المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 526

استمرت أمس (17/12/2018) لليوم الـ14 على التوالي عملية "درع الشمال" العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد الأنفاق الهجومية لمنظمة حزب الله، والتي أكد رئيس الحكومة ووزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنها واسعة وغير محدودة، وأشار إلى أنها تعتمد على تكنولوجيا خاصة تم تطويرها في إسرائيل في إثر عدم العثور على تكنولوجيا شبيهة لها في العالم.

وأعلن بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي (الأحد) أن الجيش تمكن من العثور على نفق رابع من الأنفاق الهجومية التي حفرها حزب الله وتمتد من الأراضي اللبنانية إلى داخل الأراضي الإسرائيلية على أعماق مختلفة.

وأشار البيان إلى أن هذا النفق هو الرابع الذي يمتد من الأراضي اللبنانية ويتم الكشف عنه، وأكد أنه تحت سيطرة الجيش وجرى تفخيخه، وأن كل من يدخل إليه من الجانب اللبناني يُعرّض نفسه للخطر.

وكرّر بيان الناطق العسكري أن الجيش الإسرائيلي يعتبر أن مسؤولية هذه الأنفاق تقع على كاهل الحكومة اللبنانية، وأن إسرائيل ترى فيها انتهاكاً خطراً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وللسيادة الإسرائيلية.

وقال البيان إن الجيش الإسرائيلي يقوم باستكمال نشاطاته وفقاً للعملية في مواقع أخرى، وأشار إلى أن الجيش على علم بوجود أنفاق أخرى، لكنه لم يكشف عنها بالكامل بعد.
ولا يمكن نشر العدد المحدد للأنفاق التي تعتقد إسرائيل أنه تم حفرها من لبنان، وكذلك نشر معلومات أخرى حول العملية، بأمر من الرقابة العسكرية الإسرائيلية.

وكرّر نتنياهو، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية، أن عملية "درع الشمال" ستستمر إلى أن تنجز هدفها وهو "تجريد منظمة حزب الله من سلاح الأنفاق".

وأعلن الجيش الإسرائيلي، في أول أيام العملية، اكتشاف أول نفق، وأكد أنه من ضمن أنفاق هجومية أخرى كثيرة حفرها حزب الله. وعُثر على النفق جنوب بلدة المطلة الإسرائيلية في منطقة الحدود اللبنانية.

وقال الجيش إن طول النفق يبلغ نحو 200 متر وعمقه نحو 25 متراً، ويبلغ عرضه مترين وارتفاعه مترين، وامتد إلى نحو 40 متراً داخل الأراضي الإسرائيلية. وهو أكبر بكثير من معظم الأنفاق التي تحفرها حركة "حماس" في قطاع غزة. وادعّى الجيش أن حفر هذا النفق استغرق عامين بسبب التضاريس القاسية تحت منطقة الحدود، وشمل خطوط كهرباء واتصالات، كما أنه مُزوّد بالأكسجين.

وقال ضابط كبير في قيادة المنطقة العسكرية الشمالية (يوم 6/12/2018) إن الهدف التكتيكي لهذا النفق كان الاستيلاء على جزء من طريق رقم 90 وعزل بلدة المطلة الواقعة في منطقة الحدود مع لبنان. وأضاف أن عناصر حزب الله قاموا بحفر النفق بوتيرة بطيئة، وأشار إلى أن عملية حفره لجعله قابلاً للاستعمال كانت ستستغرق شهرين.

وتطرق الضابط إلى عملية "درع الشمال" فقال إنها تقتصر على تدمير الأنفاق المتوغلة داخل الأراضي الإسرائيلية فقط. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي بدأ قبل شهرين بنشر أجهزة تكنولوجية في منطقة الحدود مع لبنان تعتمد بشكل أساس على التنصّت، وشدّد على أن الطبيعة الجبلية للمنطقة سهّلت تنفيذ المهمة أكثر من المناطق الأخرى. وقال إن اكتشاف مشروع أنفاق حزب الله سيعزز من قوة الردع الإسرائيلية.

وأكد الضابط استعداد الجيش الإسرائيلي لهذه العملية منذ الصيف الفائت، وأن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال غادي أيزنكوت كان يضغط دائماً لتنفيذ العملية، مشيراً إلى أن تنفيذ العملية كان ممكناً قبل شهرين.

وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة أن ردة فعل الجيش على اكتشاف النفق كانت منضبطة، ولفتت إلى أن القوات العسكرية الإسرائيلية لم تدخل إلى أراضي لبنان لتدميره، ورجحت أن يكون سبب ذلك عائداً بشكل كبير إلى توقعات بأنه سيكون على الجيش الإسرائيلي إطلاق عملية أكبر في المستقبل القريب للتعامل مع جهود حزب الله لإضافة توجيه دقيق لترسانته التي تضم عشرات آلاف الصواريخ.

التحدّي الأكثر أهمية وقفمشروع الصواريخ الدقيقة!

وقال محللون عسكريون إنه من المهم أن يتم تدمير الأنفاق قبل إطلاق إسرائيل لعملية عسكرية واسعة النطاق كهذه.

وأكد اللواء احتياط عاموس يادلين، رئيس "معهد دراسات الأمن القومي" والقائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان")، أن التحدي الأكثر أهمية وهو وقف مشروع الصواريخ الدقيقة لا يزال ماثلاً أمام إسرائيل مع وجود مخاطر تصعيد على مستوى مختلف تماماً، لكنه في الوقت ذاته أكد أن العملية توجه رسالة مهمة إلى حزب الله.

وأضاف أن الكشف عن الأنفاق يبعث برسالة إلى حزب الله، الذي يبني عملياته على السرية والعمل السري والمفاجأة، فحواها أن عليه أن يعتبر أنه في الحقيقة مكشوف ومُعرّض للاستخبارات الإسرائيلية، وأن مواقعه الآمنة والسرية قد تكون بمثابة مصائد موت لعناصره.

وكتب المحلل العسكري لموقع "واينت" الإلكتروني التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أن الأنفاق بالرغم من كونها خطراً كبيراً على أمن إسرائيل، إلا إنها ليست على رأس قائمة التهديدات، وأكد أن الصواريخ الدقيقة هي الخطر الأكبر. وأضاف بن يشاي أن الحملة العسكرية ضد الأنفاق قد تمهد الطريق لعملية عسكرية واسعة ضد الصواريخ أو لمعركة دبلوماسية للضغط على الحكومة اللبنانية وحزب الله لوقف مشروع الصواريخ الدقيقة الذي تقف إيران من ورائه.

وشدّد بن يشاي على أن منظمة حزب الله لن تصعد إزاء العملية الإسرائيلية لأن ذلك سيؤدي إلى مواجهة عسكرية قد تشارك فيها الولايات المتحدة، وستجرّ إدانات للحكومة اللبنانية لأن حفر الأنفاق في الجانب الإسرائيلي يعد اختراقاً سافراً للسيادة الإسرائيلية.

نتنياهو: احتلال أجزاء من الجليل من طرف حزب الله كان "تهديداً حقيقياً"!

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحافي عقده في أول أيام عملية "درع الشمال"، إنه ستكون هناك المزيد من التحركات في المستقبل.

وأضاف نتنياهو: "قلت قبل أسبوعين فقط إنه من أجل ضمان أمن إسرائيل يجب التحلّي بالصبر وبرباطة الجأش. وقلت أيضاً إن المخفي أعظم. وأريد أن أقول لكم اليوم إن ما تم كشفه لكم هو جزء صغير من استعداداتنا والعمليات التي نحضرها لضمان أمن إسرائيل على جميع الجبهات. وتم أخذ كل شيء بالحسبان وتم اتخاذ جميع الإجراءات بأكبر قدر من الرشد".

وأوضح نتنياهو أن الجهود الإسرائيلية لتدمير الأنفاق التي بناها حزب الله عملية متواصلة وواسعة النطاق هدفها الأوسع هو منع المنظمة المدعومة من إيران من الاستيلاء على أجزاء من الجليل من إسرائيل. وقال إن هدف حزب الله كان حفر الأنفاق إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، وهذا هو جزء من جهد يتسم بالاتساع والعمق لم نره من قبل. وقال إن احتلال أجزاء من الجليل من طرف حزب الله هو تهديد حقيقي، وهو أيضاً جزء من جهود إرهابية إقليمية ودولية تقودها إيران، وأشار إلى النشاط العسكري الإسرائيلي في سورية في السنوات الأخيرة فأكد أنه أدى إلى تقليص عدد القوات الإيرانية العاملة في البلد الذي مزقته الحرب بنسبة 10 بالمئة.

وفي محاولة لاستباق الادعاءات بأن قرار إطلاق "درع الشمال" كان مرتبطاً بتوصيات الشرطة الأخيرة بتقديمه للمحاكمة في إطار "الملف 4000"، قال نتنياهو إن قرار التحرك اتُخذ قبل بضعة أسابيع، وشكر بالتحديد وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان الذي شارك في تحضير العملية. وكان ليبرمان استقال من منصبه الشهر الماضي احتجاجاً على رفض نتنياهو إطلاق هجوم كبير على حركة "حماس" في غزة بعد إطلاق الأخيرة أكثر من 500 صاروخ على إسرائيل.

وقال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، الذي تحدث مباشرة بعد نتنياهو، إن الجيش عرض قبل نحو شهر توصيات على المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية (الكابينيت) ببدء العملية بمجرد أن تكون الظروف ناضجة. وأضاف أن الكابينيت صادق على العملية يوم 7 تشرين الثاني الماضي. وقال إنه من المتوقع أن تستمر العملية بضعة أسابيع وسيقودها قائدة المنطقة العسكرية الشمالية اللواء يوئيل ستريك.

وقال أيزنكوت: "هذا الصباح بدأنا بتحرك لإحباط تسلل حزب الله إلى أراضينا، ولتحسين واقعنا الأمني في الشمال، ولمواصلة ضرب محاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في الشمال".
وأكد أنه تم إطلاق عملية "درع الشمال" قبل أن تصبح الأنفاق عملانية وتتحول إلى تهديد فوري ومباشر على البلدات وقواعد الجيش في الشمال.

وقال أيزنكوت إنه في أعقاب الحرب في غزة العام 2014، التي كانت فيها أنفاق حركة "حماس" هي القضية الرئيسية، قام الجيش الإسرائيلي ببناء قدرة هندسية واستخباراتية عملانية وتكنولوجية متطورة لتحييد الأنفاق الهجومية، سواء في الشمال أو في الجنوب. وأكد أنه تم إبلاغ رؤساء السلطات المحلية في شمال إسرائيل بالعملية مسبقاً قبل إطلاقها، وأشاد بهم لإظهارهم المسؤولية في عدم الكشف عن موعدها.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يمتلك خطط أنفاق حزب الله الهجومية، ودعا الإسرائيليين إلى الشعور بالأمان، والاستمرار في حياتهم اليومية والاستمرار بالسفر إلى الشمال.

وعلى الرغم من أن عملية الجيش الإسرائيلي تقتصر في الوقت الحالي على الجانب الإسرائيلي من "الخط الأزرق" - وهو خط الهدنة المعترف به دولياً ويُعتبر الحدود بين إسرائيل ولبنان بحكم الأمر الواقع - فإن الجيش أشار إلى أنه قد يتم تدمير أنفاق أخرى داخل لبنان أيضاً. وقال إن الجيش مستعد لجميع الاحتمالات، وأكد أن إنجاز تحييد الأنفاق لا يمكن أن يتم داخل الأراضي الإسرائيلية فقط.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استدعى عدداً صغيراً من جنود الاحتياط، في الوقت الذي يستعد فيه لرد انتقامي محتمل من قبل حزب الله على عملية كشف الأنفاق الهجومية وتدميرها. وقال الجيش انه يعتقد أنه تم حفر هذه الانفاق لأهداف هجومية، خلافا للأنفاق والملاجئ تحت الارض التي استخدمها حزب الله خلال حرب لبنان الثانية (2006)، التي كانت عبارة عن إجراءات دفاعية عامة.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات