المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
إيال زامير، الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي
  • كلمة في البداية
  • 34
  • أنطوان شلحت

في أول تصريحات أدلى بها الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، الذي من المُقرّر أن يتسلم مهمات منصبه في شهر آذار المقبل خلفاً لرئيس هيئة الأركان العامة الحالي المستقيل هرتسي هليفي، قال إن الحرب (التي تشنها إسرائيل وبدأت في غزة وانتقلت إلى جبهات أخرى) لم تضع أوزارها بعد، وإن العام 2025 سيكون عام حرب مليئاً بالقتال والتحديات العسكرية، كون الأزمة لم تنته حتى الآن، ولأن التحديات الأساسية ما زالت ماثلة أمام الجيش. وشدّد على أن الحرب على غزة أثبتت أنه ينبغي على إسرائيل الاعتماد على نفسها، وخصوصاً في كل ما هو متعلق بالذخيرة والتسليح. كذلك شدّد على أن الغاية المُثلى للجيش الإسرائيلي تحت قيادته هو أن يثبت لـ "أعداء إسرائيل أنهم يواجهون قبضة قوية". وفي تهديد جليّ استشهد زامير بنص من سفر المزامير في التناخ جاء فيه: "أَتْبَعُ أَعْدَائِي فَأُدْرِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ".

ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام في إسرائيل، فإن زامير هو ضابط في سلاح المدرعات في الأساس، وشغل سلسلة كاملة من المناصب في هذا السلاح. كذلك عمل سكرتيراً عسكرياً لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وكان قائداً للمنطقة العسكرية الجنوبية، ونائباً لرئيس هيئة الأركان العامة. ومثلما يؤكد المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، خلال تولّي زامير قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية حتى العام 2018، كان مشاركاً، إلى حد كبير، في النظريات الاستراتيجية التي فرضها نتنياهو على قيادة الجيش، والتي انهارت بعد 5 أعوام، مع نشوب الحرب يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وبحسب ما ركزت تقارير وسائل الإعلام في إسرائيل يظلّ في مقدمة التحديات الماثلة أمام الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة ما يلي:

  • الحاجة إلى استكمال صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، حيث ما زال هناك 79 مخطوفاً إسرائيلياً في قطاع غزة، بينهم عشرات الجنود جزء منهم في قيد الحياة، ومن المفترض أن يُطلق سراحهم في المرحلة الثانية من هذه الصفقة؛
  • خطر تجدُّد الحرب في لبنان وقطاع غزة؛
  • استمرار الأوضاع الأمنية الصعبة في أراضي الضفة الغربية؛
  • استمرار الاستعدادات الإسرائيلية لهجوم إسرائيلي محتمل على المنشآت النووية في إيران.

وفيما يخص مسألة الاعتماد على الذات نعيد التذكير بأن وزارة الدفاع الإسرائيلية سبق أن أعلنت، قبل عدة أسابيع، ضمن بيان تظاهريّ صادر عنها، أنها "في خطوة أُخرى نحو الاكتفاء الذاتي العسكري، واستخلاصاً للعبر من الحرب على قطاع غزة"، تعاقدت مع شركة "إلبيت" لشراء قنابل جوية ثقيلة للطائرات. كما اتُّخذ قرار أن تقيم الشركة مصنعاً وطنياً لإنتاج مواد خام متعدّدة جرى شراؤها في الماضي من خارج البلد. ووفقاً للبيان، جاءت هذه الخطوة استخلاصاً للعبر من الحرب على قطاع غزة، وذلك بسبب خلافات حادّة نشبت بين إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وبين حكومة نتنياهو، إذ تم في فترة معينة خلال الحرب تأخير إرسال قنابل جوية ثقيلة إلى إسرائيل، فضلاً عن أن الصعوبة في توفير المواد الخام من دول أجنبية أكدت الحاجة الملحة إلى ضرورة "وقف اعتماد إسرائيل على الاستيراد في المجال الأمني".

ولا تُعدّ تصريحات زامير هذه الدليل الإسرائيلي الوحيد على أن 2025 قد يكون عام حرب أيضاً. فقد سبقته دلائل أخرى، تمثّل أبرزها في توصيات "لجنة ناغيل"، وهي اللجنة التي عينتها الحكومة الإسرائيلية الصيف الماضي لدرس بناء قوة إسرائيل وميزانية الدفاع والأمن، ووقف على رأسها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي يعقوب ناغيل، وقد قدمت توصياتها بهذا الشأن إلى رئيس الحكومة نتنياهو يوم 8 كانون الثاني الماضي، وكان أبرزها زيادة نحو 15 مليار شيكل سنوياً للأجهزة الأمنية، وتمديد الخدمة العسكرية الإلزامية إلى 3 أعوام، وضرورة تجنيد جميع مواطني الدولة، والتحذير من تهديد سوري/ تركي محتمل.

ووفقا لتوصيات اللجنة ينبغي أن تزداد ميزانية الدفاع بنحو 133 مليار شيكل خلال العقد المقبل لغرض إضافة قدرات هجومية ودفاعية. وتوصي اللجنة بإضافة ما بين 9 و15 مليار شيكل سنوياً إلى ميزانية الدفاع خلال الأعوام الخمسة المقبلة بزيادة كلية تصل إلى نحو 20 مليار.

وتطرقت اللجنة إلى سقوط نظام بشار الأسد في سورية وتدمير معظم قدرات الجيش السوري على أيدي الجيش الإسرائيلي، فأكدت وجوب رفض الدعوات إلى تقليل الحاجة للاستثمار في تعاظم القوة العسكرية منوهة بأن إسرائيل قد تجد نفسها أمام تهديد جديد في سورية لا يقل خطورة عن سابقه على شكل "قوة سنيّة متطرفة لن تقبل بوجود إسرائيل. وستتفاقم المشكلة إذا ما تحولت القوة السورية إلى ذراع تركي كجزء من تحقيق حلم تركيا باستعادة التاج العثماني مما قد يؤدي إلى مواجهة تركية إسرائيلية مباشرة".

ومع ذلك رأت اللجنة أن إيران ما زالت تشكل التهديد الرئيس، وأنه يجب تركيز معظم بناء القوة والاستعدادات في مواجهتها، وأن على إسرائيل أن تدافع عن نفسها بقواها الذاتية.

وأوصت "لجنة ناغيل" بإعادة تمديد الخدمة النظامية العسكرية إلى 3 أعوام وزيادة تعداد الجيش النظامي بشكل كبير لتقليل الحاجة إلى تجنيد تشكيلات الاحتياط. وفي مسألة تجنيد الشبان اليهود الحريديم رأت اللجنة أن جميع مواطني الدولة متساوون في الحقوق والواجبات ومطلوب منهم تحمل عبء الخدمة. وتوصي اللجنة بتنفيذ التغيير تدريجياً وفقا لقدرة استيعاب الجيش.

وفيما يتعلق بالدفاع الجوي أوصت اللجنة بوجوب مواصلة تعزيز الدفاع الجوي متعدد الطبقات مع التركيز على الدفاع ضد الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة من إيران واليمن على أساس التكنولوجيا الإسرائيلية وبتمويل أميركي.

وجاء في توصيات اللجنة أن هناك حاجة إلى تعزيز قدرات الجيش الإسرائيلي في ما يعرف بـ "الدائرتين الثانية والثالثة"، سواء الاستخباراتية أو الهجومية، ما يعني الاستثمار في شراء طائرات "إف 15" إضافية وطائرات تزوّد بالوقود وطائرات مسيرة وأقمار صناعية وغيرها.

كما أوصت اللجنة ببناء سياج جديد على طول منطقة الحدود مع الأردن، في خطوة أشير إلى أن إسرائيل امتنعت عنها حتى الآن، كي لا يتم تفسير ذلك في الجانب الأردني وكأن "إسرائيل لا تثق بقدرات المملكة على منع التسلل والتهريب إلى الأراضي الإسرائيلية".

وفي الإجمال العام لتوصيات هذه اللجنة لاحظنا وجود إجماع في التحليلات الإسرائيلية على ما يلي: أن ميزانية الجيش الإسرائيلي للعام 2025 وخطة بناء القوة البشرية في هذا الجيش، تستندان إلى حقيقة فحواها أن القتال الحالي في قطاع غزة سيستمر طوال العام 2025.

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات