المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1123

نشر قسم الخبير الاقتصادي في وزارة المالية الإسرائيلية، هذا الأسبوع، تقديرات بديلة لتلك التي تتبعها مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية (مؤسسة التأمين الوطني)، بشكل أدى إلى خفض أعداد الفقراء بنسبة 20%.

 

وكان التخفيض الأكبر في نسبة الفقر لدى العائلات العربية، من قرابة 50% إلى حوالي 25% من العائلات. وبرغم شكل الاحتساب الجديد، الذي يرتكز على صرف العائلة، بدل اعتماد المداخيل وحدها، تبقى إسرائيل الأكثر فقرا بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون بين الدول المتطورة OECD.

ويقول قسم الخبير الاقتصادي في الوزارة إن شكل احتساب مؤسسة الضمان الاجتماعي للفقر ليس كافيا، كونه يعتمد بشكل مجرد على معدلات مداخيل العائلة، ويقسمها على عدد الأفراد، من دون التطرق إلى مصروفات العائلة، ونمط الصرف وقدرتها على شراء الاحتياجات. فعلى سبيل المثال، وحسب الوزارة، فإن مؤسسة الضمان لا تقارن بين عائلتين لديهما نفس عدد الأفراد، وذات المداخيل، ولكن لواحدة منهما قرض إسكاني. إلا أن مؤسسة الضمان تعتمد على شكل الاحتساب العالمي للفقر، بمعنى المدخول للفرد للعائلة، ومستويات الأسعار ومجمل كلفة الحياة.

وكان تقرير الفقر الرسمي الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني في نهاية العام الماضي 2017، عن العام 2016، قد أظهر أن الفقر سجل ارتفاعا طفيفا على مستوى الأفراد، وتراجعا في نسبة العائلات، مقارنة مع نسبته في العام الذي سبق، 2015، مما يدل على أن الفقر بات أكثر في العائلات كثيرة الأولاد. إلا أن الفقر بقي أكثر عمقا بين العرب، ففي حين "أنقذت" المخصصات الاجتماعية قبل سنوات قليلة 11% من العائلات العربية، فقد هبطت النسبة في 2016 إلى 1ر6%، في حين أن المخصصات ذاتها "أنقذت" 5ر46% من العائلات اليهودية.

وحسب تقرير الفقر ذاته، فإن عدد الذين تحت خط الفقر في العام 2016، بلغ 809ر1 مليون نسمة، من بينهم 39% من العرب، في حين أن نسبتهم وفق التقرير الذي يستند على تعداد سكاني يشمل القدس والجولان المحتلين، 21% من السكان. كذلك قال التقرير إن عدد الأطفال الفقراء وحدهم بلغ 843 ألف طفل، وعدد العائلات الفقيرة بلغ 463 ألف عائلة.

وقال التقرير إن الفقر بين الجمهور العام في 2016 بلغ 22%، وبين العائلات 6ر18%. وعلى مستوى الشرائح، فقد هبط الفقر بين عائلات إجمالي اليهود من 8ر13% في العام 2015 إلى 3ر13% في العام 2016. بيد أن الفقر بين عائلات الحريديم وحدهم ارتفع من 6ر44% إلى 1ر45% ما يؤكد أن الفقر بات يتركز أكثر في العائلات كثيرة الأولاد.

وبموجب تقرير الفقر ذاته، فقد سجل الفقر بين العرب هبوطا، لكن ازداد عمقا. فقد هبط الفقر على مستوى الأفراد من 8ر54% في 2015 إلى 2ر52% في 2016. وعلى مستوى العائلات، هبطت النسبة من 3ر53% إلى 7ر49%. وبين الأطفال من 6ر65% إلى 62% في العام 2016. ورغم هذا الهبوط بين العرب، إلا أن الفقر بينهم ما زال الأشد عمقا، إذ أن المخصصات الاجتماعية انتشلت 1ر6% من العائلات الفقيرة العربية إلى ما فوق خط الفقر، بينما كانت النسبة بين اليهود أكثر من 45%.

وهذه النسب اعتمدت على خط فقر، جرى رفعه في التقرير الأخير عن العام 2016 بنسبة 8ر3% مقارنة مع العام 2015، وكان كالتالي، وعلى أساس معدل سعر صرف الدولار حاليا، 6ر3 شيكل للدولار: خط الفقر للفرد الواحد 3260 شيكلا (905 دولارات)، أما بالنسبة لعائلة من شخصين، فإن خط الفقر بات 5216 شيكلا (1448 دولارا)، وثلاثة أشخاص 6911 شيكلا (1919 دولارا)، وأربعة أشخاص 8345 شيكلا (2318 دولارا)، وخمسة أشخاص 9779 شيكلا (2716 دولارا)، وستة أشخاص 11085 شيكلا (3079 دولارا)، وسبعة أشخاص 12387 شيكلا (3440 دولارا)، وثمانية أشخاص 13560 شيكلا (3766 دولارا)، وتسعة أشخاص 14607 شواكل (4056 دولارا).

تقرير الوزارة

كما ذكر فإن الوزارة في احتسابها الجديد اعتمدت على فحص حجم استهلاك العائلة الواحدة، من خلال عدة مقاييس، منها عامة، ومنها كما يبدو في استطلاع مباشر. وترى الوزارة أن هذا الاحتساب يأخذ بعين الاعتبار "المداخيل السوداء"، التي لا يتم الإبلاغ عنها. وتوجه الأصابع هنا بالذات إلى الجمهورين الأكثر فقرا، العرب، لكن من هم أكثر منهم، جمهور المتدينين المتزمتين (الحريديم)، الذين تؤكد الكثير من التقارير التي تصدر تباعا أن حجم "الاقتصاد الأسود" بينهم يقدر بمليارات الدولارات سنويا. ومصدر هذه الأموال قطاع اقتصاد مغلق على العديد من طوائف الحريديم، ودفق أموال من الخارج عليهم، عبر سلسلة من القنوات، إما بالنقل المباشر، أو عبر مكاتب صرافة وغيرها.

وتقول التقارير إن معاهد دينية ومدارس تابعة لهذه الطوائف تدفع رواتب نقدية، لا يتم إخضاعها لسلطة الضرائب، وهذا يسري على عاملين كثر في مؤسسات الحريديم.

ومن أجل الوصول إلى نمط الاستهلاك والصرف لدى العائلات، فحصت الوزارة توجهات العائلة، ونظرتها وتوقعاتها للمستقبل. فعلى سبيل المثال، إذا كان في العائلة طالب جامعي لا يعمل، فإنه بعد فترة قصيرة سينهي تعليمه، ويخرج إلى سوق العمل.

وعلى أساس هذه الاحتساب استنتجت الوزارة أن الفقر بين العائلات العربية هبط من 6ر18%، وفق تقرير مؤسسة الضمان الاجتماعي، إلى 6ر14% وفق تقرير الوزارة. وبين الأفراد العرب هبط الفقر من 7ر49%، وفق التقرير الرسمي، إلى 3ر25% وفق التقرير الجديد. إلا أن تخفيض النسبة لدى جمهور الحريديم كان أقل، من 8ر49% في التقرير الرسمي، إلى 4ر35% حسب الوزارة.

لكن لا هذه النسب صحيحة ولا تلك، فالتقرير الرسمي يعتمد على خط الفقر السابق ذكره، ونسب الفقر تكون بعد احتساب المخصصات الاجتماعية، على مختلف أصنافها، التي تتلقاها العائلات. وهذه المخصصات ترفع إلى ما فوق خط الفقر، 45% من فقراء اليهود، و1ر6% من الفقراء العرب، كما ذكر سابقا. ولهذا فإن الفقر الأقرب للحقيقة هو نسبة الفقراء قبل احتساب المخصصات الاجتماعية. وفي هذه الحالة تكون نسبة الفقر في إسرائيل 30%، وليس 22% كما ورد في التقرير الرسمي.

وتعتمد المراكز البحثية الاجتماعية النسبة الأعلى للفقر في إسرائيل، كما هي الحال لدى جمعية "لتيت"، التي تصدر سنويا "تقرير الفقر البديل"، وأيضا مركز الأبحاث أدفا، الذي قال في تقرير أخير له إن عائلات كثيرة في دائرة الفقر تأكل وجبة واحدة في اليوم، فيما يختار كثيرون التنازل عن أدوية ضرورية لهم بسبب قلة المدخول ومن أجل ضمان وجبة غذائية. وجاء أن قرابة 39% من الفقراء من أبناء 20 عاما وأكثر تنازلوا عن وجبات غذائية بسبب صعوبات مالية، وهذه النسبة بقيت شبه ثابتة في السنوات التالية.

وعلى الرغم من احتساب وزارة المالية الجديد يبقى الفقر في إسرائيل الأعلى من بين الدول الأعضاء في منظمة OECD. فهذه المنظمة تعتمد طريقة الاحتساب العالمي التي تعتمدها مؤسسة الضمان الإسرائيلية، لكن بشكل مغاير في جوانب معينة، ما جعل الفقر بين الجمهور الإسرائيلي وفق OECD، بنسبة 8ر17%، بدلا من 22% وفق التقرير الإسرائيلي الرسمي. ولكن هذا أيضا يبقي إسرائيل في دائرة أكبر نسب الفقر.

ويشار هنا إلى أنه إذا أخذنا الفقر بين اليهود، من دون الحريديم، فإن نسبته تقل عن 10%. وبين اليهود الأشكناز وحدهم تقل عن 8%، وهذه أقرب للمعدلات الأوروبية في الدول الغنية، وحتى دول شمال أوروبا المعروفة بأنها الأكثر رفاهية في العالم.

وتقول مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية الإسرائيلية، لصحيفة "ذي ماركر"، ردا على تقرير الوزارة، إن المؤسسة تعتمد طريقة الاحتساب العالمية، بمعنى المداخيل الصافية للعائلة. وأضافت أن الهدف يجب أن لا يكون محاولة لعرض فقر بمستويات أدنى أو أعلى، وإنما الوصول إلى الحقيقة، وفهم مدلولات كل واحد من المقاييس التي يتم اعتمادها.

وأضافت المؤسسة أن كل من يتعامل بمقاييس الصرف، وليس مقاييس المداخيل، يعرف مسبقا أنه سيتوصل إلى نسب فقر أقل، ولكن هذا ليس دقيقا. فعلى سبيل المثال، عائلة علقت بالبطالة بعد توقف عمل المعيل الأساس في العائلة لا تغير نمط صرفها، على أمل أن ما علقت به هو ظرف طارئ، لكن هذا لا يعني خروجها من دائرة الفقر، كما أن صرفها الزائد أكثر من المداخيل سيجعلها في دائرة الفقر لفترة أطول.

بعد نحو شهرين سيصدر تقرير الفقر الرسمي الجديد عن العام 2017. وحسب التقديرات، فإن هذا التقرير سيشهد تحسنا محدودا في نسب الفقر، وذلك على ضوء انخفاض البطالة في العام الماضي إلى أدنى مستوى تاريخي، ما دون حاجز 4%، وداخل شريحة العمل الفعلية، ما بين سن 25 عاما وحتى 64 عاما، إلى ما دون 8ر3%. كذلك طرأ ارتفاع على الحد الأدنى من الأجر، وتم رفع مخصصات الأولاد والشيخوخة.

المصطلحات المستخدمة:

التأمين الوطني

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات