ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن الإدارة الأميركية رفضت اقتراحاً قدّمه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أثناء زيارته الأخيرة للعاصمة الأميركية (الأسبوع الماضي) للاعتراف بـ"السيادة" الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة بذريعة تفكك سورية نتيجة الحرب الأهلية الدائرة فيها.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله إن الموقف الأميركي المعارض لضمّ إسرائيل لهضبة الجولان لم يتغيّر، مضيفاً أن الاقتراح الإسرائيلي قد يضرّ بفصائل المعارضة السورية المدعومة أميركياً.
وجاء هذا الرفض في ضوء ما تستشعره إسرائيل من "مشروعية" لتجسيد خطوطها الحمر في سورية، عبر مهاجمة أهداف سورية بدعوى منع انتقال سلاح إلى حزب الله في لبنان.
وبحسب المسؤول الأميركي نفسه فإن نتنياهو أثار موضوع مكانة هضبة الجولان في إطار حوار أوسع عن المصالح الإسرائيلية في سورية والخشية الإسرائيلية من سيطرة إيران على هذه الدولة.
وقال هذا المسؤول: "تحدثنا عن الوضع في سورية، فقال نتنياهو إنه لا شأن له في التدخل في الوضع الداخلي في الدولة، ولكنه معني فقط بمنع انتقال السلاح من سورية إلى حزب الله وقلق من إيجاد جبهة ثانية في هضبة الجولان من جانب إيران وحزب الله".
وأضاف: "حينها، وتقريباً بشكل عابر، قال نتنياهو إنّ أحد السبل للقيام بذلك، قد يكون اعتراف أميركا بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، لأنه في الظروف الحالية لا تنوي إسرائيل إعادتها إلى سورية". ولم يدخل نتنياهو إلى أي تفاصيل في هذا الشأن.
وبحسب المسؤول الأميركي، فإن هذا كان سبب عدم قيام الرئيس باراك أوباما بالرد.
وتابع المسؤول الأميركي "أعتقد أن الرئيس لم يظن أن هذا يستدعي رداً من جانبه. فلم يكن واضحا لنا مدى جدية نتنياهو في هذا الشأن. واعتقد أنه كان بالغ الوضوح في أن الولايات المتحدة لا تنوي تغيير موقفها بشأن مستقبل هضبة الجولان... فعلى الدوام قلنا إن مكانة هضبة الجولان يجب أن تتحدد في مفاوضات استنادا إلى قراري مجلس الأمن الدوليين 242 و338. هذا كان موقفنا، وهذا موقفنا حالياً، وهذا أيضا ما سيبقى موقفنا عليه".
وقال مسؤول أميركي كبير آخر مطلع على التفاصيل أن أحد أسباب معارضة إدارة أوباما لأي اعتراف بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان أو حتى مناقشة هذه المسألة نظرياً تكمن في ارتباط ذلك بالسياسة الأميركية الأوسع تجاه سورية، والدعم الأميركي للمعارضة السورية وللمفاوضات الجارية هذه الأيام في فيينا بين القوى العظمى وإيران والأمم المتحدة في محاولة للتوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب الأهلية هناك.
وبحسب كلامه، فإنّ تغيير السياسة في هذا الشأن "سيعقّد كل استراتيجيتنا في سورية، ويضع أجزاءً من المعارضة السورية التي ندعمها في وضع غريب. وإذا ظهرت أية علائم على أن الموقف الأميركي بشأن هضبة الجولان يتغيّر فإن هذا سيعقّد علاقاتنا مع المعارضة السورية ويعرّضها لاتهامات من جانب النظام السوري بأنهم حلفاء لمن يريدون التنازل عن هضبة الجولان. وأنا لا أعتقد أن في هذا أي منطق سياسي، كما أنني لا أظن أن هذا الأمر ضروري في الوقت الراهن، حيث أنه لا يوجد أي أفق للمفاوضات بين إسرائيل وسورية في المستقبل المنظور. ولذلك هذا ليس مبررا وربما يكون ضارًا".
وأشارت "هآرتس" إلى أنه وراء تكمن قول نتنياهو التلميحي في اللقاء مع أوباما أفكار سياسية أثارها في السنة الأخيرة رجال مختلفون في اليمين، وترى أن الحرب في سورية وسيطرة تنظيم "داعش" والمنظمات المتماثلة مع "القاعدة" على أجزاء واسعة منها يمكن أن تسمح لإسرائيل بنيل اعتراف دولي بضمها لهضبة الجولان.
ويعتبر سكرتير حكومة نتنياهو السابق تسفي هاوزر أحد أبرز المنادين بذلك، وهو كتب في "هآرتس" في أيلول الماضي مقالة بعنوان "فرصة تاريخية في الجولان"، قال فيها إنه في ضوء الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمي ينبغي لإسرائيل أن تتلقى "وديعة أميركية" تتعلق أيضا بهضبة الجولان، وخصوصاً وعد رئاسي وتشريع في الكونغرس، يضمن السيطرة الإسرائيلية هناك.
ومعروف أن الولايات المتحدة والأسرة الدولية لم تعترفا بضم إسرائيل لهضبة الجولان عبر قانون أقرّه الكنيست في العام 1981. وتعاملت الإدارة الأميركية مع هضبة الجولان بوصفها أرضا سورية محتلة. وعلى مدى السنين حاولت الدفع باتجاه إجراء مفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام بين الدولتين تنسحب بموجبه إسرائيل من الهضبة. وقد أجرى نتنياهو نفسه في ولايته الأولى مباحثات مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بشأن الانسحاب من الجولان، بوساطة مبعوثه الشخصي رجل الأعمال الأميركي رون لاودر. كما أدار نتنياهو في العام 2011 مفاوضات غير مباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد بوساطة أميركية.
وقال المبعوثان الأميركيان دنيس روس وفردريك هوف إن نتنياهو وافق على البحث في الانسحاب التام من هضبة الجولان مقابل السلام وإنهاء التحالف العسكري بين سورية وإيران وحزب الله.
من جهة أخرى، قال المراسل العسكري لموقع "والا" أمير بوحبوط إن إسرائيل متشجعة من التنسيق مع روسيا، وإن سلاحها الجوي لم يتوقف عن تجسيد الخطوط الحمراء التي وضعها، وإن "مشروعية" العمل الإسرائيلي في سورية صارت أوضح من أي وقت مضى.