المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تعريف: هنا ترجمة لمقالة كتبها أحد أقطاب حزب "تلم" الذي أقامه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعلون وانضم إلى تحالف "أزرق أبيض"، يشرح فيها جوهر هذا التحالف من حيث مواقفه وبرنامجه السياسي- الأمنيّ، والذي يشي بكونه مؤدلجاً بالأفكار الصهيونية المركزية لا سيما فيما يتعلق بالموقف من الاحتلال والمسألة الفلسطينية والتسوية السياسية.
(المحرّر)

تأتي هذا المقالة للإجابة على أسئلة عديدة أطرحها تتعلق بتأييدي لحزب/تحالف "أزرق أبيض" (كاحول لافان).
لقد سألني البعض: كيف يمكنك أن تكون في حزب واحد مع عوفر شيلح وياعيل جيرمان، اللذين تبتعد مواقفهما مسافات طويلة عن مواقفك؟ وعموماً، ما هو المنهج الأيديولوجي الذي يتبناه "أزرق أبيض"؟ هل لديهم سوى، أو أكثر من "فقط ليس بيبي (بنيامين نتنياهو)"؟

ومثل هذه الأسئلة توجَّه إليّ عبر الفيسبوك، بصورة أساسية. 

هذه المقالة لا تبتغي الرد على الأتباع الحمقى الذين لا يسألون كي يعرفوا ولا يصغون لسماع الرأي الآخر. فهؤلاء، سواء قرأوا أو لم يقرأوا، سيكون ردهم واحداً لا يتغير ـ البذاءة والتجريح.
هذه المقالة موجَّهة إلى أولئك الذين يسألون بنية صافية وباحترام، مدفوعين بالرغبة في المعرفة والفهم، ويسعدني أن أقدم لهم وجهة نظري، حتى إن لم يقتنعوا.

أستهل بالقول إنني لست عضواً في الحزب ذاته إلى جانب عوفر شيلح وياعيل جيرمان، لأن "أزرق أبيض" ليس حزباً، بل هو تحالف بين ثلاثة أحزاب. أنا عضو في حزب "تلم" ("الحركة القومية الرسمية"، برئاسة موشيه يعلون) وهما عضوان في حزب "يش عتيد" ("يوجد مستقبل"، برئاسة يائير لبيد). و"تلم" هو حزب متماسك جداً من الناحية الأيديولوجية وأشعر بأن جميع قادته وممثليه يجيدون التعبير عن آرائي ومواقفي، كما أجيد أنا أيضاً التعبير عن آرائهم ومواقفهم. وهذا ما لا أستطيع قوله عن جميع الشركاء في "أزرق أبيض".

"أزرق أبيض" هو تحالف لأحزاب الوسط في إسرائيل. أقيم كي يكون بديلاً سلطوياً عن اليمين واليسار، وهما التياران اللذان حكما في إسرائيل طوال السنوات كلها منذ قيام الدولة. وهو حزب يرمي إلى إيصال الوسط إلى سدة الحكم، للمرة الأولى في تاريخ الدولة.

التحالف بين أحزاب الوسط هو خطوة مشابهة للخطوات التي أدت إلى إقامة "المعراخ" والليكود خلال الستينيات والسبعينيات. ليست ثمة وحدة آراء في حزب كبير، يصارع على السلطة وتأتلف فيه تيارات مختلفة. ولكن، مقارنةً بتشكيلة الآراء في "المعراخ" والليكود، في ذاك الوقت، يبدو أن الفوارق بين الأطراف المختلفة في "أزرق أبيض" هي أقل بكثير. كان بين أعضاء "المعراخ" يتسحاق طبنكين الذي رفض التوقيع على البيان التأسيسي للحركة من أجل أرض إسرائيل الكاملة، لأنه لم يكن يستطيع التوقيع على بيان يُستهَلّ بالتصريح بأن أرض إسرائيل كلها قد أصبحت تحت سيطرتنا بينما كانت لا تزال خارج سيطرتنا منطقة شرق الأردن، "جلعاد" (الكتلة الجبلية الواقعة بين نهر اليرموك شمالاً ونهر الزرقاء جنوبا ونهر الأردن غرباً) و"باشان" (أرض مملكة الأموريين في أرض كنعان، واقعة جنوب سورية وشرقي الأردن، بين جبلي حرمون وجلعاد). وكان يدعو إلى الاستيطان الشامل في جميع أنحاء يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، الجولان وسيناء. وكان من بين أعضاء "المعراخ"، أيضا، ممثلو الجناح اليساري في "مبام"، الذين حاربوا "الاحتلال" بكل قواهم، عارضوا وضع حجر واحد لبيت واحد في سنتيمتر واحد وراء الخط الأخضر ونددوا بحكومة "المعراخ" جراء رفضها للسلام. وفي الليكود، لم تكن الفجوات أصغر من هذه بين مواقف غيئولا كوهين ومواقف شلومو لاهط. وليست ثمة فجوات مثل هذه في "أزرق أبيض".

إن الصمغ الذي يجمع "أزرق أبيض" ليس في المجال السياسي ـ الأمني. وكذلك اختياري "أزرق أبيض" لم يكن نابعاً من المجال السياسي ـ الأمني، لكن لم يكن بمقدوري منح صوتي لقائمة (انتخابية) تعرض طريقاً يتعارض مع طريقي.

البرنامج الانتخابي لـ "أزرق أبيض"

يوعز هندل وعوفر شيلح هما اللذان توليا صياغة البرنامج الانتخابي لـ "أزرق أبيض". هذا ليس برنامج حزب "تلم" ولا البرنامج الذي كنت سأكتبه أنا، لو أوكلت إليّ المهمة، لكنني أتماهى بالتأكيد مع الجزء الأساسي من مضامينه. هو برنامج ورد فيه ـ قبل إعلان دونالد ترامب ـ ليس فقط أن الجولان هو جزء من إسرائيل، إلى الأبد، وإنما ورد فيه أيضاً، وعلى نحو غير مسبوق أن الجولان ليس موضع تفاوض. وتنبغي الإشارة إلى أن مثل هذا الموقف لم يُعلن من قبل أية حكومة في إسرائيل من قبل. جميع الحكومات الإسرائيلية تحدثت عن مفاوضات بدون شروط مسبقة. وهنا، للمرة الأولى، يأتي "أزرق أبيض" بالتحديد ليعلن أن الجولان لم يعد موضوعاً للمفاوضات وأنه لن يكون موضع أية مفاوضات في المستقبل.

يتحدث البرنامج الانتخابي عن القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية. كما يتحدث عن غور الأردن الإسرائيلي. ليس بالصيغة التي كنت سأضعها أنا وليس بالصيغة التي كانت ستظهر بها في البرنامج الانتخاب لحزب "تلم"، لكن (بيني) غانتس و(موشيه) يعلون حرصا على التوضيح، خلال زيارتهما إلى الغور، بأن المقصود هو غور الأردن بمفهومه الواسع وشددا على الحاجة إلى استئناف الاستيطان هناك وتوسيعه بصورة جدية.

يتحدث البرنامج الانتخابي عن الالتزام تجاه الكتل الاستيطانية وعن استئناف البناء فيها. وللتوضيح: التعريف المستخدَم في البرنامج الانتخابي لا يتحدث عن "الكتل الكبيرة"، وإنما عن "الكتل الاستيطانية". صحيح أنه ليست فيه خارطة تفصيلية دقيقة ومن المنطقي الافتراض أن يوعز هندل وعوفر شيلح ينظران بصورة مختلفة إلى خارطة الكتل الاستيطانية، لكن ثمة قاعدة مشتركة بالتأكيد.

في برنامج "أزرق أبيض" الانتخابي ثمة تعهد بأن لا يتكرر الانسحاب من جانب واحد وتعريف للانفصال (عن قطاع غزة) بأنه خطأ يُحظر تكراره. وهو لا يشمل، بالطبع، الفكرة الجهنمية بشأن "تبادل مناطق (أراض)"، والتي تعني الاعتراف المبدئي بالخط الأخضر حدّاً للدولة والانسحاب من مناطق تحت السيادة الإسرائيلية كتعويض عن ضم كتل استيطانية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) إلى إسرائيل.

بعد سنوات عديدة كان مطروحاً أمام حكومات الليكود، خلالها، خيار الدولتين على طول الخط الأخضر، بما في ذلك تقسيم القدس والانسحاب من غور الأردن، فإن ثمة بشرى كبيرة لدولة إسرائيل في مجرد طرح البديل الوحيد لحكم الليكود، هذا الطريق المختلف تماما.

ثمة، أيضاً، خلافات في داخل "أزرق أبيض" في المسألة السياسية. لا أحاول طمس الفوارق أو إخفاءها. غير أن الخلافات تتعلق بالتسوية النهائية الدائمة. وثمة تفهم وإجماع تام في "أزرق أبيض" على أنه ليس هناك شريك للتسوية النهائية، إلى جانب الاتفاق على عدم الحاجة إلى إبراز الخلافات حول بيضة لم توضع بعد ويبدو أنها لن توضع في المستقبل المنظور ـ لا في المجتمع الإسرائيلي ولا في "أزرق أبيض".

ثمة اتفاق في "أزرق أبيض" على رفض فكرة الدولة الثنائية القومية وعلى السعي نحو الفصل بيننا وبين الفلسطينيين. وفي واقع الفصل، تكون مناطق غور الأردن، القدس والكتل الاستيطانية تحت سيطرتنا نحن. وهذا هو موقفي أنا، أيضا. صحيح أن عوفر شيلح يؤيد قيام دولة فلسطينية في إطار التسوية النهائية والدائمة، بينما أؤيد أنا تسوية إقليمية مع الأردن، الذي هو الدولة الفلسطينية. وحين يتوفر شريك للسلام، سيصبح هذا النقاش ذا صلة وأهمية. وحين يصبح هذا النقاش ذا صلة وأهمية، قد لا تستطيع مركّبات "أزرق أبيض" مواصلة البقاء في الإطار نفسه. لكن الجميع يعلم أن هذا بعيد، بعيد جدا. وفي الأثناء، ثمة اتفاق على مواصلة احتفاظ إسرائيل بالمسؤوليات الأمنية عن كامل مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، لأن لا خيار آخر غير هذا. حتى المرشح العاشر في قائمة ميرتس (أي إيهود باراك) يدرك هذا.

إنني أعتبر الاتفاق بين أطراف "أزرق أبيض" حول البرنامج السياسي المشترك رسالة قائمة بذاتها ـ مجرد القدرة على التغلب على الخلافات والتوصل إلى اتفاق واسع. وإنني أومن بأن الاتفاق الحزبي الواسع قد يتطور إلى اتفاق قومي واسع، إذا ما فاز "أزرق أبيض" في الانتخابات. إن تجديد الاتفاق القومي في إسرائيل المقسمة والممزقة هو، في حد ذاته، بشرى قومية عظيمة الأهمية، ولو أن "أزرق أبيض" قد أقيم لهذا الغرض وحده فقط، فقد كان من الجدير إقامته.

في القضايا الخارجية والأمنية، أنا لست بعيداً عن نهج نتنياهو وطريقه. أحترم وأقدّر جداً عمله ونجاحاته في هذا المضمار. أنا مؤيد لرأيه ونهجه في المسألة الإيرانية، في تعامله مع "الربيع العربي" عامة وفي سورية خاصة، وفي غيرها من القضايا الأخرى أيضاً. كنت مؤيداً لنهجه في عملية "الجرف الصامد" في غزة. ورغم أن نتنياهو هو زعيم اليمين وأنا في الوسط، إلا أن النقد الذي أوجهه له في القضايا السياسية يأتي من الجانب "اليميني" تحديداً (طبقاً للتعريفات السائدة، رغم أنها غير مقبولة عليّ شخصياً) ـ معارضتي لصفقة الجندي غلعاد شاليت، لاتفاقية المصالحة مع تركيا ولضبط النفس حيال إرهاب إشعال الحرائق.

لم تكن قضايا الأمن والخارجية هي التي دفعتني إلى موقف المعارضة الشديدة لنتنياهو، لليكود ولليمين عموماً، ثم إلى تأييد "أزرق أبيض" كبديل. لكن بعضاً من تلك العوامل يلامس القضايا الأمنية؛ ليس في مسألة الحدود تحديداً، وإنما في مواضيع قيمية، مثل طهارة السلاح وأخلاقيات القتال.

التأييد الجارف لإليئور أزاريا وتحويل الجندي الذي ارتكب موبقة إلى بطل قومي يشكلان تهديداً قيمياً وأخلاقياً على المجتمع الإسرائيلي، على الجيش الإسرائيلي وعلى أمن إسرائيل القومي. إن خطر تحويل الجيش الإسرائيلي إلى عصابة هو خطر جسيم جداً.
إن إسباغ الشرعية على الحركة الكهانية (نسبة إلى الحاخام مئير كهانا)، إلى درجة اجتهاد رئيس حكومة إسرائيل، بصورة هوسيّة مجنونة، لإدخال هذه العصابة الفاشية والعنصرية إلى الكنيست، هو أمر لا يمكن احتماله.

هذا التيار القميء الذي يحاول تمويه حقيقة أن أبناء شعبي، اليهود، اختاروا طريق الإرهاب وارتكبوا المجزرة في دوما ثم حملة التحريض ضد رئيس الدولة الذي قال الحقيقة ـ هو تيار فظيع ومُرعب.

مهمة "أزرق أبيض" الكبرى إعادة ترميم التيار الصهيوني المركزي

هذه مجرد نماذج فقط؛ نماذج عن الآفة المتفشية في المجتمع الإسرائيلي ـ التقسيم إلى معسكرين منفصلين ومتنازعين، يسار ويمين، تفصل بينهما هوة عميقة. التضامن المعسكراتيّ، القبليّ، يستبدل التضامن القومي ويحل مكانه. تعمد كل قبيلة وكل معسكر إلى رص الصفوف وإتّباع الفئات الأكثر تعصباً وتشدداً في داخله. اليمين يرص الصفوف مع الكهانيين. اليسار يرص الصفوف مع منظمات تنشط ضد دولة إسرائيل وضد الجيش الإسرائيلي، مثل "لنكسر الصمت" و"بتسيلم"، ومع مظاهر مرَضيّة مثل الاستفزازات في يوم ذكرى قتلى الجيش الإسرائيلي، في حفل لإحياء ذكرى المخربين سوية مع قتلى الجيش الإسرائيلي (يقصد "مراسم يوم الذكرى الإسرائيلي ـ الفلسطيني التي ينظمه "منتدى عائلات ثكلى فلسطينية وإسرائيلية من أجل السلام" بالتعاون مع حركة "مقاتلون من أجل السلام"، بالتزامن مع المراسم الرسمية لإحياء ذكرى القتلى من جنود الجيش الإسرائيلي، التي تنظم سنوياً عشية "يوم استقلال" إسرائيل).

هذا الشرخ هو التهديد الأكبر والأخطر على المجتمع الإسرائيلي. مهمة "أزرق أبيض" الكبرى، التاريخية ـ باعتباره إطاراً يجمع أحزاب الوسط ـ هي رأب هذا الصدع بواسطة إعادة ترميم التيار الصهيوني المركزي، الديمقراطي والرسمي. ولا شيء يجسد هذا ويرمز إليه أكثر من التحالف بين "تلم"، الجدار "اليميني" في "أزرق أبيض" والذي يقوده شخص هو الأكثر تماهياً مع الحفاظ على قيم وأخلاقيات القتال ومع ممارسة القيادة الصلبة والقيمية في وجه الموجة الشعبوية، الديماغوغية، في قضية الجندي إليئور أزاريا، وبين "يوجد مستقبل"، الجدار "اليساري" في "أزرق أبيض" والذي يقود زعيمه، بعزم وصلابة، نضالاً مثابراً ضد ظاهرة "لنكسر الصمت" ومثيلاتها.

صحيح أن مسافة طويلة تفصل بين مواقفي ومواقف عوفر شيلح وياعيل جيرمان، إلا أن ما يجمعنا ويوحدنا أكثر مما يفرقنا. وينبغي أن نتذكر أن "يوجد مستقبل" ليس عوفر شيلح وحده فقط، بل هو أيضاً إليعيزر شطيرن، صاحب المواقف القريبة إلى مواقفي أنا، أكثر من قربها إلى مواقف ياعيل جيرمان، وأن عقد المؤتمر التأسيسي لحزب "يوجد مستقبل" في (مستوطنة) أريئيل لم يكن مجرد صدفة بتاتاً.

التحدي الأكبر أمام "أزرق أبيض" الآن هو إعادة ترميم التيار المركزي الصهيوني، الديمقراطي، الرسمي. ذلك أن قيمة الرسمية تتعرض إلى هجوم شامل، من جانب نتنياهو ومريديه.

حتى الصحافي غدعون ليفي، في يوم سيء بشكل خاص، سيجد صعوبة في تقديم دولة إسرائيل بمثل هذا المستوى من السلبية الذي يعرضها به نتنياهو وأتباعه ـ دولة شرطة، يتحكم صندوق أجنبي (هدفه إسقاط السلطة باختلاق ملفات جنائية ضد نتنياهو وضد كبار قادة الأحزاب اليمينية والحريدية) ويدير جميع مؤسساتها، بكل القطاع العام فيها، بكل جهازها القضائي، بكل مؤسسات وهيئات تطبيق القانون فيها.

بعد سنوات من عبادة الشخصية التي لم يسبق لها مثيل في إسرائيل (ولا حتى مع شمعون بيريس!)، ينجح نتنياهو في دفع الجمهور إلى تصديق الرواية المختلقة حول مؤامرة موهومة لا أساس لها في الواقع، لفقها بنفسه من أجل تحقيق هدف واحد فقط هو ـ وضع نفسه فوق القانون والإفلات من حكم القانون. وهذه الغاية تبرر جميع الوسائل، وكأنما ليس ثمة مستقبل. نتنياهو يحرق النادي ويترك أرضاً محروقة. إنه يبتدع "ديمقراطية" جديدة يكون هو بموجبها، بحكم كونه رئيساً للحكومة، ممثلاً لـ"إرادة الشعب" ولذا، فكل ما يفعله وكل ما يقوله وكل ما يريده ـ هو "إرادة الشعب". وإن كان قد كبا في قضية فساد ما ـ فهذه إرادة الشعب، فقد تم انتخابه مجدداً ـ هذه حقيقة. وكل من لا يقول "آمين"، سمعاً وطاعة، يخرج عن إرادة الشعب ويتآمر عليها ـ سواء كان هذا من المعارضة، الشرطة، مراقب الدولة، سلطة الضرائب، النيابة العامة، المستشار القانوني للحكومة أو المحاكم.

مهمة "أزرق أبيض" المركزية هي تقديم بديل رسمي لهذه الموجة المسمومة والخطيرة. ويرمي عرض هذه المهمة مختزلة في شعار "فقط ليس بيبي" إلى التهرب من مواجهة هذا النقد، ثم تسخيفها بتصويرها وكأنها قضية شخصية مع نتنياهو أو كـ "ملاحقة" له، وكل ما يرافق ذلك من لغط ديماغوغي. إن تصوير المعركة من أجل إعادة الرسمية والديمقراطية الحقيقيتين، حيث يكون الجميع متساوين أمام القانون وخاضعين له، وكأنها معركة شخصية، يندرج في إطار عبادة شخصية نتنياهو.

كلا، ليس ثمة أية قضية شخصية هنا. الرسمية، الديمقراطية، دولة القانون، القيادة التي تقدم القدوة الشخصية، طهارة المعايير، نظافة الأيدي، أخلاقيات القتال ـ هذه، جميعها، أيديولوجية. وهذه هي أيديولوجية "أزرق أبيض". وحين تكون هذه الأيديولوجية مصحوبة بتوافق في القضايا الخارجية والأمنية، قد يشكل قاعدة لتجديد التوافق القومي في هذه القضايا، فإن مكاني هو في "أزرق أبيض".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات