أنت راضٍ عن حياتك؟". طُلب من المُستَبيَنين أن يختاروا واحدة من الإجابات الأربع التالية: "راضٍ جدًا"، "راضٍ"، "شبه راضٍ"، "غير راضٍ بالمرة".

قامت دائرة الاحصاء المركزية بتزويد "هآرتس" بالاستبيان، وقامت "هآرتس" بدورها بتمريره إلى عدة خبراء إحصائيين كبار في البلاد. وقد دلل هؤلاء على أعطاب جوهرية وقعت في طريقة بناء الاستبيان. وكان هناك من أبدى تعجبه مما إذا كان من مهام دائرة الاحصاء المركزية أصلا إستثمار مجهود كبير جدًا في فحص ما يشعر به مواطنو الدولة.

"من الصعب التصديق أن ‘الدائرة‘ نصّت هذا الاستبيان. فالحديث يدور عن خطأ منهجي بحثي كبير" يقول خبير إحصائي رفيع طلب عدم الافصاح عن إسمه، "في الواقع فإن ‘الدائرة‘ تُملي على المُستَبيَن المعايير التي يُقاس بحسبها رضاه عن الحياة. فهم يعيدون تعريف مصطلح ‘الحياة‘ ويوّجهون نحو الحصول على أجوبة معينة. ولو كان سؤال الرضى عن الحياة طُرح في بداية الاستبيان، لكان الناس أجابوا بناء على تصورهم الذاتي لمصطلح ‘الحياة‘. ولكن بعد أكثر من 80 سؤالا يدرك المُستبْيَن أن عليه أن يتعامل مع "راضٍ عن الحياة" كما يعرّف ذلك الاستبيان". "ليس عندي أدنى شك في أن كل الأسئلة التي سبقت السؤال الـ 85 أثّرت على السؤال التلخيصي"، يوافق معه دكتور في علم الاحصائيات ينشط في مجال الاستطلاعات منذ سنوات طويلة.

ويدعي خبير إستطلاعات آخر أن السؤال يفتقر لأي معنى، تمامًا كما الإجابة. "شخص يدخل إلى حيّزك الخاص لدقيقتين ويسألك عمّا إذا كنت راضيًا عن الحياة- كيف ستجيبه، هل كنت ستبدأ بالتذمّر؟ المُستَبيَن يقول إنه راضٍ، ولكن ما الذي يبعث على رضاه؟ أنه ليس مريضًا؟ لو كان الأمر متعلقًا بي لما كنت تعاملت مع هذه الإجابة بجدية، وذلك بسبب شكل صياغة السؤال".

سؤال عديم المعنى

من أجل فحص هذه الادعاءات وُضع سؤال "راضٍ عن الحياة" كالسؤال الأول في إستطلاع "هآرتس- ديالوغ". وقد انخفض عدد المجيبين بأنهم راضون جدًا أو راضون بما فيه الكفاية، بقليل، إلى ما يقرب الـ 80%. ولكن من الجدير الانتباه إلى أن معهد "ديالوغ"، وخلافًا لما قامت به "الدائرة"، مكّن المُستَبيَنين من إختيار إمكانية "راضين بما فيه الكفاية". حوالي نصف المستبيَنين، 45%، إختاروا هذا الخيار الأقل رونقًا.

"في اللحظة التي تسأل فيها إنسانًا عمّا إذا كان راضيًا عن حياته، فإنه يتركز فورًا في إحساسه: الأولاد بخير؟ هل أنا عاطل عن العمل؟ هل هناك إله في السماء؟ وما دام الأمر كذلك، فلماذا لا يكون وضعي جيدًا؟" يوضح بروفيسور فوكس. "لا يهم ما إذا كان هذا السؤال الأول أو السؤال الـ 85، لأن السؤال بحد ذاته يشد نحو إجابة تندرج ضمن الضغط الارادي الجماعي. فليس من اللائق القول إن وضعك سيء". أي أن هذا السؤال يفتقر لأي معنى حقًا. وحقيقةً، يكشف فحص أكثر عمقًا إلى أي مدى نميل لتورية وضعنا الحقيقي. عندما سألنا المُستبيَنين "هل تعتقد أن غالبية الناس في بيئتك القريبة راضون، أو أنهم غير راضين عن حياتهم، بشكل عام"، أجاب 40% منهم بأن الناس المحيطين بهم غير راضين عن حيواتهم. وأكثر من ذلك، ففي الوقت الذي قال حوالي 36% من المُستَبيَنين إنهم "راضون جدًا" عن حيواتهم، فإن 7% منهم فقط قالوا إن أصدقاءهم "راضون جدًا".

"الضغط الإرادي الجماعي يبعث على جنوننا"، يقول فوكس، "نحن نقول إننا راضون من دون علاقة بوضعنا الحقيقي، لأن هذا ما يتوقعه الآخرون منا. ولكن في اللحظة التي يسألوننا فيها عن أصدقائنا، نصبح أكثر تحررًا في قول الحقيقة. فمن غير الممكن أن الجميع يقولون عن أنفسهم إنهم راضون جدًا، ولكن يقولون عن المحيطين بهم إنهم أقل رضىً".

وقد انعكس هذا التصادم في مكان آخر من إستطلاع "هآرتس". فكما ذكر، أعلن 85% من المُستبيَنين أنهم غير راضين عن "وضع الدولة". وعندما سألناهم ما هي العلامة التي تعكس شعورهم تجاه حيواتهم بشكل عام، من 1 إلى 10، حيث يعكس الرقم 1 وضعًا من "اليأس من حياتك" والرقم 10 "الأمل في حياتك"، أعطى حوالي 80% الرقم 7 وما فوق. وإذا لم يكفِ هذا، عندما سُئلوا عمّا إذا كانوا يرغبون في العيش في دولة غربية أخرى، أجاب حوالي 80% بأنهم "يفضلون" أو "يفضلون جدًا" العيش في إسرائيل.

لأول وهلة يبدو أن مواطني دولة إسرائيل يقومون بفصلٍ تامٍ بين حيواتهم الشخصية وبين وضع الدولة. ولكن يتّضح أن هذا الفصل هو فصل صناعي، تمامًا مثل قرار دائرة الإحصاء المركزية بعدم أيراد أية أسئلة عن "وضع الدولة" في إستبيان "الرفاء الشخصي" الذي أعدته.

السؤال الذي يعكس ذلك، أكثر من أي سؤال آخر، هو السؤال الأخير في إستطلاع "هآرتس" و"ديالوغ": "ما هو المجال الذي يمكن أن يؤدي التغيير فيه إلى تغيير مستوى رضاك عن الحياة بشكل ملحوظ". أجاب 35% بأن وضع الدولة هو هذا المجال، وذكر 27% الوضع الاقتصادي 15% ذكروا حالتهم الصحية وحالة أقربائهم، و9% عبروا عن رغبتهم في تحسين الأمن الشخصي وعبر 8% عن رغبتهم في تحسين "العلاقات داخل العائلة والعلاقات العاطفية".

وتدلّل هذه النتائج على أنه وعلى الرغم من أن الاسرائيليين يبدون، ولأول وهلة، وكأنهم يميلون للفصل بين وضعهم الشخصي (83% راضون) وبين وضع الدولة (85% غير راضين)، إلا واحدًا من كل ثلاثة إسرائيليين إختار التحسين في وضع الدولة كبشارة بوسعها إنقاذه على المستوى الشخصي، وذلك عند السؤال عمّا يمكنه أن يحسّن من حيواتهم الشخصية.

"يشابه الأمر النكتة عن العامل في الاستطلاعات الذي يودّ معرفة حالك بكلمة واحدة"، يقول فوكس، "‘جيّد‘، يجيب المُستَبيَن. ‘وبكلمتين؟‘ يصعّب السائل. ‘غير جيد‘، يجيب المُستَبيَن". "صحيح أن الدائرة المركزية للاحصائيات تجاهلت عمدًا أسئلة متعلقة بأداء الحكومة، لكن لا يمكن الاعلان على رؤوس الأشهاد أن الاسرائيليين راضون عن حيواتهم، من دون التطرق إلى الوضعية المنغرسين بداخلها"، يقول مختص آخر في الاستطلاعات، "فأداء الحكومة يؤثر على رفاهيتنا الشخصية بما لا يقل عن عدد الغرف التي تؤلف بيوتنا".

ويدعي فوكس أن للإجابات تفسير مغاير. "نحن نعرف ظاهرة محاولة الناس أن يكونوا مثابرين فيها في إجاباتهم، لئلا يبدوا أغبياء أمام السائل"، يوضح. "الكثيرون من المُستَبيَنين أجابوا على السؤال الأول بأنهم راضون عن حيواتهم. ومن ثم يسألونهم ما إذا كانوا يرغبون في العيش في مكان آخر. وعندها يحسبونها في رؤوسهم: ‘لقد قلت إنني راضٍ عن حياتي‘... ويجيبون ‘نعم، أنا أفضل العيش هنا‘".

الأسئلة الصعبة للنهاية

دلَّ الاستطلاع الذي أجرته "الدائرة" على أنّ حوالي نصف مواطني الدولة راضون عن أوضاعهم الاقتصادية. والسؤال عن الوضع الاقتصادي يظهر بعد 86 سؤالاً آخر وقبل عدة أسئلة أخرى عن الوضع الاقتصادي الشخصي، مثل: هل تنهي الشهر، هل يثقل عليك قرض الاسكان، وهكذا. "لماذا يأتي السؤال التلخيصي هنا قبل الأسئلة الاقتصادية الأخرى؟" يصعّب باحث إحصائي رفيع، "هل تخوّفوا في دائرة الاحصائيات من أن يغيّر الناس من إجاباتهم فيما لو ذكّروهم بأنهم يرزحون فعلا تحت الأعباء؟ هل هناك ما يُقال عن أن قسم الميزانيات (في وزارة المالية- المحرر) هو الذي طلب هذا الاستطلاع؟ كنت أود التأمل بأن هذا لم يُفعل بتوجيه موجّه"، أضاف. وربما كان من الأفضل فعلا أن يمتنع قسم الميزانيات، الذي لا يتوقف عن دعوتنا لشدّ الحزام والتقليص في صلب حيواتنا، عن طلب إستطلاعات عن وضعية أهوائنا وأمزجتنا.

ويدلل إستطلاع "هآرتس"، مثلما يفعل إستطلاع "الدائرة"، على أن 53% من المُستَبيَنين لم يكونوا راضين جدًا أو أنهم غير راضين أبدًا عن أوضاعهم الاقتصادية. ومع ذلك، ونسبيًا لجو الأزمة الاقتصادية الذي يسود الدولة، فإن نسبة 47%، والذين قالوا إنهم راضون أو راضون بما فيه الكفاية، هي ليست نسبة سيئة. واحد من كل إثنين يدعي أن وضعه الاقتصادي جيد. "عندما تدلّ المعطيات على بطالة بنسبة 10%، فإن هذه معطيات هائلة، ولكن في الاستطلاع هناك 10% عاطلون عن العمل و90% يعملون"، يوضح فوكس المفارقة، "كم هناك من المعوقين الذين لا يقوون على إنهاء الشهر؟ كم من الناس الذين يجوعون للخبر لا نصل إليهم في إستطلاع هاتفي، أو أنهم لا يملكون هواتف أصلاً للرد على أسئلتنا؟ من الناحية النوعية، فإن تأثير هؤلاء الناس على المجتمع هو هدّام، ولكن من الناحية الكمّيّة فإن الحديث يدور عن نسب ضئيلة". ولكن يبدو أنهم ما زالوا يحظون بتأثير كبير. فمثلا، يعتقد واحد من كل أربعة أن وضعه الاقتصادي في السنين القادمة سيسوء، ولن يتحسن.

وماذا عن الأمن الشخصي؟ الدولة منقسمة هنا أيضًا. عندما سألنا "هل أنت راضٍ عن وضع أمنك الشخصي" أجاب 53% من المُستَبيَنين بأنهم راضون أو راضون جدًا، فيما أجاب 47% بأنهم غير راضين كفاية أو بأنهم غير راضين بالمرة.

وأصلاً، ما شأنهم؟

"يبدو لي غريبًا أن دائرة الاحصائيات المركزية تتعامل مع الأسئلة التي سألتها، وأنا أقول هذا لأنني كنت أحترم هذه الدائرة جدًا فيما مضى"، يقول بروفيسور آفي دغاني، مدير عام شركة الاستطلاعات "جيوكرطوغرافيا". وتساءل خبير إحصائي آخر عن الدوافع من وراء طلب هذا الاستطلاع: "أجروا مقابلات مع 7000 شخص من أجل تقرير مستوى الرضى والاكتفاء عند المواطنين؟ هذا ما تفعله دائرة الاحصاء اليوم؟ أليس هذا تبذير للنقود؟ وأصلا، كيف حدث أن وزارة المالية مهتمة بأسئلة من هذا النوع؟" كما أن دوري شدمون، مدير عام "تيليسيكر"، أعرب عن إندهاشه من نوع الأسئلة التي اختارت دائرة الاحصاء طرحها على المواطنين. "أنا متفاجئ جدًا من أن دائرة الاحصاء تضلع في إستطلاعات للرأي العام. هذا ليس مجالهم".

ويعرض بروفيسور فوكس مشكلة أخرى: ينص البند 13 من قانون الاحصائيات للعام 1975، على أنه "على كل إنسان أن يجيب، بحسب معرفته ومعتقداته، عن كل سؤال يطرحه عليه إحصائي أو موظف مؤهل". وبالتالي، فإن إجراء دائرة الاحصاء لمثل هذا الاستطلاع، يقول فوكس، تضع المواطنين في معضلة. "هل تلزمني دائرة الاحصاء وفقًا للقانون على الاجابة عمّا إذا كنتُ راضيًا عن حياتي؟ هل فكروا في ذلك قبل أن يتوجهوا إلى المواطنين؟"

العرب بالذات غير راضين

كم أن الأمر غير مفاجئ. فعلى الرغم مما ذكر، إلا أن هناك عددًا غير قليل من الناس غير راضين عن حيواتهم- وهم من العرب. بوسع "تقرير أور" تفسير ذلك. 44% من العرب غير راضين بما يكفي (20%) أو أنهم غير راضين بالمرة (24%) عن الحياة، مقابل 46% أعربوا عن رضاهم. ولكن هذه الأسئلة أيضًا لا تعكس على ما يبدو الصورة بأكملها، لأن 73% من العرب يعتقدون أن غالبية الناس في بيئتهم القريبة غير راضين عن الحياة، وهذا السؤال، في أحيان كثيرة، سؤال يكشف عمّا يشعر به الناس حقًا تجاه الحياة. 86% من العرب غير راضين عن أوضاعهم الاقتصادية (منهم 51% غير راضين بالمرة). وعلى الرغم من كل ذلك، فإن 72% يفضلون العيش في إسرائيل. بإمكان العرب أن يعزّوا أنفسهم فقط بأن حوالي 62% منهم راضون عن أمنهم الشخصي.

ويثير الاستطلاع من دون شك السؤال عمّا إذا كانت الوصفة للسعادة هي أن تكون حريديًا. فـ 95% من الحريديم (19 من كل 20) راضون عن الحياة (منهم 57% راضون جدًا)، مقابل 84% من العلمانيين. ويتوقع ثلثا الحريديم تحسينًا في حيواتهم مقابل أقل من النصف في باقي الأوساط. وعلى الرغم من أن الحريديم معروفون كواحدة من أفقر المجموعات في الدولة، إلا أنهم حققوا رقمًا قياسيًا: ثلثان منهم راضون عن الوضع الاقتصادي. ولخيبة الأمل الكبيرة، فإن نسبة 87% أيضًا من الحريديم غير راضين عن الوضع في الدولة.

وهناك مفاجأة: النساء راضيات عن الحياة أكثر. فـ 83% من النساء راضيات جدًا أو راضيات بما يكفي عن حيواتهنّ، مقابل 77% من الرجال. وتتوقع 50% من النساء تحسنًا في حيواتهنّ مقابل 45% فقط عند الرجال. وتقدّر 56% من النساء أن غالبية الأشخاص في بيئتهنّ القريبة راضون أو راضون بما يكفي عن حيواتهم، مقابل 48% من الرجال. و49% من النساء راضيات عن وضعهنّ الاقتصادي، مقابل 44% فقط من الرجال.

ولكن الصورة تنعكس عند الحديث عن وضع الدولة وعن الأمن الشخصي. فـ 50% من النساء فقط راضيات عن وضع أمنهنّ الشخصي مقابل 55% من الرجال. وربما يعود ذلك إلى أن قسمًا منهن لا ينحصر خوفهنّ من "المخربين" فقط، بل ومن الرجال. و90% من النساء غير راضيات تمامًا أو غير راضيات بالمرة عن وضع الدولة، مقابل 81% من الرجال.

ومن غير المفاجئ أن مدى الرضى والاكتفاء من الحياة ينخفض مع التقدم في السّن. 86% من الشباب (18-34 عامًا) راضون أو راضون بما يكفي عن حيواتهم، مقابل 79% من البالغين (35-54 عامًا) و70% فقط من البالغين جدًا (55 وما فوق). وأكثر من ثلثي الشباب مقتنعون أيضًا بأن حياتهم ستسير نحو الأفضل (مقابل أقل من الثلث من أبناء الـ 55 وما فوق)، الأمر الذي يدلّ على التفاؤل أو على السذاجة المحمودة. وعلى الرغم من الرضى عن الحياة، فإن 21% من الشباب كانوا يفضلون العيش في دولة غربية أخرى، ما يشكل ضعفي من هم في الـ 55 وما فوق. وربما يكون هذا الأمر مرده ببساطة إلى مسألة الامكانات. ومجموعة الجيل التي أبدت أقل مستوى من الرضى عن وضعها الاقتصادي هي مجموعة 35-54، أي الأهل مع ابناء في البيت (58% ليسوا راضين كفايةً أو غير راضين بالمرة).

ويتضح أن المتعلمين سعداء أكثر، أو، على الأقل، يردون بإجابات أكثر سعادة. فـ 83% من ذوي التعليم فوق الثانوي راضون، أو راضون بما يكفي عن حيواتهم، مقابل 68% فقط من أولئك الذين لم ينهوا التعليم الثانوي. و62% من ذوي التعليم المتدني غير راضين عن وضعهم الاقتصادي، مقابل 50% من ذوي التعليم العالي. ولكن هناك، على ما يبدو، علاقة عكسية بين التعليم والقومية. فـ 88% من ذوي التعليم العالي غير راضين عن وضع الدولة، مقابل 76% من ذوي التعليم المتدني.

وتلخيصًا، السؤال الأكثر أهمية- هل يجلب الغنى السعادة؟ من غير المؤكد، ولكن يبدو أن الفقر يجلب الإنقباض النفساني. فـ 31% من ذوي المداخيل الواقعة تحت المعدل العام غير راضين عن حيواتهم، مقابل 12% فقط من ذوي المداخيل الواقعة فوق المعدل. ولكن يتضح أن الأسوأ وارد دائمًا: 44% من ذوي المداخيل الواقعة تحت المعدل العام يقدّرون أن وضعهم الاقتصادي سيسوء، فيما يقدر ذلك 16% فقط من ذوي المداخيل الواقعة فوق المعدل العام.

استطلاع "معاريف":

54% من الاسرائيليين غير راضين عن حياتهم

وفي استطلاعات اخرى، أظهر استطلاع "معاريف" بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة (المنشورة يوم الجمعة 26/9)، أن غالبية الجمهور في إسرائيل إما أنها لا تعرف الطرف المنتصر في النزاع الدائر بين اسرائيل والفلسطينيين أو تعتقد أن الفلسطينيين هم ذلك الطرف. فقد قال 35 بالمئة من المشمولين في الاستطلاع انهم لا يعرفون من هو الطرف المنتصر في حين قال 28 بالمئة ان الطرف المنتصر هو الفلسطينيين، مقابل ذلك قال 37 بالمئة إن إسرائيل هي الطرف المنتصر.
وصوت 21 بالمئة من المستطلعين لصالح رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون كمن يستحق أن يكون حاملاً للقب "شخصية السنة" (العبرية)، يليه شمعون بيرس (17 بالمئة) وشاؤول موفاز (10 بالمئة) وبنيامين نتنياهو (9 بالمئة). وكانت النسبة الأعلى (26 بالمئة) من نصيب الجواب "لا أعرف"!
لكن على رغم ذلك أظهر الاستطلاع أن 54 بالمئة من الاسرائيليين راضون من حياتهم وأن 22 بالمئة راضون جدًا، مقابل 16 بالمئة قالوا انهم غير راضين كفاية و6 بالمئة غير راضين البتة و2 بالمئة لا يعرفون. وقال 67 بالمئة انهم يفضلون الحياة في اسرائيل مقابل 20 بالمئة قالوا انهم يفضلون الحياة في مكان آخر و4 بالمئة قالوا انهم لا يعرفون.
وصوت 20،2 بالمئة من المستطلعين ضد عمرام متسناع، الرئيس السابق لحزب "العمل"، كمن يستحق لقب "خيبة السنة" (العبرية) يليه بنيامين نتنياهو (19،6 بالمئة) وشارون (18 بالمئة) وايهود براك (11 بالمئة).
من ناحية أخرى يعتقد 65 بالمئة من المستطلعين أن الانتفاضة الفلسطينية لن تنتهي في مجرى السنة المقبلة. وتعتقد نسبة أكبر (68 بالمئة) أن الركود الاقتصادي لن ينتهي. كما يعتقد 35 بالمئة أن ياسر عرفات سيتم طرده أو تصفيته مقابل 49 بالمئة لا يعتقدون ذلك و16 بالمئة لا يعرفون. ويعتقد 30 بالمئة أن شارون سيضطر الى الاستقالة مقابل 56 بالمئة لايعتقدون ذلك و14 بالمئة لا يعرفون.
واشتمل الاستطلاع على مؤشر التماثل من جانب الجمهور الاسرائيلي. وأظهر أن نسبة عدم التماثل الكبرى هي من نصيب أعضاء حزب "شاس" (63 بالمئة) ويليهم المتدينون المتشددون- الحريديم (53 بالمئة) فاليساريون (47 بالمئة) فالعرب في اسرائيل (46 بالمئة) فالمستوطنون (42 بالمئة).
وقد شمل الاستطلاع 583 شخصًا يمثلون السكان البالغين في إسرائيل، مع هامش خطأ نسبته القصوى 4 بالمئة.

استطلاع "يديعوت احرونوت":
73 % من الاسرائيليين يعتقدون أن مستقبل الجيل الشاب "غير مضمون"

دل استطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة وقامت باعداده الخبيرة مينا تصيمح من معهد "داحف"، على أن هناك نسبة عالية من اليأس في صفوف الاسرائيليين.
فقد قال 43 بالمئة من الاسرائيليين انهم يائسون من وضع الدولة (إسرائيل) فيما قال 18 بالمئة فقط انهم متشجعون من وضعها مقابل 39 بالمئة قالوا انهم غير يائسين وغير متشجعين. كما أكد 73 بالمئة ان الجيل الشاب لا ينتظره مستقبل مضمون في إسرائيل مقابل21 بالمئة قالوا ان مستقبل هذا الجيل مضمون.
وبخصوص الوضع الاقتصادي قال 71 بالمئة انه إما سيزداد سوءًا (37 بالمئة) أو سيبقى على حاله (34 بالمئة) مقابل 26 بالمئة فقط قالوا انه سيتحسن. أما الوضع الاقتصادي الخاص فقد قال 65 بالمئة انه اما سيزداد سوءًا (43 بالمئة) أو سيبقى على حاله (22 بالمئة)، مقابل 34 بالمئة قالوا انه سيتحسن.
وأكد 50 بالمئة أن اريئيل شارون هو رئيس وزراء غير ذي مصداقية لصالح 49 بالمئة قالوا انه ذو مصداقية. ومنح 44 بالمئة شارون علامة جيد على أدائه بينما منحه 56 بالمئة علامة جيد فما فوق. وبخصوص وزير المال بنيامين نتنياهو فقد منحه 56 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع علامة غير جيد مقابل 42 بالمئة منحوه علامة جيد فما فوق. وقال 58 بالمئة انهم لا يعتمدون على نتنياهو في قيادة الاقتصاد مقابل 38 بالمئة قالوا انهم يعتمدون عليه في هذا الشأن.
وفيما يتعلق بالوضع السياسي قال 67 بالمئة من الاسرائيليين ان الانتفاضة الفلسطينية في السنة الجديدة (العبرية) اما ستبقى على ما هي عليه (43 بالمئة) أو تزداد قوة (24 بالمئة)، مقابل 25 بالمئة قالوا انها ستنتهي (8 بالمئة)، أو ستضعف (17 بالمئة(.
وأكد 40 بالمئة معارضتهم لاتفاق تبادل أسرى مع "حزب الله" لا يشمل الملاح الاسرائيلي المفقود رون أراد تضاف اليهم نسبة 7 بالمئة قالوا انهم يميلون لمعارضة اتفاق كهذا. وقال 28 بالمئة انهم يؤيدون اتفاقًا كهذا بينما تبلغ نسبة الذين يميلون لتأييده 16 بالمئة.
شمل الاستطلاع 502 شخصًا يمثلون السكان البالغين في اسرائيل مع هامش خطأ نسبته القصوى 4،5 بالمئة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات