بقلم: ناحوم برنياعانتبِهوا الى ميول الوزراء الذين اجتمعوا في ساعة متأخرة من ليل امس لدى رئيس الحكومة: ليس مهما من نفذ العملية في تل ابيب – فتح، الجهاد الاسلامي او حماس – فقد حاموا حول حل واحد: إبعاد عرفات. كان على شارون القيام بمهمة الناكر للجميل: إعادتهم الى العقل.
شارون يعرف وهم يعرفون ان إبعاد عرفات الآن، عشية الهجوم على العراق، في غياب الدليل على أي نوع من العلاقة بين السلطة الفلسطينية والعملية، أشبه بإعلان الحرب على ادارة بوش، وهي حرب لا تستطيع اسرائيل السماح لنفسها بها.
وعلى فرض ان الانتخابات ستعطي الكتلة اليمينية – الدينية في الكنيست اغلبية برلمانية، و "العمل" بقيادة متسناع سيذهب الى المعارضة، سيكون اتجاه الريح في الحكومة على النحو التالي: اجلبوا لنا رأس عرفات. بأي ثمن.
على مدار عامين في الحكم، وقف شارون برأس جهد اسرائيلي هائل لحسم الحرب ضد الارهاب الفلسطيني بالوسائل العسكرية. نجح في اقناع الامريكان بالتسليم بالاحتلال الفعلي للضفة. تحت هذه المظلة حقق جيش الدفاع وجهاز الامن العام نجاحات عملية بارزة. قسم كبير من الوسط القيادي في تنظيمات الارهاب تمت تصفيته، او اعتقل. واحبطت عمليات كثيرة. والسلطة الفلسطينية اصبحت مشلولة في معظم مناطق الضفة و "معطلة" في غزة.
لن نعرف الى الابد الى أي وضع كانت اسرائيل ستؤول لو لم نقم بهذه الخطوات. يمكن فقط القول انه على رغم كل هذه العمليات العجيبة، ما زال وضعنا لا يطاق. اكثر من 700 اسرائيلي قتلوا او سقطوا في عمليات ارهابية. وعلى رغم هذا الالم يجب ان نقول الحقيقة: هذا فشل مدوٍّ، وفظيع.
يقول الساخرون: عملية الامس ستساعد الليكود في الانتخابات. سيشد الانظار عن قضايا الفساد في الليكود الى الصراع الدامي مع الفلسطينيين. يمكن لشارون ان يبتسم.
ليست عندي اية رغبة للادعاء بمعرفة ميول الناخبين. لكنني واثق بأمر واحد: شارون لا يبتسم. مثل أي اسرائيلي منطقي، فهو غاضب ومتألم لخطورة الضربة، وهو يدرك الورطة التي وصلتها حكومته: فهي لا يمكنها ان تحسم الصراع بالقوة، وهي ليست مستعدة لأن تحاول حسمه بالمفاوضات، وهي لا تريد حسمه بالانفصال الحقيقي، المتصل باخلاء مستوطنات. انها اسيرة الوضع الراهن، من دون بصيص ضوء في آخر النفق.
في الجيش عثروا على طريقة مثيرة لمجابهة الفشل في التغلب على الارهاب. انهم يؤمنون ان عرفات سيختفي تلقائيا خلال شهور معدودة. عرفات سيختفي، وسيتبخر الارهاب، وستقوم قيادة فلسطينية تكون مستعدة للتوقيع على اتفاق مع شارون حسب شروطه.
هذا ايمان غيبي: لا يوجد أي دليل حتى الان يمكن تأكيده. لكنه يسمح للجميع بتأجيل ساعة حساب النفس، ومواصلة السياسية الحالية.
اليوم او غدا على الاكثر ستمحي من شارع نفيه شأنان آثار العملية. سيدفن القتلى هنا، او يتم ارسالهم الى بلدانهم، لكي يدفنوا هناك. وسيذوب الجرحى في اقسام المستشفيات. هناك اشخاص تثير بهم سرعة اختفاء العمليات عن جدول الاعمال مشاعر الذنب. يخيل ان العكس هو الصحيح: المجتمع الاسرائيلي تعلم كيف يستوعب العمليات ويفهرسها في ذاكرته وينهض بعد ساعات معدودة ليعود الى يومه العادي، الى الحالة الطبيعية. من دون هذه القدرة كان العيش هنا سيكون اصعب.
(يديعوت احرونوت، 6 يناير)