المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اضطر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، إلى سحب مشروع يرمي إلى تعديل قانون الانتخابات في مسار تشريع عاجل يخرق سلسلة من الأنظمة، بغرض السماح لممثلي الأحزاب بإدخال آلات تصوير وتسجيل لصناديق الاقتراع لتوثيق العملية الانتخابية. وذلك بعد أن فقد نتنياهو الأغلبية المطلوبة للقانون.

وقد بادر نتنياهو إلى مشروع القانون هذا وأصرّ عليه، وفرض أمرته على كل شركائه الفوريين في الحكومة، رغم معارضة المستشارين القانونيين للحكومة والكنيست ولجنة الانتخابات المركزية.

ويحتاج تعديل القانون إلى أغلبية عددية من 61 نائبا كحد أدنى كون قانون الانتخابات قانون أساس لا يمكن إقراره بالأغلبية العادية. وحتى صباح أمس، كانت الأغلبية متوفرة، بسبب دعم حزب أفيغدور ليبرمان "يسرائيل بيتينو" للقانون، إذ أنه من دون هذا الحزب ستكون لنتنياهو أغلبية 60 نائبا. ورغم أن قسما من هؤلاء النواب أعربوا عن تحفظهم من القانون إلا أنهم أعلنوا انصياعهم لقرار الليكود والحكومة.

إلا أن ليبرمان فاجأ ظهر أمس بمعارضته للقانون، ولحزبه 5 نواب، وكما يبدو لحسابات حزبية، على ضوء حالة الاعتراضات الواسعة للقانون حتى داخل معسكر اليمين. كما انضم للمعارضين، النائب روعي فولكمان من حزب "كولانو" المنحل، وهو ليس مرشحا للانتخابات المقبلة وبذلك لن يكون لنتنياهو سوى 59 نائبا، ما اضطره للتراجع عن القانون.

وكانت حكومة نتنياهو الانتقالية قد صادقت يوم الأحد، على تعديل قانون الانتخابات، ليصبح مسموحا لكل شخص داخل الصندوق أن يصور مجريات عملية التصويت، في خطوة تستهدف الجماهير العربية، ومحاولة لترهيبها. بينما ظهرت معلومات تفيد بأنه من أصل 100 شكوى قدمها الليكود، تم العثور على تزوير في صندوقين، لصالح حزبي الليكود وشاس.

وظهرت المبادرة بعد أن أدخل ممثلو الليكود في انتخابات نيسان كاميرات سرية للصناديق في البلدات العربية، وتم كشفها وإحباطها، ولكن في ساعات بعد ظهر يوم الانتخابات، أظهر رئيس لجنة الانتخابات القاضي حنان ملتسر، قرارا متواطئا، يسمح بتصوير عملية الفرز. إلا أنه في بحث جرى قبل نحو شهر، اضطر ملتسر للتراجع عن قراره، وفي المقابل، أقر نشر 3 آلاف مراقب ينتشرون على صناديق، خلال عملية الفرز، على أن يتم اختيار الصناديق عشوائيا، حسب ما قيل.

وأمام هذا الواقع، أصر نتنياهو على سن قانون في الأيام الأخيرة من الانتخابات، يجيز لعناصر حزبه تصوير مجريات عملية التصويت في صناديق الاقتراع، زاعما أن عمليات التزوير في نيسان غيّرت النتائج النهائية.

ويعارض المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، مشروع القانون وقد أوضح موقفه في جلسة الحكومة، وقال إن مشروع القانون يتعارض مع قانون أساس الانتخابات، بأن تكون سرية. كما أنه من غير الممكن تغيير القانون في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات. في حين أعلن رئيس لجنة الانتخابات، القاضي ملتسر، أن قانونا كهذه سيشوش عملية التصويت، وعمل لجنة الانتخابات.

وقد أعرب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين عن تأييده لتعديلات في القانون، بناء على ما يرى أنها تطورات جديدة، إلا أن هذا لا يمكن أن يكون قبل أيام قليلة من الانتخابات، حسب قوله. كما عارض القانون في مقابلة مع الإذاعة العامة وزير المالية موشيه كحلون، الذي بات مرشحا في قائمة الليكود، وقال إنه من غير الممكن سن قانون يعارضه المستشار القانوني للحكومة.

ويوم أمس أصدر المستشار القانوني للكنيست، إيلان يانون، رأيا قضائيا يعارض مشروع القانون وعملية تشريعه السريعة، وقال إنها عملية غير مسبوقة، من حيث أن القانون لا يحظى بأغلبية كبيرة، وسيدخل حيز التنفيذ في غضون 5 أيام.

وشدد يانون في وجهة النظر القضائية، على أن القانون فيه تمييز لصالح الليكود، وقال "لا يوجد أي احتمال عملي بأن تكون القوائم الأخرى المتنافسة في الانتخابات قادرة في الأيام القليلة المتبقية حتى تاريخ الانتخابات على شراء الكاميرات، بمعدل يكفي لانتشارها في جميع أنحاء البلاد، وإن كان بكمية مماثلة لتلك الموجودة في الليكود". وحسب يانون فإن لجنة الانتخابات المركزية اتخذت تدابير عديدة لمنع التزوير، من بينها نشر 3 آلاف مراقب، منهم محامون ومستشارو ضرائب، وعناصر شرطة سابقون، وسيكونون مزودين بأجهزة توثيق من كاميرات وغيرها، بحسب المواصفات الملائمة للشرطة.

وكان تقرير لصحيفة "هآرتس"، نشر في مطلع الأسبوع، قد بيّن أنه من أصل 100 شكوى قدمها الليكود تبين للشرطة أن هناك تزويراً في صندوقين، وكان التزوير لصالح حزبي الليكود وشاس.

وسائل الإعلام تعارض

نشرت في الأيام الأخيرة سلسلة من المقالات، من بينها مقالات أشخاص أو وسائل إعلام محسوبة على اليمين، تعارض قانون الكاميرات.

فقد قالت صحيفة "هآرتس" في مقال أسرة التحرير في عددها الصادر يوم الأحد 8 أيلول الجاري، إن "الحديث يدور عن مرحلة جديدة في حرب السلطات التي يديرها نتنياهو في السنوات الأخيرة. فالحرب التي أدارها تركزت في جبهتين: السلطة القضائية، بما فيها "حماة الحمى"، والإعلام الحر. ويبدو الآن أنه فتحت جبهة أخرى ضد السلطة التشريعية أيضا. يتآمر نتنياهو على الشروط الواجبة في الانتخابات الديمقراطية: كونها عامة ومتساوية ("العرب يتدفقون إلى الصناديق")، كونها دورية (تبنى لنفسه كعرف تقديم موعد الانتخابات وحل الكنيست وفقا لاحتياجاته) والآن يهدد أيضا بالمس بسريتها وبحريتها".

وتابعت "يحرض نتنياهو ضد المواطنين العرب ويفتري عليهم علنا، ويعلن "سنواصل التشريع لنصب الكاميرات في صناديق الاقتراع، لن نسمح بسرقة الانتخابات". وهو يبث أنباء ملفقة، وكأنه إذا منعت عمليات التزوير في انتخابات نيسان، ما كان التجمع الديمقراطي ليجتاز نسبة الحسم وكتلة اليمين كانت ستنال 61 مقعدا. ولكن فحص ادعاء الليكود ورئيس الحكومة يبين أن هذه تخمينات ليست صادقة، إلا أن نتنياهو والائتلاف اليميني القومجي الذي يترأسه يشككان بشرعية التصويت العربي. فهم معنيون بتسليح مندوبيهم في الصناديق بالكاميرات كي يردعوا الناخبين العرب، وكي يقيموا عمليا هيئات إنفاذ حزبية. ليست لهم مصلحة في طهارة الانتخابات، بل فقط في طهارة قومية المقترعين. على المستشار القانوني للحكومة أن يوقف تشريع قانون الكاميرات ويجب تبني اقتراح ملتسر".

ويقول المحلل القانوني موشيه غورالي، في مقال له في صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية، في عددها الصادر أمس الاثنين، إن معارضة ملتسر ومندلبليت، وكذلك موقف الرئيس ريفلين، لا يستند على خرق دستوري، بل على الفوضى التي سيخلقها القانون في صناديق الاقتراع، ما سيؤثر على نزاهة الانتخابات. وعدا عما يقوله الكاتب، فإن المستشار القانوني للكنيست أكد أن عملية التشريع السريعة لقانون أساس ليست دستورية، وتتناقض مع أنظمة ونهج عمل الكنيست.

ويقول غورالي إن القانون الجديد من شأنه أن يؤدي إلى نشر 5 إلى 30 كاميرا في كل صندوق، وكل كاميرا ستركز على زاوية معينة دون سواها، ما يعني أن هذا التوثيق لن يكون كافيا لإثبات عمليات تزوير.

ثم يسأل غورالي في مقاله، "من الذي زيف حقا؟". ويقول إن نتنياهو يريد أن يبقي الكاميرات وخطاب التزييف على جدول الأعمال. فهو يريد تحفيز أنصاره للتوجه إلى صناديق الاقتراع، أمام العرب الذين لا يتدفقون فقط، ولكنهم مزيفون أيضاً بحسب نتنياهو.

ويشير غورالي إلى أن الشرطة عملت وقتا طويلا لفحص شكاوى التزوير، ولم تقدم كل بياناتها. وهذا يؤدي إلى تبادل الاتهامات، ولكن "على أي حال تم تسليم خمسة صناديق اقتراع للشرطة، كانت في المجتمع العربي. وحتى الآن تم اكتشاف صندوقين فيهما تزييف مريب، واحد لصالح الليكود وآخر لصالح شاس. صحيح أن العرب والحريديم هم المشتبه بهم المباشرون، لكن الحقيقة تشير الآن إلى تورط الليكود".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات