المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الانطباع العام لدى الشرطة: حتى في حال وصول هذه القضية إلى سقف جنائي فإن الحديث يدور حول مستوى جنائي هو الأكثر انخفاضاً

تسود إسرائيل في الوقت الحالي أجواء ترقب في انتظار القرار الذي يتوقع أن يصدره المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، الخميس المقبل، بشأن ما إذا كان سيتم فتح تحقيق جنائي في قضية المصروفات المبالغ فيها على منازل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والتي كشف تقرير مراقب الدولة القاضي يوسف شابيرا، يوم الثلاثاء الماضي، تفاصيل واسعة عنها.

وتكشفت تفاصيل أخرى في هذه القضية بعد إدلاء المدير السابق لمنزل رئيس الحكومة، ميني نفتالي، بإفادة في الشرطة في نهاية الأسبوع الماضي.

وتطرق المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يوحنان دانينو، إلى هذه القضية خلال مراسم منح رتب لضباط شرطة، الأحد، وقال إنه "كما تبدو الأمور الآن فإن ثمة مكاناً لإجراء تدقيق بخصوص (إفادة) نفتالي، لكن ينبغي تمكين المستشار القانوني للحكومة من معاينة مجمل المواد".

وأوضح دانينو أنه تم تسليم المستشار القانوني المواد التي جمعتها الشرطة حول هذه القضية، وأنه "في نهاية المطاف، فإن مصطلحات مثل التدقيق أو التحقيق هي عمليا متشابهة، لأن جزءاً كبيراً من التحقيقات بدأ بتدقيق. لكن يتعين على المستشار القانوني للحكومة أن يتخذ قراراً".

وكان نفتالي قد حضر مساء يوم الخميس الماضي إلى مكاتب وحدة الشرطة "لاهف 433"، المتخصصة في التحقيق بجرائم الفساد والجريمة المنظمة، وخضع لتحقيق استمر 11 ساعة حتى فجر الجمعة، وذلك بعد قرار النيابة العامة منحه حصانة، بحيث لا تستخدم أقواله ضده في حال وصول القضية إلى القضاء.

وقالت تقارير إعلامية إن نفتالي أدلى بإفادة ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وزوجته سارة، و"دعم" إفادته بوثائق وأشرطة تسجيل أحضرها معه، وقال إنه كشف ممارسات للزوجين نتنياهو تشمل شبهات بارتكاب مخالفات جنائية محتملة، ولم يتحدث عنها في الماضي في إطار الدعوى التي قدمها إلى محكمة العمل ضد منزل رئيس الحكومة ونتنياهو وزوجته ونائب مدير عام مكتب رئيس الحكومة عزرا سايدوف.

ومن بين الأمور التي كشف نفتالي عنها، أن سارة نتنياهو طلبت منه نقل هدايا تلقاها الزوجان نتنياهو من زعماء في العالم، من المنزل الرسمي إلى بيتهما الخاص. وقال نفتالي إنه رفض التعاون مع هذا الطلب المخالف للقانون.

من جانبهم، قال المحققون إنه لا توجد في أقوال نفتالي معلومات جديدة، لكن الأدلة التي زودها، والوثائق وأشرطة التسجيل، سيتم التدقيق فيها ومن شأنها أن تلقي الضوء على الممارسات في منزل رئيس الحكومة.

وتنضم هذه "الأدلة" إلى المواد التي تلقتها الشرطة والنيابة العامة من مراقب الدولة.

وكان نفتالي ادعى في إفادات سابقة وفي الدعوى التي قدمها إلى محكمة العمل بأن زوجة نتنياهو طلبت إعادة زجاجات فارغة وحصلت على رهنيتها، مبلغ 4 آلاف شيكل، إلى جيبها الخاص، لكنها أعادت هذا المبلغ لاحقا إلى ميزانية المنزل.

ووفقا لإفادة نفتالي فإن سارة نتنياهو طلبت من مستخدمين نقل أثاث جديد إلى منزلها الخاص في بلدة قيساريا، علما أنه، بحسب الشبهات، تم شراؤه لمنزل رئيس الحكومة الرسمي ومن ميزانيته. كذلك ادعى نفتالي حدوث تزوير لفواتير، وأن سارة نتنياهو كانت تستدعي كهربائياً فنياً مقرباً من الزوجين وعضواً في اللجنة المركزية لحزب الليكود، خارج ساعات العمل، في نهايات الأسبوع والأعياد، من أجل تنفيذ أعمال في المنزل الرسمي ومنزل خاص، وبأجر مرتفع جداً.

وكان نتنياهو قد صرح الأسبوع الماضي بأن نفتالي هو المسؤول عن تبذير الأموال في منزل رئيس الحكومة، علما أنه عمل هناك أقل من عامين وتم فصله من العمل. وهدد نفتالي برفع دعوى قذف وتشهير ضد نتنياهو وقياديين في حزب الليكود في أعقاب اتهامه بالتبذير.

ويتوقع أن تستدعي الشرطة للتحقيق، في الفترة القريبة المقبلة، مستخدمين في الحاضر والماضي في منزل رئيس الحكومة، وسيطالبون بالإدلاء بإفادات حول ممارسات نتنياهو وزوجته.

مراقب الدولة: تبذير أموال عامة وانعدام حساسية تجاه الجمهور

وكان ملخص الاستنتاجات التي توصل إليها تحقيق مراقب الدولة أن المصروفات مبالغ فيها، وتجاوزت حدود الميزانية بصورة التوائية، إلى جانب تبذير أموال عامة وانعدام الحساسية تجاه الجمهور الذي موّل هذه الميزانية.

وحوّل المراقب استنتاجات التقرير، التي تضمنت شبهات حول مخالفات جنائية، وبضمنها قضايا الزجاجات الفارغة وأثاث الحديقة، إلى عناية المستشار القانوني للحكومة، مسوغا ذلك بأن سارة نتنياهو ليست "شخصية خاضعة للرقابة" لدى المراقب.

وتبين من تقرير المراقب أن القضية الأخطر التي كشفها تحقيقه تتعلق بكهربائي فني اسمه آفي فحيما، وهو عضو في اللجنة المركزية لحزب الليكود، ومقرب من عائلة نتنياهو. وجاء في تقرير المراقب أنه خلافا للتعليمات، فإن سارة نتنياهو دعت فحيما إلى تنفيذ أعمال في بيت العائلة الخاص في قيساريا، في نهايات الأسبوع، بأجر مرتفع. وتبين أنه على مدار ثلاثة شهور تم استدعاء فحيما لتنفيذ أعمال في كل نهاية أسبوع وحتى في "يوم الغفران"، وذلك في الوقت الذي لا يعمل فيه مستخدمو مكتب رئيس الحكومة.

ووفقا لتقرير نشرته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، يوم الجمعة الماضي، فإنه يجري التحقيق بشبهة أن تشغيل فحيما كانت غايته تسديد ديون سابقة لعائلة نتنياهو لهذا الكهربائي. لكن محامي عائلة نتنياهو، دافيد شيمرون، نفى وجود دين كهذا لفحيما.

وأبدت "لجنة الثلاثة"، المؤلفة من المستشارة القانونية لمكتب رئيس الحكومة ومسؤول كبير في إدارة الموارد البشرية ومحاسب المكتب، تحفظها من التعاقد مع فحيما وأكدت أن الأعمال التي نفذها لم تكن مستعجلة، لكن هذه اللجنة صادقت على هذا التعاقد.

وأشار تقرير المراقب أيضاً إلى ارتفاع المصروفات على الطعام والضيافة في بيت رئيس الحكومة الرسمي، في السنوات الأولى لولاية نتنياهو، إلى أكثر من الضعفين وشملت طلبيات طعام جاهز من مطاعم أو فنادق، ومنتجات من سوبرماركيتات ومشروبات وغير ذلك.

وبلغت مصروفات عائلة نتنياهو 211 ألف شيكل في العام 2009، وارتفعت إلى 490 ألف شيكل في العام 2011، وإلى 458 ألف شيكل في العام 2012، لكن هذه المصروفات تراجعت إلى 226 ألف شيكل في العام 2013، وذلك بعد الإعلان عن تحقيق يجريه المراقب وفي أعقاب الدعوى التي قدمها نفتالي.

وقال التقرير إن البيت الرسمي لرئيس الحكومة يُدار من دون تحديد سقف لجزء من المصروفات، وإنه لا توجد أية قيود على شراء الطعام، ولم يتم تحديد أي سقف لعدد الوجبات التي يمكن طلبها في اليوم، وإنما تم تحديد سقف فقط لثمن الوجبة وهو 250 شيكل للشخص الواحد.

وأضاف التقرير أن ميزانية شراء الملابس ومساحيق التجميل وتصفيف الشعر هي 54 ألف شيكل في السنة، لكن لدى بدء ولاية نتنياهو في العام 2009، قررت المستشارة القانونية لمكتب رئيس الحكومة ومحاسب المكتب فصل هذه الميزانية إلى ميزانيتين وزيادة المصروفات في هذه الناحية، ما أدى إلى زيادة الإنفاق على مساحيق التجميل وتصفيف الشعر إلى ضعفين ونصف الضعف عن المبلغ الأصلي. ووصف المراقب زيادة هذه المصروفات بأنها جرت بصورة التوائية.

كذلك تبين من تحقيق المراقب أن ميزانية النظافة في المنزل الرسمي والمنزل الخاص تضاعفت في العام 2009 لتصل إلى 532 ألف شيكل، وبلغت هذه المصروفات في المنزل الرسمي وحده 1ر1 مليون شيكل في العام 2011، و945 ألف شيكل في العام 2012. وبلغت مصروفات تنظيف الفيللا في قيساريا 8166 شيكل شهريا، "رغم أن السيد نتنياهو وعائلته يمكثان معظم أيام السنة في المنزل الرسمي، بينما يمكثان في المنزل الخاص في نهايات الأسبوع بالأساس" حسبما جاء في تقرير المراقب. ووصف المراقب هذه المصروفات بأنها "مبالغ فيها بشكل ملحوظ".

وبلغت مصروفات صيانة الفيللا في قيساريا 330 ألف شيكل في العام 2010 من أموال الجمهور، وانخفض هذا المبلغ إلى 165 ألف شيكل في العام 2013.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه في أعقاب نشر تقرير المراقب، توجه نتنياهو إلى المحامي يعقوب فاينروب واستأجر خدماته.

ويعتبر فاينروب أحد أبرز المحامين الجنائيين في إسرائيل.

والجدير بالذكر أن المحاميين فاينروب وفاينشتاين، المستشار القانوني الحالي للحكومة، كانا قد مثلا نتنياهو في شبهات فساد خلال ولايته الأولى، وقد أغلق ملف التحقيق فيها في العام 2000.

نتنياهو وزوجته سيضطران إلى الإدلاء بإفادات

ليس واضحا في هذه الأثناء ما هو وضع نتنياهو وزوجته من الناحية القانونية في هذه القضية. لكن مصادر في وزارة العدل الإسرائيلية قالت لوسائل إعلام إن التقديرات هي أنه في حال تقرر فتح تحقيق جنائي، فإن الزوجين نتنياهو سيضطران إلى الإدلاء بإفادة، وأنه في هذه المرحلة تتركز الشبهات الجنائية في المستوى الإداري لمنزل رئيس الحكومة، وأن نائب مدير عام منزل رئيس الحكومة لشؤون العقارات والموارد البشرية، عزرا سايدوف، هو الذي يتوقع أن يكون في مركز التحقيق.

ويشار إلى أن سايدوف مقرب من الزوجين نتنياهو. وقال نفتالي في تصريح مشفوع بالقسم قدمه ضمن دعواه إلى محكمة العمل في القدس، إن سايدوف "يعرف كيف يساعد ويدوّر الزوايا الحادّة عندما طولب بتنفيذ ذلك"، وإن سايدوف أصدر تعليمات بإصدار فواتير مزورة. ويشتبه سايدوف بأنه أبلغ نفتالي كيف بالإمكان الالتفاف على الأنظمة المتعارف عليها. وقد سلم نفتالي الشرطة، خلال التحقيق معه ليلة الخميس- الجمعة الماضية، مواد تتعلق بسايدوف الذي يتوقع أن يكون من بين الذين سيستدعون للتحقيق.

ويتفرع التحقيق في هذه القضية إلى ثلاثة فروع: أولاً، التحقيق حول ما إذا كانت سارة نتنياهو قد أصدرت توجيهات بنقل هدايا رسمية من المنزل الرسمي إلى منزل العائلة، وفقا لادعاء نفتالي. والفرعان الآخران للقضية يتعلقان بأثاث الحديقة ورهنية الزجاجات الفارغة. وتشير التقديرات إلى وجود جوانب جنائية في أخذ سارة نتنياهو رهنية الزجاجات الفارغة التي جمعها مستخدمو المنزل بموجب تعليماتها. لكن بسبب إعادة المبلغ فإن ثمة إشكالية في إثبات ارتكاب مخالفة جنائية.

وفيما يتعلق بضلوع نتنياهو نفسه في القضية، فإن السبب المركزي لطلب إفادته سيكون على ما يبدو متعلقاً بمسألة تشغيل الكهربائي الفني آفي فحيما. وقدّر خبراء قانون بأن التحقيق سيدقق في ما إذا كانت هناك علاقة بين كون فحيما عضوا في اللجنة المركزية لحزب الليكود وبين تشغيله في منزل نتنياهو.

ونقلت صحيفة "هآرتس"، الأحد، عن ضابط كبير في الشرطة قوله إنه لا مفر من جباية إفادات من نتنياهو وزوجته. وأضافت الصحيفة أن الانطباع العام لدى الشرطة في أعقاب إفادة نفتالي هو أنه حتى في حال وصول هذه الإفادة إلى السقف الجنائي، فإن الحديث يدور حول مستوى جنائي هو الأكثر انخفاضاً.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات