المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

فيما يلي بعض أبرز المبادرات التشريعية والقوانين المعادية للديمقراطية، التي طـُرحت وتم دفعها في الكنيست الحالي، الـ 20، كما تضمنها تقرير "جمعية حقوق المواطن" الأخير عن "تقلص الحيز الديمقراطي في إسرائيل ـ الكنيست الـ 20: صورة الوضع"، والتي يسوقها (التقرير) كنماذج تعبر عن التوجه العام المستمر منذ سنوات).

1. تشريعات هدفها تقييد صلاحيات المحكمة العليا: اقتراحات قوانين لتشريع "فقرة التجاوز" (أي: تمكين الكنيست، بأغلبيته الائتلافية العادية، من إعادة سن قوانين تقرر المحكمة العليا إلغاءها، بدعوى كونها "غير دستورية")، تقليص الحق في تقديم التماسات إلى المحكمة العليا وإعطاء "القضاء العبري" (الشريعة والموروث اليهوديين) أفضلية على القوانين والتشريعات الأخرى، تسييس "لجنة تعيين القضاة"، اقتراح قانون القضاء في المحاكم الدينية بالتوافق (الذي يعني فصل الجهاز القضائي الإسرائيلي فصلا جوهريا ـ دنيويا ودينيا).


2. مبادرات هدفها المسّ بـ"حراس النظام الديمقراطي" الآخرين ـ مؤسسات رسمية تشمل: رئيس الدولة، مراقب الدولة، النيابة العامة للدولة، وسائل الإعلام وقطاع الخدمات العامة: اقتراح قانون لتقييد صلاحيات مراقب الدولة، مجموعة من اقتراحات القوانين لتغيير منظومة البث الجماهيري العام والحد من نشاطها، بما في ذلك تسييسها؛ محاولات مباشرة من رئيس الحكومة وأعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي لنزع الشرعية عن هيئات إعلامية وإعلاميين؛ محاولات لنزع الشرعية عن رئيس الدولة، عن المستشار القانوني للحكومة، عن المفتش العام للشرطة، عن قضاة المحكمة العليا، عن أعضاء كنيست من المعارضة البرلمانية/ السياسية كلما وجهوا أي نقد سياسي ـ حزبي للحكومة أو سياساتها؛ جملة من المبادرات لتعيينات سياسية، وأساساً لمستشارين قانونيين أو لنواب مديرين عامين في الوزارات الحكومية المختلفة أو في مؤسسات رسمية أخرى؛ محاولة تعيين إنسانة مقربة من رئيس الحكومة شخصيا لمنصب مفوض خدمات الدولة، رغم عدم استيفائها الشروط والمعايير المطلوبة لإشغال هذا المنصب؛ محاولات لتكريس رأي يقول بأن موظفي الدولة ـ وخاصة المستشارين القانونيين، قضاة المحكمة العليا، المستشار القانوني للحكومة، مراقب الدولة، النائب العام للدولة وغيرهم ـ موكلون، فقط، بالدفاع عن سياسة الحكومة، لا نقدها أو وضع الحدود اللازمة أمامها؛ محاولات نزع الشرعية عن وسائل الإعلام التي تتعامل بصورة نقدية مع الحكومة وأدائها وسياساتها؛ اقتراح قانون لإلغاء توصيات الشرطة في ختام التحقيقات الجنائية التي تجريها مع أشخاص يشتبه بارتكابهم مخالفات جنائية؛ اتخاذ إجراءات عملية جدية تكرس نهج التعيينات السياسية الفاضحة في قطاع خدمات الدولة وفي المحاكم، على حساب التعيينات المهنية وفق معايير وشروط محددة وواضحة.

3. مبادرات في مجال تغيير عمل الكنيست: تقييد سفريات أعضاء الكنيست المموَّلة من قبل منظمات ذات أجندات محددة بعينها، فقط؛ اقتراح لتخويل الكنيست صلاحية استدعاء جهات خاصة وأشخاص إلى لجان الكنيست؛ اقتراح لتقييد عدد التشريعات الفردية، بمعنى تقييد حق أعضاء الكنيست في تقديم اقتراحات قوانين بصورة شخصية فردية، دون إيجاد أدوات برلمانية بديلة يستطيع أعضاء الكنيست من المعارضة استخدامها لتأدية مهامهم والقيام بواجباتهم.

4. تشريعات تهدف إلى تضييق الخناق على منظمات حقوق الإنسان وتنظيمات أخرى: قانون وسم الجمعيات (إلزام الجمعيات بالإفصاح عن مصادر تبرعاتها وتمويلها، إذا كانت كيانات سياسية أجنبية)؛ قانون تمويل الأحزاب (قانون V15 لتقييد حركة ونشاط جناح واحد فقط من جناحي الخارطة السياسية في إسرائيل)؛ اقتراح لتحديد الإعفاء الضريبي الممنوح للمتبرعين (البند 6أ من أمر ضريبة الدخل) في مجالات معينة فقط؛ قانون الخدمة المدنية (قصر إمكانية قبول متطوعي "الخدمة المدنية" على منظمات معينة فقط)؛ محاولة إلغاء الإعفاء من الرسوم لمنظمات محددة فقط لدى تقديمها طلبات للحصول على معلومات بموجب قانون حرية المعلومات؛ محاولة لتقييد وتقليص حق تنظيمات معينة في التوجه إلى القضاء، وخاصة تقديم التماسات إلى المحكمة العليا (نيابة عن متضررين أو إضافة إليهم. بمعنى، منع تلك التنظيمات من التوجه إلى القضاء إلا إذا كان الموضوع يمسها بشكل مباشر!)؛ اقتراح لإقامة لجنة خاصة للتحقيق مع بعض المنظمات المحددة التي تعتبرها الحكومة وائتلافها الحكومي "معادية"!

5. تشريعات تهدف إلى المس بمكانة الأقلية العربية وبحقوقها: قانون القومية، قانون عزل أعضاء كنيست، قانون الأذان، اقتراح لإلزام أعضاء الكنيست بالتوقيع على "إعلان ولاء" خاص.

6. تشريعات تمس بحرية التعبير وبالتعددية: تقييد حرية الدخول إلى إسرائيل ومنع كل من يدعو إلى المقاطعة من دخول إسرائيل؛ تشديد العقوبة القانونية على تحقير علم الدولة؛ اقتراح قانون لتقييد منح التمويل المالي الحكومي للأنشطة والمؤسسات الثقافية بناء على مواقفها السياسية؛ تقييد نشاط بعض المنظمات في المدارس، طبقا للأجندات السياسية؛ اقتراح قانون لحرمان الجامعات من المخصصات المالية الحكومية بسبب نشاط بعض الأساتذة الجامعيين فيها في مجال المقاطعة؛ مبادرات من وزارة الثقافة لوقف التمويل الحكومي لنشاطات، عروض، مسرحيات وغيرها، بناء على مواقف سياسية؛ مبادرة من وزارة التربية والتعليم لتقييد الحريات الدينية والتعددية الدينية في المدارس.

7. المس بالتعددية اليهودية (التي تشكل جزءا من حرية الضمير والدين): إلغاء التسوية في مسألة "الحائط الغربي" ("حائط المبكى/ حائط البراق)؛ تخصيص أحواض استحمام تعبّدية (ميكفيه) لليهود التقليديين فقط؛ قصر صلاحية التهويد على المؤسسة الدينية التقليدية فقط؛ تقييد إمكانيات "الحلال" (كاشير) البديل؛ الفصل بين الذكور والإناث في المدارس، في المؤسسات الأكاديمية وفي الحيز العام إجمالا؛ إعلاء شأن "القضاء العبري" وتفضيله على القضاء الدنيوي.

تشريعات مُعدّة للمس بمكانة الأقلية العربية وبحقوقها

أ ـ قانون أساس: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي
طُرحت، خلال السنوات الأخيرة، مجموعة من اقتراحات القوانين التي كان الهدف منها تعريف دولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وذلك في قانون أساس، خلافا للقوانين "العادية". وبرغم الاختلافات الطفيفة بين تلك الاقتراحات، إلا أنها كانت كلها متشابهة من حيث المضمون والجوهر ومن حيث نتيجتها الحتمية ـ المس الفظ والعميق بحقوق الإنسان، بالديمقراطية الإسرائيلية وبحقوق الأقلية العربية في إسرائيل.

في الكنيست الـ 20، نوقش "اقتراح قانون أساس: إسرائيل ـ دولة قومية للشعب اليهودي" الذي تقدم به عضو الكنيست آفي ديختر (الليكود) وآخرون، علما بأن اقتراحات قوانين مماثلة كانت قُدمت في دورات سابقة للكنيست، كما في الكنيست الحالي أيضا.

خلال المناقشات التي جرت حول الاقتراح، جرى تغيير نصه عدة مرات على خلفية ما تعرض له من انتقادات جماهيرية واسعة، تعلقت أساسا بإخضاع الجانب الديمقراطي الجوهري في تعريف الدولة للجانب القومي، اليهودي. ورغم ذلك، ظل التشديد والتفضيل قائمين للمقومات اليهودية على المقومات الديمقراطية في تعريف الدولة، في الصيغة النهائية التي تم إقرارها لهذا القانون، وسط تجاهل تام للأقلية العربية وحقوقها.

في نهاية المطاف، تمت المصادقة النهائية على هذا القانون، بالقراءتين الثانية والثالثة، يوم 18/7/2018، بتأييد أغلبية أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي. حتى الآن، قُدمت مجموعة من الالتماسات إلى المحكمة العليا ضد هذا القانون، يُنتظر أن يبدأ النظر فيها في شهر كانون الأول القريب.

ب ـ عزل عضو كنيست
قُدم، في الكنيست الحالي، عدد من اقتراحات القوانين التي ترمي إلى تسهيل عملية عزل أعضاء كنيست. وبرغم أن هذه الاقتراحات مقدمة بصيغ تبدو "حيادية"، إلا أن من الواضح تماما أنها تستهدف، أولا وأساسا، أعضاء الكنيست من الأقلية العربية.
نظرا لما ينطوي عليه هذا الاقتراح من مس خطير بعدد من حقوق الإنسان الأساسية، بما يترتب عليه من إسقاطات بعيدة الأثر على النظام الديمقراطي نفسه وعلى حقوق الفرد، فثمة حاجة ماسة إلى استخدام وسيلة / خيار العزل هذا في الحالات الاستثنائية جدا فقط، مقابل تفضيل طرق ووسائل أقل تطرفا.

اقتراح القانون الذي قدمه أعضاء كنيست من كتلة "إسرائيل بيتنا"، روبرت إيلاتوف، أورلي ليفي أبكسيس، حمد عمار وشارون غال، يسعى إلى توسيع مسوغات عزل أعضاء الكنيست، بحيث تشمل التصريحات الكلامية أيضا وليس الأفعال فقط! كما يلقي اقتراح القانون على المرشح للعزل مهمة ومسؤولية إثبات براءته، خلافا للقواعد والأعراف المتبعة في مثل هذه الحالات.

لم يحظ هذا الاقتراح بدعم الأغلبية من أعضاء "اللجنة الوزارية لشؤون التشريع"، فعادت كتلة "إسرائيل بيتنا" وقدمته مرة أخرى، باسمها كلها. ويقضي هذا الاقتراح بتخويل لجنة الانتخابات المركزية صلاحية حصرية في الحسم بشأن إلغاء ترشيح مرشحين أو قوائم مرشحين، بينما يسحب هذه الصلاحية من بين يدي المحكمة العليا، كما هي الحال حتى اليوم.

عادت "اللجنة الوزارية لشؤون التشريع" وبحثت اقتراح كتلة "إسرائيل بيتنا" يوم 22/11/2015 وقررت تحويل الاقتراح إلى البحث والمناقشة في إدارة الائتلاف الحكومي، لكن شيئا لم يتقدم منذ ذلك الوقت.

في المقابل، صادق الكنيست نهائيا يوم 19/7/2016، بالقراءتين الثانية والثالثة، على اقتراح القانون الذي قدمه رئيس الحكومة، والذي يخول أعضاء الكنيست أنفسهم صلاحية عزل زملاء آخرين لهم، وذلك بأغلبية 10 أعضاء كنيست، من بينهم 10 أعضاء كنيست من المعارضة. تبدأ إجراءات العزل بحق عضو كنيست ما، حسب هذا القانون، على خلفية "تشجيعه الإرهاب أو الحض على العنف"، حسبما تقرره لجنة الكنيست. وطبقا لذلك، تستطيع الهيئة العامة للكنيست، بأغلبية 90 عضوا، عزل عضو من أعضائها وإنهاء عضويته في الكنيست. وقد تقرر أن لا يكون القانون ساري المفعول في فترة انتخابات للكنيست وأن عضو الكنيست الذي قررت الكنيست عزله يستطيع الاستئناف على ذلك أمام المحكمة العليا.

يذكر أن المحكمة العليا رفضت التماسا ضد هذا القانون قدمته إليها "جمعية حقوق المواطن" وأقرت (المحكمة) دستوريته!
ت ـ قانون منع الأذان
أقر الكنيست اقتراح القانون هذا بالقراءة التمهيدية يوم 8/3/2017 ولم يطرأ عليه أي تقدم منذ ذلك الوقت. وهو يقضي بمنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد في ساعات الصباح الباكرة.
ث ـ اقتراح قانون لتعديل نص "يمين الولاء" الذي يقسمه أعضاء الكنيست المنتخَبون

هو تعديل لقانون أساس: الكنيست يرمي إلى إلزام عضو الكنيست بأن يقسم بأن "يحفظ الولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية بروح وثيقة الاستقلال". وهو اقتراح يستهدف أساسا أعضاء الكنيست العرب، الذين تثير صيغة "يمين الولاء" الجديدة قلقهم.

لا يزال اقتراح القانون هذا مطروحا للبحث في "اللجنة الوزارية لشؤون التشريع".

ج ـ اقتراح قانون أساس: الكنيست (تعديل)
ينص البند 7أ في "قانون أساس: الكنيست" على منع قائمة مرشحين، أو مرشح فرد، من المشاركة في انتخابات الكنيست "إذا كان من بين أهداف القائمة أو أفعالها، أو بين أفعال المرشح" ما يمكن أن يشكل رفضا أو اعتراضا على وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، تحريضا على العنصرية أو دعما لكفاح مسلح تخوضه دولة عدو أو منظمة عدو ضد دولة إسرائيل.
القانون الجديد جاء لتوضيح وتأكيد أن "أفعال القائمة أو الفرد تشمل، أيضا، تصريحاته وتفوهاته". ونظرا لأن هذا التفسير هو الذي اعتمدته المحكمة العليا، أصلا، فمن الواضح أن الهدف من هذا القانون الجديد هو نزع الشرعية عن أعضاء الكنيست العرب وتصويرهم وكأنهم ينشطون ضد الدولة ويتعاونون "مع أعداء" ضدها.

صادق الكنيست على هذا القانون، نهائيا بالقراءتين الثانية والثالثة، يوم 14/3/2017.

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات