المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 879

بقلم: يحزقئيل درورلا توجد دولة ديمقراطية أخرى يهمّها أن تكون إدارتها نوعيّة لضمان مستقبلها كما في اسرائيل. السلام والحرب، والمرافق الاقتصادية والمجتمع، والسكان والبنى التحتية - في كل هذه المواضيع هنالك دور مركزي لقرارات وعمل الادارة.

 

إن ما يمكن أن يعتبر جيداً من حيث جودة ونوعية إدارة الدول الاخرى ليس كافياً بما يتعلق بنا، لأننا بحاجة الى إدارة ممتازة. لكن الواقع عكسي، كما يثبت ذلك تقرير مراقب الدولة الأخير. عندما نربط ما ورد في تقارير مراقب الدولة بالنتائج التي توصّلت إليها كل اللجان العامة التي تعاملت مع الموضوع، فإننا نرى اجراءات قرار متخلفة وعمليات خلل خطيرة في التنفيذ، الى درجة الخطر الوجودي.

إن تحسين نوعية القرارات دون تحسين التنفيذ لا قيمة له. من الضروري تحسين الجهاز السياسي في آن واحد مع تحسين الجهاز الاداري. وعليه، في غياب قدرة سياسية على اتخاذ قرارات من خلال رؤية شاملة وطويلة الأمد في المواضيع المعقدة والمختلف عليها، لن تجدي الاجراءات المحسّنة لاتخاذ القرار ولا اجراءات التنفيذ الناجع.

لقد اجريت تحسينات على مر السنين السنوات، بما في ذلك إقامة شعبة التخطيط في القيادة العامة، وتأسيس مجلس الأمن القومي ومؤخراً القرار الهام لوزير الدفاع بإقامة شعبة سياسية - أمنية الى جانبه. لكن ليس هناك أي تحسين يتركّز في المواضيع الداخلية لاسرائيل. أضف الى ذلك ان المشاكل في اداء مجلس الأمن القومي تثبت أنه في غياب اصلاحات حقيقية في كل نواحي نظام الادارة فإن الفائدة من التحسينات الموضعية محدودة جداً.

ثمة ضرورة للقيام بسلسلة اصلاحات في المكونات الاساسية للادارة في اسرائيل. لا امل في التحسين الحقيقي في مجال القضايا الحاسمة المصيرية دون مركزية قوة ديمقراطية. ومن هنا جاءت التوصية بالانتقال الى نظام رئاسي كامل. تكمن في هذا مخاطر ليست قليلة، ولكنها اقل بكثير من المخاطر الكامنة في غياب قدرة النظام الحالي على التوصل الى حسم وتنفيذ للمواضيع الاساسية.

كما أن تحسين القرارات أيضاً يستدعي تغييرات بعيدة الأمد في نوعية الفكر الذي تقوم عليه عمليات الحسم المبلورة للمستقبل. ومن اجل ذلك من الضروري تفعيل قيادة مهنية لتخطيط السياسات في المواضيع الداخلية الى جانب رئيس الحكومة سوية مع إعادة بناء مجلس الأمن القومي، خلال ضمان اشراكهما في عمليات القرار المركزية. كما ان هناك حاجة الى تفعيل وحدات تخطيط استراتيجي في الوزارات الحكومية الهامة، خلال ضمان جودتها المهنية ومكانتها كفقرة مركزية في مراحل عملية اتخاذ القرار.

كما ان عملية التفكير في الكنيست تستدعي أيضاً تغييراً جذرياً، كوزن مضاد لتركيز القوة في نظام رئاسي. التحسينات الحقيقية تجرى بواسطة نقاشات حول السياسة، بناء على وثائق تلتزم الحكومة بإعدادها مع تطوير خدمات الاستشارة المهنية في الكنيست.

وليس اقل أهمية هو الانقلاب في قدرة التنفيذ، الذي يستوجب اصلاحات في خدمات الدولة وإدارة المكاتب. التقدم نحو "إدارة وافرة المعرفة" يستلزم تطوير كادر ادارة صغيرعلى مستوى رفيع لكنه ممتاز ومحمي من التسييس، مع التشديد على مستوى مهني جدير بما يتعلق بالتعيينات.

طرحت في الماضي توصيات بخصوص عمل قيادة استراتيجية وتطوير كادر ادارة رفيع المستوى ومهني وصودق عليها في قرارات الحكومة. ولكن حسب تقرير مراقب الدولة لم تقم بأي عمل يذكر تقريباً. التعامل مع مفوضية خدمات الدولة ككرة طاولة تتنقل بين ديوان رئيس الحكومة ووزارة المالية وكذلك أجوبة الحكومات الضحلة على نتائج وتوصيات مراقب الدولة في موضوع السياسة والادارة - يدل على عدم الرغبة في تحسين اجراءات اتخاذ القرار والتنفيذ. إن اتباع طريقة الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة دون ملاءمة ذلك مع بقية مكونات النظام وبعد ذلك العودة الى الطريقة السابقة مع تحسينات طفيفة فقط - يجسّد طريقة التعامل مع المكونات الاساسية للنظام، التي لا أمل فيها.

دون التبجح بأن اكون إكسندره جديدة (حباها الله بالقدرة على التنبؤ بحدوث كوارث قبيل أن تقع، لكن حكم عليها الا يستمعوا إليها)، اغلب التخوف أنه في غياب تحسين حقيقي في القدرة على القرار والتنفيذ لحكومات اسرائيل فإننا محكومون لإخفاقات عديدة. الذنب في هذا هو فينا فقط، لأن الأمر هو برضانا وبمسؤوليتنا.

الكاتب بروفيسور في العلوم السياسية والادارة العامة في الجامعة العبرية

(هآرتس 12 أيار 2003)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات