تشهد إسرائيل، منذ أن أعلنت الحكومة أنها ستحتفظ بوجود عسكري مستمر في 5 نقاط في لبنان مع دخول موعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية حيّز التنفيذ بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين الدولتين المبرم في يوم 27 تشرين الثاني 2024، جدلاً في هذا الشأن يمكن القول إن مرده الرئيس هو تجربة ما عُرف باسم الحزام الأمني في الجنوب اللبناني والذي أقامته إسرائيل بعد حرب 1982 على لبنان، وبقيت تحتله مدة 18 عاماً وانسحبت بعدها منه بصورة أحادية الجانب في أيار 2000 في إبان ولاية حكومة إيهود باراك (1999- 2001).
سارعت أبواق اليمين الحاكم في إسرائيل إلى تفكيك خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإلى إعادة ترتيبها من أجل ملاءمتها لمعتقدات هذا اليمين لا فيما يتعلق بقطاع غزة ومستقبله فحسب إنما أيضاً فيما يمكن أن تنطوي عليه من تداعيات على مستقبل القضية الفلسطينية عموماً، كما سنوضح في هذه الوقفة.
حتى يوم أمس الأحد (9/2/2025) كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال متمسكاً بتصريحاته التي أثارت التنديد والجدل بشأن مستقبل قطاع غزة، والتي أطلقها في سياق مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عقده في البيت الأبيض في واشنطن يوم الثلاثاء الماضي، وطرح من خلالها فكرة استيلاء الولايات المتحدة على غزة. كذلك طرح اقتراحاً يقضي بنقل الفلسطينيين إلى دول مجاورة وإعادة تطوير المنطقة المتضرّرة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
في أول تصريحات أدلى بها الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، الذي من المُقرّر أن يتسلم مهمات منصبه في شهر آذار المقبل خلفاً لرئيس هيئة الأركان العامة الحالي المستقيل هرتسي هليفي، قال إن الحرب (التي تشنها إسرائيل وبدأت في غزة وانتقلت إلى جبهات أخرى) لم تضع أوزارها بعد، وإن العام 2025 سيكون عام حرب مليئاً بالقتال والتحديات العسكرية، كون الأزمة لم تنته حتى الآن، ولأن التحديات الأساسية ما زالت ماثلة أمام الجيش. وشدّد على أن الحرب على غزة أثبتت أنه ينبغي على إسرائيل الاعتماد على نفسها، وخصوصاً في كل ما هو متعلق بالذخيرة والتسليح. كذلك شدّد على أن الغاية المُثلى للجيش الإسرائيلي تحت قيادته هو أن يثبت لـ "أعداء إسرائيل أنهم يواجهون قبضة قوية". وفي تهديد جليّ استشهد زامير بنص من سفر المزامير في التناخ جاء فيه: "أَتْبَعُ أَعْدَائِي فَأُدْرِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ".
فور البدء بتطبيق المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وصفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس، أمس الأحد (19/1/2025)، بدأ الانشغال في إسرائيل أكثر من أي شيء آخر في رسم سيناريوات الفترة المقبلة من هذه المرحلة، بالتوازي مع محاولة الاستدلال على ما إذا ستكون ثمة مرحلة ثانية من شأنها أن تنطوي على إنهاء الحرب.
يؤكد تقرير موثق نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم الاثنين (13/1/2025) بقلم مراسلها لشؤون الاستيطان في أراضي 1967، إليشع بن كيمون، بعنوان "الاستيطان في مسار سريع: أسلوب سموتريتش لتسريع وتيرة البناء في الضفة الغربيّة"، أنه منذ تولي الحكومة الإسرائيلية الحالية مقاليد الحُكم في نهاية العام 2022 تشهد الضفة الغربية أكبر حركة استيطان فيها منذ بدايات حركة "غوش إيمونيم" الاستيطانية العام 1974.
الصفحة 2 من 48