تتوقع الحكومة الاسرائيلية التي تعد من اشد مؤيدي ضرب العراق، ان تؤدي الحرب الأمريكية المبيتة على هذا البلد العربي الى <<تهميش (الرئيس الفلسطيني) ياسر عرفات كلياً، مفسحا لظهور قيادة فلسطينية جديدة اكثر مرونة>>، كما يقول مصدر امني اسرائيلي كبير.
غير ان السلطات الاسرائيلية تراهن ايضا على حدوث ردود فعل متسلسلة تؤدي الى قيام وضع اقليمي جديد يكون مؤاتيا لاسرائيل.
وتحت عنوان <<انتشار عدوى تبديل النظام من بغداد الى رام الله>>، كتب المحلل جيرالد ستاينبرغ مؤخراً في مقالة <<ان اطاحة صدام حسين وتبديل النظام في العراق قد تتمخض عن مفعول متسلسل مثل مفعول الدومينو عبر العالم العربي من شمال افريقيا الى الخليج>>. وتابع انه <<بعد العراق، قد تكون السلطة الفلسطينية هي التالية>>.
وفي شباط الماضي اعلن الجنرال عاموس جلعاد الذي اختاره شارون ليكون الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية في حال اندلاع حرب في العراق، ان اطاحة صدام حسين قد تكون بمثابة مثال يطبق على من وصفهم بأنهم <<طغاة مشابهون يقيمون على مقربة من هنا، مثل ذلك المقيم في رام الله>>.
وعبر شارون عن رأي مماثل انما باسلوب غير مباشر حين ابدى امله بأن <<تفتح الحرب اذا ما اندلعت امكانات جديدة لاحراز تقدم في العملية السياسية لتقود بعون الله الى السلام الذي ننشده جميعاً>>.
ويعمد المسؤولون الاسرائيليون منذ اندلاع الازمة العراقية الى وصف الرئيس ياسر عرفات بأنه <<نسخة عن صدام حسين>>، مثلما حاولوا تشبيهه بزعيم <<القاعدة>> اسامة بن لادن بعد احداث 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة.
وتتعامل اسرائيل منذ كانون الاول 2001 مع الرئيس ياسر عرفات على انه <<غير ذي صلة>>، متهمة اياه بتشجيع <<الارهاب>>. وجعل شارون من استبدال الرئيس الفلسطيني شرطًا لا بد منه لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، ونجح في حمل الرئيس الاميركي جورج بوش على تبني هذا الموقف.
غير ان الرئيس ياسر عرفات يبقى في نظر بعض المسؤولين الاسرائيليين <<الشخصية التي ستحول على الدوام بمجرد حضورها دون التوصل الى تسوية للنزاع>>.
من جهته، ينقض الجانب الفلسطيني بالطبع نظرية الدومينو هذه. وتساءل وزير العمل غسان الخطيب في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية (18/3) <<ما هي العلاقة؟ كيف يمكن لسقوط صدام ان يؤدي الى سقوط عرفات؟>>.
واضاف <<هناك طريقة وحيدة لاطاحة عرفات، وهي عملية اسرائيلية محتملة>>.
والتصريحات التي يدلي بها بعض القادة الاسرائيليين توحي بمثل هذا التوجه، مؤكدة مخاوف الخطيب.
ففي تشرين الثاني، اعلن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو الذي يتولى حاليًا حقيبة المالية، ان نزاعاً في العراق سيشكل <<فرصة جيدة للتخلص من عرفات>>.
لكن الاسرائيليين يعتقدون ان سقوط صدام حسين سيكون له تأثير يتخطى دائرة رام الله.
وقال افراييم انبار مدير <<مركز بيغن – السادات>> في جامعة بار ايلان قرب تل ابيب لوكالة فرانس برس ان تغييرًا للنظام العراقي <<سيكون له بالتأكيد تأثير ايجابي على المنطقة وسيحمل الدول المثيرة للشغب مثل ايران وسوريا على المزيد من الاعتدال>>.
ولا شك ان اسرائيل ترى في سوريا التي تسيطر على حزب الله الشيعي اللبناني وفي ايران الماضية في برنامجها النووي، خطورة تفوق الخطر العراقي.
وفي شباط، توقع افراييم هاليفي مستشار شارون لشؤون الامن القومي <<الا يقتصر تأثير سقوط صدام حسين على اطاحة الرئيس ياسر عرفات، بل ان يؤدي كذلك الى انسحاب القوات السورية المنتشرة في لبنان>>.
وفي مطلق الاحوال، فان احدًا في الاوساط القيادية الاسرائيلية لا يخشى على ما يبدو ان تؤدي حربا ضد العراق الى اشتعال المنطقة برمتها. وفي المقابل، يعتبر اشد معارضي شارون ان كونه يراهن بشكل كامل على حملة عسكرية اميركية ضد العراق يكشف عجزه على تسوية النزاع مع الفلسطينيين عن طريق التفاوض.