المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

القرار يصدر خلال أسبوعين
عمل كثير بانتطار أعضاء لجنة الانتخابات المركزية في الأيام القريبة، لان عليهم البحث في اتخاذ القرار بشأن الكثير من الطلبات لحظر قوائم ومرشحين منفردين في الانتخابات للكنيست السادسة عشرة. وحتى يوم 3 ديسمبر قدمت طلبات بحظر ستة مرشحين: عضو الكنيست عزمي بشارة من التجمع، محمد بركة وأحمد الطيبي من “الجبهة - الحركة العربية للتغيير”، عبد المالك دهامشة من "القائمة العربية الموحدة"، وباروخ ميرزل من "حيروت" وموشيه فايغلين من "الليكود"، وطلبات لحظر أربع قوائم: “الجبهة - الحركة العربية للتغيير”، "التجمع"، "القائمة العربية الموحدة" و "حيروت".

حتى المعركة الانتخابية الحالية كانت لجنة الانتخابات تبحث فقط في طلبات حظر قوائم جاهزة للتنافس في الانتخابات. ولكن في الانتخابات للكنيست السادسة عشرة، وللمرة الاولى، سوف تبحث اللجنة ايضا في طلبات حظر مرشحين أفرادا. وذلك في أعقاب تعديل القانون الاساس للكنيست، إثر مبادرة عضو الكنيست اسرائيل كاتس من "الليكود" قبل حوالى نصف عام.

وتضم لجنة الانتخابات ثمانية وثلاثين مندوبا للأحزاب التي كانت ممثلة في الكنيست السابقة. ويرأس اللجنة قاض من المحكمة العليا هو ميشال حشين، وله اربعة نواب: عضو الكنيست آفي اوشعيا من "العمل"، عضو الكنيست ميخائيل إتيان من "الليكود"، عضو الكنيست زهافا غاليئون من "ميرتس" ويهودا أفيدان من "شاس". وباقي اعضاء اللجنة هم ممثلو الكتل البرلمانية وفق موازين القوى في الكنيست الخامسة عشرة. ويمتلك حزب "العمل" في اللجنة سبعة ممثلين و "الليكود" خمسة و "شاس" اربعة و "ميرتس" ثلاثة و "شينوي" عضوين و "الاتحاد القومي" عضوين، و "يهدوت هتوراه" عضوين، وباقي الكتل عضو واحد لكل منها.

ويؤدي قسم من أعضاء اللجنة دورهم في اللجنة منذ سنوات طويلة، وبينهم المحامي أمنون لورخ من العمل ومتيتاهو دروبلس من الليكود وغابي داوس من ميرتس.

ورغم ان الحديث يدور عن هيئة سياسية، فان اعضاء هذه الهيئة يشهدون على ان القرارات تتخذ فيها، على وجه العموم، وفق اعتبارات جوهرية. واللجنة لا تسارع الى رفض مرشحين. والقائمة الوحيدة التي رفضت حتى اليوم هي قائمة “كاخ” وقائمة "موليدت - غيشر - تسومت” في الناصرة العليا في الانتخابات للسلطات المحلية.

وقبل اتخاذ القرار تمنح الفرصة لممثلي الملتمسين تقديم حججهم شفاهية، اضافة الى المواد الكثيرة المكتوبة التي تسلم للجنة، كذلك تمنح فرصة لممثلي الكتل او لأعضاء الكنيست الذين يطالبون بحظرهم بتقديهم حججهم أمام أعضاء اللجنة للتأثير عليهم. ولكن القرار النهائي يتخذ في تصويت شارك فيه القاضي حشين وثمانية وثلاثين اعضاء اللجنة. واذا تقرر حظر مرشح منفرد ينتقل القرار تلقائيا الى المحكمة العليا للبت فيه. وإذا تقرر حظر قائمة، فان من حقها الاستئناف أمام المحكمة العليا. واذا تقرر المصادقة على قائمة معينة، يكون من حق رئيس اللجنة، او المستشار القضائي للحكومة، او ربع اعضاء اللجنة الاستئناف على هذا القرار أمام المحكمة العليا.

وينبغي للاستئنافات ان تنتهي بسرعة، لأنه حتى التاسع من كانون ثاني ينبغي على المحكمة الانتهاء من جميع المداولات في الاستئنافات كي نعرف نهائيا عدد القوائم والمرشحين الذين يشاركون في الانتخابات.

وجهة نظر قانونية: المبادرة مشروعة؟

وكتب زئيف سيغل الاستاذ الجامعي والخبير القانوني في "هارتس" (20/12/2002) في سياق حديثه عن مبادرات بعض الاطراف لشطب قوائم او مرشحين من التنافس في الانتخابات التشريعية قائلا ان طلب المستشار القضائي للحكومة، إلياكيم روبنشتاين، من لجنة الانتخابات المركزية لحظر قائمة "التجمع" وعضوية باروخ ميرزل في قائمة "حيروت"، يستند على حقيقة انه يمثل المصلحة العامة ويمثل ”رئيس وأول من يفرض القانون” حسب تعبير المحكمة العليا.

"ومبادرة المستشار هي مبادرة مشروعة، حتى قبل المصادقة على قائمة المرشحين، في ضوء اعتراف المشرع بمكانته في الاستئناف على المصادقة على اي قائمة. ويبدو طلب المستشار حتى الآن معقولا، ان بدا له ان المصادقة، في حال إعطائها، تتعارض مع القانون. وهذا يعني ان طلبه يشكل اشارة الى لجنة الانتخابات، التي تمتلك الصلاحية بالمصادقة على القوائم والمرشحين.

"وبحسب البند 7 أ من القانون الأساس للكنيست، والذي جرى تعديله في أيار، فان لجنة الانتخابات مخولة بحظر قائمة، اذا كانت أهدافها او أفعالها تتضمن رفض وجود اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، او تحريضا على العنصرية او “تأييدا للكفاح المسلح الذي تخوضه دولة معادية او منظمة ارهابية ضد دولة اسرائيل”. والعبارة الاخيرة هي استحداث لم يكن قائما في الصيغة الاصلية للبند الذي أقر في الكنيست عام 1985. وهناك استحداث آخر يتيح للجنة الانتخابات رفض ليس فقط قائمة مرشحين وانما كذلك مرشحا واحدا داخل القائمة. ومثل هذا الرفض يحتاج الى مصادقة المحكمة العليا، بحيث ان المرشح ليس بحاجة الى تقديم استئناف ضد رفض ترشيحه. اما اذا رفضت قائمة، فان لها الحق في الاستئناف أمام المحكمة العليا.

وفي عام 1988 صادقت المحكمة العليا على رفض قائمة “كاخ” عندما قررت ان في نشراتها وأفعالها “نوع من التحريض على العنصرية ورفض الطابع الديمقراطي للدولة”. وقرر رئيس المحكمة العليا آنذاك، مئير شمغار، بشكل مبدئي انه في ضوء الاهمية القانونية لحق الانتخاب، يجوز رفض قائمة فقط ان اقتنعت المحكمة ان الأسس السلبية تعبر عن نفسها بشكل “خطير ومتطرف” من ناحية الشدة، وان القرائن لعملها المرفوض ينبغي ان تكون “مقنعة، واضحة وقاطعة”. وعلى أساس هذا التوجه صادقت المحكمة، آنذاك بأغلبية ثلاثة ضد اثنين على تسجيل “القائمة التقدمية للسلام”. واستند قرار المحكمة ايضا على الحاجة الى مبررات “ثقيلة جدا” للرفض القضائي لقائمة صادقت عليها لجنة الانتخابات.

ان قرار لجنة الانتخابات برفض قائمة او مرشح هو في الجوهر قرار سياسي، تتخذه هيئة سياسية. ولرئيس اللجنة، وهو قاض في المحكمة العليا، صوت واحد. أما قرار المحكمة العليا فهو في أساسه قرار قضائي، يحدد “صيغة توازن” بين الحق الدستوري في الانتخابات وحق الديمقراطية في الدفاع عن حياتها وطابعها. ونقطة الانطلاق للقرار القضائي ستكون حظر قائمة او مرشح امر ممكن فقط اذا كانت هناك قرائن واضحة ومقنعة بأن هناك ظروف متطرفة، بالافعال والاقوال، تخلق مساسا خطيرا وشديدا بالديمقراطية الاسرائيلية. ومثل هذا التوجه واضح في قرارات المحكمة العليا في الماضي، ومن المنطقي الافتراض انه سيبقى التوجه نفسه في الحاضر.

* خلفيات

قبل أربعين عاما تقريبا صادقت المحكمة العليا على قرار الحكومة بالاعلان عن حركة “الارض” القومية منظمة غير شرعية، في قضية يجري تدريسها حتى اليوم في دروس التاريخ كجرح عميق في ذاكرة الاقلية العربية في اسرائيل. من هنا جاءت الانطباعات في الحلبة السياسية من ان توصية المستشار القضائي للحكومة بحظر ترشيح "التجمع" يمكن ان تنطوي على أبعاد سياسية ملموسة، أكثر من مجرد ذكرى مؤلمة.

ومنذ أكثر من شهر ونصف يتحدث الساسة العرب عن تحول حاد يمكن ان يقع في المعركة الانتخابية للكنيست السادسة عشرة. وفي خلفية هذا الحديث يكمن قانون الاحزاب الجديد، الذي أبدى مزيدا من التشدد، والتصريحات التي أطلقها أعضاء الكنيست من اليمين، عن نيتهم استغلال هذا القانون ضد النائبين عزمي بشارة و أحمد الطيبي.

ورغم التلميحات التي تقاطرت هذا الاسبوع، من المشكوك فيه ان أحدا كان يظن ان هذا التحول سيوفره الآن إلياكيم روبنشتاين، بتوصية جاءت بمبادرة منه، حتى قبل استيضاح مصير طلبات عضوي الكنيست ميخائيل إيتان وميخائيل كلايز. وفي مكتب روبنشتاين يؤكدون ان اي مستشار قضائي للحكومة لم يسبق له ان أقدم على خطوة مبادرة كهذه، وان روبنشتاين قرر التوصية بالحظر “بوصفه يمثل مصلحة الجمهور”.

ومن الواضح منذ الآن انه وبقدر ما تتضح توصية روبنشتاين في لجنة الانتخابات المركزية، وربما في المحكمة العليا فان القضية ستقف في صلب مصالح الجمهور العربي، ولدى الاحزاب التي تنافس التجمع على الصوت العربي. ولكن خصوم بشارة يقولون ان حظر التجمع، ورغم تقدير اغلبيتهم أنه لن يتحقق، سيكون بمثابة “هزة ارضية” تلزمهم بالانضمام الى الدعوة المشتركة لمقاطعة الانتخابات. وحتى ذلك الحين سيقف هذا الموضوع في مركز الحملة الانتخابية. ان ردود الفعل الشديدة التي أطلقها هذا الاسبوع متحدثون عرب بشأن توصية روبنشتاين شملت الزعم القائل بأن هذه الخطوة هي حلقة اضافية في مسلسل “الملاحقة السياسية” للزعماء العرب، والتي بينها تقييد حصانة الطيبي وبشارة، ومحاكمة بشارة، والملفات الجنائية التي فتحت في الولاية السابقة ضد معظم أعضاء الكنيسة العرب، والتحذيرات التي تلقاها الزعماء العرب من لجنة أور.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات