المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1799
  • برهوم جرايسي

يشهد نظام الحكم الإسرائيلي منذ سنوات التسعين الأولى من القرن الماضي تغيرات متتالية، بدأت في تغير تركيبة الحزبين الأكبرين اللذين كانا يتناوبان على الحكم، "العمل" و"الليكود"، مرورا بتغيرات اقتصادية شبه جذرية، والانهيار النسبي للنقابات المهنية، ومحاولات استهداف الجهاز القضائي، والعديد من جوانب الحكم، وآخرها تحطيم جدران الجهاز المهني في مؤسسات الحكم، وجعل المسؤوليات الكبرى فيه خاضعة للتعيينات الحزبية.

والهدف من هذا هو تسهيل صدور القرارات الاقتصادية والسياسية، دون حواجز فرضتها على مر السنين الأنظمة التي تهدف إلى ثبات الحكم وفق ما يخدم المصالح العامة، لتخدم هذه الأنظمة مصالح من يقودون الحكم، وهذا من شأنه أن ينعكس على كافة مجالات الحكم، بما فيها القضايا السياسية الكبرى.

وهذه العملية لم تبدأ مع وصول بنيامين نتنياهو إلى الحكم. بل إن الأخير عاد إلى رئاسة الحكومة في العام 2009، ووجد أن الكثير من المتغيرات قد تحققت، لذا انطلق نحو مجالات أدق. ويردد نتنياهو في الأشهر الأخيرة مقولة: "إن الشعب اختارنا لنحكم، ونحن نريد أن نحكم وفق رؤانا"، وهذه العبارة أكثر نتنياهو من ترديدها بعد انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة؛ كون طابع الحكم الرئاسي الأميركي يرتكز بقدر أكبر على التعيينات في الجهاز الرسمي على أساس سياسي حزبي، ويريد نتنياهو نسخ النموذج.

وقبل هذا، كان نتنياهو يستخدم عبارة "كسر الحواجز البيروقراطية"، وهي العبارة التي استخدمت أكثر في كل ما يتعلق بإدارة الاقتصاد. ويرددها معه كبار المسؤولين في المؤسسات المالية الرسمية، وأولها بنك إسرائيل المركزي. والبيروقراطية التي يعنيها نتنياهو كثرة التراخيص والمعاملات لفتح المصالح الاقتصادية، وأيضا تلك التي تفرض قيودا على الشركات والمشاريع الاقتصادية الضخمة، وغيرها. على سبيل المثال تعديل قانون القيود على الاحتكارات، واضطرار المسؤول عن هذه القيود إلى الاستقالة، كي يمرر نتنياهو مبتغاه، في ما يتعلق بالاحتكارات في قطاع الغاز.

في البدء: الأحزاب والنقابات

في مطلع سنوات التسعين، أدركت إسرائيل أنها مقبلة على مرحلة عالمية جديدة، في ظل "العولمة" الاقتصادية، وبدء مرحلة "القطب الواحد" بعد تفكك منظومة الدول الاشتراكية؛ في الوقت الذي تعاظمت فيه الأزمات الإسرائيلية الداخلية على ضوء انتفاضة الحجر الفلسطينية. وأقوى هذه الأزمات غرق إسرائيل في أزمة اقتصادية مستمرة، وهروب أصحاب رأس المال إلى الخارج لغرض الاستثمارات. كذلك فإن الصهيونية وجدت نفسها أمام فرص استقدام مئات آلاف اليهود، لإنقاذ مشروعها، إسرائيل، من "الورطة الديمغرافية". وهذا كله تطلب، وفق قادة سياسيين، إحداث انقلابات متعددة في الحكم.

وبالإمكان القول إن الحدثين الأبرزين اللذين شكلا نقطة انطلاق لسلسلة من التغيرات السياسية والاقتصادية اللاحقة كانا في حزب "العمل"، الذي كان حزبا مؤسساتيا، يفرض أنظمته وأحكامه على منتخبي الجمهور الذين يمثلونه. فبداية جرى تحطيم جدران الهيئات الحزبية، باتباع نظام الانتخابات المفتوحة لرئاسة الحزب، وللهيئات العليا، أو وفق ما يسمى "البرايمرز"، بحيث ينضم عشرات الآلاف من الجمهور الواسع إلى الحزب لغرض الانتخابات الداخلية. وعلى أساس هذا النظام، الذي تم اتباعه ابتداء من العام 1992، عاد إسحاق رابين إلى رئاسة الحزب، وأيضا بذات النمط تم تشكيل القائمة الانتخابية، التي ضمنت وصول جيل جديد إلى الأماكن الأولى في قائمة الحزب. ولاحقا امتد هذا النمط إلى حزب الليكود في العام 1996، ومن ثم إلى أحزاب أخرى.

وهذا النظام الجديد أنهى الطابع التقليدي للأحزاب المحكومة بدساتير مشددة وهيئات حزبية مقلصة، لينتقل وزن التأثير إلى كبار أصحاب رأس المال، الذي فتحوا جيوبهم لتمويل الحملات الانتخابية لرئاسات الأحزاب الكبرى، وللمرشحين في قائمة الحزب، ولينتقل الولاء الأول من الحزب إلى الممولين.

والحدث الثاني التالي، جرى هو أيضا في حزب "العمل" تمهيدا لانتخابات اتحاد النقابات، التي كان يشارك فيها أكثر من ثلثي البالغين من الجمهور. فاتحاد النقابات "الهستدروت" كان يحتكر 30% من الاقتصاد الإسرائيلي، من بينه البنك الإسرائيلي الأكبر "هبوعليم"، وأضخم شبكة عيادات مرضى، وإلى جانبها أكبر شبكة مستشفيات. وقبل هذا، أكبر شركات البنى التحتية، خاصة شركات البناء، وغيرها. وكان يتناوب على رئاسة "الهستدروت" القيادة القديمة لحزب "العمل"، فرغم سقوط هذا الحزب عن الحكم في العام 1977، إلا أن "الهستدروت" بقي مغلقا على حزب "العمل"، كمعقله الحزبي.

وذات الشخص صاحب الصوت الأعلى لاتباع نظام الانتخابات المفتوحة في حزب "العمل"، هو أيضا قاد الانقلاب الداخلي على القيادة العجوز في الهستدروت، وهو حاييم رامون، الذي انشق صوريا عن الحزب لغرض انتخابات النقابات، وشكّل قائمة موازية، حققت فوزا ساحقا على قائمة الحزب التقليدية، وتولى رئاسة الهستدروت.

الخطوة الأولى التي أقدم عليها رامون، كان أن قرر بيع الشركات الاقتصادية، ولم يبق في المرحلة الأولى سوى نسبة صغيرة للنقابات، فتحولت الشركات لغنيمة كبرى لكبار أصحاب رأس المال، الذين كانوا في تلك المرحلة يسحبون استثماراتهم في الخارج، ويستثمرون في البلاد، مستفيدين من عاملين موازيين: أجواء الانفراج السياسي في ظل المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية والعربية. وثانيا، موجة الهجرة التي تدفق خلالها مئات آلاف المهاجرين اليهود على إسرائيل، ورفعوا بنسبة كبيرة حجم القوة الشرائية. خاصة وأنهم حصلوا على أموال من الحكومة "للتأقلم" مع واقعهم الجديد. وهذا إضافة إلى مشاريع البنى التحتية الضخمة التي كانت لاستيعاب تلك الأعداد.

الخطوة الثانية، التي بادر لها رامون ونفذها، كانت فك الربط بين عضوية النقابات وعضوية شبكة العيادات الخاصة باتحاد النقابات. إذ حسب ما كان قائما، فإن الهستدروت كان يجبي نسبة له من الرسوم الصحية التي كانت تدفع لشبكة العيادات. وهذه الحال ساهمت في هبوط عدد المنتسبين للهستدروت من قرابة 3 ملايين شخص، من بينهم مليونان من ذوي حق الاقتراع (بالغين)، إلى أقل من نصف مليون شخص. وهنا فقد اتحاد النقابات قوته وتأثيره على الحكومة.

ولاحقا رأينا أن اتحاد النقابات فقد وزنه في القطاع الخاص، الذي انتشرت فيه الاتفاقيات الخاصة.

كذلك بدأ ينتشر نمط خصخصة أقسام من الوظائف في الشركات الكبرى، والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، لتتولاها شركات قوى عاملة، تفرض ظروفا استبدادية على العاملين، الذين يتم حرمانهم من التثبيت في مكان العمل، ومن الضمانات التقاعدية.

بمعنى أنه حتى منتصف سنوات التسعين، بدأ تغير جذري في هيكلية الحزبين الأكبرين. وتم ضرب مكانة اتحاد النقابات العام "الهستدروت"، وبدأ عهد توغل غير مسبوق لحيتان المال في الاقتصاد، وأيضا في الأحزاب. وكانت هذه بدايات لما تم لاحقا.

اتساع خصخصة القطاع العام

الحلقة الثانية التي شهدناها في سنوات التسعين، كانت الارتفاع الكبير في ظاهرة خصخصة القطاع العام، إذ أن الخصخصة بدأت قبل سنوات عديدة، ولكن وتيرة الخصخصة في سنوات التسعين ولاحقا، شكلت قفزة كبيرة، وشاركت فيها حكومات "العمل" و"الليكود" و"كديما". وفي صلبها اعتماد سياسة ما يسمى "الحكومة الصغيرة". بقصد اعتماد موازنة عامة سنوية أقل، بعد تقليص الضرائب، مقابل تقديم خدمات أقل. والمستفيد المباشر من هذا، هم أصحاب رأس المال، بكونهم المستفيدين الأكبر من تخفيضات الضرائب. في حين أن الخاسرين هم بالأساس الشرائح الفقيرة والضعيفة، وغالبية الشرائح الوسطى، التي تتضرر من تقليص المخصصات الاجتماعية، بفعل تقليص مدخولات الخزينة العامة.

القطاع الأكبر الذي فُتحت أبوابه أمام كبار حيتان المال كان قطاع الصحة، بعد الانقلاب الذي حصل في قانون الصحة العام، في فترة حكومة إسحاق رابين. بينما الوزير الذي قاد التغيرات هو حاييم رامون ذاته، قبل أن يتولى رئاسة الهستدروت. فالنظام القائم هو انتساب كافة المواطنين لواحدة من شبكات العيادات الصحية شبه الرسمية. بينما القانون الجديد جعل رسوم الصحة تدفع لمؤسسة الضمان الاجتماعي الرسمية، التي تدفع بدورها أموالا لشبكات العيادات.

هذا القانون قلص حجم خدمات الصحة الأساسية، وفرض رسوما أكبر على شراء الأدوية، وعلى خدمات صحية أخرى، عدا رسوم التأمين الصحي العام. وأبقى القانون الكثير من الخدمات المتطورة خارج تغطية التأمين الصحي العام. وفي المقابل فسح المجال أمام شركات التأمين، لبيع بوليصات تأمين صحي مكمّل. وهذه الظاهرة أدفقت المليارات سنويا على شركات التأمين، وفي المقابل أفرزت ظاهرة "طب للأغنياء وطب للفقراء".

كذلك ارتفعت وتيرة خصخصة خدمات اجتماعية وتعليمية وصحية لشركات خاصة، وطالت الخصخصة الغالبية الساحقة من خدمات الدولة، إما خصخصة مباشرة، أو جزئية أو غير مباشرة.

وهذه السياسة الاقتصادية لاقت قفزة أكبر في حكومة أريئيل شارون الثانية مطلع 2003، وحتى نهاية 2005، حينما كان وزير المالية بنيامين نتنياهو، الذي اتبع سياسة تقشفية قاسية جدا، مقابل تخفيض حاد في الضرائب المفروضة على الشركات الكبرى. ولكن الخطوة الأبرز، كانت تعويم صناديق التقاعد في أسواق المال، والحديث يجري عن مئات مليارات الشواكل، التي باتت تحت رحمة أسواق المال وحيتان المال.

الكنيست وجهاز القضاء

لم يبق أي جانب إلا وطالته تغيرات واسعة جدا، ومنها تغيرات جذرية. فقد بادرت حكومة حزب

"كديما" برئاسة إيهود أولمرت، من ربيع 2006 وحتى ربيع 2009، إلى تغيرات ملموسة في عمل الكنيست، وحاولت قلب الكثير من أنظمة جهاز القضاء، وخاصة تعيين القضاة، بموازاة استمرار السياسة الاقتصادية الصقرية، حتى وإن ظهرت تعديلات محدودة، بفعل تركيبة الائتلاف الحاكم.

فمن تابع عمل الكنيست على مدى سنوات طوال، لمس التغير الواضح في وتيرة العمل البرلماني، إذ في تلك الدورة الـ 17، جرى تقليص حاد لجدول الأعمال، خاصة للمواضيع التي يطرحها أعضاء الكنيست. فبدلا من ثلاثة أيام أسبوعيا تشهد صخبا كبيرا في عمل الهيئة العامة، بات العمل يتركز في يومين، بينما اليوم الثالث أصبح ضعيفا. وسبق هذا فرض قيود على القوانين التي يبادر لها النواب، ويحتاج تطبيقها لميزانيات، إذ تم فرض أغلبية كبيرة لكل قانون يتطلب ميزانية سنوية تفوق 3ر1 مليون دولار، وهي ميزانية هزيلة جدا. وجرى الحديث طيلة الوقت في تلك المرحلة عن ممارسات حكومية لإضعاف مكانة السلطة التشريعية، أمام السلطة التنفيذية.

وفي تلك الدورة، بدأت التحركات الأقوى لاستهداف صلاحيات المحكمة العليا، وكان يومها وزير العدل حاييم رامون، السابق ذكره في النقابات وقانون الصحة. وسعى رامون إلى سن قانون يزيد من وزن السياسيين في لجنة تعيين القضاة، إضافة إلى تحديد سنوات عمل رئيس المحكمة العليا، وغيرها من الأنظمة. وقد سقط رامون في قضية تحرش جنسي ضد إحدى المجندات العاملة في مكتب رئيس الوزراء، ليحل محله بعد الاستقالة المحامي دانيئيل فريدمان، الذي كان حتى تعيينه يقف وراء الكواليس، لتوجيه ودعم تحركات رامون في كل ما يتعلق بجهاز القضاء.

وجهاز القضاء مستهدف من عدة أوساط، أبرزها أحزاب وقوى اليمين، الذين يرفضون صلاحية المحكمة العليا في نقض القوانين، كما أنهم معنيون بزيادة وزن السياسيين في لجنة تعيين القضاة. وهناك المتدينون المتزمتون "الحريديم"، المعنيون هم أيضا بإلغاء صلاحية المحكمة في نقض القوانين، كي يضمنوا بقاء واستمرار قوانين الاكراه الديني التي يعج بها كتاب القوانين الإسرائيلي.

وحتى الآن، لم تنجح أي من الحكومات في إحداث تغيير جذري في جهاز القضاء، باستثناء تغيير شروط تعيين رئيس المحكمة العليا، بشكل سمح للقاضي آشر غرونيس أن يتولى رئاسة المحكمة، بموجب ترشيح قوى اليمين. ولكن المحاولات مستمرة، وهذا ما تنص عليه اتفاقيات الائتلاف الحاكم الحالي برئاسة بنيامين نتنياهو.

القوانين الاقتصادية والجهاز المهني

في حكومتي نتنياهو الحالية والسابقة شهدنا إجراءات وقوانين اقتصادية، جاءت لتخدم حيتان المال.

ففي العام 2014، أقر الكنيست قانون الاحتكارات، بعد أن تم اجهاض النص الأول، الذي كان يفرض قيودا صارمة على حجم الاحتكارات، ومنع تعدد الاحتكارات بيد مجموعة اقتصادية واحدة. وقد جرى التداول بهذا القانون عدة سنوات، حتى أقر نهائيا في حكومة نتنياهو، ولكن بعيدا عن هدفه الأول.

وثانيا، شهدنا المعركة حول الاحتكارات في حقول الغاز، التي سيطرت عليها إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط. فقد سعى نتنياهو إلى منح الشركات الاحتكارية امتيازات استثنائية يتطلب إقرارها معايير أمنية، وغيرها، اصطنعها نتنياهو بشكل غير منطقي لتمرير ما يريد. وحتى قرار المحكمة العليا ببطلان الاتفاقية الاولى، لم يساهم كثيرا في تغيير جوهر الاتفاقية الاستثنائية.

ولغرض تمرير ما يريده نتنياهو، فقد استقال وزير الاقتصاد آرييه درعي من هذا المنصب ليتولى حقيبة أخرى، فيما تولى نتنياهو شخصيا حقيبة الاقتصاد. كما قرر المسؤول عن القيود على الاقتصاد الاستقالة من منصبه لرفضه الاتفاق. وهذه عينة واحدة لاستهداف الجهاز المهني في هذه المرحلة، بحسب أجندة نتنياهو وحكومته.

وقد أنهت لجنة وزارية خاصة من إعداد توصيات تهدف إلى زيادة التعيينات على أساس سياسي في الوزارات والمؤسسات الرسمية، بموجب النمط القائم في الولايات المتحدة، وهذا أحد أهداف الحكومة الحالية. فالوضع القائم يسمح لكل وزير أن يعين عددا من المستشارين وطاقم مكتبه، وأيضا تعيين مدير عام للوزارة. وابتداء من نواب المدراء العامين وما دون في مراتب التوظيف يعد السلك المهني، الذي تتم التعيينات فيه بموجب عطاءات ومواصفات مهنية محددة.

وبموجب التوصيات الجديدة، سيكون باستطاعة الوزراء تعيين عدد أكبر من الموظفين بما في ذلك نواب مدراء عامين. كما أنه ستطرأ تغييرات في شكل عمل لجنة التعيينات الكبرى في الجهاز الحكومي. ولكن كل هؤلاء الموظفين الجدد سيضطرون للمغادرة مع استبدال الوزير، وفي هذا ضرب للجهاز المهني الثابت، مقابل سطوة السياسيين على المؤسسات الرسمية.

العلاقة السياسية

ما نطرحه هنا هو عينات صغيرة لظاهرة أوسع من شأنها أن تغير الكثير من طابع الحكم، الذي كان يُظهر في الماضي ثباتا أكبر، وكان ثمة دور للأيديولوجيات والبرامج الحزبية، لتفرض ضوابط على العمل السياسي. وقد ساهمت هذه التغيرات في تضاعف ظاهرة فساد الحكم عدة مرات.

وهذه ليست قضية نظام حكم داخلية، بل لها انعكاسات على السياسة العامة. ففي نهاية المطاف هذه التغيرات بحاجة إلى أحزاب وقوى تقبل بها وتغيرها. وبالإمكان القول إن قوى اليمين واليمين المتطرف قبلت بما يمكن وصفه بـ "الصفقة"، بمعنى: سياسة اقتصادية، وتغييرات في أنظمة الحكم بما يخدم تلك السياسية، مقابل دعم سياسات وأيديولوجيات اليمين.

وهذا الأمر بالإمكان اعتباره تفسيرا للانقلاب الذي حصل في توجهات حيتان المال المسيطرين على الاقتصاد. ففي حين كان هؤلاء على قناعة في سنوات التسعين أن الانفراج السياسي من شأنه أن يحقق ازدهارا اقتصاديا ووتيرة نمو عالية، فإن هؤلاء باتوا داعمين من وراء الكواليس لأشد أحزاب اليمين تطرفا، طالما أن هذه القوى ذات الصوت الصاخب والأعلى في الشارع الإسرائيلي، قادرة على تأمين المصالح الاقتصادية الكبرى لأولئك الحيتان.

ملحق المشهد العدد 393

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات